مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الجهاديون تركوا موقع نمرود الأثري أطلالا

جندي عراقي يمر امام ركام في موقع نمرود الاثري في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 afp_tickers

يقف علي البياتي فوق بقايا تمثال الثور المجنح العملاق الذي كان يحمي موقع نمرود الاثري القديم،بحسب الاسطورة، قبل ان يجتاح تنظيم الدولة الاسلامية المنطقة.

يقول المسؤول المحلي لوكالة فرانس برس الثلاثاء “عندما كنا نأتي إلى هنا في السابق، كنا نتخيل كيف كانت الحياة” في ذلك العصر، “لكن الآن لم يبق اي شيء”.

ويعتبر موقع نمرود التاريخي، درة الحضارة الآشورية التي تأسست في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وأحد أشهر المواقع الأثرية في العراق مهد الحضارات.

وكانت القوات العراقة أعلنت قبل يومين أنها استعادت السيطرة على نمرود الواقعة على بعد نحو 30 كلم جنوب لموصل، آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.

لكن التنظيم المتطرف اقدم، بعد سيطرته على المنطقة من ضمن الأراضي الشاسعة التي اجتاحها في العام 2014، على تجريف ما تبقى من الموقع الأثري كمكسب دعائي لعقيدته.

ونشر التنظيم الجهادي شريط فيديو العام الماضي، يظهر مقاتليه وهم يفجرون ما تبقى من القصر الشمالي الغربي الشهير، ويحطمون المنحوتات الحجرية في الموقع، مبررين ذلك بأنها اصنام مخالفة للشريعة الإسلامية.

لم يبق في نمرود شيء الا والحقت به اضرار.

فالتماثيل مرمية على الأرض، والقصر الذي أعيد بناؤه بات انقاضا، وبقايا الزقورة التي كانت أعمدتها يوما أعلى ما بني في العالم القديم بارتفاع نحو 50 مترا، خسرت جزءا من ارتفاعها.

يقول البياتي وهو يتفحص الموقع الذي يبعد 500 متر فقط عن قريته ويزوره للمرة الأولى منذ عامين إن “الموقع تم تدميره مئة في المئة”.

ويضيف أن “خسارة نمرود أكثر ألما بالنسبة لي من فقدان منزلي”.

وكانت منظمة يونيسكو دانت تدمير الموقع ضمن عمليات ممنهجة للجهاديين ضد المواقع الأثرية، معتبرة أنها ترقى إلى جريمة حرب.

-عبوات ناسفة-

وأقدم التنظيم الجهادي ايضا على تفجير ونهب بعض اثار مدينة تدمر السورية، كما دمر أجزاء من الموقع المدرج على لائحة التراث العالمي.

وطال التدمير أيضا مدينة الحضر التاريخية الواقعة في غرب العراق، وما تزال تحت سيطرة الجهاديين.

في نمرود، كان هجوم الجهاديين شرسا، لاعتبارهم أن تلك الآثار اصنام واوثان محرمة بموجب تفسيرهم المتطرف للإسلام.

لكن ذلك لم يمنعهم من نهب وبيع تلك الآثار، كمصدر لتمويل عملياتهم.

ويوضح البياتي الذي يقود فصيلا مسلحا من الحشد العشائري، وهي عشائر سنية مناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية، إنهم “يريدون أن يصنعوا صورة جديدة للعراق، خالية من كل شيء قبل داعش”.

ويضيف “اعتقدت أن (تنظيم الدولة الإسلامية) دمر هذا المكان لأنه أراد تدمير العراق. العراق الجديد والقديم على حد سواء”.

ونقل العديد من آثار نمرود من الموقع الى متاحف عدة بينها متحفا الموصل وبغداد، اضافة الى متاحف في باريس ولندن وغيرها. الا ان ابرز القطع لا سيما التماثيل الآشورية الضخمة للثيران المجنحة ذات الرأس البشري، والقطع الحجرية المنقوشة، بقيت في الموقع.

والآن يأتي دور الخبراء لإجراء تقييم شامل للأضرار التي خلفها تنظيم الدولة الإسلامية في الموقع.

لكن يبدو أن هذا الأمر سيستغرق وقتا قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى المكان، إذ أن الجهاديين الذين تسعى القوات العراقية إلى طردهم ما زالوا متواجدين على بعد كيلومترات عدة. كما أن أصوات الانفجارات المتقطعة ما زالت مسموعة.

وإضافة إلى ذلك، يحتاج الموقع إلى تطهير كامل من العبوات الناسفة التي وضعها الجهاديون.

ويقول الملازم وسام حمزة من الفريق الهندسي في الجيش العراقي وهو يسير بحذر في أرجاء الموقع “هناك الكثير من العبوات والكمائن المشتبه بها”.

وأضاف “لذا، نريد العثور عليها وتطهير المكان حتى يمكن القول إنه آمن”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية