مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السعودية تواجه ضغوطا جديدة غداة مقتل 140 شخصا في قصف على صنعاء

عناصر من الهلال الاحمر اليمني يقومون باجلاء قتلى وجرحى الغارة التي اصابت مجلس عزاء في صنعاء، السبت 8 تشرين الاول/اكتوبر 2016 afp_tickers

واجهت السعودية الاحد ضغوطا جديدة على خلفية النزاع اليمني، غداة مقتل اكثر من 140 شخصا في قصف على صنعاء اعلن التحالف الذي تقوده فتح تحقيق فيه على رغم نفيه المسؤولية عنه، وذلك بعد اعلان واشنطن مراجعة تعاونها معه.

وواجه التحالف العربي الداعم للرئيس عبد ربه منصور هادي في مواجهة الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، انتقادات متزايدة من اطراف دوليين خلال الاشهر الماضية، جراء ارتفاع الكلفة البشرية للنزاع منذ بدء عملياته نهاية آذار/مارس 2015.

واعلن المتمردون الذين يسيطرون على صنعاء منذ ايلول/سبتمبر 2014، ان غارات السبت استهدفت “القاعة الكبرى” حيث كانت تقام مراسم عزاء بوالد وزير الداخلية الموالي للمتمردين جلال الرويشان، متحدثين عن “مجزرة” من ضحاياها امين صنعاء عبد القادر هلال.

وادى القصف الى مقتل اكثر من 140 شخصا واصابة 525 على الاقل، بحسب المنسق الانساني للأمم المتحدة في اليمن جايمي ماكغولدريك، في ما يعد واحدة من اكبر الحصائل المنفردة منذ بدء النزاع في البلاد.

واعتبر خبراء ان حمام الدم في صنعاء يقضي على آفاق التوصل الى وقف لاطلاق النار والتسوية السياسية.

وتظاهر الآلاف من انصار المتمردين الاحد في صنعاء هاتفين “الموت لال سعود”.

كما ادلى الرئيس اليمني الاسبق علي عبد الله صالح حليف الحوثيين بتصريحات نارية دعا فيها الى التعبئة العسكرية على الحدود مع السعودية.

وقال صالح في خطاب متلفز الاحد “آن الاوان وحانت ساعة الصفر ان ادعو كافة ابناء القوات المسلحة والامن واللجان الشعبية (…) الى جبهة القتال، الى الحدود، للاخذ بالثأر، للاخذ بثأر ضحايانا” الذين سقطوا جراء “المجازر المروعة، واكبر مجزرة هي الصالة الكبرى”.

ووصف صالح التحالف بـ “العدوان البربري الغاشم، عدوان آل سعود ومن تحالف معهم، عدوان المذهب الوهابي التكفيري”، داعيا “كل ابناء الوطن” الى مواجهته.

وكانت قيادة التحالف اعلنت في بيان السبت “سوف يتم إجراء تحقيق بشكل فوري من قيادة قوات التحالف وسيسعى فريق التحقيق للاستفادة من خبرات الجانب الأميركي والدروس المستفادة في مثل هذه التحقيقات”.

وتعهدت “تزويد فريق التحقيق بما لدى قوات التحالف من بيانات ومعلومات تتعلق بالعمليات العسكرية المنفذة في ذلك اليوم وفي منطقة الحادث والمناطق المحيطة بها، وستعلن النتائج فور انتهاء التحقيق”.

– تحقيق محايد ومراجعة اميركية –

ونددت بالغارات على صنعاء الامم المتحدة والصليب الاحمر وسوريا وايران وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

ودان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون القصف الاحد، مشيرا في بيان الى ان “التقارير الاولية” ترجح انه ناتج عن غارات للتحالف.

وشدد على ان “اي هجوم متعمد ضد المدنيين هو غير مقبول على الاطلاق”، داعيا الى “تحقيق سريع ومحايد في هذا الحادث”، ومؤكدا ان “المسؤولين عن هذا الهجوم يجب ان يمثلوا امام العدالة”.

من جهته قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الاميركي نيد برايسان “التعاون الأمني للولايات المتحدة مع السعودية ليس شيكا على بياض (…) وفي ضوء هذه الحادثة وغيرها من الحوادث الأخيرة، شرعنا في مراجعة فورية لدعمنا الذي سبق وانخفض بشكل كبير للتحالف الذي تقوده السعودية”.

وكانت القوات الاميركية اعلنت في آب/اغسطس انها خفضت بشكل كبير عدد مستشاريها الذين كانوا يقدمون دعما للتحالف، وذلك على خلفية تزايد الضحايا المدنيين خصوصا جراء الغارات الجوية.

ورأى خبراء ان القصف الدامي قد يزيد من تعقيدات الوضع اليمني.

وقالت المحللة في مجموعة الازمات الدولية ابريل آلي لفرانس برس “يبدو ان الهجوم ادى الى مقتل عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية الشمالية التي كانت تسعى الى تسوية سياسية”، مضيفة ان القصف سيشكل “منعطفا” في مسار النزاع “ويقضي بشكل شبه كامل على اي امل في وقف لاطلاق النار”.

وكان المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد، قال الجمعة انه يسعى للتوصل الى هدنة لمدة 72 ساعة، علما ان تجارب سابقة مماثلة غالبا ما انهارت بعد فترة وجيزة.

– المدنيون يدفعون الثمن –

كما دانت ايران التي يتهمها الغرب والسعودية بدعم المتمردين بالسلاح والتدريب، الغارات، معتبرة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي انها “جريمة مروعة ضد الانسانية”.

كما ندد المدير الاقليمي للجنة الدولية للصليب الاحمر روبير مارديني السبت بسقوط “الخسائر المشينة في الارواح المدنية”، مضيفا ان مدنيي اليمن “سبق لهم ان دفعوا ثمنا باهظا خلال الاشهر الـ 18 الماضية”.

كما نقلت وكالة “سانا” الرسمية السورية عن مصدر في وزارة الخارجية، ادانة سوريا “بأشد العبارات الاعتداء الاجرامي الذي اقترفته آلة القتل السعودية”.

وسجلت منذ بدء عمليات التحالف، سلسلة عمليات قصف طالت اهدافا مدنية، وادت الى مقتل المئات وتوجيه انتقادات متزايدة للرياض.

ففي ايلول/سبتمبر 2015، قتل 131 مدنيا على الاقل في غارة جوية استهدفت حفل زفاف في مدينة المخا الساحلية في غرب اليمن. ونفى التحالف حينها مسؤوليته عن الحادث. وفي آذار/مارس 2016، قتل 119 شخصا غالبيتهم من المدنيين، في قصف جوي استهدف سوقا في محافظة حجة (شمال) التي يسيطر عليها المتمردون.

وفي آب/اغسطس، اعلن التحالف فتح تحقيق في قصف جوي استهدف مستشفى تدعمه منظمة اطباء بلا حدود في محافظة حجة، ادى الى مقتل 19 شخصا على الاقل.

وفي مطلع الشهر نفسه، اقر فريق تحقيق شكله التحالف، بوجود “قصور” في حالتي قصف من ثمان قام بالتحقيق فيها بعد ادانة الامم المتحدة ومنظمات دولية سقوط مدنيين فيها.

وادى النزاع الى مقتل اكثر من 6700 شخص منذ آذار/مارس 2015، نصفهم على الاقل من المدنيين، بحسب حصيلة اعلنتها الامم المتحدة في وقت سابق من تشرين الاول/اكتوبر.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية