مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الدور السعودي.. تحركات لدرء الخطر

الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز يقلد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلى وسام مدني للمملكة في الرياض يوم 11 فبراير 2007 Keystone

من الاتصال مع إيران، ورسائل خاصة بلبنان يلعب فيها السفير السعودى فى بيروت دورا محوريا، إلى استضافة للفرقاء الفلسطينيين ينتهى باتفاق مكة، ومن قبل قبول عقد القمة العربية الدورية فى الرياض، وأخيرا زيارة لرئيس روسى حمل معه رغبة فى تعزيز موقع بلاده فى منطقة الخليج ومجالات النفط والغاز والبرامج النووية السلمية، كانت السعودية محورا لتفاعلات مهمة إقليميا ودوليا..

.. وأخيرا زيارة لرئيس روسى حمل معه رغبة فى تعزيز موقع بلاده فى منطقة الخليج ومجالات النفط والغاز والبرامج النووية السلمية، كانت السعودية محورا لتفاعلات مهمة إقليميا ودوليا.

من الاتصال مع إيران، ورسائل خاصة بلبنان يلعب فيها السفير السعودى فى بيروت دورا محوريا، إلى استضافة للفرقاء الفلسطينيين ينتهى باتفاق مكة، ومن قبل قبول عقد القمة العربية الدورية فى الرياض، وأخيرا زيارة لرئيس روسى حمل معه رغبة فى تعزيز موقع بلاده فى منطقة الخليج ومجالات النفط والغاز والبرامج النووية السلمية، كانت السعودية محورا لتفاعلات مهمة إقليميا ودوليا.

وفى كل القضايا ثمة رابط يجمع بينها وبين مصالح سعودية كبرى تعمل على ضمان حد أدنى من الاستقرار الإقليمي، وتوظيف مكانة المملكة بين عالم المسلمين ودورها فى الاقتصاد العالمى وعلاقاتها الخاصة مع القوى الأكبر فى اللحظة الجارية لتحقيق اختراقات كبرى فى الأزمات الإقليمية المختلفة، القابل كل منها للانفجار وتدمير ما حوله.

مسعى جديد قديم

المسعى السعودى ليس جديدا على أية حال، ولكن الجديد ذلك العمل فى اكثر من اتجاه واكثر من جبهة فى الآن نفسه، ربما لان القضايا نفسها باتت مترابطة على نحو لا يصلح معه التعامل المنفرد، كما أن المصالح السعودية نفسها أصبحت متشعبة تجمع ما بين الأمن والاقتصاد والسياسة والاستراتيجية، والاهم أنها تمتد إلى ما وراء الإقليم وتصل إلى أركان مختلفة من العالم المعاصر. والأكثر أهمية أنها تهدف فى المقام الأول إلى الحفاظ على الأمن الوطنى السعودى وإبعاد مصادر التهديد المختلفة والتفاهم على خطوط مقبولة مع الأطراف المعنية.

جزء من هذا المسعى السعودى فى صورته الجديدة يمكن فهمه بخصائص اللحظة الجارية إقليميا ودوليا، وجزء آخر يفهم فى تاريخ العربية السعودية نفسها. ففى هذا التاريخ محطات أزمة عديدة، بعضها وصل إلى حد الخطر الشديد، ولكنها تمكنت أن تخرج منها بأقل الأضرار الممكنة، كان ذلك فى زمن استقطاب دولى، بدت فيه الدول فى مواجهة بعضها بعضا، كان التهديد أو العدو واضحا، وكانت أساليب المواجهة واضحة بالتالى.

الوضع الراهن يختلف كثيرا عما سبق، فمعظم الأزمات والتهديدات نتيجة استقطاب حاد بين المجتمعات المتجاورة وغير المتجاورة، وفى بعض الحالات الاستقطاب والتنافر داخل المجتمع نفسه، وهو ما يمس بقوة وحدته وتماسكه فى زمن تتجه فيه استراتيجيات دولية عظمى إلى تفكيك المنطقة وإعادة بنائها بما يتوافق مع أهواء فوضوية عاصفة كجزء من استراتيجيات إمبراطورية ذات طابع كونى.

والصورة تتضح اكثر من خلال الإشارة إلى ما يجرى فى العراق وما أفرزه من توتر وعنف طائفى محلى عكس نفسه، وفقا لمفهوم النفاذية وانتشار التأثير، على المجتمعات المجاورة، خاصة التى تعيش فيها مجتمعات شيعية تتطلع بدورها إلى تحقيق مكاسب سياسية ويسودها شعور بالإقصاء أو بالغبن أو المظلومية التاريخية على نحو ما.

السعودية فى قلب خطط الفوضى

إدراكا من السعودية بأنها ليست بعيدة عن هذه الخطط، بل هى فى قلبها واحد المستهدفين من ورائها، كانت التحركات فى اكثر من اتجاه ومع اكثر من لاعب دولى وإقليمى، ليس فقط لدرء الأزمات والاحتواء المبكر لما قد يتفجر منها من شظايا وتأثيرات، بل أيضا حماية للذات المعرض بدوره لأكثر من استقطاب بين عدد من عناصره المذهبية والمناطقية، وذلك عبر المشاركة المباشرة فى إعادة ترتيب بعض الأوراق الإقليمية والدولية بما ينعكس إيجابا على المصالح السعودية الآنية والبعيدة معا. خاصة فى ضوء الإشارات المتكررة لمسئولين سعوديين حول الخلل الكبير الحادث فى النظام الامنى الخليجي بعد احتلال العراق.

هذه المقدمة ربما تساعد فى فهم ما قامت به السعودية فى الفترة الماضية من تحركات فى اتجاهات عدة شملت فلسطين ولبنان وإيران وروسيا، الثلاث الأوائل منها يمثلون ثلاثى الأزمات الضاغطة على المنطقة ومصيرها الكلى بما فى ذلك مصالح سعودية عريضة، والرابعة أى روسيا، كما بدا فى زيارة بوتين كأول زيارة لرئيس روسى للمملكة منذ 80 عاما، فتمثل أحد أبواب التغيير المحتملة فى المسارات الدولية المستقبلية، وأحد مفاتيح التأثير فى الواقع الإقليمي فى اللحظة الجارية، وذلك إن تجمعت شروط معينة معظمها قابل للتفعيل. ناهيك عن الاستمرار فى توثيق العلاقات مع الولايات رغم ما يعتريها من صعوبات وأزمات مكتومة بين الحين والآخر.

دور إقليمى وثقة بالنفس

وحين يكون هناك دور إقليمى أو دولى فإن الإدراك هنا والثقة بالنفس، إضافة إلى الوسائل والإمكانات تلعب التأثير الأكبر فى بلورة الدور وعلى أى نحو يكون. والمملكة الآن تبدو وقد استوعبت جيدا ـ شأنها شأن كثير من البلدان العربية وبلدان العالم الثالث ـ مخاطر الأحادية الدولية، وضرورة تنوع الأقطاب الدولية وعدم إغلاق الأبواب مع الفاعلين الإقليميين مهما كانت أوجه الاختلاف، والإصرار على قدر من الحيادية الإيجابية. فكلها شروط للتأثير والنتائج الإيجابية أو قريبة منها.

ففى لقاء مكة مثلا تجسدت شروط النجاح فى أربعة، الأول تقديم الحوافز السياسية والمعنوية و الاقتصادية، والثانى الحيادية فى الطرح، الثالث المساواة فى التعامل مع الفرقاء حيث لا تفرقة فى الوزن والمكانة بين فتح وحماس، وأخيرا البناء على جهود سابقة، وهى المصرية التى كان لها الفضل فى التوصل إلى نقاط اتفاق كثيرة أمنيا وسياسيا شكلت جزءا أساسيا من الاتفاق.

وفى الحالة اللبنانية تستمر الجهود معلنة وغير معلنة وفق عدة مسارات متكاملة، دعم علنى قوى للحكومة اللبنانية برئاسة السنيورة، ومساندة جهود الجامعة العربية كباب للانفتاح على سوريا والقوى اللبنانية المؤيدة لها، والتنسيق مع مصر ، وأخيرا التواصل المباشر مع إيران ـ والتى باتت لاعبا فى الشأن اللبنانى كما فى الشأن العراقى ـ بغية تهدئة الوضع اللبنانى والتوصل إلى قواسم تنهى الأزمة سلميا وتحافظ على ماء وجه كل القوى السياسية.

وفى العراق، يأتى تأييد الخطة الأمنية الأمريكية لكن فى الوقت نفسه التمسك بأن الامر يجب ألا يتعدى ضبط الواقع العراقى أمنيا، وتخفيض التأثيرات الاستخباراتية الإيرانية، ولكنه لا يصل إلى حد قبول حل عسكرى لأزمة البرنامج النووى الإيرانى كما يثور فى أذهان الأقطاب المحافظة فى الإدارة الأمريكية.

روسيا .. مصالح ثنائية وإقليمية

أما مع روسيا ، فإلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية، تعزيز أيضا للدور الذى يمكن أن تقوم به موسكو إقليميا، خاصة فى ضوء رغبتها وطموحها فى أن تكون جزءا من أية ترتيبات تخص الإقليم ككل، يساعدها فى ذلك جملة أوراق توفر لها مزايا نسبية، من قبيل تبنيها مواقف قريبة جدا من المواقف العربية فى الأزمة الفلسطينية، وهو ما يمكن استثماره فى اللجنة الرباعية لتؤيد اتفاق مكة وتبنى عليه، وعلاقات موسكو القوية مع إيران وبما يضمن ممارسة تأثير معين يتجسد فى اقتراحها بأن يكون تخصيب اليورانيوم المخصص للمفاعل الإيراني على الأراضي الروسية، وبما يسهم فى عودة الملف النووى الإيراني إلى طاولة المفاوضات ويحول دون مغامرة عسكرية ستكون كارثة كبرى على المنطقة وعلى المصالح السعودية فى المقدمة.

ثغرات بحاجة إلى ترميم

فى كل هذه القضايا والأزمات ثمة عناصر قوة للدبلوماسية و الدور السعودى، ولكن هناك أيضا عناصر ضعف ، أو لنقل ثغرات بحاجة إلى ترميم، فضلا عن جهود أخرى بحاجة لان تبذل وفق منطق طرق الحديد وهو ساخن. وهناك نقطتا ضعف مهمتان يبدو انه لا مفر من معالجتهما، الأولى أن خروج سوريا من عناصر الصورة يبدو غير منطقى، خاصة وان لديها تأثير يصعب التهوين منه سواء عبر تحالفها مع إيران، أو عبر قوى لبنانية تعتبر تأمين المصالح السورية فى لبنان جزءا من الأزمة والحل معا.

والثانية فتتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، صحيح يوجد الكثير من نقاط الاتفاق الكبرى كمساندة حكومة السنيورة لبنانيا ومحاصرة التأثيرات الإيرانية فى العراق وفى الإقليم، لكن الأمر لا يخلو من منغصات، تبدو فى تردد واشنطن فى تأييد اتفاق مكة ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني والجدية فى العودة إلى طاولة المفاوضات وتبنى أسس الحل العربى للتسوية التاريخية مع إسرائيل، وإبعاد شبح مواجهة عسكرية من أى مستوى مع إيران. ناهيك عن تحفظ أمريكا على التحركات الروسية فى المنطقة والتى تراها خصما من نفوذها ولو فى حدود دنيا.

وفى كل هذه القضايا يظل على الرياض أن تبذل جهدا إضافيا وكبيرا ومتواصلا. فبدون ذلك ربما تأتى بما لا تشتهى السفن.

د. حسن أبو طالب – القاهرة

الرياض (رويترز) – عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بشأن العراق والصراع الفلسطيني الاسرائيلي يوم الاحد في أول زيارة يقوم بها زعيم روسي للسعودية.

واستقبل العاهل السعودي الملك عبد الله بوتين استقبالا رسميا. وكان قد حث موسكو في تصريحات نشرت في وقت سابق يوم الاحد على حفز الجهود الرامية لاحياء عملية السلام العربية الاسرائيلية.

وقال الملك عبد الله في مقابلة أجرتها معه وكالة ايتار تاس الروسية للانباء قبل الزيارة ونشرت في السعودية “لا شك أن دور روسيا هام في ايجاد التسوية السلمية من خلال عضويتها في اللجنة الرباعية الدولية”.

واضاف “ولنا أن نتصور شكل العالم في ظل تحقيق تسوية عادلة وشاملة ودائمة لهذا النزاع.. وسوف نفاجأ بحجم المشكلات التي سوف تحل تلقائيا معه.. وبحجم الموارد الاقتصادية التي ستتوفر لنا لتحقيق التنمية البشرية..والسلام والوئام بين الشعوب”.

وقالت وسائل الاعلام السعودية ان موسكو تريد ايضا ان تبيع للرياض التي سجلت فائضا قياسيا في الميزانية بلغ 78 مليار دولار العام الماضي نتيجة ارتفاع اسعار النفط عتادا عسكريا يشمل دبابات وانظمة مضادة للصواريخ بالاضافة الى الفوز بعطاء لتوسيع السكك الحديدية السعودية.

وتمثل زيارة بوتين تزايد العلاقات بين البلدين بعد زيارة الملك عبد الله لموسكو عام 2003. واستأنفت الرياض علاقاتها مع موسكو في عام 1990 مع انتهاء العهد السوفيتي الشيوعي. واقامت الدولتان علاقات دبلوماسية بينهما لاول مرة في العشرينات.

وقالت وكالة الانباء السعودية انه بالاضافة الى تغطية حرب العراق والازمة الاسرائيلية الفلسطينية ناقش الزعيمان التعاون بين اكبر منتجين للنفط في العالم. وتنفي روسيا انها تخطط للانضمام الى “غاز اوبك” ولم تذكر الوكالة تفصيلات اخرى.

وتريد موسكو لعب دور دبلوماسي أكبر في مناطق الاضطرابات في الشرق الاوسط في ايران والعراق والصراع الاسرائيلي الفلسطيني. وسوف يزور بوتين أيضا قطر والاردن خلال جولته في الشرق الاوسط.

وقال العاهل السعودي قبل المحادثات “نأمل أن تسفر جهودها (اللجنة الرباعية) الحالية عن احياء عملية السلام والتركيز على القضايا الرئيسية في النزاع وحلها جذريا بعد أن أثبتت الحلول الجزئية عدم فاعليتها في تحقيق التقدم المأمول”.

وفي الاسبوع الماضي توسطت المملكة في التوصل الى اتفاق بين حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وحركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يحظى بدعم من الولايات المتحدة لانهاء أشهر من الاقتتال بين الفصيلين وافساح الطريق لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية.

وقال الملك عبد الله انه يأمل في أن تعزز الزيارة التعاون بين أكبر دولتين منتجتين للنفط في العالم في مجالات النفط والاستثمار والنقل الجوي. لكنه لم يكشف عن تفاصيل أخرى.

وهاجم بوتين الولايات المتحدة قبيل الزيارة قائلا ان واشنطن تجعل العالم مكانا أكثر خطورة بانتهاج سياسات تهدف الى جعلها “السيد الوحيد”.

وتزامنت تصريحاته مع خلافات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن الحرب في العراق والطموحات النووية لايران وكوريا الشمالية.

وتفضل روسيا تعاملا بناء مع ايران موضحة أن اتباع نهج متشدد فشل في منع كوريا الشمالية من تطوير أسلحة نووية.

كما تريد موسكو اجراء حوار مع ايران وسوريا للمساعدة في حل المشكلة الفلسطينية وتعتقد أن ما تراه محاولات أمريكية لفرض الدبلوماسية الغربية بالقوة ستبوء بالفشل مثلما حدث في العراق.

(المصدر: وكالة الأنباء رويترز بتاريخ 12 فبراير 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية