
إسقاط مساعدات غذائية جوا على غزة مع إعلان إسرائيل فتح ممرات إنسانية

أسقطت طائرات أردنية وإماراتية مساعدات غذائية على قطاع غزة الأحد، فيما أعلنت إسرائيل “تعليقا تكتيكيا” يوميا محدودا لعملياتها العسكرية لأغراض إنسانية في بضع مناطق من القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.
وكانت إسرائيل أعلنت الجمعة، تحت ضغط دولي لإيصال المساعدات الى القطاع المهدّد بالمجاعة، أن عمليات إسقاط المساعدات الإنسانية من الجو ستستأنف فوق غزة.
ونفّذ الجيش الإسرائيلي ليلا عملية إنزال لمساعدات.
في حي الكرامة قرب السودانية شمال غرب القطاع، قال سامح حميد (23 عاما) إن “طائرات إسرائيلية ألقت سبعة حزم من المواد غذائية” في المنطقة.
وبحسب حميد “تجمّع عشرات المواطنين وأخذوها. كان المشهد كأنه حرب، الجميع يحاول الحصول على أي شيء، الجوع كافر”. وأشار إلى أنه تمكّن من الحصول على “ثلاث علب فول فقط”.
وقال الجيش الأردني في بيان الأحد إن طائرتين تابعتين لسلاح الجو الملكي وطائرة إماراتية ألقت 25 طنا من المساعدات الإنسانية فوق قطاع غزة.
في الوقت ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي صباح الأحد “تعليقا تكتيكيا” يوميا لعملياته العسكرية سيبدأ في بضع مناطق في قطاع غزة اعتبارا “من الساعة العاشرة صباحا (السابعة بتوقيت غرينتش) وحتى الساعة الثامنة مساء (17,00 بتوقيت غرينتش)”، مضيفا أنّ هذا التعليق سيشمل المناطق التي لا يتحرّك فيها الجيش “وهي المواصي ودير البلح ومدينة غزة”.
كما عبرت قافلة محمّلة مساعدات معبر رفح من الجانب المصري.
وأظهرت صور وفيديو لوكالة فرانس برس شاحنات محمّلة بأكياس بيضاء تدخل عبر بوابة معبر رفح من الجانب المصري والذي يؤدي الى جنوب قطاع غزة. إلا أن الشاحنات لا تدخل مباشرة الى القطاع عبر الجانب الفلسطيني من المعبر المدمّر والمقفل بسبب الحرب، بل تسير بعد ذلك كيلومترات قليلة نحو معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي قبل دخول منطقة رفح الفلسطينية.
– “لا أعذار” –
تنفي إسرائيل وجود مجاعة في غزة، كما تنفي أن تكون مسؤولة عن الجوع المستشري. وتتهم حماس بسرقة المساعدات، الأمر الذي تنفيه الحركة الفلسطينية التي تخوض حربا مدمّرة مع الدولة العبرية في غزة منذ 21 شهرا.
كما تتهم إسرائيل الأمم المتحدة بالفشل في توزيع المساعدات، بينما تقول المنظمات الدولية إن إسرائيل تضع قيودا كبيرة على تسلم المساعدات وتوزيعها، وإن الطرق مدمرة في غزة وغير آمنة للقيام بالتوزيع.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد إن على الأمم المتحدة أن تتوقف عن إلقاء اللوم على حكومته بشأن الوضع الإنساني في غزة.
وأضاف خلال تفقده قاعدة جوية إن “الأمم المتحدة تخترع أعذارا، وتقول ليست هناك طرق آمنة”، مضيفا “هذا غير صحيح. هناك طرق آمنة. لطالما كانت موجودة، لكنها اليوم أصبحت رسمية. لن تكون هناك أعذار بعد الآن”.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن سوء التغذية في قطاع غزة بلغ “مستويات تنذر بالخطر”، مشيرة إلى أن “الحظر المتعمد” للمساعدات أودى بحياة كثر وكان من الممكن تفاديه.
وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي إنه “على تواصل مع فرقنا على الأرض والتي بدورها ستبذل كل ما بوسعها للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجائعين خلال هذه الفرصة”.
وقالت المسؤولة في منظمة أوكسفام غير الحكومية بشرى خالدي لوكالة فرانس برس “نرحب بذلك لكن يجب أن نرى تقدما فعليا على الأرض”، مشددة على ضرورة حصول “تدفق متواصل للمساعدة على نطاق واسع”.
وأضافت “نحتاج إلى وقف دائم لإطلاق النار ورفع كامل للحصار وضمانات واضحة بأن الأمر لا يتعلق فقط ببادرة موقتة”.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن ثلث سكان قطاع غزة البالغ تعدادهم 2,4 مليون نسمة، لم يتناولوا الطعام منذ أيام، وإن 470 ألف شخص “يعانون من ظروف اشبه بالمجاعة” تؤدي إلى الوفاة.
وجاء قرار إسرائيل تنفيذ هذه الهدنة الإنسانية وسط تصاعد الضغط الدولي على حكومة نتانياهو مع تحذيرات من مجاعة واسعة النطاق في القطاع.
على الأرض، قالت سعاد اشتيوي (30 عاما) التي تقيم في خيمة في منطقة تل الهوى في جنوب غرب مدينة غزة “أمنية حياتي صارت أكل رغيف خبز وأن أوفر لأولادي خبزا يأكلونه. كل يوم زوجي يطلع من الفجر حتى يحصل على الطحين (..) ولا يأتي بأي شيء”.
وأضافت “أتمنى أن تدخل المساعدات من مصر. سمعنا في الصحافة أنه سيتم ادخال شاحنات طحين ومساعدات غذائية، نأمل إذا دخلت أن تصل لنا”.
ودخلت الأحد شاحنات محمّلة بالطحين الى شمال قطاع غزة عبر معبر زيكيم مع إسرائيل.
– “حنظلة” في أسدود –
وتواصل القصف والمعارك الأحد في قطاع غزة.
وأعلن الناطق باسم الدفاع المدني في القطاع محمود بصل مقتل 27 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي، من بينهم 12 قرب مراكز لتوزيع المساعدات.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين في اشتباكات في جنوب القطاع، غداة إعلانه وفاة جندي آخر متأثرا بجروح أُصيب بها الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الجنديين قُتلا عندما انفجرت مركبتهما المدرعة في مدينة خان يونس (جنوب). وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الانفجار نجم عن عبوة ناسفة فجّرها مسلح خرج من نفق.
وفرضت إسرائيل التي شدّدت حصارها على قطاع غزة منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، حظرا كاملا اعتبارا من آذار/مارس. ثم أعلنت في أيار/مايو تخفيف الحظر جزئيا، وأقامت بالتنسيق مع واشنطن نظام توزيع مساعدات عبر “مؤسسة غزة الإنسانية” المثيرة للجدل لاقى انتقادا من المنظمات الدولية.
وتشهد عمليات توزيع المساعدات عبر هذه المؤسسة يوميا فوضى وإطلاق نار وسقوط قتلى.
من جهة أخرى، وصلت الأحد إلى مرفأ أسدود الإسرائيلي السفينة “حنظلة” التابعة لتحالف أسطول الحرية المؤيّد للفلسطينيين التي اعترضها الجيش الإسرائيلي لدى اقترابها الليلة الماضية من شواطئ غزة بهدف “كسر الحصار”.
وقال مركز “عدالة” القانوني في أحدث بيان أصدره الأحد (17 ت غ) بعد لقائه بـ17 ناشطا إن “إسرائيل تتعامل مع احتجاز النشطاء وكأنهم دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، على الرغم من أنهم اقتيدوا قسرا من المياه الدولية ونقلوا إلى إسرائيل رغما عنهم”.
وأفاد المركز أنه وفقا للمعلومات المتوفرة حتى الآن، سيتم ترحيل عدد من النشطاء خلال الساعات القريبة وهم: أنطونيو مازيو من إيطاليا، غبراييل كاسالا من فرنسا، جيكوب بيرغر من الولايات المتحدة.
وليست المرّة الأولى التي يحاول فيها أسطول الحرية خرق الحصار، وينتهي الأمر باعتراض السفن وإعادة ركابها الى بلدانهم.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق لحماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.
وردّت إسرائيل بشن حرب مدمّرة قتل فيها 59821 فلسطينيا في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التي تديرها حماس.
بور-ها-لمى/ح س