The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

موارد السودان وموقعه الاستراتيجي تجذب التدخلات الإقليمية في النزاع

afp_tickers

من الأراضي الخصبة والموقع الاستراتيجي إلى الذهب والماء، تحوّلت الموارد الطبيعية التي يتمتع بها السودان إلى عناصر جذب للتدخلات الإقليمية في النزاع المدمر المستمرّ هناك منذ أكثر من سنتين.

فمنذ نيسان/أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان حربا شرسة مع قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، اتخذت منحى جديدا مع سيطرة هذه القوات آخر الشهر الماضي على مدينة الفاشر في إقليم دارفور.

يحظى الجيش بدعم من مصر والسعودية وتركيا وأيضا إيران، وتساند دولة الإمارات قوات الدعم السريع، بحسب ما يؤكد خبراء في شؤون المنطقة، فيما تنفي كلّ هذه الدول تقديم أي دعم مباشر لأحد طرفي القتال.

– أرض خصبة وممر استراتيجي –

تثير الأراضي الشاسعة الخصبة في السودان، ثالث البلدان الإفريقية من حيث المساحة، شهية دول الخليج الصحراوية، الواقعة على الضفة المقابلة من البحر الأحمر، إذ لطالما نُظر للسودان على أنه “سلّة غذاء”.

قبل اندلاع الحرب الأخيرة، استثمرت الإمارات على نطاق واسع في السودان، حيث كانت شركاتها تدير آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية. وفي العام 2023، شكّلت البذور الزيتية والأعلاف أبرز المنتجات المصدّرة من السودان إلى الإمارات، بعد الذهب. 

وقبل الانقلاب العسكري عام 2019، أجرى السعوديون والقطريون مباحثات أيضا بشأن استثمارات كبيرة في الزراعة في السودان.

إضافة إلى ذلك، تشير الباحثة في “أتلانتيك كاونسيل” عليا إبراهيمي إلى موقع السودان المطل على البحر الأحمر، الذي يُمكنه من “التأثير على الملاحة البحرية العالمية، والأمن والتجارة، من خلال مرافئه وقواعده البحرية”.

ويبدو أن هذا الممر الاستراتيجي اذي يعبر منه ما بين 10 و12 % من بضائع العالم المنقولة بحرا، تراقبه الدول عن كثب، ليس دول الخليج فحسب، بل أيضا روسيا وتركيا اللتين حاولتا، إضافة إلى الإمارات، بناء قواعد بحرية أو الحصول على امتيازات لإدارة مرافئ هناك. إلا أن المباحثات بهذا الشأن تعثرت أو عُلّقت.

– الإمارات وحلفاؤها –

بعد اندلاع النزاع في 2023، قطعت الحكومة السودانية العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، واتهمتها بدعم قوات الدعم السريع بالأسلحة والمرتزقة من تشاد وليبيا وكينيا وإثيوبيا والصومال، وهو ما تنفيه أبو ظبي.

في أيار/مايو الماضي، نشرت منظمة العفو الدولية تحقيقا تحدّث، استنادا إلى صور وبقايا قذائف، عن وجود أسلحة صينية سلمتها الإمارات للدعم السريع.

ومع أن دولة تشاد تقول إنها على الحياد في النزاع السوداني، إلا أن تقارير للأمم المتحدة وعددا من الخبراء يتحدثون عن أن مطار أم جرس هناك تحوّل إلى مركز لهبوط طائرات الشحن الآتية من الإمارات والمتجهة لقوات الدعم السريع في إقليم دارفور.

ويرى الباحث في “المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة العابرة للحدود” إن الشرق الليبي، الذي يسيطر عليه المشير خليفة حفتر، أصبح هو الممرّ الأول للإمدادات الإماراتية للدعم السريع.

ويقول إنه منذ حزيران/يونيو الماضي “هبطت في الشرق الليبي نحو 200 طائرة شحن عسكرية، محملة بأسلحة على الأرجح لقوات الدعم السريع”.

وذكر تقرير لمنظمة “ذي سنتري” الأميركية أن معسكر خليفة حفتر مدين لأبو ظبي بالدعم الذي حصل عليه منذ العام 2014، وهو “مورد أساسي للوقود لقوات الدعم السريع”، وبفضل هذا “الإمداد المتواصل” يمكن لهذه القوات مواصلة عملياتها في دارفور.

– الذهب –

بعد انفصال جنوب السودان  حيث تتركّز الثروة النفطية الأكبر في العام 2011، صار الذهب هو المورد الأبرز للسودان.

وقبل الحرب، كان الإنتاج السوداني من الذهب يزيد عن ثمانين طنا سنويا، بحسب المصرف المركزي. وكان جزء من هذا الإنتاج يّصدّر بقيمة وصلت إلى مليارات و850 مليون دولار في العام 2021.

لكن منذ بدء الحرب، انحسرت صادرات الذهب الرسمية لمصلحة صادرات السوق السوداء، بحسب ما جاء في دراسة حديثة لمعهد “تشاتام هاوس”.

وجاء في الدراسة أن “المنافسة الاقتصادية بين الجيش وقوات الدعم السريع في استخراج الذهب وبيعه، هو عامل حاسم في الحرب الحالية”.

وغالبا ما يحط الذهب رحاله في آخر المطاف في الإمارات، سواء عن طريق قوات الدعم السريع، أو عن طريق الجيش السوداني عبر مصر.

في العام الماضي، استوردت الإمارات كمية من الذهب تُعادل ضعف ما استوردته في العام 2023 (29 طنا في العام الماضي مقابل 17 طنا في العام 2023)، بحسب منظمة “سويس آيد”.

وتقول عليا إبراهيمي “لا يقتصر دور الذهب على ضمان ولاء المقاتلين أو شراء الصواريخ والمسيّرات، بل هو يعطي استمرار الصراع دافعا اقتصاديا”.

– حرب المسيّرات –

زودت تركيا وإيران الجيش السوداني بمسيرات أدت دورا حاسما في السيطرة التامة على العاصمة، بحسب عماد الدين بادي، لكن تأثير هذه المسيرات تراجع في الأشهر الماضية بعدما حدّثت قوات الدعم السريع مضاداتها الجوية، وهو برأيه أحد عوامل سقوط الفاشر.

في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، اتهم الجناح السياسي لقوات الدعم السريع دولة مجاورة لم يسمّها بقصف قواته بمسيّرات. ووفقا لوسائل الإعلام القريبة من الدعم السريع، هذه الدولة هي مصر.

من جهة أخرى، تتهم الحكومة في الخرطوم الإمارات بتزويد الدعم السريع بمسيرات صينية.

ويقول تييري فيروكولون الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن “قوات الدعم السريع، منذ بدء النزاع، جنّدت مجموعة كاملة من المرتزقة من الخارج” من بينهم سوريون وروس وكولومبيون وأفارقة.

بور/خلص/دص

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية