مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التلاميذ الأجانب في المدارس السويسرية، هل يشكلون حقا مشكلة مؤرقة؟

نسبة التلاميذ الاجانب في المدارس السويسرية في تزايد مستمر Keystone

عندما يدور الحديث عن التعليم في المدارس السويسرية، يطفو على السطح أولا الحديث حول التلاميذ الأجانب و مدى تأثير تواجدهم بكثافة في بعض المدارس على مستوى التعليم بصفة عامة.

عندما يدور الحديث عن التعليم في المدارس السويسرية، يطفو أولا على السطح الحديث حول التلاميذ الأجانب و مدى تأثير تواجدهم بكثافة في بعض المدارس على مستوى الدراسة بصفة عامة.

بعض أولياء الأمور السويسريين لا يسعدون بوجود نسبة من التلاميذ الاجانب في المدارس و يرون أن ذلك يؤثر على مستوى التلاميذ السويسريين، نظرا لاختلاف المستوى الثقافي بينهم، و ضعف غالبية التلاميذ الاجانب في اللغة الالمانية او الفرنسية.

لكن وجود التلاميذ الاجانب واقع يفرض نفسه على الساحة التعليمية في سويسرا لوجود نسبة غير قليلة من الأجانب، و لهذا لا يمكن اغفال وجود التلاميذ الاجانب في المدارس السويسرية.

بعض رجال التعليم يجدون في وجود التلاميذ الاجانب اثراء للثقافة السويسرية، فالتلميذ السويسري يتعرف عن قرب على ثقافة مختلفة ويعرف العادات و التقاليد المختلفة، لكن البعض الآخر من خبراء التعليم يجدون في وجود عدد كبير من التلاميذ الاجانب عائقا امام المدرس الذي يجب عليه ان يبذل جهدا مضاعفا لتوصيل المادة العلمية إليهم بسبب ضعفهم في اللغة مما يؤثر على اداء المدرس مع بقية التلاميذ السويسريين.
في معظم الاحيان تتمكن ادارة المدرسة من توزيع التلاميذ الاجانب على الفصول الدراسية بنسب تكاد تكون غير مؤثرة، و تحاول بذلك أن تجعل الغالبية السويسرية هى المؤثرة على التلاميذ الأجانب، مما يسهل عليهم اكتساب اللغة و التأقلم مع النظام المدرسي السويسري.

ولكن ماذا تفعل ادارة المدرسة إذا كان التلاميذ الاجانب هم الغالبية في المدرسة و السويسريون في الاقلية ؟
في مدرسة “برونمات” الابتدائية في العاصمة برن بلغت نسبة التلاميذ الذين ينحدرون من أصل أجنبي، حتى و ان كانوا مجنسين، ثمانين بالمائة من اجمالي عدد التلاميذ، و هي أعلى نسبة للتلاميذ الاجانب في مدرسة سويسرية على الإطلاق.

لهذا السبب تقف إدارة المدرسة أمام تحد كبير: فهي من ناحية لا تستطيع رفض قبول التلاميذ الاجانب في فصولها، و من ناحية أخرى لا يمكنها زيادة نسبة التلاميذ السويسريين، لذا فإدارة المدرسة تقف امام هذا الواقع و تتعامل معه بمختلف الطرق في محاولة لاثبات أن هذا الخليط من التلاميذ من اربعة و اربعين دولة يمكن أن ينسجم و ان يتفاعل مع المجتمع الذي يعيش فيه.

السيدة “استر تساند” واحدة من مديرات المدرسة الثلاثة أكدت أن ارتفاع نسبة الأجانب في هذه المدرسة يرجع إلى الحي السكني الذي تقع فيه، فهو حي لا يقطنه الكثير من السويسريين وخاصة الذين لديهم أطفال، لأنه حي يفتقر إلى متنزهات للأطفال و أمكان اللعب و التسلية، كما أن العديد من وسائل المواصلات العامة و السريعة تمر في هذا الحي مما يجعل الكثيرون لا يحبذون السكن فيه، فتبقى نسبة كبيرة من الجانب هى التي تقبل على الحي.

أهم المشاكل التي تقابل إدارة المدرسة تكمن في اللغة، و تشكل عائقا كبيرا أمام الكثير من التلاميذ الأجانب. المعلمون يبذلون مجهودا إضافيا لشرح و توضيح الكلمات التي لا يفهمها التلميذ الأجنبي، و يضطرون في معظم الأحيان إلى إعادة الجملة اكثر من مرة، أو التحدث ببطء للتأكد من أنهم فهموا ماذا يقصده المعلم، و أحيانا يضطر المعلم لاستخدام ألفاظ و كلمات مبسطة و يتحاشى استخدام كلمات قد تكون عادية للتلميذ السويسري و لكنها في غالبية الحيان تكون صعبة الفهم للتلميذ الأجنبي.

و من المشاكل الرئيسية أيضا أن غالبية الأهالي لا يتقنون الحديث بالألمانية و معظمهم ليس لديه شهادات دراسية على الطلاق و بالتالي لا يمكنهم مساعدة الأبناء في البيت على الاستذكار او مراجعة دروسهم، إضافة إلى هذا فإن ثقافة المدرسة تختلف في سويسرا عن الكثير من البلدان الأخرى، فالتلميذ السويسري يعرف من أهله في البيت الكثير عن النظام المدرسي و الحياة المدرسية ، أما التلميذ الأجنبي فلا يستطيع أهله أفادته في هذا المجال.

التوتر بين التلاميذ موجود في كل المدارس ، و لكنه في مثل هذه المدرسة يكون مختلفا، فهناك حزازات بين بعض الجنسيات من التلاميذ، و بعضها يأخذ شكل العنف، أما مشاكل بسبب الجنس أو اللون فهي قليلة جدا، قد يعاني منها التلاميذ الأفارقة بسبب لون بشرتهم الداكنة، و لكنها تحمل أحيانا نوع من الدعابة أو الجهل بأن تلك التعليقات تؤذي شعور الآخرين، و إدارة المدرسة لا تتوانى في توضيح هذا الخطأ للتلاميذ و توعيتهم لعدم تكراره مرة أخرى.

أحيانا تُسمع بعض التعليقات ضد جنسية معينة من التلاميذ تتهمهم بعدم القدرة على الاستيعاب لانهم ليسوا اوروبيين مثلا، و لكن هنا يأتي دور المدرس الذي يصحح هذا الخطأ على الفور و يوضح الخطأ للتلاميذ في مثل هذه الكلمات أو التصرفات، و أحيانا تلجأ إلإدارة إلى معاقبة التلاميذ على مثل هذه الأقوال ليدركوا مدى الخطأ الذي وقعوا فيه.

تستفيد المدرسة من تنوع جنسيات التلاميذ في محاولة خلق نوع من التقارب الثقافي بينهم فنظمت حفلا كبيرا في نهاية العام الماضي حاولت فيه استعراض الثقافات المختلفة المتواجدة في المدرسة، من خلال عروض موسيقية و ثقافية و رقصات و اطعمة من بلدان مختلفة،

من الصعب أن تكون نسبة التلاميذ الأجانب إلى التلاميذ السويسريين متساوية في مدرسة واحدة، لان هذا سيشكل تحديا كبيرا للطرفين، و لن تخلو المدرسة من اتهامات بمحاولة استقطاب جهة على حساب أخرى، و لكن يمكن أن القول أن عشرة بالمائة تلاميذ أجانب يمكن أن تكون جيدة، وهذا يعتمد على الكثير من العوامل منها الجانب الاجتماعي و الثقافي للتلاميذ الأجانب.

المثقفون الأجانب الذين يتفهمون دور نقل الثقافة و التعامل معها يلعبون دورا في تقيلي الهوة بين المجتمعين، و هذا ممن الجانب السويسري ايضا الذي يتفهم الثقافات المختلفة و الجديدة عليه و الذي يتقبل الطرف الاخر بسهولة، و الفارق بين الجانبين قد يكون كبيرا جدا ، لذلك فنسبة الاجانب لا تشكل العامل الاساسي بقدر ما يلعب الفارق الثقافي و الاجتماعي دورا هاما في اندماج الاطفال الجانب في المدارس.

تامر ايوالعينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية