مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

وصول أطفال وطفلات من غزّة إلى سويسرا لتلقّي العلاج الطبي

أطفال وطفلات من غزة عند الوصول إلى جنيف
نقلت رحلة طبية خاصة من القاهرة إلى جنيف أربعة أطفال وطفلات من غزة (تتراوح أعمارهم بين 14 شهراً و17 عاماً) وثلاث أمّهات، بمبادرة من الدكتور رؤوف السلطي من جمعية "حقوق الطفل من أجل الرعاية الصحية". Nicolas Dupraz pour « Le Temps »

حلّ أربعة أطفال وطفلات من ضحايا الحرب الإسرائيلية الفلسطينية، بين سنّ الـ 14 شهرًا و17 عامًا، بجنيف، قادمين وقادمات من قطاع غزة لتلقّي العلاج الطبيّ في سويسرا.

وكان من المقرّر أن يخضع الأطفال والطفلات، بعد وصولهم.ن سويسرا الأسبوع الماضي، لعمليات جراحية في عيادة خاصّة، وذلك في إطار التعاون غير الحكومي لمساعدة الأطفال والطفلات المتأثرين.ات بالحرب. ومن بين هؤلاء شقيقتان، تبلغان من العمر ستة وسبعة أعوام، مصابتان بكسور وحروق من الدرجة الثانية والثالثة مع نخر في الجلد، وفتى يبلغ من العمر 16 عامًا يحتاج إلى جراحة تجميلية بعد أن فقد ساقه في انفجار، وفق قناة الإذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية (RTS).

تمثّل هذه المبادرة نتاجًا لجهد تعاوني من قبل ثلاث منظمات غير حكومية: حق الطفولة في الرعاية الصحية، وقوافل التضامن، والاتحاد الدولي لمنظمات الرعاية والإغاثة الطبية. وهذا ما يميّزها عن الجهود التي تقودها الحكومات في دول مثل فرنسا وإيطاليا، واللّتين تعهّدتا في وقت سابق باستقبال 50 و100 طفل على التوالي. وقد أطلق الاتحاد الدولي لمنظمات الرعاية والإغاثة الطبية حملة جمع تبرّعات لحشد الدعم لهذه المبادرة.

مهمّة إنسانية

كان رؤوف السلطي، مؤسس ورئيس منظمة حق الطفولة في الرعاية الصحية، وطبيب المسالك البولية المقيم في جنيف، عنصرًا رئيسيًّا في إطلاق هذه المبادرة. ولد السلطي في دمشق، بسوريا، لأب وأمّ فلسطينيين لاجئين جرّاء حرب 1948. وقد أكمل دراسته في فرنسا أين مارس الطب، قبل أن ينتقل إلى سويسرا في نهاية عام 2011. وتتشكّل علاقته المتجذّرة بفلسطين وأهلها، إلى حدّ كبير، من خلال تاريخ نزوح عائلته.

في عام 2018، وجد السلطي نفسه محاصرًا في غزة أثناء مهمّة في مستشفى الشفاء وسط اندلاع الحرب. وقد أثّر فيه الدمار والخسائر في الأرواح اللّذين عاينهما. يقول لسويس إنفو (SWI swissinfo.ch): “عندما أرى ما يحدث هناك الآن، أضع نفسي مكان طفل أو طفلة صغير.ة وأتخيل ما يشعر أو تشعر به”.

رؤوف السلطي
رؤوف السلطي، مؤسّس ورئيس منظمة حقوق الأطفال في الرعاية الصحية، وطبيب مسالك بولية، مقيم في جنيف. Nicolas Dupraz pour « Le Temps »

في 24 نوفمبر 2023، سافر السلطي إلى القاهرة للقاء إيفون بومان، سفيرة سويسرا في مصر. ويقول إنّ: ” تعاون السفيرة كان له دور فعّال في جعل هذا المشروع ممكنًا، حيث إنها المرة الأولى التي يتم فيها جلب أطفال وطفلات من غزة إلى دولة أوروبية لتلقي العلاج الطبي”.

ويصف اختيار الأطفال والطفلات بكونها عملية دقيقة، ويؤكّد أن المعيار الأساسي كان نوعية التدخلات الطبية التي يمكن أن يقدّمها السلطي. كما أنّها تطلّبت التنسيق المستمرّ مع الجهات المعنية في غزّة.

تحدّيات خاصّة بالتأشيرة 

تميّزت عملية الحصول على تأشيرات دخول سويسرا لأطفال وطفلات غزة وأمهاتهم.ن بقصد تلقي العلاج الطبي، بالتواصل المكثّف والمستمرّ مع دوائر الحكومة السويسرية. وقد حدث تقدّم كبير في 22 ديسمبر الماضي، عندما وافقت أمانة الدولة للهجرة (SEM) على إصدار التأشيرات.

يؤكّد رؤوف السلطي على أن التأشيرات الصادرة مخصّصة للعلاج الطبي وليست مصنّفةً لأسباب إنسانية. وتأكيدًا لهذه المعلومات، صرّحت أمانة الدولة للهجرة (SEM) لسويس إنفو في رسالة عبر البريد الإلكتروني أن “التأشيرات الصادرة في هذه الحالة ليست تأشيرات إنسانية في حدّ ذاتها، ولكنها تأشيرات لأسباب طبية تقتصر على 90 يومًا”.

وكانت سويسرا، في إطار النزاع في أوكرانيا، قد أبدت استعدادها لتوفير الرعاية للمدنيين.يات المصابين.ات، بما في ذلك الأطفال والطفلات والبالغون والبالغات غير المقاتلين.ات، حسب مقال لصحيفة نويه تسورخر تسايتونج (NZZ) في يوليو من العام الماضي. وفي هذا السياق، قالت أمانة الدولة للهجرة لـسويس إنفو إنه لا يمكن مقارنة الوضع في أوكرانيا بالوضع في فلسطين، مضيفةً “بعدم حاجة الأوكرانيين والأوكرانيات إلى تأشيرة للبقاء لمدة 90 يوما في منطقة شنغن، وبالتالي إمكانية التحرّك بحرية”.

سيدة فلسطينية وابنها الصغير
رنين عنابة، فلسطينية تبلغ من العمر 23 عامًا، تلعب مع ابنها سند بركة البالغ من العمر خمسة أشهر خلال وجودهما في مستشفى ناصر في خان يونس، قطاع غزة، 10 يناير 2024. Keystone / Haitham Imad

 كان من المقرّر في بادئ الأمر، جلب 15 طفلاً وطفلة من غزة إلى سويسرا قصد تلقّي العلاج. لكن، ولأسباب مختلفة، بما في ذلك الظروف الصحية التي تتطلب رعاية فورية، وإجلاء بعض الأطفال والطفلات إلى مصر أو تركيا، ووفاة آخرين وأخريات، لم يتمكن كلّ الذين واللواتي على القائمة من السفر إلى سويسرا. وهكذا، تمّ لاحقًا إعداد قائمة جديدة، شهدت بدورها تخفيضًا في العدد بسبب ظروف مأساوية مماثلة، ليتبقّى فيها عشرة أطفال وطفلات فقط. وعند إجرائنا المقابلة مع رؤوف السلطي، كان قد وصل بالفعل إلى سويسرا أربعة أطفال وطفلات، فيما يُنتظر وصول ستّة آخرين، وذلك يتوقّف على موافقة السلطات الإسرائيلية، وفق السلطي.

“سجن مروّع”

يقيم الأطفال والطفلات حاليًا مع عائلات مضيفة. وقد تمّ تحديد موعد للتدخلات الطبية لكلّ منهم.ن. ولا يهدف مشروع رؤوف السلطي إلى توفير العلاج الطبي فحسب، بل أيضًا السعي إلى توفير مخرج لهؤلاء الأطفال والطفلات من “السجن المروّع” للظروف التي يعيشون ويعشن فيها، وتشجيع الدول الأوروبية الأخرى على تقديم المساعدة.

ويقول السلطي في مقابلته مع سويس إنفو: “أحثّ أوروبا على التمييز بين الإنسانية والسياسة”، داعياً الدول الأخرى إلى “التوقف عن المشاهدة بصمت والبدء في المساعدة”.

وفي السياق نفسه، أعرب توفيق شماع، الطبيب في اتحاد منظمات الإغاثة الطبية السورية، والذي ساعد في جلب الأطفال والطفلات الفلسطينيين.ات الأربعة إلى جنيف، عن أمله في أن يتبعهم.ن المزيد من الأطفال والطفلات المصابين والمصابات. كما أعرب عن رغبته، خلال مقابلة مع قناة الإذاعة والتلفزيون العمومية السويسرية الناطقة بالفرنسية في أن تمهّد سويسرا الطريق أمام الدول الأوروبية الأخرى. وبيّن أنه يعتقد أن رعاية الأطفال والطفلات الجرحى يجب أن تصبح “مبدأً”.

حيث قال: “نحن على شفا إنسانيّتنا، حيث يموت الأطفال والطفلات بسبب نقص الرعاية الطبية.”

تحرير: ريتو غيزي فون فارتبورغ/ت.س./ليفم

ترجمة: أمل المكّي

المزيد
يمثّل تيودور هرتزل وياسر عرفات شخصيتين رئيسيتين في الصراع

المزيد

تايم لاين: سويسرا والصراع في الشرق الأوسط

تم نشر هذا المحتوى على تمثّل الحرب الإسرائيلية الفلسطينية الدائرة حاليًا أحدثَ فصولِ الصراع طويل الأمد في الشرق الأوسط. ويعدّ دور سويسرا محوريًّا في فهم ديناميكيات الصراع. تايم لاين.

طالع المزيدتايم لاين: سويسرا والصراع في الشرق الأوسط

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية