The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

في ظل التصعيد بغزة … مؤتمر دولي في جنيف يعيد التأكيد على حماية المدنيين الفلسطينيين

أطفال
أطفال في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في لندن في 7 فبراير 2024، يكتبون على جدار: أوقفوا قصف الأطفال. Afp Or Licensors

تستضيف سويسرا يوم الجمعة المقبل مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف بشأن الشرق الأوسط. ويهدف المؤتمر إلى إعادة التأكيد على حماية المدنيين والمدنيات، وممتلكاتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة. 

في سبتمبر كلفت الجمعية العامة للأمم المتحدة سويسرا بعقد مؤتمر للدول الأطراف في اتفاقيات جنيف لتدارس مسألة حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد حُدّد موعده في 7 مارس. ومن غير المتوقع أن يستمر لأكثر من يوم واحد. 

وتشكّل الاتفاقيات الأربع، التي أُبرمت بين الدول الأعضاء عام 1949، الركيزة الأساسية للقانون الإنساني الدولي (IHL)، وتهدف إلى حماية المدنيين.ات غير المنخرطين.ات في النزاعات المسلحة. وتسري هذه الاتفاقيات على الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. 

وسيركّز المؤتمر على اتفاقية جنيف الرابعة، التي تُعنى بحماية المدنيين.ات خلال الحروب، وتمنع التهجير القسري للسكان والساكنات، وإقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة، كما تُنظّم ممارسات القوة المحتلة. 

ومن المتوقع أن يؤكد المؤتمر على أهمية احترام القانون الإنساني الدولي، فيما أفادت مصادر دبلوماسية بأنه سيصدر عنه إعلان مشترك غير ملزم. 

مجلس الأمن
اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الوضع في الشرق الأوسط، في مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك في 20 فبراير 2023. وأعرب المجلس عن استيائه من خطط الحكومة اليمينية المتشددة في إسرائيل لإضفاء الشرعية على المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأثر رجعي، محذرًا في بيان له من أن مثل هذه الإجراءات ”تعيق السلام“. Afp Or Licensors

وتُعدّ جميع الدول الـ196 أطرافاً في اتفاقيات جنيف، وهي ملتزمة بضمان الامتثال لأحكامها. وتضطلع سويسرا، بصفتها الجهة الراعية لهذه الاتفاقيات، بمسؤولية حفظ النسخ الأصلية لهذه المعاهدات الدولية، كما تؤدي دورها كوسيط محايد في خدمة الدول المتعاقدة. 

ظروف دولية متوترة 

يأتي المؤتمر في أعقاب خمسة عشر شهراً من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، التي أدّت إلى نزوح شبه كامل لسكان غزّة و ساكنات البالغ عددهم.هنّ  مليوني نسمة لعدة مرات داخل القطاع. وقد أسفرت هذه الحرب، وفقاً لأرقام وزارة الصحة في غزة، عن مقتل ما لا يقل عن 48 ألف فلسطيني.ة، إضافةً إلى الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية في القطاع. 

يقول فينسنت شيتايل، أستاذ القانون الدولي في معهد الدراسات العليا في جنيف (Graduate Institute in Geneva)، لموقع “سويس إنفو” (SWI swissinfo.ch) بأن هذا المؤتمر “سيكون بمثابة تذكير أكثر من ضروري بإلزامية احترام القانون الدولي الإنساني“. 

ومنذ نهاية شهر يناير، سمح وقف إطلاق النار الهش بتبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل الرهائن الذين أسرتهم حماس خلال الهجوم الإرهابي الذي وقع في إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1139 إسرائيلياً. كما ينص الاتفاق على انسحاب تدريجي لإسرائيل إلى حدود غزة وزيادة كبيرة في وصول المساعدات الإنسانية. 

رهينة إسرائيلية
رهينة إسرائيلية محررة تتقبلها مجندة إسرائيلية بالقرب من سيارة تابعة للصليب الأحمر الدولي، بعد إطلاق سراحها من قبل حماس في قطاع غزة، في 30 يناير 2025. AFP PHOTO / HO / Israeli Army

وبالتزامن مع ذلك، يمارس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطاً على الدول العربية لحملها على الموافقة على مقترح يقضي بالترحيل الدائم لجميع الفلسطينيين.ات من غزة. كما اقترح أن تتولى الولايات المتحدة “مسؤولية” تطوير المنطقة وتحويلها إلى ما وصفه بـ”ريفييرا الشرق الأوسط”. 

وفي هذا السياق، يقول شيتايل: “إن اتفاقية جنيف الرابعة تذكّر بالحظر المفروض على التهجير القسري للفلسطينيين.ات، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً على خلفية المقترح غير القانوني تماماً الذي طرحه ترامب”.  

ويضيف: “يهدف الحظر المفروض على التهجير القسري إلى منع القوة المحتلة من بسط سيطرتها الاستعمارية على الأراضي، وارتكاب ممارسات التطهير العرقي. وقد وُضع هذا القانون استجابةً للفظائع التي ارتكبها النازيون.ات خلال الحرب العالمية الثانية”.  

وقد قوبل مقترح ترامب برفض واسع من الدول العربية المجاورة للأراضي المحتلة، مثل الأردن ومصر، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. 

سكان مهجرون
سكان فلسطينيون، من الرجال والنساء والأطفال أجبروا على النزوح داخليًا يسيرون على طريق الرشيد وسط قطاع غزة أثناء عودتهم من الجنوب إلى شمال القطاع في 27 يناير 2025. Mohammed Saber / Keystone

ما الإعلان المتوقع صدوره عن المؤتمر؟ 

لم تتسرب سوى تفاصيل قليلة عن المؤتمر، لكن المؤكد أنه سيُعقد على مستوى السفراء والسفيرات في جنيف، وسيتمخض عنه إعلان رسمي.  

ولا يُتوقع أن تشارك كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، غير أن خبراء وخبيرات في القانون الدولي أكدوا لموقع “سويس إنفو” أن غيابهما لن يلقي بظلاله على نتائج المؤتمر . 

كما أفاد دبلوماسيون.ات أوروبيون.ات لموقع “سويس إنفو” أن بعض الدول تسعى إلى الحفاظ على حيادية المؤتمر قدر الإمكان، دون الإشارة إلى وضع أي دولة بعينها، وذلك لتفادي أي انعكاسات سلبية قد تؤثر على المفاوضات المستقبلية بشأن الخطوات التالية لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. 

غير أن هذا التوجه يتعارض مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي يؤكد بوضوح تمحور المؤتمر حول “الأراضي الفلسطينية المحتلة”.  

وفي هذا السياق، يقول شيتايل: “بعض الدول ستدفع باتجاه تضمين الإعلان الصادر عن المؤتمر إدانة صريحة للاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية، لا سيّما وقد أقرّت محكمة العدل الدولية (ICJ) مراراً عدم شرعيته، بما في ذلك في قرارها الصادر في يوليو الماضي.” 

ففي شهر يوليو الماضي، ووفقاً لطلب تقدمت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر عام 2022، أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً أكدت فيه عدم قانونية استمرار الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، منذ عام 1967، مشددة على ضرورة إنهائه في أقرب وقت ممكن. 

ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبول هذا الرأي فور صدوره، فيما لم تقدّم إسرائيل أي موقف واضح بشأن مدى قانونية احتلالها لتلك الأراضي. 

وفي استمرار للنهج الإسرائيلي الرافض للقرارات الدولية، تطبق المحكمة العليا الإسرائيلية قانون الاحتلال على المناطق التي تسيطر عليها منذ عام 1967، ومع ذلك، تصرّ الحكومات الإسرائيلية على إنكار وضع الضفة الغربية وغزة كـ”أراضٍ محتلة”، مدعية أن اتفاقية جنيف الرابعة لا تنطبق عليها. 

ومن المعروف أن إسرائيل احتلت الجزء الشرقي من مدينة القدس عام 1967، ثم أقدمت على ضمه رسمياً في عام 1980، في خطوة رفضها المجتمع الدولي. وأعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن هذا الضم غير شرعي وباطل. 

وعلى مدى السنوات الماضية، نظمت سويسرا مؤتمرات مماثلة في عامي 1999 و2001، أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن اتفاقية جنيف الرابعة تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة. أما إعلان المؤتمر الأخير عام 2014، فقد شدد على ضرورة امتثال جميع الأطراف للقانون الدولي، وفي مقدمتها إسرائيل بصفتها قوة احتلال، إلى جانب الجماعات المسلحة غير الحكومية مثل حماس. 

ويعلق شيتايل قائلاً: “لست متأكداً من أن المؤتمر القادم سيسفر عن أي تقدم يتجاوز ما تحقق في عام 2014.” 

من جهتها، انتقدت إسرائيل ما وصفته بتسييس اتفاقيات جنيف والقانون الإنساني الدولي. 

يقول متحدث باسم البعثة الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة في جنيف لموقع سويس إنفو” إن “مبادرة عقد المؤتمر في ظل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق نار بالغ الحساسية، تعتمد عليه عملية تحرير الرهائن والرهينات وإنقاذ حياتهم.هنّ، تؤكد أن هذه المبادرة لا تهدف إلى تعزيز القانون الإنساني الدولي، بل تُستخدم كمنصة إضافية لمهاجمة دولة ديمقراطية، وإضفاء الشرعية على التنظيمات الإرهابية”. 

ويضيف المتحدث: “نحن ندرك أن المسودة النصية لنتائج هذا المؤتمر تنطوي على إشكاليات كبيرة وتتبنى وجهة نظر منحازة. كما تحول آلية عقد المؤتمر دون مشاركة الدول التي تعترض على مضمون الإعلان المتوقع صدوره. وبناءً على ذلك، لا تجد إسرائيل أي مبرر لمشاركتها في هذا المؤتمر”.  

ولا يملك المؤتمر صلاحية إصدار قرارات ملزمة قانونياً أو فرض عقوبات، غير أن ” الاتفاقيات نفسها تحمل صفة الإلزام القانوني”، وفقاً لما يذكره شيتايل. 

ويضيف شيتايل: “لسويسرا دور محوري، بوصفها الجهة الراعية لهذه الاتفاقيات ودولة محايدة، في تذكير العالم – ولا سيما الساسة في الولايات المتحدة وإسرائيل – بأن القانون الإنساني الدولي يجب أن يُحترم في جميع الظروف، وأنه يُطَبّق على الجميع دون استثناء، وهو أمر بالغ الأهمية”. 

مستشفى الشفاء
أنقاض مستشفى الشفاء وسط وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في مدينة غزة، 5 فبراير 2025. Haitham Imad / Keystone

كما سيتناول المؤتمر أيضاً قضية حماية البنية التحتية أثناء الحروب، بوصفها مسؤولية تقع على عاتق القوة المحتلة. 

في بيان صحفي عقب زيارتها لشمال غزة منتصف فبراير، وصفت كارولين سيغوين، منسقة المساعدات الطارئة في منظمة “أطباء وطبيبات بلا حدود”، المشهد هناك قائلة: “لم يتبقَّ شيء في شمال غزة، سوى أنقاض متناثرة ورائحة الموت التي تملأ الأجواء”. وأكدت أن الجثث لا تزال مطمورة تحت الركام، وأن المنطقة قد دُمّرت بالكامل . 

ما الخطوة التالية؟ 

من المتوقع أن يعقب المؤتمر سلسلة من المبادرات الهادفة إلى إعادة إحياء الدور الريادي الذي تضطلع به الأمم المتحدة في جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط، بعدما تراجع حضورها بشكل ملحوظ. ومن الجدير بالذكر أن المنظمات الأممية لم تكن طرفاً في مفاوضات وقف إطلاق النار التي جرت في يناير، التي قادتها الولايات المتحدة وقطر ومصر بين إسرائيل وحماس. وفي موازاة ذلك، أعلن ترامب بوضوح تفضيله لإبرام اتفاقيات ثنائية بدلاً من الالتزام بالمفاوضات متعددة الأطراف. 

ومن المقرر أن تُناقش الجوانب السياسية للصراع في الشرق الأوسط خلال مؤتمر تعقده الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال شهر يونيو، تحت رعاية فرنسا والمملكة العربية السعودية. وسيركّز المؤتمر على سبل التوصل إلى “حل سلمي” للقضية الفلسطينية، مع التركيز على خيار حل الدولتين وآليات تنفيذه”. 

ويقول شيتايل معلقاً : “من اللافت رؤية هذا الزخم من الأنشطة الدبلوماسية، إذ يأتي انعقاد المؤتمر حول اتفاقية جنيف الرابعة كجزء من هذه الجهود”. 

من جهتها، وخلال مؤتمر أمني عُقد في ميونيخ منتصف فبراير، حذّرت ميريانا سبولياريك، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، الجهة المسؤولة عن حماية اتفاقيات جنيف، من التكاليف الباهظة التي تفرضها الحرب في غزة، ومن المخاطر الأمنية الجسيمة التي قد تنجم عن التهاون في احترام القانون الإنساني الدولي. وتقول بأسى: ” إذا كنا (…) نريد صون ما تَحقّق من إنجازات تنموية ومنعها من الاندثار تحت وطأة النزاعات، فلا بد من التخفيف من معاناة البشر جراء الحروب – ويبدأ ذلك بالتزام أكثر صرامة بقواعد الحرب “. 

تحرير: فيرجيني مانجان

ترجمة: جيلان ندا

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية