مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ما الذي سيتغير في السياسة السويسرية بعد انتخاب التشكيلة الحكومية الجديدة؟

بيات يانس
الاشتراكي الديمقراطي بيات يانس هو أحدث عضو ينتخب في الحكومة الفدرالية. Keystone / Peter Schneider

انتخب البرلمان السويسري عضوا جديدا في الحكومة الفدرالية المٌشكلة من سبعة أعضاء، بالإضافة إلى مستشار فدرالي جديد. وقد يؤدي ذلك إلى حدوث تغييرات جذرية في هذه المجالات السياسية الحاسمة الأربعة.

علاقة سويسرا بالاتحاد الأوروبي

الخلفية التاريخية: في عام 2021، قطعت الحكومة السويسرية فجأة ومن جانب واحد المفاوضات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي حول الاتفاقية الإطارية. وقد أدى هذا القرار إلى توتّر العلاقة بين برن وبروكسل. وفي الأشهر الأخيرة، شهدت هذه العلاقة نوعا من الانتعاش من خلال المناقشات الفنية. كما أُحرز تقدّم فيما ما يتعلّق بجوهر هذه المحادثات مؤخرا.

لقد انتهت هذه المحادثات الاستكشافية الآن. وتريد الحكومة السويسرية صياغة واعتماد تفويض للمضي في المحادثات مع الاتحاد الأوروبي. وتجدر الإشارة إلى أنه في السنوات القليلة الماضية، سيطر فصيل معارض لتوطيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي على الحكومة السويسرية، مما أدى إلى تراجع الاهتمام بهذا الملف.

ووفقا للعديد من المصادر المطلعة على السياسة الفدرالية، تحوّل عضو الحكومة المنتهية ولايته، ألان برسيه، من الحزب الاشتراكي ، من مؤيد للتقارب مع الاتحاد الأوروبي إلى معارض له في السنوات الأخيرة. فما هو سبب هذا التغيير؟ يكمن الجواب في ارتباط بيرسيه ارتباطا وثيقا بالنقابات العمالية السويسرية. وتحارب هذه النقابات حاليا إغراق الأجور وتطالب بمزيد من التنازلات من طرف بروكسل.

كان عضو الحكومة المنتخب حديثا بيات يانس سابقا عضوا في حكومة كانتون بازل- المدينة. وتقع مدينة بازل على حدود ألمانيا وفرنسا مما يجعل الكانتون الذي ينحدر منه أكثر المدن السويسرية قربا من أوروبا ، وهذا يجعل يانس على دراية بتفاصيل ملف “سويسرا والاتحاد الأوروبي” المعقد نتيجة للقرب الأوروبي المباشر لكانتونه بدولتيْن هما الأكبر من بين أعضاء الاتحاد الأوروبي (فرنسا وألمانيا).

في مقابلة أجريت معه هذا الأسبوع، قال يانس: “في ملف الاتحاد الأوروبي، كان على الحكومة الفدرالية أن تبذل المزيد من الجهود لضمان أن تجد جميع الأطراف المعنية بهذا الملف إجابات عن أسئلتها”. الآن، يمكن لبيات تولّي هذه المهمة: تمنحه خلفيته المهنية والسياسية مصداقية كافية على جانبيْ الطيف- مع كل من قطاع الأعمال والنقابات العمالية.

الخلاصة: تمكّنت النقابات العمالية حتى الآن من التأثير على السياسة الأوروبية للحكومة الفدرالية وتوجيهها لصالحها. لكن هذا الوضع قد يتغيّر الآن. وبدلاً مما ساد حتى الآن، يمكن الآن للحكومة التأثير على النقابات العمالية بطريقة تمكنها من عقد صفقة مع بروكسل.

يظهر بيات يانس عضو الحكومة السويسرية  أمام البرلمانيين الذين انتخبوه للتو:

التعاون بين أعضاء الحكومة الفدرالية

الخلفية التاريخية في السنوات القليلة الماضية، أصبح واضحاً للعيان وجود اختلال في عمل الحكومة. فليست الخلافات السياسية العائق أمام عمل هذا الجهاز الحكومي، بل العداوات الاستراتيجية وأحيانا الشخصية.

لقد أدّى تدفق التسريبات خلال فترة جائحة كوفيد-19 ، على وجه الخصوص إلى النيل من مستوى الثقة داخل الحكومة. ووصف تحقيق برلماني وتقرير لاحق “تضرر أجواء العمل داخل الحكومة” نتيجة لذلك. وتسببت التسريبات المتلاحقة في “تآكل” البنية الداخلية لعمل الحكومة. كما تسببت الخلافات بشأن توزيع الحقائب بين الأعضاء في سيادة جوّ سلبي وحالة من انعدام الثقة على المستوى الشخصي.

ووصف سياسيون مقربون من الحكومة الفدرالية الفريق الحاكم بكونه “يفتقر إلى المرونة ولا يمنح الشعور بالأمان ويطغى على علاقاته التنازع: هذه ليست القيادة التي يأملها الأنسان خلال الأزمات. 

وزير الداخلية آلان بيرسيه المغادر ووزير الخارجية إنياتسيو كاسيس ووزيرة المالية كارين كيلر سوتر. خلال رحلة للحكومة الفدرالية في يونيو 2023. © Keystone / Alessandro Della Valle

التأثير: تنحّى ألان بيرسيه، عضو الحكومة الذي كان في قلب فضيحة تسريبات فيروس كورونا. وتتعلق هذه التسريبات بمعلومات حكومية سرية أبلغتها إدارة بيرسيه بانتظام إلى وسائل إعلام. ولم يتمكّن التحقيق البرلماني المفتوح في الغرض من إثبات أن وزير الشؤون الداخلية نفسه هو المسؤول عن هذه التسريبات. مع ذلك، يرى بعض المعلقين أنه استطاع الخروج من هذه الأزمة بتقديم استقالته.  

الآن، تبدأ دورة حكومية جديدة، يتم فيها تجديد تشكيلة الحكومة الفدرالية بشكل أساسي. فإلى جانب انتخاب وزير جديد، ينضاف مستشار فدرالي جديد أيضا للفريق (يعتبره البعض بمثابة الوزير الفدرالي الثامن)، مما يخلق فرصة لانطلاقة جديدة. في الأثناء تظل بعض الملفات المثيرة للجدل قائمة: فبينما لا يزال أداء وزير الخارجية السويسري أنياتسيو كاسيس ضعيفاً يظل دور وزيرة المالية كارين -كيلر سوتّر مهيمنا. ونادرا ما حصلت أجندة كاسيس على مستوى العلاقات الخارجية، سواء تعلق الأمر بالعلاقة مع الاتحاد الأوروبي أو أوكرانيا أو الحياد، على دعم أغلبية زملائه وزميلاته في الحكومة. في المقابل، تسجّل زميلته في الحزب الليبرالي الراديكالي وفي الحكومة، كارين – كيلّر سوتر بانتظام نقاطا ثمينة بفضل مهاراتها الاستراتيجية.

الخلاصة: لاتزال هناك أوجه عدم تناسق. وعلى الرغم من وجودها باستمرار، بإن احتمال انبجاس طريقة عمل جديدة وأكثر تعاونا يبدو احتمالا واردا جدا.

النظام السياسي السويسري

الخلفية التاريخية: رغم أن المعروف عن النظام السويسري تميزه بالاستقرار. فإن هذه الميزة غالبا ما تٌترجم في الواقع إلى تباطؤ . لا يفضي النظام السويسري إلى ثورات. ولضمان بقاء النظام السياسي على هذا النحو، توجد ثلاث وصايا، متفق عليها ولكنها غير مكتوبة.

تتمثّل الوصية الأولى فيما يسمّى “الصيغة السحرية”. يعود الأمر إلى عام 1959، حينما اتفقت الأحزاب الأربعة الأقوى على تقاسم المناصب الحكومية بنسبة تتوافق مع قوة كل منها في البرلمان. وظل هذا الترتيب بين أقوى الأحزاب دون تغيير منذ الانتخابات البرلمانية في عام 2003.

البرلمان
كلمة الرئيس السويسري المغادر آلان بيرسيه أمام الجمعية الفدرالية قبل انتخاب خلف له. © Keystone / Anthony Anex

أما الوصية الثانية، فتنص على أن المترشحات والمترشحين الذين تقترحهم الأحزاب يتم انتخابهم. ولا يشمل ذلك المترشحات والمترشحين من خارج الأحزاب. وأما الوصية الثالثة، فلا تسمح للبرلمان بالتصويت لصالح سحب الثقة من أحد أعضاء الحكومة.

هذه الوصايا الثلاثة غير المكتوبة تنبني على فهم مشترك، وقد ضمنت مع مرور الوقت الحد الأدنى من الانسجام ولم يحدث طعن في الظهر أو خداع بين الأطراف. ويمكن هنا لكل طرف الاعتماد على ميثاق عدم الاعتداء هذا.

تأثير الانتخابات: أحدثت الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي بالفعل تحولًا في حجم تمثيل أحزاب الأغلبية السويسرية في البرلمان . على الرغم من أن هذا التحول كان ضمن نطاق نقطة مئوية واحدة فقط، إلا أنه كان مهمًا بما يكفي لأن يصبح ترتيب “الصيغة السحرية” الحالي والطويل الأمد نقطة نقاش مرة أخرى.

فيكتور روسّي
كبير موظفي الخدمة المدنية: فيكتور روسي، 55 عامًا، عضو في حزب الخضر الليبرالي، هو المستشار الفدرالي الجديد لسويسرا. © Keystone / Alessandro Della Valle

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية