مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“ثورة كبرى في مجال التحكم في انتشار داء السل”

Keystone

أصبح بإمكان مرضى السل في الدول الفقيرة اكتشاف الإصابة بسل مقاوم للأدوية في ظرف يومين فحسب، بدل انتظار شهرين إلى ثلاثة أشهر مثلما كان سائدا حتى اليوم.

هذه القفزة جاءت بفضل ابتكار وسيلة اختبار للمرض بواسطة تحليل الحمض النووي في لُعاب المريض، وهي الطريقة التي طورتها منظمة الصحة العالمية بالاشتراك مع “هيئة تطوير أساليب الاختبار الجديدة” التي تتخذ من جنيف مقرا لها.

تكللت جهود منظمة الصحة العالمية وباقي المنظمات المشاركة في الحملة العالمية لمحاربة داء السل بالنجاح بعد تطوير وسيلة اختبار جديدة لتشخيص حالات الإصابة بمرض السل المقاوم للأدوية.

هذا ما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية في ندوة صحفية عُقدت بمقر الأمم المتحدة في جنيف يوم 30 يونيو 2008. وقد اعتبر ماريو رافيليوني، مدير قسم محاربة داء السل بمنظمة الصحة العالمية أن هذا التقدم “يشكل ثورة كبرى في مجال التحكم في انتشار داء السل”.

يومان بدل ثلاثة أشهر

وتكمن نجاعة الطريقة الجديدة لاكتشاف داء السل المقاوم للأدوية في أنها تسمح في غضون يوم إلى يومين بتحليل الحمض النووي المستخلص من لُعاب المريض بدل فترة شهرين إلى ثلاثة أشهر التي تستغرقها الطرق المستعملة اليوم.

كما أن مجموع تكلفة هذا الاختبار الجديد تقل بحوالي 50% عن تكلفة الطريقة المستعملة حاليا، أي 15 بدل 30 دولارا. وقد تمت تجربة نجاعة هذا الاختبار الجديد في الميدان من قبل هيئة تطوير أساليب الاختبار الجديدة التي يوجد مقرها في جنيف، ومصالح المختبر الوطني للصحة في جنوب إفريقيا.

ومن المقرر أن يتم تعميم التجربة لتستفيد منها 17 دولة (آذربيجان وبنغلاديش وكوت ديفوار واثيوبيا وجورجيا واندونيسيا وكاراخستان وقرقيزستان وليزوتو ومولدافيا و ميانمار (بورما سابقا) وأوزباكستان والكونغو ز طاجيكستان وأوكرانيا وفيتنام) تم اختيارها على اعتبار أنها الدول التي توجد بها أكبر نسبة من حالات داء السل المقاوم للأدوية في العالم.

وستقوم منظمة الصحة العالمية بالاشتراك مع هيئة تطوير أساليب الاختبار الجديدة FIND بتقديم المعونة لهذه الدول من أجل تجهيز نفسها لإجراء عملية تحليل الحمض النووي في ظروف ملائمة، وتكوين إطاراتها الصحية التي ستسهر على إجراء التحاليل.

وقد تم الإنتهاء من هذه الإستعدادات فعلا في دولة ليزوتو والأمر نفسه سيحدث قريبا في إثيوبيا على أن يتم تجهيز الدول الخمسة عشر المتبقية تدريجيا ما بين عامي 2009 و 2011.

الحد من الانتشار

ومن الفوائد الأخرى المترتبة عن اعتماد طريقة تشخيص مرض السل المقاوم للأدوية في غضون يومين بدل أشهر الحد من انتشار المرض وتوسيع رقعة الاستفادة الى أكبر عدد ممكن من المرضى.

وإذا كانت التقديرات الحالية تشير إلى أن عدد المصابين بمرض السل سنويا في العالم يناهز 9 ملايين شخص، يتوفى منهم حوالي 1،5 مليون، فإن نسبة الذين يخضعون لتحاليل دقيقة ويتلقون علاجا فعليا لا تتجاوز 2% من الرقم الإجمالي.

ومن ضمن التسعة ملايين مصاب سنويا هناك حوالي 500 ألف حالة تندرج في إطار الحالات المصنفة مقاومة للأدوية والتي تتسبب في وفاة حوالي 130 ألف شخص في السنة. وهناك توقعات بأن ترتفع نسبة المستفيدين من التشخيص الدقيق للمرض لدى اعتماد الطريقة الجديدة في البلدان المعنية من 2% إلى حوالي 15%.

كما أن الأسلوب القديم لتشخيص مرضى السل المقاوم للأدوية كان يتطلب إخضاع المريض للعلاج عبر أدوية من الدرجة الأولى خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر قبل اكتشاف أن طبيعة مرضه مقاومة للأدوية وتتطلب علاجا بأدوية من الدرجة الثانية. وهذا ما كان يتسبب في استمرار انتشار الإصابة بالمرض من خلال احتكاك المريض المباشر بمحيطه.

يضاف الى ذلك أن عددا من المرضى يتوفى قبل معرفة النتيجة خصوصا إذا كانت الإصابة بداء السل المقاوم للأدوية مقترنة بمرض آخر مثل مرض نقص المناعة المكتسب إيدز أو سيدا.

مبادرتان بتكلفة 60 مليون دولار

إذا كانت تكلفة تطوير نظام اختبار الإصابة بمرض السل المقاوم للأدوية عبر الحمض النووي قد كلفت 26،1 مليون دولار أمريكي، فإن الهيئة العالمية لتوفير الأدوية بشكل مستدام التي تشترك فيها منظمة الصحة العالمية الى جانب عدة دول وهيئات خيرية، خصصت أكثر من 33 مليون دولار لتمويل الأدوية الضرورية لمحاربة داء السل المقاوم للأدوية في 54 بلدا.

وبموجب هذه المبادرة، تم تكليف قسم الأدوية العالمي بتوفير الأدوية الضرورية للدول الـ 54 المسجلة للاستفادة من هذا البرنامج وفي مقدمتها الدول الستة عشرة التي ستشرع قريبا في تطبيق نظام الاختبار عبر الحمض النووي.

وهذا ما دفع رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية لتوفير الأدوية بشكل مستدام الفرنسي فيليب دوستوبلازي الى التصريح في بيان صادر بالمناسبة أن “هذين المشروعين سيسمحان بفضل توفير الهيئة لستين مليون دولار، بتحقيق نتائج مهمة سواء في مجال التشخيص او العلاج.. ويجسدان نجاعة ابتكار طرق جديدة وفعالة لتمويل التنمية والرعاية الصحية”.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

أسست في عام 2003 أثناء انعقاد الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية بتمويل من الهيئة الخيرية لبيل وميليندا غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت واتخذت من جنيف مقرا لها. وقد حددت لنفسها مهمة تطوير أساليب اختبار وتشخيص الأمراض التي تمس البلدان الفقيرة.

وإذا كانت هذه الهيئة قد تخصصت بالدرجة الأولى في تطوير أساليب تشخيص أمراض السل وبالأخص السل المقاوم للأدوية، فإن لها نشاطات في إطار أبحاث تشخيص لأمراض أخرى مثل الملاريا ومرض النوم الذي تعاني منه العديد من الدول الإفريقية والذي لا يسترعي اهتمام شركات صناعة الأدوية.

ومن إنجازاتها خلال الخمسة أعوام الماضية، تطوير نظام صفائح لتشخيص وجود فيروس الإصابة بالسل في لعاب المريض، وتطوير نظام تشخيص السل المقاوم للأدوية عبر تحليل الحمض النووي المستخلص من اللعاب. كما طورت بالاشتراك مع بحاثة من جامعة جنيف نظاما لاكتشاف مرض النوم عبر تحديد بروتينات خاصة في النخاع الشوكي تسمح باكتشاف مبكر للمرض.

وقد تمت في عام 2007، إضافة أبحاث عن الملاريا لبرنامج الهيئة تتمثل في اختبار دم المريض عبر وخزة في الأصبع. ولكن الأشغال ما زالت في طور اختبار الفعالية.

وتقود هيئة تطوير أساليب الاختبار الجديدة اكثر من 35 مشروع أبحاث في القطاعات التي لا تسترعي عادة اهتمام شركات صناعة الأدوية.

ومن الممولين الأساسيين للهيئة، الجمعية الخيرية لبيل ومليندا غيتس، والاتحاد الأوروبي، وحكومة هولندا، وهيئة اندري وسبيريان الخيرية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية