مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حماس تراهن بشعبيتها على معركتها لكسر حصار غزة

صورة من جنازة فلسطينيين يقول مسعفون إنهم قتلوا في ضربة اسرائيلية على خان يونس جنوبي قطاع غزة يوم 19 يوليو تموز 2014. تصوير: فينبار اوريلي- رويترز. reuters_tickers

من نضال المغربي ونوح براونينج

غزة (رويترز) – بعد مرور ثلاثة أسابيع على بدء القتال العنيف بين النشطاء الفلسطينيين واسرائيل في قطاع غزة يبدو أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عقدت العزم على انتزاع تنازلات واضحة قبل أن توقف إطلاق النار.

وتتيح هدنة انسانية قصيرة يوم الاثنين تزامنا مع عيد الفطر لسكان غزة فرصة نادرة للخروج من منازلهم والأماكن التي يحتمون بها وعلى الرغم من الموت والدمار في كل مكان حولهم فإنه لا توجد علامات على المطالبة بإنهاء المعركة.

وبعد أن عانوا كثيرا سيرى كثيرون أن تهدئة تعيد غزة الى الوضع الذي كان قائما في ظل الحصار الإسرائيلي والتدابير المشددة التي تتخذها مصر على الحدود بينها وبين القطاع هزيمة يمكن أن تقضي على سمعة حماس المتضررة بالفعل في الداخل.

وقال المحلل السياسي في غزة حمزة ابو شنب إن حماس في مفترق طرق فإما أن تتوقف الآن وتفقد شعبيتها او تستمر وتتحمل ما تستتبعه الحرب من قتال و”شهداء” لتحقيق مطالب الناس في نهاية المطاف.

وأضاف أنه يعتقد أن حماس قررت مواصلة القتال.

ولدى حماس ما يدعوها -من عدة أوجه- كي تتباهى بمواجهتها مع اسرائيل التي استمرت 21 يوما وهي أكبر كثيرا بكل تأكيد من موجات سابقة من العنف بين الجانبين في 2008‭‭‭/‬‬‬ 2009 وفي عام 2012.

وعطلت صواريخ حماس الحياة في أجزاء من اسرائيل مما دفع معظم شركات الطيران الأجنبية الى وقف الرحلات اليها لكنها استأنفتها بعد ذلك بقليل. وحسنت الحركة تكتيكاتها القتالية مما أدى الى مقتل 43 جنديا اسرائيليا أي نحو أربعة أمثال العدد الذي قتل في الصراعين السابقين.

علاوة على ذلك تضررت صورة اسرائيل على مستوى العالم مرة أخرى نتيجة القصف العنيف لغزة الذي قتل نحو 1050 شخصا معظمهم من المدنيين.

فيما مضى كانت هذه الإنجازات ستكفي كي تعلن حماس انتصارها وتوافق على وقف لإطلاق النار.

لكن الزمن تغير فحماس تواجه عزلة داخل العالم العربي وأزمة مالية أضرت بشعبيتها.

وتحتاج حماس الى أن تظهر للشعب أنها حققت نتائج ملموسة من صراع كلف الكثير من الفلسطينيين أرواحهم.

وقال مسؤول كبير في حركة حماس طلب عدم نشر اسمه “عقدنا العزم على الاستمرار لحين تنفيذ كل مطالبنا.”

واضاف “نتألم لفقد الكثير من المدنيين… أكثر من ألف من الأبرياء لكن أرواح الشهداء لن تضيع هباء. يجب رفع الحصار الذي أودى بأرواح كثيرين من قبل.”

وبينما تقول اسرائيل إنها قتلت أكثر من 200 من مقاتلي حماس فإن هيكل القيادة للحركة يبدو متماسكا فهي مازالت تطلق الصواريخ على اسرائيل يوميا وإن كان بمعدل أقل.

* تبادل اللوم

تقول اسرائيل إن حماس أشعلت الصراع عبر إطلاق الصواريخ بلا توقف من غزة. جاء هذا بدوره بعد حملة اعتقالات على مدى شهر لمن يشتبه أنهم من أعضاء الحركة في الضفة الغربية المحتلة بعد مقتل ثلاثة شبان اسرائيليين اختطفوا من مستوطنة يهودية وهي جريمة حملت اسرائيل المسؤولية عنها لحماس.

وتقول اسرائيل إنها لا تتعمد استهداف المدنيين وإن حملتها على غزة تهدف الى وقف الهجمات الصاروخية وتدمير شبكة الأنفاق التي يستخدمها النشطاء على الحدود بين غزة واسرائيل.

ويقول سكان غزة الذين ضاقوا ذرعا بالاختباء من الضربات الجوية وأصابهم الذهول لرؤية أحياء بأكملها دمرها القصف إن إخلاصهم “للمقاومة” المسلحة لا يزال قويا ويتهمون اسرائيل بمعاقبة المدنيين للضغط على حماس.

وعلى الرغم من إحساس البعض بالغضب بلا شك من إدارة حماس لغزة فإنهم لا يعبرون عن هذه المشاعر في أوقات حساسة مثل هذه.

وقال احمد رمضان الذي وقف وسط أنقاض المنازل في شمال غزة “نريد أن يضرب 100 صاروخ تل ابيب في وقت واحد للرد على هذه المذابح.”

وأضاف “النصر قريب… بعد خنقنا لكل هذه السنين نعلم أن حصار غزة سينكسر.”

وبذلت الولايات المتحدة والأمم المتحدة جهودا دبلوماسية مكثفة مع القوى الإقليمية لكنهما فشلتا في تحقيق وقف مقترح لإطلاق النار مدته أسبوع يهدف الى كسب الوقت لإجراء محادثات بشأن تخفيف الحصار وتنفيذ طلبات اسرائيل.

ورفضت الحكومة الاسرائيلية الفكرة وأظهرت تصريحات سربها مسؤولون غضبا مما اعتبروه رضوخا أمريكيا لمطالب حماس. وتقول مصادر من حماس إن الحركة كانت تميل لقبول بنود الهدنة.

ومن أسباب جمود الموقف العداوات التي تكونت جراء الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي عام 2011 وأدت الى تشكيل معسكرين متنافسين في المنطقة.

فقد ساندت قطر وتركيا أول المستفيدين من هذه الانتفاضات وهي جماعة الاخوان المسلمين التي تتبنى حماس فكرها بينما ترفض مصر ومعظم دول الخليج وحركة فتح جماعة الاخوان ولا تثق في حماس.

وعزلت قيادة الجيش المصري الرئيس المنتمي لجماعة الاخوان محمد مرسي العام الماضي إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه ودمر مئات من أنفاق التهريب على الحدود بين مصر وغزة والتي كانت شريان الحياة لغزة وحماس على حد سواء.

ونتيجة لهذه الخطوة اشتدت وطأة الحصار الذي تفرضه اسرائيل منذ فوز حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006.

* شروط

حين اقترحت مصر وقفا فوريا لإطلاق النار في 14 يوليو تموز ووعدت بتخفيف القيود على معبر رفح دون ذكر تفاصيل قالت حماس إنه لم يتم التشاور معها ورفض جناحها العسكري الخطة بوصفها “مبادرة ركوع وخنوع”.

ووافقت اسرائيل على المبادرة بحماس.

وحين انهارت جهود مصر برز دور قطر في الوساطة ودافعت عن حماس مطالبة بتغيير أساسي في الموقف في غزة.

وقال وزير الخارجية القطري خالد العطية لقناة الجزيرة الفضائية يوم الاحد “طلبات الاخوة الفلسطينيين هى طلبات عادلة وهى تعتبر الحد الادنى لطلبات العيش الكريم. ما هو المطلوب الان فى غزة هو تطبيق اتفاقية 2012 واتفاقية 2011 … ايجاد ميناء تجارى لاهل غزة ليستطيعوا ان يعتاشوا. استغلالهم لمياههم الاقليمية الى 12 ميلا بحرىا وهذا حق لهم. السماح لهم بالحصول على رواتبهم من السلطة هى مطالب مشروعة وتعين اهل غزة على حياتهم.”

واستخدم العطية نبرة تصالحية عند حديثه عن مصر وقال إن بعد فشل الجهود الدبلوماسية الأمريكية فإن مسؤولية التوصل الى هدنة تقع على عاتق القاهرة.

وقال إن قطر تعتبر دور مصر مهما وضروريا وإنها يجب أن تكون في صدارة هذه القضية.

وحددت حماس عددا من الشروط من أجل عقد هدنة منها الإفراج عن سجناء ألقي القبض عليهم مؤخرا في الضفة الغربية. لكن أقرب حلفائها وهي حركة الجهاد الإسلامي أوضحت أن القضية الرئيسية هي القيود على الحدود.

وقال زياد نخلة نائب الأمين العام لحركة الجهاد إن الحركة منفتحة على المقترح المصري لكنها تسعى الى تحسينه وتعديله حتى يشمل إنهاء الحصار.

وقال لإذاعة القدس إنه لم يتبق سوى ايام على إنهاء المعركة وإن السحب ستنقشع وسيشهد الفلسطينيون النصر.

وفي معظم الأحيان تبتعد حركة الجهاد عن الصراعات السياسية وهي لا تجازف بفقد مكانتها بعد ظهور نتيجة المعركة على عكس حماس التي تدير القطاع على الرغم من اتفاق الوحدة الذي وقعته مع فتح في ابريل نيسان.

وقيادات حماس موزعة بين السجون الاسرائيلية وغزة ومصر وقطر كما أن جناحها العسكري يبدو أقل حرصا على الحديث عن هدنة. لكن الحركة لاتزال تشكل جبهة موحدة على الرغم من تعدد قياداتها.

وقال مصدر بالحركة إن ساستها يركزون على المحادثات بينما يحرس مقاتلوها الخطوط الأمامية.

وأضاف المصدر أن القيادة السياسية “ليست مضطرة للتواصل مع الجناح العسكري طول الوقت. لها مطالب وحين تنفذ يمكن إجراء مناقشات. في الوقت نفسه يقوم المقاتلون بما يجيدونه وهو القتال.”

(إعداد دينا عادل للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية