مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بـكين 2008 بـين الأرقام القـياسية والتساؤلات العالـقة

Keystone

تمـيزت أولمبياد بكين 2008 بـفُرجة المُنافسات و"غزارة" الأرقام القياسية الجديدة التي رافقتها، مما جعل منها حدثا إعلاميا ورياضيا بـكل المقاييس. لكن مسألة تناول المُنشطات، التي أثيرت بقوة قبل انطلاق الألعاب، كادت تـمرّ مُرور الكرام...

قبل أربعة أيام من انتهاء أولمبياد بكين، لـم يكن عدد الرياضيين الذين ثبت تناولهم للمنشطات قد تجاوز الخمسة. وقد أعلنت اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الدولية يوم الأربـعاء 20 أغسطس عن فتح تحقيق ضد الأوكرانية ليودميلا بلونسكا بعد ثبوت تناولها لمادة منشطة محظورة. وتنظر اللجنة في سحب الميدالية الفضية التي فازت بها يوم السبت الماضي في مُسابقة السباعية.

وكانت التحاليل قد أثبتت من قبل في بكين تناول المنشطات من قبل العداءة اليونانية المتخصصة في سباق 400 متر حواجز، فاني هالكيا، والرامي الكوري الشمالي كيم جونغ سو، والدراجة الإسبانية إيزابيل مورينو، ولاعبة الجمبار الفيتنامية تي نغان تونغ دو.

وتم الإعلان عن خمس حالات فقط بعد أكثر من 12 يوما من المنافسات، و”تهاطل” الأرقام القياسية والإنجازات الاستثنائية في رياضات رفع الأثقال، وسباق الدراجات على الطريق، ورماية القوس ورماية المسدس، وخاصة في ألعاب القوى (3000 متر حواجز، و100 متر و200 متر، إلخ) وفي السباحة (إناث وذكور وبالتناوب).

تأثــير رادع

ولتفسير هذه “النظافة” الـملحوظة للرياضيين، تـُبرز اللجنة الأولمبية الدولية الأثر الرادع لبرنامج المراقبة الذي اعتمدته. وقد صرحت المتحدثة باسمها، جيزيل ديفيز، بأنه تم إنجاز لحد الآن أكثر من 4000 عملية مراقبة من بينها أكثر من 3000 اختبار للبول و800 اختبار للدم.

وبحلول نهاية ألعاب الأولمبية يوم الأحد القادم 24 أغسطس، ستكون اللجنة الأولمبية الدولية قد أنجزت 4500 عملية مراقبة في بكين. وكانت أولمبياد أثينا قد شهدت قبل أربعة أعوام إجراء 3600 اختبار، والكشف عن 39 حالة تناول للمنشطات قبل انطلاق الألعاب بعد خضوع عدد من الرياضيين للفحص من قبل الفدراليات التي ينتمون إلـيها أو وكالات مكافحة المُنشطات.

شكـوك خبيريـْن سويـسريــيْن

لكـن رغم هذه الفحوصات، تظل الشكوك تحوم حول العديد من الإنجازات الرياضية. وفي سويسرا، تجرأ مـُراقبان مميزان على توجيه الانتقادات والدعوة إلى الكف عن النفاق.

السباح السـّابق دانو هالسال من جنيف، حامل الرقم القياسي العالمي لمسافة 50 مترا في عقد الثمانينات، كان أول من تساءل في العديد من وسائل الإعلام السويسرية عن إنجازات نظرائه.

وأكد في تصريحات لصحيفة “لا تريبون دو جنيف” (تصدر بالفرنسية): “عندما أشاهد السباحين يخرجون من الماء دون أن تبدو عليهم علامات التعب الجسدي، استغرب جدا… والسـِِّباحات السريعة تتطلب بذل أقصى جهد، ويُفترض أن يصل السباح إلى خط النهاية مُفتقرا للقدر الكافي من الأوكسجين. لكن ما نلحظه اليوم شيء آخر، فهم لا يلهثون ولا يبدو عليهم أي ضيق في التنفس… وهذا أمر مُربك. (…) ويفسر البعض ذلك بأن هذا السبـّاح أو ذاك تمرن كثيرا لمدة سنة وبالتالي فقد ثمانية كيلوغرامات من العضلات. دعنا نكون جديين… إنه أمر مُستحيل”.

من جهته، أيـّد المُعد البدنـي السويسري الشهير والرياضي الأولمبي السابق جون-بيير إيغر، تصريحات هالسال إذ قال: “سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن كافة هذه الانجازات الخارقة للعادة تتم في الماء فقط. فهنالك محاولات لتحسين الأداء بكافة الوسائل التي يمكن تصورها، فلم لا على مستوى علم الصيدلة أيـضا؟ لتظل جديرة بالاهتمام، تحتاج ألعاب القوى إلى تحطيم أرقام قياسية”.

وأضاف إيغر في حديث لسويس انفو: “فضلا عن ذلك، حُطمت اليوم كثير من الأرقام القياسية التي سجـّلها رياضيون تناولوا مواد مُنشطة لم تكن قابلة للكشف من قبل. ولئن كانت اختبارات مكافحة المنشطات أكثر كفاءة اليوم، فربما توجد طـُرق جديدة لتعاطي المنشطات أو مواد جديدة “تخفي” أثر تناولها. فلكي يـُعلـَن عن حالة مُنشطات، يجب أولا ظهور نتيجة إيجابية للاختبار. شأن ذلك شأن سرعة السير على الطريق، فطالما لم يلقطك الرادار، فكأنك لـم تـقُد أبدا بسرعة كبيرة”.

معضلة موثوقية الفحوص

تبقى إذن مسألة التأكد من موثوقية فحوصات الكشف عن المنشطات، وهي موثوقية زُعزعت بالتصريحات الأخيرة التي جاءت على لسان السويسري مارسيال سوغي، مدير المختبر السويسري لتحاليل المنشطات في لوزان.

ففي مقابلة مع صحيفة “لوماتان” (تصدر بالفرنسية في جنيف)، أوضح السيد سوغي أن أحد المتعاونين معه – وهو متخصص في الكشف عن طريقة تعاطي المنشطات عن طريق نقل الدم – كان يـُفترض أن يتحول إلى بكين للإشراف على التحاليل، لكن تم إلغاء سفره في آخر لحظة من قبل المسؤولين في المختبر الصيني حيث تنجز تلك التحاليل.

سويس انفو – اعتمادا على مقال بالفرنسية لماتياس فروادفو

يُسلـّم الرياضيون الذين يخضعون للفحص (أي الخمس الأوائل في كل مسابقة وآخرون يتم اختيارهم بالقرعة) عينة من الدم ومن البول لرجال المراقبة.

وتُقسم العينات إلى جزئين وتوضع في قارورتين (A وB) لـتُسلم بعد ذلك للوكالة الصينية لمكافحة للمُنشطات التي تتولى عملية التحليل. وإذا كانت نتيجة التحليل إيجابية بالنسبة للعينة الأولى، يتم إنجاز معاينة مضادة على محتوى القارورة الثانية.

وفي صورة التأكد من إيجابية التحليل، يمكن فرض عقوبات على الرياضي المعني بالأمر.

تحول العداء الجامايكي أوساين بولت في بكين إلى أسرع رجل في العالم على الإطلاق في مسافة 100 متر.

فببساطة، “دمـّر” هذا البطل الأولمبي الجديد الرقم القياسي العالمي لهذا السباق بعد أن قطع المسافة في ظرف لا يتجاوز 9,69 ثانية بسهولة خارقة، وتمكن من وقف مجهوده بعد بضعة أمتار من تجاوزه خط النهاية.

وهو إنجاز هائل يذكرنا بالأرقام القياسية العالمية التي حطمها الكندي بين جونسون (9,79 ثانية في أولمبياد سيول عام 1988) والأمريكي تيم مونتغومري (9,78 ثانية في ملتقى لألعاب القوى عام 2002) وجاستن غيتلين (9,76 في ملتقى آخر عام 2006)… وهم ثلاثة رياضيين أدينوا بتناول المنشطات بعد فترة قصيرة من إنجازهم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية