
فيلم “إنسايد غزة” يروي حياة صحافيي وكالة فرانس برس في خضم نزاع مدمّر

يروي الفيلم الوثائقي “إنسايد غزة” (داخل غزة، Inside Gaza) اختبار صحافيي وكالة فرانس برس الذين وجدوا أنفسهم عالقين داخل القطاع الفلسطيني خلال الأشهر الأولى من الحرب، فيما كانت حياتهم الشخصية تتحوّل إلى جزء من المأساة التي يوثّقونها.
يُعرَض الفيلم الذي تولّت إخراجه الصحافية المستقلة إيلين لام ترونغ الخميس في احتفال توزيع جوائز بايو لمراسلي الحرب، بحضور ستة من الصحافيين السبعة الدائمين في وكالة فرانس برس الذين غطوا بداية النزاع في قطاع غزة، قبل بثه عبر منصة “آرتيه” (Arte) في 2 كانون الأول/ديسمبر.
يتناول الفيلم حياة هؤلاء الصحافيين اليومية بدءا من السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، حين شنّت حركة حماس هجوما على إسرائيل أسفر عن مقتل 1219 شخصا، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية، ثم الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي تلاه.
وبدأ الصحافيون يوثّقون الرعب في القطاع المحاصر حيث قُتل أكثر من 67 ألف شخص غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التي تديرها حماس، وتعتبر الأمم المتحدة هذه الأرقام موثوقة.
وتقول إيلين لام ترونغ، مخرجة الفيلم الذي شاركت في إنتاجه خدمة “فاكت ستوري” التابعة لوكالة فرانس برس والمتخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية مع قناتي “آرتيه” الفرنسية الألمانية و”أر تي بي اف” البلجيكية، لوكالة فرانس برس، “كنتُ أرغب في شرح طبيعة هذه المهنة التي تُمارس بالدرجة الأولى على الأرض”.
واعتمدت المخرجة بشكل شبه حصري على لقطات لوكالة فرانس برس، صوّر غالبيتها الصحافيون الذين يروون تجربتهم في الفيلم.
– “تشكيك” –
أصبحت المشاهد التي تظهر أطفالا مصابين في حالة صدمة، وأشخاصا مدفونين تحت الأنقاض أو ملفوفين بأكفان، جزءا من روتينهم اليومي. بعد خروجهم، بدأت فرانس برس تعتمد على صحافيين متعاقدين، لكن تغطية الحرب تأثرت بسبب منع الصحافيين الأجانب من دخول قطاع غزة، وبسبب الخطر على سلامة الصحافيين، والقيود التي تفرضها حركة حماس.
وتقول المخرجة التي أجرت مقابلات مطوّلة مع الصحافيين بعد أن تمكّنوا من مغادرة غزة مطلع عام 2024، “إنهم صحافيون مخضرمون في الخمسينات من عمرهم، يعرفون كيف يحافظون على مهنيتهم في ظل ظروف طارئة وقاسية جدا”.
مع ذلك، كثيرا ما تُقابَل رواياتهم بالتشكيك، كما حدث حين قالت مجموعات ضغط مؤيدة لإسرائيل إن صورة التقطها محمد عبد تُظهر طفلا ميتا في كفن يحتضنه والده، تعود في الواقع لدمية.
ويوضح عبد أنّ وسائل إعلام غربية عدة طلبت منه تقديم دليل على وفاة الطفل.
وتقول لام ترونغ “نادرا ما شهدنا هذا القدر من التشكيك في المعلومات التي ينشرها صحافيون ذوو خبرة”، مضيفة “واجه الصحافيون الفلسطينيون أقصى درجات عدم الثقة في وسائل الإعلام”.
– صحافيون مُستهدفون –
واتسم اختيار اللقطات بدقة متناهية، وتوضح المخرجة أنها نقّحتها بعناية لاستبعاد المشاهد الأكثر إثارة للصدمة في الفيلم، مع أنّه يتضمّن عددا منها. وشددت على أنّ ما يظهر في الفيلم “أقل بكثير من الواقع”.
وأُخرج صحافيو وكالة فرانس برس السبعة وعائلاتهم من القطاع بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل 2024، وهم يتوزّعون راهنا بين الدوحة والقاهرة ولندن، ويعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.
وتعمل وكالة فرانس برس حاليا مع نحو عشرة صحافيين مستقلين في غزة.
ويقول منتج الفيلم ورئيس وحدة الأفلام الوثائقية في “فاكت ستوري” يان أوليفييه إنّ “هدف الفيلم هو إثارة نقاش بشأن دور الصحافيين” المهدّدين في مختلف أنحاء العالم، وخصوصا في غزة، حيث قتل العديد من الصحافيين.
ويضيف “آمل أن يصبح الأشخاص الذين يدّعون عدم وجود صحافيين في غزة، ملزمين بعد مشاهدة هذا الفيلم، بالاعتراف بوجودهم وبأنّ من واجبهم الأخلاقي إنتاج عمل صحافي مبني على الوقائع”.
وبحسب لجنة حماية الصحافيين ومنظمة “مراسلون بلا حدود”، قُتل نحو 200 صحافي في غزة منذ بدء الحرب.
أغ/رك/رض