مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الحذر قد يسبق القدر

نفق غوتهارد شريان يربط بين شمال اوروبا و جنوبها، وتأمينه له أهمية قصوى، تسهر عليها اطراف عدة swissinfo.ch

قام الجيش السويسري بأكبر مناورة غير عسكرية ليلة السادس والعشرين من أغسطس – آب للتدريب على التدخل السريع حال وقوع حادث في نفق "غوتهارد" للقطارات، وخاصة بعد تكرار بعض الحوادث في أنفاق أوروبية أخرى، آخرها في النمسا منذ عشرة أيام.

المناورة، التي حملت اسم “غرانيت” تفترض وقوع حادث انقلاب قطار بعد أربعة كيلومترات من بداية النفق الذ يبلغ طوله خمسة عشر مترا، وأن عدد المصابين ستين، ومن المفترض أن تتمكن وحدات الإنقاذ من التدخل السريع لاخراج الضحايا في أسرع وقت ممكن وبأقل إصابات من هذا النفق المظلم ووسط تلك الظروف العصيبة، التي تجعل لكل ثانية ثمنا باهظا في حياة الإنسان.

بعد أن وقع الحادث الافتراضي هرعت قوة من مائتي رجل من بينهم أطباء وفرق إسعاف في محاولة لاخراج المصابين الذين احكموا العمل ولونوا أنفسهم بلون الدم، ونقل “المصابون” إلى اقرب محطة قطار خارج النفق في قرية غوشينين، حيث تحول مقهاها الوحيد إلى نقطة إسعاف عاجلة.

إلى جانب هذا قامت وحدة الشرطة في كانوتن “أوري” التي يخترق النفق أراضيها بدورها في المناورة لتهدئة الجمهور الذي تدفق على المنطقة، بدافع حب الاستطلاع، وتأمين عمليات السير في المنطقة ومتابعة الموقف والتنسيق بين جهات الإنقاذ المختلفة.

ومن خلال سير المناورة، التي كانت أشبه بتصوير شريط سينمائي، تم اختبار أجهزة الإطفاء المتواجدة والمعدة لمثل هذه الحالات الطارئة، ومحاولة التأكد بأن عدد الأشخاص المخولين للعمل في مراقبة النفق يتمتعون بالقدرة الكافية للتدخل السريع في مثل هذه الحالات.

وهي أيضا فرصة لاختبار امكانية التنسيق بين وحدات الإنقاذ في الجيش وفي هيئة السكك الحديدية السويسرية إلى جانب وحدات الدفاع المدني و الشرطة في منطقة الحادث، ومن خلال مثل هذه المناورة التي تقام للمرة الأولى، يمكن الوقوف على أماكن الضعف والخلل، ومن ثم معالجتها قبل وقوع أية كارثة حقيقية.

النتائج و الحلول

خرج القائمون على المناورة بنتيجة مهمة، وهي أن عملية الإنقاذ تمت بشكل بطيء لا يتناسب مع حجم “الكارثة”، كما لوحظ أن من حاول الفرار والخروج من النفق جريا اعترض طريق وحدات الإسعاف التي هرعت لإنقاذ المصابين، مما احدث نوعا من التضارب بين الفريقين، كما أكدت المناورة ضرورة تعزيز مراكز مكافحة الحرائق والتدخل السريع لوحدات الانقاذ على طرفي النفق.

وهي نقاط سوف يعمل جهاز الوقاية بالتأكيد على معالجتها، وربما إعادة المناورة مرة أخرى، مع الإشارة بان الاستعداد لهذا التدريب استغرق عامين كاملين!

ثلاثمائة قطار يمرون يوميا عبر “غوتهارد” ويعتبر بذلك شريان الربط ليس فقط بين شمال سويسرا وجنوبها بل بين طرفي القارة الأوربية حيث ينقل مائة وستين ألف طن من البضائع على مدار الساعة، وعدم وقوع حوادث مرعبة داخل النفق في العقد الأخير على الأقل واستمرار عمليات الصيانة والمراقبة بشكل دوري، يطمأن الرأي العام الذي لازال يتذكر حادث نفق “مون بلان” Montblanc المأساوي ويرفض سكان القرى المحيطة بمكان الحادث في فرنسا إعادة افتتاحه مرة أخرى بعد ثلاث سنوات من الحادث.

وبصفة عامة فعندما يتعلق الأمر بالأمن فإن السويسريين يؤمنون بقوة بالمثل القائل “الحذر قد يسبق القدر”

تامر أبو العينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية