مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأعراف يطالبون بحماية الصناعة الوطنية

على الرغم من نجاح الدواء السويسري دوليا إلا أن الشركات المنتجة تريد حمايته من البديل المستورد لاسيما الذي يعتمد على الإبتكار والإختراع السويسري Keystone

استعرض اتحاد الشركات السويسرية الخطوط العريضة للتوجهات الاقتصادية في المرحلة الراهنة، وأكد في مؤتمر له على ضرورة سد الثغرات التي تهدد موارد الطاقة، والاستفادة القصوى من ايجابيات العولمة.

كما طالب ممثلو الشركات بضرورة حظر دخول الأدوية التي لم تؤد التزاماتها نحو حماية الملكية الفكرية وبراءة الإختراع إلى السوق السويسرية.

عرض اتحاد الشركات السويسرية في مؤتمره الصحافي السنوي الذي عقده في زيورخ يوم 25 أبريل الجاري اهتماماته للمرحلة المقبلة التي تمحورت حول ثلاث قضايا اعتبرها “هامة للغاية” تشمل حماية الصناعة الوطنية، والبحث في مستقبل الطاقة، وكيفية الاستفادة القصوى من مميزات العولمة.

ومع أن الشركات السويسرية تؤيد بشدة التمسك بالليبرالية الاقتصادية وتحرير الأسواق من كافة القيود التي تعرقل التصدير والعمل التجاري، إلا أنها تنظر بقلق إلى مشكلة حماية المنتجات الوطنية الهامة من البضائع المنافسة، التي تعتمد حسب رأي ممثلي أصحاب الشركات على عدم احترام حقوق الملكية الفكرية وانتهاك براءات الاختراعات، لاسيما في مجالات الأدوية والاليكترونيات.

وفيما اتهم اتحاد الشركات السويسرية الدوائر الاقتصادية الرسمية بالتقصير في التعامل مع هذا الملف بالجدية المناسبة، حذر من انعكاساته على التجارة الداخلية والقدرة التنافسية للمنتجات السويسرية محليا، واعتبرها أحد أسباب صعوبة تسويق المنتجات في داخل الكنفدرالية رغم نجاحها في الخارج.

أصحاب الشركات السويسرية حذروا أيضا من تأثير هذه المشكلة على قطاع الأدوية بشكل خاص، وطالبوا بأيجاد حلول عملية لأسعار الأدوية في سويسرا، التي يجب – حسب رأيهم – أن تنصف الإنتاج المحلي في مواجهة المستورد.

ويعتقد أولي فوشتر، رئيس اتحاد الشركات السويسرية، بضرورة وضع حد فاصل بين استيراد الأدوية التي يتم تصنيعها في الخارج وليس لها مرادف من ابتكار سويسري، وبين السماح بدخول الأدوية التي يمكن أن يكون تصنيعها مبنيا على دواء من ابتكار سويسري، وهي أصناف من الأدوية يطالب فوشتر صراحة بـ “وقف استيرادها وتداولها”، كما يرى ضرورة “تفعيل الآليات القانونية المناسبة للوقوف ضد هذه الظاهرة”.

دفاعا عن التجارة المحلية

تجدر الإشارة إلى أن المنافسة بين البضائع السويسرية ومثيلاتها المستوردة تعرف أوجها مختلفة، من بينها ما يرتبط بتطبيق ما يُعرف بـ “مبدأ ديجون” الذي يقضي بمعاملة الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي تحديدا بالمثل وهو ما يعني أنه إذا سمحت دولة أوروبية ما بدخول منتوج سويسري معين، فإن على سويسرا أن تقابل هذا بالسماح باستيراد نفس الصنف من نفس الدولة الأوروبية.

لكن أصحاب الشركات السويسرية يعتقدون أن تطبيق هذا المبدأ مليء بالثغرات ولا يمكن – حسب رأيهم – أن يكون قاعدة يتم الاعتماد عليها كأساس تجاري اقتصادي سليم في مبادلات السلع الاستهلاكية.

ويعني التركيز على هذه المسائل أن اتحاد الشركات السويسرية غير راض عن أوضاع التجارة الداخلية في السوق المحلية التي باتت مفتوحة بالكامل أمام عدد كبير من المنتجات الأجنبية المستوردة التي تنطبق عليها المواصفات السويسرية القياسية الدقيقة، وهو ما يعني برأي ممثلي أرباب الشركات أن النجاح الاقتصادي السويسري الحالي يعتمد على التصدير فقط، وفي قطاعات محددة أي أنه نجاح “لا ينعكس على أغلب القطاعات التصنيعية” في الكنفدرالية.

وفيما يصر اتحاد الشركات السويسرية على أن مطالبته بالدفاع عن الإنتاج الوطني والسوق المحلية ليست مخالفة لقواعد لعبة الليبرالية الاقتصادية التي يؤيدها بشدة، كشفت فعاليات مؤتمره الصحافي السنوي في زيورخ أن هناك من استشعر الآن بأن لهذا الانفتاح الاقتصادي أيضا جوانبه السلبية التي “يجب التعامل معها بآليات القانون المختلفة”.

الطاقة البديلة لا تناسب الإستخدام الصناعي

وينطلق اتحاد الشركات السويسرية من هذه الزاوية للدفاع عن مكانة البحث العلمي في سويسرا، وضرورة العمل على الحفاظ على تلك المكانة، التي يخرج منها كل جديد لخدمة التطبيقات الصناعية، وهو ما يجعل الصناعة السويسرية قادرة على التميز وعلى المنافسة.

وبما أن الطاقة تمثل أحد المحاور الهامة التي يعتمد عليها التصنيع والإنتاج عموما، فقد كان من المتوقع أن يتطرق المؤتمر إلى القضايا المتعلقة بها في ظل ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

فقد أوصى اتحاد الشركات السويسرية بضرورة الاعتماد على الطاقات البديلة، من أجل استكمال النقص الذي سيواجه سوق الطاقة السويسري مستقبلا، حيث يعتقد ممثلو القطاعات الاقتصادية السويسرية أن البدائل العملية والفعالة محدودة، ولذا يجب التركيز عليها واستثمارها بشكل كامل، مع التأكيد على الاستقلالية قدر المستطاع وعدم الاعتماد بشكل كامل على الاستيراد لا من دول الجوار، ولا من دول تقع في مناطق توتر وعدم استقرار.

وبشكل عملي (ربما غير معهود في هذا المجال)، قال رئيس اتحاد الشركات السويسرية بأن “التفكير في الاستثمار في الطاقة الشمسية أو الكهرباء المستخرجة من قوة الرياح قد لا يكون الحل العلمي الأمثل لاستخراج الطاقة الكهربائية اللازمة للتصنيع”، لذلك يعتقد أولي فوشتر بأن الإبقاء على المفاعل النووي السويسري الوحيد وتجديده “هو الحل الأمثل”، مع الحرص على “تنويع مصادر الحصول على النفط ومشتقاته، والبحث عن حل مثالي لمشكلة النفايات النووية”، حسب قوله.

لقد أكد أصحاب الشركات السويسرية من خلال هذه التظاهرة أنهم بدأوا يستشعرون بأن السوق الداخلية هامة أيضا ولابد من حمايتها، لكن إقدامهم على فتح ملف أسعار الأدوية ومطالبتهم الدوائر المسؤولة بحمايتهم من منتجات دول الجوار، يثير الجدل مرة أخرى حول ظاهرة ارتفاع الاسعار في سويسرا بصفة عامة، ومفهوم التنافس ومنع الإحتكار.

أما المشكلة التي كشفت عنها المناقشات التي دارت في المؤتمر فتتمثل في أن رجال الأعمال السويسريين متمسكون بالحصول على جميع المميزات متناسين أنه كما للعولمة ايجابيات (تحرص الصناعة السويسرية على الإستفادة القصوى منها)، فلها ايضا سلبيات لابد من التعامل معها.

والمؤكد أنه من الصعب في زمن الليبرالية الإقتصادية واقتصاد السوق وإلغاء الحواجز الجمركية وتطبيق قواعد منظمة التجارة العالمية أن يستمر التعامل من منطلق “حالة خاصة” التي تعود السويسريون على استعمالها مع دول الجوار في العشريات الماضية.

سويس انفو – تامر أبوالعينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية