مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إسلاميو الأردن يشاركون في الانتخابات على نار الخلافات الداخلية

عشرات اللافتات الدعائية للمرشحين لنيل مقاعد في البرلمان الأردني في ساحة عامة في عمان يوم 1 نوفمبر 2007 Keystone

تخُـوض جماعة الإخوان المسلمين، التي تمثّل أكبر أحزاب المعارضة الأردنية، معركة الانتخابات النيابية التي تدور يوم 20 نوفمبر، في ظل خلافات داخلية شديدة غير مسبوقة، تُـلقي بظلالها على الحملة الانتخابية الحالية للحركة وعلى مستوى نشاط وحماس أبناء الحركة وأنصارها.

ومع أنّها ليست المرّة الأولى التي تعصِـف الخلافات الداخلية بالجماعة وتَـظهر إلى العلن من خلال التسريبات الإعلامية والعمل على استقطاب القواعد، إلاّ أنّها المرة الأولى، التي تحتل الأزمة موضعاً حيَـوياً داخل القيادة الإخوانية ذاتها، وتؤدّي إلى تضارب في التصريحات والمواقف في العديد من القضايا السياسية، وبخاصة العلاقة مع الحكومة.

بدت إرهاصات الأزمة بالظهور مع التسريبات الإعلامية التي تتحدّث عن أنّ ما يسمى بـ “تيار المعتدلين” داخل الحركة، قام بإقصاء تيار المتشددين وأنصاره من قائمة المرشحين التي بلغت (22) مرشحاً إخوانياً للوصول إلى مجلس النواب الذي يبلغ عدد مقاعدة (110) مقعداً.

برأي عدد من المراقبين والمتخصصين، أنّ عدد مرشحي الإخوان قليل، فهو أقل من الذي خاضت به الحركة الانتخابات النيابية الأخيرة، وبرأي بعض المراقبين أيضاً، فإنّ الإخوان حاولوا تقديم رسالة “تطمين” للمؤسسة الرسمية، أنّهم لا يسعون إلى “المغالبة” أو “الاستعصاء على الدولة”، كما دأبت على ترديده بعض وسائل الإعلام المقرّبة من الحكومة في الشهور الأخيرة، مشكِّـكة في نوايا الحركة الإسلامية، بهدف خلق قناعة لدى الرأي العام أنّ الحركة قد تغيّرت وتضاعفت رغباتها السياسية.

يؤكِّـد الرؤية السابقة عريب الرنتاوي، المحلِّـل السياسي ومدير مركز القدس للدراسات الإستراتيجية، في تصريحات خاصة لسويس انفو، بالقول: “قصة الصفقات ليست جديدة بين الإخوان والحكومة، ففي عام 2003 شاركوا في الانتخابات، بناء على صفقة معيّـنة أيضاً”، ويذهب الرنتاوي إلى أنّ مضمون الصفقة يقوم على تعهّـد الحكومة بإجراء انتخابات “نزيهة (بدرجة ما)”، في مقابل أن يتقدم الإخوان بعدد محدود من المرشحين، لا يزيد على النسبة الحالية في المجلس بهدف تأكيد أنهم يسعون إلى “المشاركة لا المغالبة”، وأن يستبعدوا الأسماء المثيرة للجدل من القائمة، ويرى الرنتاوي أنّ “الرسائل الإعلامية” المتبادلة إلى الآن، توحي أنّ الطرفين يلتزمان بمضمون الصفقة.

المفاجأة المُـلفتة، أنّ الاتهام بالتواطؤ مع الحكومة لم يقتصر فقط على إعلاميين وسياسيين، بل بدأت قيادات إخوانية “متشددة” بتسريب آراء ومواقف تشير إلى أنّ “القيادة المعتدلة” متآمرة مع الحكومة على “القيادة المتشددة”، وأنّ ما يحدث حالياً بمثابة “الصفقة” بين الطرفين، حيث استبعد “المعتدلون” من قائمة المرشحين كل الأسماء التي لا ترغب بها الحكومة، وفي مقدمتها أمين عام جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد.

غير أنّ الدكتور رحيل غرايبة، أحد أبرز قيادات تيار الوسط (المعتدل) رفض في تصريحات خاصة لسويس انفو) قصة الصفقة، مُـضيفاً أنّ “قيادة الجماعة مُـؤتمنة على أبنائها ولا تقوم بما يخِـل بهذه الأمانة..”، وأكّد رحيل أنّ “قائمة المرشحين تعكس خيارات قواعد الإخوان بنسبة تصل إلى 80%”.

أمّا استبعاد بعض الأسماء، فالسبب يعود إلى أنّ أغلبها قد جُرّب سابقاً في مجلس النواب، ولم يعكس مواقِـف الحركة الإسلامية وخِـطابها، بقدر ما أحرجها وأثار غموضاً حول مواقفها الإصلاحية. ونفى غرايبة أن يكون اسم بني ارشيد قد ورد أصلاً في الأسماء المقترحة، مؤكِّـداً أنّ هذه الإشاعات تعكس “خللاً ما داخل الجماعة، من أصحاب النفوس المريضة”، على حد تعبيره.

في المقابل، تجلّت الأزمة الإخوانية باعتكاف أمين عام جبهة العمل الإسلامي، زكي بني ارشيد، (وهو أحد أبرز الشخصيات الجدلية التي أثارت أزمات مع الحكومة في الآونة الأخيرة)، عن المشاركة بالجلسات الخاصة بالانتخابات النيابية، مُـبدياً عدم رضاه عن القائمة.

“الجرد السياسي” لبني ارشيد تحوّل إلى ظاهرة إعلامية وسياسية عندما تغيّب الأخير عن المؤتمر الصحافي للإعلان عن قائمة المرشحين، ما أكّد الخلافات والصراعات الداخلية.

ديناميكية الخلافات الداخلية

تموضع الخلاف داخل الإخوان خلال العقود السابقة بين تيارين، أطلِـق على الأول الصقور (قريب من المدرسة الأيديولوجية للمفكر الإسلامي الراحل سيد قطب) وعلى الثاني، تيار الحمائم (قريب من المدرسة الإسلامية البراغماتية).

غير أنّ كُـلاّ من تياري الصقور والحمائم ضعف خلال العشرية الأخيرة وظهر مكانهما تياران آخران على التوالي، الأول، أطلِـق عليه تيار الوسط، وهو تيار يدعو إلى التركيز على الشأن الوطني والاستقلال التنظيمي عن حركة حماس، أمّا التيار الثاني، فهو التيار المقرّب من حماس والذي بدأ بالبروز على إثر طرد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قادة حماس خارج الأردن في عام 1999، فبدأ التيار المقرّب من حماس يعبِّـر عن نفسه من خلال شِـعارات عديدة، في مقدِّمتها المطالبة بعودة قادة حماس إلى الأردن.

الإشارة ضرورية في هذا السياق، إلى أنّ الإخوان المسلمين في الأردن يتشكّـلون من “أردنيين من أصل أردني” و”أردنيين من أصل فلسطيني”، لذلك يتّـخذ السِّـجال الداخلي حول التركيز على الشأن الأردني أو الفلسطيني وطبيعة العلاقة مع المؤسسة الرسمية، أبعاداً ذات مدلولات مختلفة، وتكمُـن نقطة الخلاف الرئيسية بين تيار الوسط (تغليب الشأن الأردني) والتيار الرابع (تغليب الشأن الفلسطيني)، تبدو في الموقف من حركة حماس.

ففي الوقت الذي يُـصر الوسط على ضرورة صوغ أجندة الحركة وأولياتها السياسية، استناداً لاعتبارات داخلية ومحلية، فإنّ التيار المقرب من حماس يدفع باتجاه التماهي مع أجندة حماس وحساباتها الإقليمية، وهو ما خلق خلال المرحلة السابقة ارتباكاً واضحاً وأزمة كبيرة، بين الحكومة الأردنية والحركة الإسلامية.

تداعيات الأزمة وأبعادها

أحد أبرز تداعيات الأزمة ظهرت في التوتر والجدل داخل القواعد والانقسام في تأييد قائمة المرشحين ومدى الحماس للعمل والنشاط في الحملة الانتخابية، ويلاحظ الصحفي ماجد توبة وأحد أبرز المراقبين الإعلاميين لجماعة الإخوان في الأردن أنّ “الخلافات الداخلية ألقت بظلالٍ ثقيلة على حملة الإخوان وعلى مستوى النشاط والفعالية في العديد من الدوائر الانتخابية، بخاصة تلك الدوائر التي يسود فيها التيار “المتحفظ” على القائمة الحالية”، ويرى توبة أنّ هذه الحالة هي التي تفسِّـر مسارعة المراقب العام للإخوان، سالم الفلاحات إلى “المشاركة في الحملة الانتخابية للمرشحين الإسلاميين، في ظل غياب شخصيات قيادية شعبية عن الحملة”.

وانعكست التداعيات بصورة جلِـية على البرنامج الانتخابي للإخوان، الذي جاء خالياً من أية إضافة جديدة تُـسجّل للجماعة، بل احتوى خطاباً لا يتضمن أية قراءة واقعية مدروسة لمشكلات الاقتصاد الأردني التي تعاني منها غالبية الشعب، وأبرز البرنامج، أن الشأن الاقتصادي بمثابة “الثقب الأسود” في رؤية الإخوان، مقارنة ببرنامج العدالة والتنمية المغربي، الذي قدّم تصوّرات واقعية بلُـغة الأرقام والدراسة للمشكلات الاقتصادية المغاربية، رافعاً شعار “معاً نبني مغرب العدالة”، داعياً إلى “التزاوج بين نظامي التضامن والإنتاج”.

يعلّـق على الملاحظة السابقة بتصريح خاص لسويس انفو، المراقب العام للإخوان وأحد أبرز القيادات المعتدلة، عبد المجيد ذنيبات، بالقول: “هذا البرنامج يعكس المبادئ والثوابت لدى الحركة.. أمّا أنه سطحي ولا يعالج المشكلات معالجة معمقة ضمن آليات واضحة، فقد يبدو هذا صحيحاً لو أنّ الحزب هو الحزب الحاكم ولديه موازنة وأدوات تمكِّـنه من تنفيذ برنامجه”.

ويذهب إلى رؤية أكثر دفاعاً عن برنامج الحزب الكاتب الإسلامي ياسر الزعاترة، في صحيفة الدستور الأردنية، بعنوان “مقاومة الإسلاميين أهم من برامجهم” بالقول: “هناك من يمارس لعبة الاستدراج المتواصل مع الإسلاميين في الدول العربية عبر إشغالهم بحكاية البرامج والأسئلة المتوالية حول مواقفهم من هذه القضية أو تلك، في حال وصلوا إلى السلطة. يعلم أصحاب اللعبة المذكورة أنّ الإسلاميين لم يقتربوا حثيثاً من السلطة في ظل ديمقراطية الديكور القائمة، كما يعلمون أنهم لو جاؤوا ببرامج كتبتها الملائكة، لما وجدت فرصتها في التطبيق في الوقت الراهن، وحين نسمع مَـن يمدح برنامج حزب العدالة والتنمية المغربي، فسيكون بوسعنا أن نسأله عن مصير ذلك البرنامج”.

المعركة الداخلية القادمة

معركة الإخوان الحقيقية ستكون “بعد الانتخابات”، وستؤثِّـر مخرجات الانتخابات ونصيب الإخوان فيها على الحِـراك الداخلي التنظيمي.

يعلّق ماجد توبة على “المعركة الإخوانية” المنتظرة بالقول: “هنالك كُـمون حالي في الأزمة الداخلية للحفاظ على الحد الأدنى من صورة الجماعة، إعلامياً، ولتجنّـب التأثير السلبي بصورة كبيرة على نتائج الجماعة في الانتخابات”، ويضيف توبة: “لكن الحراك الداخلي سيتفجّـر مباشرة بعد الانتخابات، على خلفية الخلافات السابقة، وستطرح نتائج الانتخابات والقضايا المرتبطة بأسماء المرشحين على الطاولة بصورة أكثر حدّية”.

إذن، من الواضح أنّ جماعة الإخوان أمام معركتين قادمتين، الأولى، الانتخابات النيابية، التي يتوقَّـع المراقبون أنّ محصول الجماعة لن يقِـل فيها عن (12) مقعداً ولن يزيد على (17) مقعداً، (وهو السقف الأعلى في المجلس الحالي)، لكن المعركة الأهم والأخطر هي المعركة الداخلية، التي قد تفجّر أزمة داخلية تؤدّي إلى مخرجات شبيهة بعام 1997، عندما خرجت قيادات وشخصيات من القيادة العليا والوسطى، لكن على خلفية مقاطعة الانتخابات النيابية لا المشاركة فيها!

عمان – محمد أبو رمان

أكدت مصادر فنية في وزارة الداخلية أن وزير الداخلية عيد الفايز سيعلن قبيل الانتخابات عن إجراء آخر جديد على هوية الأحوال المدنية عند عملية الاقتراع وأن نظام الربط الإلكتروني الذي سيستخدم في الانتخابات “محمي” ولا “يمكن اختراقه بأي حال من الأحوال”، وأنه سيصار في عملية الاقتراع إلى التعامل مع نظامين إلكترونيين، أحدهما للتشغيل والآخر يُـستخدم كقاعدة بيانات، ونفت وجود أية مشاكل للربط الإلكتروني مع المدارس التي تحتوي على مراكز اقتراع، موضِّـحة أن “كل مركز اقتراع في المملكة زوّد بخط إنترنت سريع”، وأن “كافة مراكز الاقتراع ربطت على الشبكة الإلكترونية لوزارة التربية والتعليم، المربوطة على محطة هاشم1، والمتصلة بـ (سيرفر) رئيسي ووحيد في وزارة الداخلية.

وبيّـنت المصادر أن “أحد النظامين اللذين تم اعتمادهما، يعمل به لأول مرة في المملكة، بينما الآخر غير منتشر في المملكة على نطاق واسع”، وقالت إنه “تم إعداد فرق فنية على سوية عالية من المهنية والحرفية، ستكون جاهزة للتعامل مع أي طارئ أو خلل محتمَـل قد يحدُث أثناء عملية الاقتراع، وأكدت على أن اللجان الانتخابية المشكّـلة ستقوم بِـعدِّ أوراق الاقتراع يدويا ومطابقتها مع عدد المقترعين إلكترونيا.

بدأت وزارة الأشغال العامة والإسكان حملة إزالة اليافطات والبوسترات المتعلقة بالدعايات الانتخابية عن الإشارات المرورية، سواء التحذيرية أو الإرشادية على الطرق، مديريات الوزارة طالبت المرشحين عدم وضع أي دعايات انتخابية أو صور (بوسترات) على الإشارات الضوئية، الحملة ستستمر حتى موعد الانتخابات النيابية في 20 من الشهر الحالي و50 فرقة تفتيشية تعمل على مدار الساعة.

إعداد برنامج خاص حول التغطية الإعلامية للانتخابات النيابية في ورشتين، ويشارك فيهما عدد من الإعلاميين والصحفيين في الصحف اليومية والأسبوعية ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية ودائرة المطبوعات والنشر ومحطات الإذاعة والتلفزيون الخاصة ومديرية التوجيه المعنوي في القوات المسلحة والأمن العام والدفاع المدني، وتتناول ورشة عمل الإعلام المرئي والمسموع على مدى ثلاثة أيام موضوعات حول الإعلام المسؤول وتغطية الانتخابات وإدارة فريق العمل واستفتاءات الرأي العام وقراءة البرامج الانتخابية، إضافة إلى ندوات وبرامج حوارية إذاعية وتلفزيونية حول الانتخابات النيابية وتغطية الحملات الانتخابية في الإذاعة والتلفزيون.

وتتضمن ورشة عمل الصحافة المطبوعة موضوعات حول العناصر الأساسية للعملية الانتخابية والمعالجة التحليلية والصحافة المسؤولة وتغطية الانتخابات واستراتيجيات العملية الانتخابية والأساليب الفنية لمخاطبة الناخبين، فضلا عن تثقيف الناخبين وإبراز صوتهم ومعالجة الموضوعات المركبة واستخدام الإنترنت وكيفية إدارة فريق العمل الصحفي واستفتاءات الرأي العام وقراءة البرامج الانتخابية وعرض المواد الصحفية وإخراجها.

تقوم (إذاعة معان الجديدة: صوت الجنوب) بالمساهمة في مشهد الانتخابات النيابية من خلال تغطيتها الإعلامية للانتخابات النيابية بدعوة المواطنين في الدوائر الانتخابية المستهدفة للمشاركة في التصويت للانتخابات والوصول إلى صناديق الاقتراع وتعزيز الوعي لديهم بالقيمة الوطنية للانتخابات وتقديم معلومات يومية عن أحوال المشهد الانتخابي وتطوراته.

(المصدر: العدد 15 من نشرة المراقب الانتخابي، التي أصدرها “المرصد العربي لمراقبة الانتخابات”، مقره عمَّـان، يوم 7 نوفمبر 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية