
ترامب يسعى لدفع مقترح سلام صعب المنال في غزة خلال محادثات مع نتنياهو

من مات سبتالنيك وستيف هولاند
واشنطن (رويترز) – يستضيف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين في البيت الأبيض، حيث يسعى ترامب لدفع مقترح للسلام في غزة بعد اعتراف عدد من الزعماء الغربيين بدولة فلسطينية في تحد لمعارضة الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي رابع زيارة يقوم بها نتنياهو لواشنطن منذ تولي ترامب منصبه في يناير كانون الثاني، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني إلى تعزيز أهم علاقات لبلاده في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل عزلة دولية متزايدة بعد ما يقرب من عامين من بدء حربها على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.
وبعد فشل الجهود الدبلوماسية واحدة تلو الأخرى، قال ترامب لرويترز يوم الأحد إنه يأمل في الحصول على موافقة نتنياهو على إطار عمل لإنهاء الصراع في القطاع الفلسطيني وتحرير الرهائن المتبقين لدى حماس.
وقدمت واشنطن خطة سلام من 21 نقطة إلى دول عربية وإسلامية الأسبوع الماضي، وسيحاول ترامب سد بعض الثغرات المتبقية مع نتنياهو يوم الاثنين.
وعلى الرغم من إشادة نتنياهو بترامب باعتباره الحليف الأقرب لإسرائيل، فإن هناك مؤشرات على وجود بعض الشكوك الإسرائيلية تجاه الاقتراح، فضلا عن تحفظات الدول العربية.
ويمكن لنتنياهو أن يتوقع ترحيبا حارا مقارنة بالاستقبال الفاتر الذي تلقاه عندما تحدث يوم الجمعة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث غادر عشرات المندوبين القاعة احتجاجا.
وواصل نتنياهو شن هجوم لاذع على ما أسماه “القرار المشين” بعد اعتراف بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وبلدان عديدة أخرى في الأسبوع الماضي بدولة فلسطينية، في تحول دبلوماسي كبير من جانب حلفاء كبار للولايات المتحدة.
وقالت هذه الدول إن مثل هذا الإجراء ضروري للحفاظ على احتمال حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني والمساعدة في إنهاء الحرب.
* ترامب متفائل لكن العقبات لا تزال قائمة
قدم ترامب، الذي انتقد خطوات الاعتراف بدولة فلسطينية ووصفها بأنها جائزة لحماس، تقييما متفائلا لفرص التوصل أخيرا إلى اتفاق سلام صعب المنال.
وقال ترامب في مقابلة عبر الهاتف “نتلقى ردا إيجابيا للغاية لأن بيبي (نتنياهو) يريد إبرام الاتفاق أيضا. الجميع يريد إبرام الاتفاق”.
وردا على سؤال عما إذا كان هناك الآن اتفاق مقبول للسلام في غزة، قال مسؤول إسرائيلي كبير “من السابق لأوانه معرفة ذلك”. وأضاف المسؤول أن نتنياهو سيقدم رد إسرائيل على المقترح عندما يلتقي ترامب يوم الاثنين.
وتشير استطلاعات الرأي العام إلى أن نتنياهو يتعرض لضغوط متزايدة من عائلات الرهائن ومن عموم الشعب الإسرائيلي الذي أنهكته الحرب.
وقال مسؤول في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته إن الخطة الأمريكية تدعو إلى إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وتسليم رفات الموتى منهم، وعدم شن المزيد من الهجمات الإسرائيلية على قطر، وإجراء حوار جديد بين إسرائيل والفلسطينيين من أجل “التعايش السلمي”. وأثارت إسرائيل غضب القطريين وتعرضت لانتقادات من ترامب بسبب هجوم جوي استهدف قادة حماس في الدوحة في التاسع من سبتمبر أيلول.
وقال مصدر مطلع على المناقشات إن مسؤولين إسرائيليين أثاروا مخاوف مع واشنطن إزاء قضايا منها المشاركة المقترحة لقوات الأمن الفلسطينية في غزة بعد الحرب، وطرد مسؤولي حماس من القطاع، وتحديد من سيتولى المسؤولية الأمنية العامة في القطاع.
ويعارض نتنياهو بشدة أي دور لا لحماس فحسب، بل للسلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا في الحكم المستقبلي لغزة.
وقالت مصادر في مصر، التي أدت دور الوسيط في محادثات وقف إطلاق النار، إن القاهرة مهتمة بعدم تهميش السلطة الفلسطينية من إدارة غزة، وبضمانات التزام إسرائيل بشروط أي اتفاق بعد تحرير الرهائن.
وكانت جهود وقف إطلاق النار السابقة التي دعمتها الولايات المتحدة قد انهارت بسبب الفشل في رأب الخلافات بين إسرائيل وحماس، وتعهد نتنياهو بمواصلة القتال حتى يتم تفكيك حماس بالكامل.
* حرب غزة في صدارة المشهد
يأتي اجتماع البيت الأبيض في أعقاب اجتماعات الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة التي شارك فيها زعماء العالم في نيويورك والتي احتلت فيها حرب غزة مركز الصدارة وكانت إسرائيل مستهدفة في كثير من الأحيان. ورد نتنياهو بأن زعماء العالم الذين يعترفون بدولة فلسطينية يرسلون رسالة مفادها أن “قتل اليهود يؤتي ثماره”.
استبعدت الحكومة اليمينية الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل الاعتراف بدولة فلسطينية في حين تواصل حربها على حماس في أعقاب هجمات شنها مقاتلون من حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 والتي أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص وفقا للإحصاءات الإسرائيلية.
وتسبب الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أعقب ذلك في مقتل أكثر من 65 ألف شخص في غزة، وفقا لمسؤولي الصحة المحليين. كما أدى إلى تدمير أنحاء واسعة من القطاع وتفاقم الأزمة الإنسانية وانتشار الجوع.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب في غزة. وتدفع إسرائيل بعدم اختصاص المحكمة وتنفي ارتكاب جرائم حرب.
وعلى الرغم من أن ترامب ونتنياهو كانا على وفاق في الغالب ولا تزال الولايات المتحدة المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل، فإن مناقشات يوم الاثنين قد تكشف عن توترات بين الجانبين.
وقال وزراء متشددون في حكومة نتنياهو إن الحكومة يجب أن ترد على الاعتراف المتزايد بدولة فلسطينية من خلال بسط السيادة الإسرائيلية رسميا على كل أو أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لتبديد الآمال في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لكن ترامب قال يوم الخميس إنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، التي يريدها الفلسطينيون كجزء من دولتهم إلى جانب غزة والقدس الشرقية.
ويقول محللون إن ضم إسرائيل للضفة الغربية قد يؤدي إلى تفكيك اتفاقات إبراهيم التاريخية، وهو إنجاز بارز في السياسة الخارجية توسطت فيه إدارة ترامب خلال ولايته الأولى عندما أقامت عدة دول عربية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
(إعداد مروة سلام ومحمد أيسم للنشرة العربية – تحرير حسن عمار)