 
قوات الدعم السريع في السودان تعلن توقيف مقاتلين متهمين بارتكاب انتهاكات في الفاشر
 
أعلنت قوات الدعم السريع توقيف عدد من مقاتليها للاشتباه بارتكابهم انتهاكات أثناء سيطرتها على مدينة الفاشر في غرب السودان، في وقت دعت الأمم المتحدة الجمعة إلى “تحقيقات فورية وشفافة” بعد “روايات مروعة” عن فظائع ارتُكبت في كبرى مدن إقليم دارفور.
وبعد حصار دام 18 شهرا، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور الذي يغطي ثلث مساحة السودان.
ويأتي ذلك في سياق حرب اندلعت في نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو.
والخميس، أعرب مجلس الأمن الدولي عن “قلقه العميق” إزاء “التصعيد” في السودان بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر في 26 تشرين الأول/أكتوبر، بينما قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر إنّ هناك “تقارير موثوقة عن إعدامات جماعية”.
ويأتي ذلك في ظل إدانات واسعة بعد تقارير عن انتهاكات ومقتل المئات من المدنيين في الفاشر.
وكان دقلو المعروف بحميدتي، أعرب الأربعاء عن أسفه لـ”الكارثة” التي تعرض لها سكان الفاشر بعد سيطرة قواته عليها، متحدثا عن تشكيل “لجان محاسبة”.
وفي بيان نُشر ليل الخميس، قالت قوات الدعم السريع “تنفيذا لتوجيهات القيادة والتزاما بالقانون وقواعد السلوك والانضباط العسكري أثناء الحرب، ألقت قواتنا، القبض على عددٍ من المتهمين في التجاوزات التي صاحبت تحرير مدينة الفاشر، وعلى رأسهم المدعو أبو لؤلؤ”.
وأضافت “باشرت اللجان القانونية المختصة التحقيق معهم توطئة لتقديمهم للعدالة”.
وظهر “أبو لؤلؤ” في مقاطع فيديو على منصة تيك توك أثناء ارتكابه عمليات إعدام ميدانية عقب سيطرة قوات الدعم على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
ونشرت قوات الدعم السريع فيديو يظهر فيه “أبو لؤلؤ” وراء القضبان في سجن في شمال دارفور، على حد قولها.
– “تكرار للتوترات العرقية” –
وروت امتثال محمود، إحدى الناجيات من عمليات القتل السابقة في دارفور والمقيمة الآن في الولايات المتحدة، لوكالة فرانس برس لحظة مروعة عندما تعرفت على جثة قريبتها في مقطع فيديو نشر على حسابات مرتبطة بقوات الدعم السريع.
من جانبها، أعربت المحللة السودانية خلود خير عن شكوكها في أن تؤدي عمليات التوقيف التي أعلنت عنها الدعم السريع إلى وقف أعمال العنف.
وأضافت لفرانس برس “نتوقع أن تستمر هذه الفظائع، خصوصا ضد المجموعات غير العربية”، مشيرة إلى قبائل الزغاوة والفور والبارتي والمساليت في دارفور.
وفي العام 2023، اتُهمت قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر ضد قبيلة المساليت في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور، حيث أفاد خبراء الأمم المتحدة عن مقتل 15 ألف شخص غالبيتهم من القبيلة.
وقالت خير “بشكل عام، تعكس هذه الأنماط تكرارا مزعجا للتوترات العرقية التي كانت موجودة قبل 20 عاما، والتي تفاقمت الآن بسبب النزاعات حول السيطرة على الموارد والسلطة السياسية في البلاد”.
وانبثقت قوات الدعم السريع من الجنجويد، وهي ميليشيا عربية مسؤولة عن إحراق قرى وقتل حوالى 300 ألف شخص ونزوح 2,7 مليون آخرين، في دارفور في العقد الأول من القرن الحالي.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية التي حلّلها مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة ييل، وجود كتل في مواقع في المدينة “تتوافق مع أجساد بشرية لأشخاص بالغين”، إضافة إلى تغيير في اللون الأمر الذي يشير إلى “برك من الدماء”، بحسب ما أفاد مدير المختبر فرانس برس.
– “تحقيقات فورية وشفافة” –
وطالب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإجراء “تحقيقات مستقلة وفورية وشفافة وشاملة” في كل الانتهاكات المفترضة للقانون الدولي، ومحاسبة الجناة.
وقال المتحدث سيف ماغانغو “تلقينا روايات مروعة عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وقتل جماعي واغتصاب وهجمات ضد العاملين في المجال الإنساني، ونهب واختطاف ونزوح قسري”.
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إنها تحققت من مقتل ما لا يقل عن 460 مريضا وغيرهم الثلاثاء في هجمات على المستشفى السعودي للولادة، وهو آخر مستشفى يعمل جزئيا في الفاشر.
حذر فليتشر من أنّ إراقة الدماء في السودان قد تنتشر إلى ما هو أبعد من دارفور، في ظل الإبلاغ عن فظائع في منطقة كردفان المجاورة.
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، نزح أكثر من 62 ألف شخص بين الأحد والأربعاء من الفاشر، حيث لا يزال عشرات الآلاف عالقين.
وهناك نزوح أيضا من خمس مناطق في ولاية شمال كردفان، من بينها بارا الواقعة شمال الأبيض عاصمة الولاية، على محور استراتيجي يربط دارفور بالخرطوم. وكانت قوات الدعم السريع سيطرت على هذه المدينة في 25 تشرين الأول/أكتوبر.
ولفتت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا مارثا بوبي إلى تقارير عن “فظائع واسعة النطاق ارتكبتها قوات الدعم السريع في بارا في شمال كردفان، بعد سيطرتها على المدينة مؤخرا”، مشيرة إلى “أعمال انتقامية ضد ما يُسمى بـ+المتعاونين+ والتي غالبا ما تكون بدوافع عرقية”.
ولقي 50 مدنيا على الأقل حتفهم في المدينة في الأيام الأخيرة، سواء في القتال أو في عمليات إعدام، من بينهم خمسة متطوّعين في الهلال الأحمر، وفقا للأمم المتحدة.
وقالت خلود خير إنّ من الواضح أنّ كردفان “ستكون المنطقة التالية التي تشهد تصعيدا عسكريا”.
والخميس، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بشنّ هجوم بطائرة مسيّرة على مدرسة في شرق ولاية شمال كردفان، مشيرة إلى أنّ عشرات الطلاب والمعلّمين قُتلوا أو أُصيبوا، الأمر الذي نفاه الجيش.
ولم تتمكّن فرانس برس من التحقق من الأمر بشكل مستقل.
ويواجه الجيش وقوات الدعم السريع اتهامات بارتكاب جرائم وأعمال عنف خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
وكانت الولايات المتحدة خلُصت إلى أنّ قوات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية في دارفور.
ومع سقوط الفاشر، أصبحت عواصم ولايات إقليم دارفور الخمس في قبضة قوات الدعم السريع، ما يُنذر بتقسيم السودان. وقد أعلنت هذه القوات بالفعل تشكيل حكومة منافسة في دارفور.
ويسيطر الجيش على شمال وشرق ووسط السودان فيما تسيطر قوات الدعم السريع على الغرب ومناطق من الجنوب.
بور-معف/ناش-ع ش/خلص
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
