مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إصلاح أم محاولة فرض رقابة؟

قلق من تأثير الاصلاحات على مستقبل جنيف الدولية Keystone Archive

يثير مشروع إعادة تنظيم قسم الإعلام بالأمم المتحدة قلقا في الأوساط الصحفية والدبلوماسية في جنيف، التي تخشى أن تكون الأهداف الحقيقية لتركيز النشاط الإعلامي الأممي بين نيويورك وبروكسل وسيلة لفرض الرقابة اكثر من البحث عن النجاعة.

يهدف مشروع الأمين العام إلى تجميع المراكز الإعلامية الأوربية في مركز واحد، يعتقد أن يكون في بروكسل، وهو ما قد يكون على حساب جنيف.

ماذا تخفي مشاريع إعادة الهيكلة التي يقترحها الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان فيما يتعلق بالإصلاحات المعروضة على مصادقة الجمعية العامة يوم 30 أكتوبر الجاري؟

سؤال تتداوله الأواسط الصحفية والدبلوماسية، وأوساط المنظمات غير الحكومية النشيطة في جنيف منذ الاطلاع على تقرير السيد كوفي انان الذي يحمل عنوان “تعزيز نظام الأمم المتحدة”.

ولئن كانت أطراف عديدة ترحب بأية “إصلاحات تهدف إلى تعزيز النظام الأممي”، لإيمانها بأن المنظمة في حاجة إلى إصلاح العديد من القطاعات فيها، فإن ما يدعو إلى الشك كون الإصلاحات تستهدف بعض القطاعات التي أثبتت نجاعتها، والتي بحكم الصدفة، توجد بعيدة عن المقر الرئيسي في نيويورك.

حقوق الإنسان: موضوع أصبح يزعج الكبار

إذافي كان النظام الأممي قطاع اثبت تشبثه بالمبادئ التي أنشئت من أجلها هذه المنظمة، فهو قطاع حقوق الإنسان الذي بفضل رئيسته السابقة الأيرلندية ماري روبنسن، واصل الدفاع عن المبادئ في وقت حاولت فيه باقي المؤسسات الأممية مسايرة التيار السائد او التزام الصمت.

لكن إصلاحات الأمين العام المقترحة، تنوي الحد من الاجتماعات الكثيرة، وتوحيد كمية التقارير الصادرة عن لجان حقوق الإنسان، ومحاولة وضعها في قالب موحد. وهذا ما ترى فيه العديد من المنظمات غير الحكومية العاملة في ميدان حقوق الإنسان، رغبة في التخلي باسم إعادة الهيكلة وعن المهمة الأساسية التي هي دعم حقوق الإنسان، والتشهير بالدول التي لا تحترم تلك المبادئ.

وما يثير الانتباه، كون هذه الفرملة تأتي في وقت أصبحت فيه دول كبرى تضجر من انتقاد محافل حقوق الإنسان لها بسبب انتهاكاتها المتكررة للمبادئ التي كانت بالأمس القريب تحاول فرضها كمعايير دولية.

هل الإعلام الموضوعي يزعج الأمم المتحدة؟

القطاع الثاني الذي تستهدفه إصلاحات الأمين العام، قطاع الإعلام. إذ يقترح السيد كوفي انان التخفيض من مراكز الإعلام الأممية في العالم التي تفوق السبعين مركزا، ثلاثة عشر منها في أوربا وحدها.

وما يقترحه في مرحلة أولية، هو جمع هذه المراكز الأوربية في مركز واحد به ما يكفي من الإطارات والإمكانات لتوفير خدمات إعلامية ناجعة. الحديث الدائر بشكل غير رسمي يشير إلى احتمال ان يكون هذا المركز الإعلامي الأممي الهام في بروكسل حيث يوجد مقر الاتحاد الأوربي ومقر منظمة حلف شمال الأطلسي.

ولئن لم يتطرق الأمين العام إلى الحديث المباشر عن مصير قسم الإعلام بالمركز الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف، فإن كثرة الحديث عن بروكسل يدفع إلى طرح عدة تساؤلات داخل الأوساط الصحفية والدبلوماسية عن حقيقة البحث عن النجاعة من وراء خطوة مماثلة.

فإن كان هناك مركز إعلامي يعنى بنشاطات المنظمات الأممية الأكثر قربا من المواطن لعلاقتها بما يؤثر في حياته اليومية من صحة وعمل وتجارة وحقوق الإنسان ومناخ وكوارث طبيعية وغيرها، فهو مركز جنيف.

وإذا كان هناك بحث عن النجاعة فقد يكون من الأفضل تعزيز مركز جنيف الذي يعمل به أكثر من 150 صحفيا يتابعون بشكل او بآخر ملفات الأمم المتحدة، بدل إثقال كاهل مراسلين في بروكسل لديهم ما يكفي من ملفات الاتحاد الأوربي وحلف شمال الأطلسي.

جنيف مستهدفة

ومهما يكن من أمر، فإن جنيف مستهدفة بهذه النوايا المعلنة والخفية. وهذا ما اعترف به السفير السويسري الجديد لدى المقر الأوربي للأمم المتحدة في جنيف أثناء لقاء مع الصحافة يوم الثلاثاء. فقد أعرب السيد جون مارك بولغاريس عن “نية سويسرا في التعبير عن رفضها الرسمي لهذه المخططات أثناء تدخلها يوم 3- أكتوبر في نيويورك أمام الجمعية العامة”. وهذا القلق يشاطره عدد من ممثلي الدول الأوربية الأخرى.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية