مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الوزير التونسي سمير ديلو: “الكثير أُنجز.. ولكن ما زال الكثير أمامنا”

سمير ديلو، وزير حقوق الانسان والعدالة الإنتقالية التونسي (على اليسار) وبجواره السفير عبد الرزاق الكيلاني، سفير تونس لدى الأمم المتحدة أثناء ندوة النقاش التي انتظمت يوم 10 ديسمبر 2013 في قصر الأمم بجنيف. swissinfo.ch

اعتبر سمير ديلو، وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية التونسي أن بلاده حققت إنجازات بعد الثورة من بينها آليات للوقاية من التعذيب في طور التجسيد، لكنه أقر بتواصل ارتكاب بعض الإنتهاكات. وفيما دافع عن تسليم رئيس الوزراء الليبي الأسبق البغدادي المحمودي، إلا أنه وصف نشر "الكتاب الأسود" حول الإعلاميين في عهد بن علي من طرف رئاسة الجمهورية بـ "الخطإ في الشكل والتوقيت والخلفية... وحتى في المضمون".

في تمرين غير معتاد، شارك وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية في الحكومة التونسية يوم الثلاثاء 10 ديسمبر 2013 في ندوة عُقدت في قصر الأمم المتحدة في جنيف على هامش الإحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

المناسبة كانت فرصة لاستعراض مسيرة حقوق الإنسان في تونس بعد ثلاثة أعوام من اندلاع الثورة، ولتسليط الأضواء بالأخص على تأسيس آلية وطنية للوقاية من التعذيب، وهي الخطوة التي تلت انضمام تونس بعد الثورة مباشرة إلى البروتوكول الإختياري لمعاهدة مناهضة التعذيب.

على هامش هذه المشاركة، خص السيد سمير ديلو swissinfo.ch بحديث مُطوّل تطرق فيه إلى عدد من القضايا العالقة في مجال حقوق الإنسان، وإلى آخر المستجدات في مسار تطبيق العدالة الإنتقالية في تونس.

swissinfo.ch: بعد أيام، تدخل الثورة التونسية عامها الرابع، وهي التي طالب فيها من خرجوا للشوارع بمزيد من الحريات واحترام حقوق الإنسان. ما هي الحصيلة التي تقيّمون بها هذه المسيرة حتى الآن من حيث احترام الحقوق والحريات؟

سمير ديلو: لو اعتمدنا مُفردات التقييم المدرسي، لقُلنا “قادر على ما هو أفضل”. ولو اعتمدنا ما يُقال على شبكات التواصل الإجتماعي، لقلنا أن الحصيلة “صفر أو تكاد”. ولكن لو اعتمدنا التقييم الموضوعي والرصين الذي لا يصح أن نختلف فيه في المعطيات الثابتة مع بقاء الإجتهاد حرا والتقييم متاحا، لقلنا بأنه تم انجاز الكثير منذ قيام الثورة وحتى الآن، سواء في استكمال البناء القانوني وإصلاح المؤسسات، أو على مستوى محاربة ذهنية الإفلات من العقاب، أو على مستوى التحسين الميداني.

صحيح أن هناك الكثير من التجاوزات التي لا تزال تُلاحظ. وصحيح أن هناك بعض الصمود أمام الإصلاح وبعض الرفض له، وهذا طبيعي. وأحيانا أستغرب ممن يستغربون لكون الإنتهاكات تتواصل بعد الثورة. كل تجارب الدنيا تشير الى ارتفاع نسبة الإنتظارات بشكل كبير. ولكن لا ينتبه البعض الى أن تغيير الواقع ليس مرتبطا فقط بتوفر الإرادة وإنما بتوفر الإمكانيات أيضا، وأن هناك جملة من الشروط التي يجب توفرها بشكل متكامل.

الإصلاح القانوني هو خطوة في اتجاه استكمال المرور إلى مرحلة احترام حقوق الإنسان وحرياته. ولكن هناك أيضا إصلاح المؤسسات الموجودة، وتأسيس المؤسسات الجديدة، وتوفير وسائل العمل، والتكوين والرسكلة للساهرين على إنفاذ القانون، وصولا إلى تغيير الذهنيات. وهذا المجهود ليس منوطا بالسلطات فقط، وإنما للمواطن والإعلام دور كبيرا أيضا. إذا لخّصنا في كلمة أقول: “إن الكثير أُنجز، ولكن ما زال الكثير أمامنا”.

swissinfo.ch: بعد الثورة مباشرة تم التعهد بالإنضمام للبروتوكول الإختياري لمعاهدة مناهضة التعذيب، وهو ما تم فعلا في عام 2011، واليوم أنتم بصدد تأسيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب. هل هذه الخطوة فرضتها الظروف (أي استمرار التعذيب بعد الثورة)، أم أنها تدخل في إطار رزنامة للإنضمام إلى جملة من المعاهدات التي لم تصادق عليها تونس من قبل؟

سمير ديلو: بعد الإنضمام للبروتوكول الإختياري منذ سنتين، وبعد المصادقة منذ حوالي شهرين على القانون المُنشئ للهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، نحن الآن بصدد تأسيسها. وستستمر الترشحات إلى غاية يوم 15 ديسمبر الجاري، لعضوية هذه الهيئة الهامة التي ستقوم بزيارات دورية ومفاجئة لمراكز الإعتقال مما يُقوي من الضغط على الساهرين على إنفاذ القانون ويجعلهم يفكرون ثلاث مرات عوض مرة واحدة قبل أن ينتهكوا حقوق المواطنين ويعتدوا على حرمتهم الجسدية والمعنوية. وعلى كل، هناك بعض الإتفاقيات الأخرى التي تنتظر المصادقة، إذ هناك آليات في مجال حقوق الطفل وغيرها. وما هذا إلا وجه من أوجه التقدم في مجال حقوق الإنسان، ولكن المواطن يحكم على التغيير في أرض الواقع، وهو شأنه في ذلك شأن ما ينتظره في الميدان الإقتصادي، إذ يرغب في رؤية التغيير الفعلي في قُفته (أي قدرته الشرائية).

swissinfo.ch: بالنسبة للهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، هل اكتملت عملية الترشيح أم أن النية تتجه للتمديد في المهلة المقررة؟

سمير ديلو: تم قبول مجموعة من الترشحات ومازال الباب مفتوحا إلى غاية 15 ديسمبر 2013. ولن يُمدد مبدئيا لفترة أخرى. وستقوم لجنة الحقوق والحريات بالمجلس الوطني التأسيسي بفرز الملفات وفقا لما هو موجود في القانون. والأهم هو استكمال كل الشروط واستحثاث كل الخطى لتحسين ظروف احتجاز الموقوفين المحرومين من حريتهم ولتحسين ظروف الاحتجاز في السجون، وخاصة لعدم تبرير التجاوزات المرتكبة في مجال الحرب على الإرهاب، لأن الشكاوى كثرت في الأسابيع والأشهر الأخيرة. ويجب أن نصل الى المعادلة الصحيحة والملائمة بين الحزم في مكافحة الإرهاب الذي يهدد الإنتقال الديمقراطي ويهدد هوية المجتمع، وبين ضرورة احترام حقوق الإنسان واحترام شروط المحاكمة العادلة، اللذين بدونهما لا يمكن أن ننجح في مقاومة هذه الظاهرة الخطيرة.

swissinfo.ch: في انتظار استكمال هذه الآليات، ما هي الإجراءات التي اتخذتموها على مستوى وزارة حقوق الإنسان أو باقي الوزارات المعنية للحد من بعض التصرفات التي كانت قائمة قبل الثورة واستمرت بعدها؟

سمير ديلو: هناك مجموعة من الإجراءات بعضها في مجال التأسيس القانوني، وهناك مشروع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وهو بصدد الإنجاز، وهناك مشروع تنقيح مجلة الإجراءات الجزائية لتقصير آجال الإحتفاظ إلى 48 ساعة، والى فرض حضور المحامي منذ اللحظة الأولى للإيقاف وإمكانية اطلاعه على محاضر البحث، ومواكبة استنطاق مُنوّبه، وهذه ثورة في عالم إجراءات البحث والإستنطاق. وهناك تنقيحات لقانون مكافحة الإرهاب (قانون 10 ديسمبر 2003) السيء الذكر، بما يُحقق النجاعة في مكافحة الجماعات الإرهابية، ولكن يحقق في نفس الوقت احتراما لحقوق الإنسان ولشروط المحاكمة العادلة. هناك أيضا زيارات ميدانية للسجون ومراكز الإعتقال، والتحقيق في بعض الإتهامات بممارسة التعذيب، وبعضها أُحيل للقضاء في دوائر محاكم تونس العاصمة، وكانت هناك حوالي 60 شكوى في التعذيب، 15 منها وقع حفظها، و45 قضية هي اليوم أمام المحاكم.

swissinfo.ch: من هي الجهات التي أثارت هذه القضايا؟

سمير ديلو: بعضها أثارته الوزارة مثل إثارة اتهامات بالتعذيب في قضية بئر علي بن خليفة، القضية الشهيرة التي أوقف فيها سلفيون. ولكن هناك شكايات قدمتها منظمات المجتمع المدني أو قدمها المحامون أو قدمها زَاعِموا التعرض للتعذيب أنفسهم.

swissinfo.ch: لجأ بعض التونسيين الذين تعرضوا للتعذيب في العهد السابق إلى الإستفادة من تطبيق صارم لدول مصادِقة على معاهدة مناهضة التعذيب لبنود المعاهدة وبالأخص متابعة مرتكبي جرائم التعذيب الذين يمُرون عبر أراضيها. فهل تعتزمون تطبيق المعاهدة بنفس الصرامة، أي متابعة مرتكبي جرائم التعذيب حتى من غير المقيمين؟

سمير ديلو: أنا صرحت بأن هذا يبقى في إطار النظر حالة بحالة. فالقانون التونسي يسمح بذلك وهناك اتفاقيات تعاون قضائي بين الدول. وفي سابقة حدثت منذ أكثر من سنة، قامت تونس بتسليم أحد المطلوبين من المتهمين بالتعذيب في ليبيا. (المقصود هنا هو رئيس الوزراء الأسبق البغدادي المحمودي الذي سلمته الحكومة التونسية إلى السلطات في طرابلس في شهر يوليو 2012 – التحرير).

تحت عنوان “الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب: التجربة التونسية”، تم تنظيم جلسة نقاش بقصر الأمم المتحدة بجنيف بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 2013. 

الجلسة حضرها السيد سمير ديلو، وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية، والسيد عبد الرزاق  الكيلاني، سفير تونس لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة، والحقوقي نجيب حسني، عضو المجلس الوطني التأسيسي، كما شارك فيها السيد باكري نداي، مسؤول الآليات الخاصة في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والسيد مارك تومسون، الأمين العام لجمعية الوقاية من التعذيب.

الوزير سمير ديلو تحدث عن الخطوات التي قطعتها بلاده منذ الثورة للإيفاء بمتطلبات معاهدة حظر التعذيب، وشدد على أن تونس هي ثاني بلد عربي بعد لبنان ينضم إلى البروتوكول الإختياري، وأول بلد عربي يُقدم على تأسيس هيئة وطنية للوقاية من التعذيب.

فيما أشاد مارك تومسون، الأمين العام لجمعية الوقاية من التعذيب بتونس واعتبرها “مثالا يُقتدى به” في هذا المجال، حرص المتدخلون في النقاش الذي شارك فيه عدد من ممثلي الدول الإفريقية والأوروبية (بما فيها سويسرا) على مزيد التعرف على تفاصيل القانون المؤسس لهذه الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، والإطلاع بالخصوص على الصلاحيات المُخولة لها، ومعرفة مدى الإستقلالية التي ستتمتع بها سواء من الناحية المالية أو العملية.

أثار البند الثالث عشر من القانون المؤسس لهذه الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب نقاشا بخصوص التحديدات التي أراد المشرع إدخالها (تحت ضغط وزارة الدفاع) للإعتراض كتابيا على القيام بزيارة دورية أو فجئية لمراكز الإعتقال “لأسباب ملحة وموجبة لها علاقة بالدفاع الوطني أو السلامة العامة، والكوارث الطبيعية، أو إضراب خطير في المكان المزمع زيارته..”، كما ورد في نص القانون.

swissinfo.ch: هل أنتم راضون على الإطار الذي تمت فيه؟

سمير ديلو: هذا أثار إشكالا في وقته وهي مسألة سياسية، ولكن الذي يهم هو خلفيتها الحقوقية. نحن كوزارة حرصنا على متابعة كل ظروف الإحتجاز والمحاكمة، وزرنا البغدادي المحمودي في سجنه، وحضرنا جلسات محاكمته حتى نتأكد أننا نُوفي بالتزاماتنا وأن التعهدات التي قُطعت لنا بالإحتفاظ به ومحاكمته وفقا للمعايير الدولية، محترمة فعلا. وإلى حد الآن، نحن راضون على ذلك.

swissinfo.ch: نقطة أخرى أُثير حولها جدل في الآونة الأخيرة، وهو “الكتاب الأسود” الخاص بالإعلاميين في عهد الرئيس السابق. نلاحظ من كلامكم، بأن هناك رغبة في الإنضباط من جهة، ولكن هناك أيضا بعض التجاوزات أو الهفوات التي تُرتكب من حين لآخر غير مراعية لاحترام الإجراءات القانونية؟

سمير ديلو: رئاسة الجمهورية حرة في ممارسة الخطوات التي تراها، ولكن حسب رأيي فإن نشر هذا الكتاب هو خطأ.. خطأ في الشكل والتوقيت والخلفية. وبعد أن اطلعتُ عليه يمكن لي أن أقول إنه خطأ أيضا في المضمون.

خطأ من حيث الشكل، لأن التعاطي مع الأرشيف والمعطيات لا يُمكن من خلال إلقائه على قارعة الطريق. وخطأ من حيث التوقيت، لأن البلاد تشهد حاليا مفاوضات للخروج من الأزمة السياسية، وهذا لا يتسع لإجراءات من هذا النوع. وخطأ من حيث الخلفية، لأن كل عمل محكوم بمآلاته وسياقه وبالهدف المرجو منه.

 فالأرشيف وكل مسارات كشف الحقيقة تدخل في إطار العدالة الإنتقالية وفي سياق طي صفحة الماضي دون تشف ولا ثأر ولا انتقام، ولكن دون إفلات من العقاب أيضا. والإلقاء بهذه القوائم دون هدف محدد ومُعلن مسبقا، ودون فسح المجال للموجودة أسماؤهم في القائمة بان يُجادلوا وأن يُحاجّوا وأن يطعنوا في ما احتوته الوثائق، هذا غير مقبول من النواحي القانونية والأخلاقية. فضلا عن أن الجهة التي أصدرتها لم تُدقق في المعطيات التي أصدرتها بدليل أن مضمون الكتاب يحتوي على تناقضات عديدة، وعلى أخطاء واضحة وفاضحة. فهذا الكتاب توجد به أسماء بعض الصحفيين الذين كانوا يخدمون النظام السابق والذين تسببوا في مآس للمعارضين، ولكن يوجد فيه أبطال رياضيون وفنانون مشهورون مُحترمون. ما معنى أن يوجد اسم واحد مثل محمد القمودي الذي كان أفضل رياضي عربي في وقته، أو الصادق الساسي عتوقة الذي هو أفضل حارس مرمى في تاريخ تونس، وما معنى أن يوجد فنان مثل الصادق ثريا رحمه الله.. إلى غير ذلك. هذا الكتاب هو خطأ بالنسبة للجهة التي أصدرته، وهو خطأ مهني بالنسبة للمستشارين الذين حرّضوا على إصداره.

swissinfo.ch: ولكن هذا الخطأ ناتج في نظركم عن ماذا؟ عن عدم توافق بين أجهزة الدولة، أم عن تسرع أم ماذا؟

سمير ديلو: أنا أعلق بحرية فيما يتعلق بالمسارات والمآلات والشكل والمضمون، ولكن فيما يخص محاسبة الخلفية السياسية أنا مُلزم بواجب التحفظ، وأترك للمحللين وللإعلاميين أن يُدلُـوا بدلوهم في ذلك.

swissinfo.ch: كمعالجة لقضية نشر الكتاب من ناحية قانونية، هل هناك أي تحرك لإنصاف من يجب إنصافهم، أو معاقبة من يجب معاقبته؟

سمير ديلو: المسار الصحيح هو ما سيُباشره المجلس الوطني التأسيسي قريبا (يوم الجمعة 13 ديسمبر 2013) من خلال البدء بالمناقشة ثم المصادقة على القانون الأساسي للعدالة الإنتقالية الذي يضمن بأن يتمّ أي تعاط مع الأرشيف ومع ملف كشف الحقيقة بصورة أعم في إطار هيئة لا يُمكن أن يُطعن فيها لأنها هيئة سينتخبها المجلس الوطني التأسيسي وستكون متركبة من شخصيات تمثل جمعيات الضحايا وجمعيات المجتمع المدني ورجال قانون من اختصاصات مختلفة وقضاة متقاعدين. هذه ستكون خطوة في الإتجاه الصحيح، أما كل المبادرات الأخرى فتشوش على مسارات العدالة الإنتقالية.

swissinfo.ch: فيما يخص العدالة الانتقالية وانتم الوزير المسؤول عنها، كيف تفسرون أسباب تأخير إدخال العمل بالعدالة الانتقالية، اليس من الأجدى التسريع بذلك لتفادي مثل هذه الهفوات؟

سمير ديلو: السرعة والبطء مسألة نسبية جدا. ليس منصوحا أن يُشرع في العدالة الإنتقالية مباشرة بعد الثورات، الأمر يحتاج إلى أن تهدأ النفوس قليلا، وإلى أن تستحث بعض القطاعات خطاها في الإصلاح لأن أدوات الإصلاح في حد ذاتها تستوجب إصلاحا مثل القضاء والأمن والإعلام وغيرها. ولكن منذ أن قُدم مشروع القانون يوم 12 يناير عام 2013، بعد مسار تشاركي وقائم على حوار وبمشاركة المجتمع المدني وفي مختلف جهات البلاد، كان من المفروض أن يُصادق عليه في فترة لا تتجاوز الشهر. ولكن قد يكون في الأحداث التي شهدتها البلاد بعض ظروف التخفيف.

لا ننسى أنه بعد شهر من تقديم مشروع القانون إلى المجلس الوطني التأسيسي، فوجئت تونس باغتيال سياسي، وهو حدث كبير هز البلاد وزلزلها وما زلنا لم نفق من تداعيات هذا الإغتيال وخاصة سقوط الحكومة المنتخبة وتعويضها بحكومة جديدة، حتى أفقنا مرة أخرى على اغتيال ثان أدخل البلاد في أزمة أكبر من خلال تعطل المسار التأسيسي وبانسحاب مجموعة من نواب  المعارضة. وأن يأتي متأخرا خيرٌ من أن لا يأتي أصلا.

swissinfo.ch: هذا التأخير في التوافق على اختيار رئيس وزراء لمرحلة مؤقتة، هل ترون أنه منطقي في الظروف الحالية التي تمر بها تونس؟

سمير ديلو: الأمر لا يتعلق بالمنطق أو بانعدامه. لأن المنطق يقول إن على الحكومة المنتخبة أن تؤدي واجبها إلى حد الإنتخابات القادمة، ولكن دخلنا في إكراهات الواقع، وإكراهات الظروف بما جعل الشرعية الإنتخابية تحتاج إلى تعزيز بالشرعية التوافقية. ولكن التوافق داخل بعض الأحزاب صعب، فكيف به بين أحزاب يُفرقها كل شيء: الإيديولوجيا والسياسة والفكر والمواقف والإرتباطات والإملاءات والبرامج والأهداف؟

وبالتالي، فربما يكون الحل المنتظر غير إجماعي، لكن حلا تسير فيه الأغلبية. لأنه تبين خلال الأسابيع الأخيرة أن الإجماع على شخص واحد صعب، فكيف إذا ما تعلق الأمر بكل وزير على حدة، حينها ربما قد لا تتشكل الحكومة إلا بعد عامين أو ثلاثة. وبالتالي نحن مقبلون، في تقديري، بعد وقت قصير على رئيس حكومة يشكل حكومته، ثم تكرس الحكومة كل الجهود لتنظيم انتخابات تكون على الأقل في مستوى الإنتخابات السابقة إن لم يكن أفضل. ونستكمل كتابة الدستور في وقت قريب، لأن البلاد لا تحتمل أن يكون المسار التأسيسي فيها مُعطلا، أو لا تكون لها انتخابات محددة الأجل، وحكومة تحظى بحد أدنى من التوافق السياسي حولها.

swissinfo.ch: هل سيكون هذا قريبا جدا؟

سمير ديلو: إن شاء الله.. نحن نأمل ونرجو والله تعالى من وراء السرائر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية