البرلمان الفدرالي بعدسة كاميرات ماغنوم
بمناسبة الذكرى 175 للدستور السويسري، قام أربعة مصورين ومصورات من وكالة ماغنوم، بمتابعة جلسة للبرلمان الفدرالي في برن في رحلة بحث وتقصّ عن عوامل النقص والإثارة في الوقت نفسه.
فشلت معظم الثورات الأوروبية في عام 1848، وتقهقرت القارة الأوروبية مرة أخرى إلى الوراء. لكن الأمر كان مختلفاً في سويسرا: ففي 12 سبتمبر 1848، تم اعتماد أول دستور أساسي للدولة السويسرية الحديثة.
“إنه عيد ميلاد، لذلك يتعين علي بالطبع التقاط الصور”، تقول المصورة كريستينا دي ميدل، في فيلم وثائقي ضمن معرض الصور “جلسة” في كورنهاوس برن (Kornhausforum Bern). بمناسبة الذكرى السنوية للدستور، تمت دعوة أربعة مصورين ومصورات من وكالة “ماغنوم” الأسطورية لإلقاء نظرة جديدة على أعمال البرلمان. كان لدى أعضاء الفريق عام 2022 فرصة الوصول إلى مبنى البرلمان على مدار 24 ساعة في اليوم دون حواجز أمنية كبيرة وذلك لعدة أسابيع.
بالنسبة لدي ميدل، التي تعاطت مع موضوع الدعارة في مشاريع أخرى باستخدام صور حميمية لعاملات الجنس، فإن هذا يعبر عن الكثير من “الشفافية والثقة في هذا البلد”. لكنها لم تكن مهتمة في البداية بمبنى البرلمان، فقد ركزت على طفل عيد الميلاد، وصورت أقدم دستور في الأرشيف الفدرالي تعود نسخته إلى عام 1884.
أبحث عن النواقص
قامت دي ميدل بتصوير الدستور في الإطار الأحمر باستخدام عدسة ماكرو، بينما كان موظّف في مؤسسة الأرشيف يرتدي قفازًا أبيض ويتصفح الدستور. وفي صور دي ميدل، تبدو وثيقة تنظيم الدولة تقريبًا ككائن يجب ترميمه، ويحاول المرء توثيق عيوبه.
قامت المصورة أيضاً بـ”فحص الجودة” لمبنى البرلمان وعثرت على بقع صغيرة على أرضيته، وعلى قماش ممزق على الكراسي المفروشة بالقطيفة المخملية ونباتات الزينة اليابسة.
مبنى البرلمان بدا أيضا شبه غريب للمصورة الإيرانية نيوشا تافاكوليان.
شرعت نيوشا في التقاط الصور بشكل احترافي كمصورة صحفية في إيران في سن السادسة عشرة، وفي سن الثامنة عشرة قامت بتوثيق احتجاجات الطلاب والطالبات عام 1999. تلتقط نيوشا الصور عادة في مناطق لا يمكن التنبؤ بها: فبعد بضع سنوات قامت بتصوير الحرب في العراق. وتقول نيوشا إن ثقتها بالسياسيين ضعيفة.
في مشروعها، لا تنغمس المصورة الإيرانية في الإعجاب الزائف، ولكنها تحقق في الانزعاج الناجم عن سماح “الدولة الأكثر ديمقراطية” لنسائها بالذهاب إلى صناديق الاقتراع في وقت متأخر جدًا. في البداية كانت نيوشا مترددة في تناول موضوع نسائي مرة أخرى – فقد رافقت في مشاريع سابقة مقاتلات في حرب العصابات ومغنيات إيرانيات يجب أن يعملن في الخفاء. لكنها رأت أيضًا أن من واجبها أن تنظر إلى الأمر بنفسها في مبنى البرلمان السويسري.
صورها للنساء تتصارع فيها معاني القوة والإقصاء، حيث تُظهر السياسيات وهن ينظرن من خلال النوافذ الزجاجية جزئيًا كما لو أنه لم يُسمح لهن بعد بدخول قاعة البرلمان، ولكن في نفس الوقت تصوّرهن وهنّ يتحدثن عبر الهاتف في القاعات ذات الأعمدة ويقفن بثقة على الزوايا. في إحدى الصور، ركزت على التماثيل الموجودة في المبنى: لا تزال النساء المجسّدات من الصّخور تظهرن بمثابة أشياء جميلة، بينما يتم تصوير الرجال كمحاربين ومفكرين.
الخوف من الهدوء
عبّر المصور الإيطالي أليكس ماجولي من خلال عدسته عن قلقه أيضًا بشأن الكمال في مبنى البرلمان السويسري: “كان كل شيء مثاليًا، ولا يمكن المساس به تقريبًا. ولكن الكثير يغيب تحت طلاء التجميل”. يصور ماجولي عادة الحروب أو معاناة اللاجئين. في هذا الفيلم الوثائقي، يشكو من أن طرح الأفكار ليس بالأمر السهل تمامًا في مكان مثل البرلمان السويسري: “ليس من السّهل أن تكون في نفس المكان كل يوم، وترى نفس الأشخاص وتصوّر مشروعاً استثنائياً “.
في صوره الفوتوغرافية، يسلب ماجولي مسرح السلطة أسراره، ويُضفي حماسة حتى على عملية فرز الأصوات، كما لو كان يصور طاولة قمار يلتف حولها المقامرون والمقامرات، ويضفي على الدُرْجِ في مبنى البرلمان فخامة ما كان ينبغي له أن يتمتع بها أبدًا.
غادر مصور الشوارع أليكس ويب مبنى البرلمان في الغالب لإجراء أبحاثه. “بالنسبة لي، الديمقراطية لا تحدث فقط في البرلمان، بل في الشوارع” – أراد ويب أن يُظهر المارة في المنطقة المحيطة بمحطة القطار وسط المدينة، ولكن أيضًا السياسيين عند مخارج البرلمان، ليكشف التداخل والتشابك بين الخارج والداخل.
يستمر معرض “جلسة” في منتدى كورنهاوس حتى 3 سبتمبر 2023. وسيعقب المعرض كتاب بعنوان “جلسة”، صادر عن دار نشر “ستورم آند درانغ” 2023.
ترجمة: مي المهدي
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.