مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انقسام داخل البرلمان السويسري بشأن المساعدات المقدمة للأونروا

مبنى مدرسة في غزة
إحدى مدارس الأونروا المتضررة في مدينة غزة، 8 أكتوبر 2023. Keystone / Mohammed Saber

اختلفت آراء غرفتيْ البرلمان السويسري حول تمويل البلاد لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وسيستمرّ النقاش الأسبوع القادم.

وبالتزامن مع مناقشة البرلمان السويسري حاليا للميزانية الفدرالية للعام المقبل، والبالغة 80 مليار فرنك، فإن التمويل الذي تمنحه سويسرا لهذه الوكالة الدولية، والبالغ 20 مليون فرنك سنويا، يثير جدلا سياسيا واسعا.

هذا المبلغ يمثّل مساهمة البلاد السنوية في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وهي الهيئة التي تدير المدارس والمستشفيات – التي تحولت إلى ملاجئ طوارئ في الأشهر الأخيرة – في غزة وفي أجزاء أخرى من الشرق الأدنى.

ويوم الإثنيْن الماضي، صوتت أغلبية في مجلس النواب لصالح اقتراح تقدّم به نائب من حزب الشعب اليميني يدعو إلى قطع هذا التمويل. واستشهد دافيد زوبربولر، المقدم للمقترح، بتقارير منظمات غير حكومية عن تضمّن مقررات مدارس الأونروا، مواد تعليمية معادية للسامية وتمجيد العنف؛ وقال أيضا إن وفدا برلمانيا سويسريا زار بيت لحم في يناير الماضي، ومُنِع من زيارة الفصول أو تفحّص الكتب المدرسية.  

وكتب زوبربولر: «سمحت الزيارة الميدانية للوفد بالتأكّد من أن الأونروا تروّج لرواية معادية لإسرائيل، ومن خلال أعمالها يتم ببساطة تعزيز مشاعر الضحية لدى الشعب الفلسطيني».

وفي الوقت الذي أيّدت أغلبية قوية من يمين الوسط في مجلس النواب مقترحه، كان أعضاء مجلس الشيوخ في الغرفة البرلمانية الأخرى أقل اقتناعا به. وصوّت أعضاء مجلس الشيوخ يوم الخميس بفارق ضئيل لرفض قطع التمويل، بدعوى الحاجة إلى مزيد من الوقت لتقييم تأثيره المحتمل. كما أشاد أحد أعضاء مجلس الشيوخ بـ «عمل الأونروا المهم جدّا في سياق صعب للغاية»، بينما حذرت وزيرة المالية كارين- كيلر سوتر من «خطر تشويه سمعة» سويسرا إذا تم خفض التمويل.

رد فعل الأمم المتحدة

يستأنف مجلس النواب (الغرفة السفلى بالبرلمان السويسري) هذا النقاش يوم الإثنيْن المقبل. لكن الموضوع أثار بالفعل ردود فعل قوية. وخلال مظاهرة من أجل السلام نُظمت في جنيف يوم الخميس، قالت الرئيسة السويسرية السابقة، روت درايفوس إن السياسيات والسياسيين في برن يجب أن يدركوا أن خفض التمويل السويسري قد تكون له نتائج “كارثية” على وضع المدنيين في الشرق الأوسط. وكانت قد قالت في وقت سابق: “إنه سيكون من الغباء والقسوة” قطع التمويل في وقت تزداد الحاجة إليه في غزة أكثر من أي وقت مضى”.

في غضون ذلك، وبعد رد فعل مستاء على القرار في وقت سابق من هذا الأسبوع، رحّب المفوّض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، السويسري الأصل، بنتيجة تصويت مجلس الشيوخ. وقال في منتدى للأمم المتحدة للاجئين في جنيف «من المهم أن تواصل سويسرا إخبار الفلسطينيين والمنطقة بأنها لا تزال ملتزمة بتقاليدها الإنسانية».

وفي وقت سابق يوم الخميس، رفض لازاريني بشكل قاطع مزاعم وجود مواد دراسية معادية للسامية في مدارس الأونروا.

“تم تقييم مناهجنا من قبل مؤسسات ذات مصداقية مثل المجلس البريطاني واليونسكو أو معهد جورج إيكيرت الألماني. الجميع أشاد ببرنامجنا التعليمي”. «إنه لأمر مخيب للآمال للغاية أن البرلمان [السويسري] يعتمد الآن على معلومات مضللة من منظمات غير حكومية تروج لحملات مثل [» IMPACT-Se «الإسرائيلية و”UN Watch”، ومقرها جنيف، والتي يستند إليها النائب زوبربولر ]».

وقال لازاريني إنه بينما لا يجب أن تؤخذ الأونروا بجريرة تصرفات كل موظف أو موظفة من العاملين فيها والبالغ عددهم/هن 30 ألف في المنطقة، فإنه بإمكانه التأكيد على عدم وجود مواد معادية للسامية في مدارس الوكالة.

المزيد
ريكاردو بوكو، خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات العليا في جنيف

المزيد

“إعلان حماس منظمة إرهابية يتعارض مع حياد سويسرا”

تم نشر هذا المحتوى على ليس لدى سويسرا ما تكسبه من تصنيف حماس منظمةً إرهابية، كما يقول ريكاردو بوكو، خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات العليا في جنيف.

طالع المزيد“إعلان حماس منظمة إرهابية يتعارض مع حياد سويسرا”

انتقادات

يبدو أن الحكومة السويسرية تنظر إلى الأشياء بنفس الطريقة حاليا. في ديسمبر الماضي، جددت الحكومة الفدرالية مساهمتها البالغة 20 مليون فرنك، وقالت إن الأونروا تلعب «دورًا رئيسيًا كعامل استقرار في المنطقة»، وتوفر رعاية صحية جيّدة لملايين اللاجئين كل عام.

كما سلطت الضوء على وجه التحديد على المدارس الـبالغ عددها  710 ، التي تديرها الأونروا في المنطقة، والتي يستفيد من خدماتها  حوالي 540 ألف طفل وطفلة – فهي تخلق الفرص وتساعد على «تقليل مخاطر التطرف»، كما نصرابط خارجي بيان الحكومة.

لكن لم يخل خطاب الحكومة من بعض النقد. في عام 2018، أدلى وزير الخارجية إنياتسيو كاسيس خلال زيارة في المنطقة بملاحظة -خرجت عن التحفظ السويسري المعهود-  مفادها أن الأونروا أعاقت السلام في المنطقة بدلاً من تعزيزه ؛ وقال كاسيس من خلال دعم الأونروا، «نُبقي الصراع حيا – إنه منطق منحرف». ودعا إلى دمج طويل الأمد للاجئين الفلسطينيين في بلدان إقامتهم – بدلاً من إطالة الأمل في عودتهم إلى ديارهم بعد عقود عديدة.

وبعد أن جمدت الولايات المتحدة التمويل للوكالة في عام 2018، فعلت سويسرا الشيء نفسه مؤقتًا، في ضوء مزاعم فساد أدت إلى تنحي رئيس الأونروا السابق بيير كرينبول في عام 2019، رغم أنه تمت تبرئته لاحقا.

المزيد
يمثّل تيودور هرتزل وياسر عرفات شخصيتين رئيسيتين في الصراع

المزيد

تايم لاين: سويسرا والصراع في الشرق الأوسط

تم نشر هذا المحتوى على تمثّل الحرب الإسرائيلية الفلسطينية الدائرة حاليًا أحدثَ فصولِ الصراع طويل الأمد في الشرق الأوسط. ويعدّ دور سويسرا محوريًّا في فهم ديناميكيات الصراع. تايم لاين.

طالع المزيدتايم لاين: سويسرا والصراع في الشرق الأوسط

وضع جديد

منذ هجمات حماس الإرهابية في 7 أكتوبر والحرب الإسرائيلية الفلسطينية التي اتبعت ذلك، وجدت الأونروا نفسها لا تتعامل فقط مع كارثة إنسانية في غزة، بل و أيضًا في مواجهة وضع يعيد فيه المانحون تقييم مساعداتهم للوكالة.

وزارة الخارجية السويسرية، على سبيل المثال، التي قالت إن هجمات 7 أكتوبر أحدثت «تغييرًا جذريًا في السياق»، لم تشكك بشكل مباشر في الأونروا. لكنها قامت بإعادة تقييم تمويل 11 منظمة غير حكومية فلسطينية وإسرائيلية يشتبه في أنها أخلّت بشروط التعاقد، قبل تبرئة ثمانٍ منها ووقف التعاون مع ثلاث أخرى.

كما أنشأت سويسرا فريق عمل لإجراء «تحليل مفصل جديد للتدفقات المالية المرتبطة ببرنامج التعاون في الشرق الأوسط» والتحقق من أمور أخرى.

وبعد الارتباك الأولي الذي أحاط بمساعداته الإنمائية لفلسطين، أجرى الاتحاد الأوروبي أيضًا مراجعةرابط خارجي، ولم يوجد أي دليل على ارتكاب مخالفات – بما في ذلك من قبل الأونروا، التي يُعد الاتحاد الأوروبي ثالث أكبر مانح لها.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست الشهر الماضي أن الولايات المتحدة، أكبر مانح للأونروا، تشهد أيضًا تجاذبات سياسية حول المساعدات. وكتبت الصحيفة أن بعض عضوات وأعضاء الحزب الجمهوري يدعون إلى قطع التمويل بسبب صلات الوكالة المزعومة بحماس، فضلاً عن الأولويات الجيوسياسية والإنسانية الأخرى، في أوكرانيا على سبيل المثال.

أما بالنسبة لمساهمات سويسرا البالغة 20 مليون فرنك – والتي تعد ضئيلة مقارنة بمساهمات الولايات المتحدة (344 مليون دولار) وألمانيا (204 ملايين دولار) والاتحاد الأوروبي (114 مليون دولار)، فإن وزارة الخارجية لم تعلق على المناقشة البرلمانية حتى صباح الجمعة. لكن يُنتظر أن يتخذ البرلمان قرارا بهذا الصدد خلال الأسبوع المقبل. ويرى عدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ، أن على السياسيين أولاً الاستماع إلى خبراء وزارة الخارجية – أو من وزير الخارجية نفسه – قبل اتخاذ «قرار مدروس».

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية