مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الرسالة وصلت

الموقف المغربي الرسمي من إضطرابات منطقة القبائل لم يُعبر عنه بوضوح swissinfo.ch

كان مستغربا بث القناة الأولى للتلفزيون المغربي أخبارا عن اضطرابات منطقة القبائل الجزائرية، فمنذ اندلاع الأزمة الجزائرية عام 1992، أي عند بدء المواجهات بين السلطة والجماعات الإسلامية المسلحة، والأعلام الرسمي المغربي يتجاهل تطورات العنف الجزائري.

كان الخبر الأول عن اضطرابات منطقة بجاية وتيزي اوزو في التلفزيون المغربي قبل شهر، وكان الخبر مأخوذا عن وكالة الأنباء الفرنسية مرفقا بصور للقناة الفرنسية الثانية. كان بث الخبر محل اهتمام وتعليقات. لكنه كان خبرا يتيما إلى أن عاد العنف القبائلي الأسبوع الماضي ، وكان الخبر يبث في التلفزيون المغربي للمرة الثانية.

والسلطات الرسمية المغربية، نظرا لحساسية العلاقات بين الرباط والجزائر، تعاطت مع الأزمات الجزائرية بكل اهتمام، دون أن تعلن ذلك، ودون أن تحدد موقفا، مع هذا الطرف أو ذاك.

الحلقة الأولى

تجاهل المغرب الرسمي ووسائل إعلامه للازمة الجزائرية، لم يحل دون اهتمام وسائل الإعلام الحزبية والمستقلة، وأحيانا القناة التلفزيونية الثانية ( دوزيم)، بتفاصيل الأزمة ومتابعة تطوراتها.

كانت الحلقة الأولى من الأزمة الجزائرية، المواجهة مع الجماعات الإسلامية المسلحة، اقل حرجا وقلقا للسلطات المغربية، رغم أنها تثير الاهتمام الشديد الغرب. التيارات الإسلامية المغربية لا تشكل خطرا على الدولة، وبعضها كان جزءا من المسار العام للحركة السياسية المغربية، والأطراف المتشددة منها لا تعلن عدائها للدولة ونظامها السياسي بقدر ما تسعى إلى الإصلاح.

كانت السلطات المغربية تشعر بالأمان، من الخطر الذي يصوره الغرب بأنه يهدد المنطقة، لذلك لم تكن مضطرة لمجاملة التيارات الأصولية المغربية بإعلان التعاضد مع التيارات الإسلامية الجزائرية، ولا مضطرة لمجاملة السلطات الجزائرية بتضييق الخناق على التيارات الإسلامية المغربية.

كانت السلطات الجزائرية تتهم حكومة الرباط بتسهيل أو غض النظر عن نشاط الجماعات المسلحة الجزائرية و أنصارها فوق التراب المغربي أو عبورهم وأسلحتهم الحدود باتجاه الجزائر. وكانت الرباط تنفي ذلك باستمرار.

الحلقة الثانية

في الحلقة الثانية من مسلسل الأزمة الجزائرية، حلقة المواجهات بين السلطة و دعاة القبائلية، كان الموقف المغربي غير واضح، إن كان رسميا أو ضمنيا. الصحف المغربية الحزبية والمستقلة تعاطت مع الاضطرابات وتطوراتها خبريا فقط وتحاشت التعليق، ليس من موقع ” عدم التدخل في الشأن الداخلي الجزائري” و إنما لإحراج داخلي تعرفه البلاد.

فالحركة الامازيغية المغربية، عرفت خلال السنوات الماضية نموا ملموسا لم يعد بإمكان السلطة أو النخبة السياسية والفكرية تجاهلها، ولازالت الأوساط المغربية تعيش نقاشا حول مسار هذه الحركة والميدان الذي يجب أن تنمو فيه.

الأحزاب المغربية، التي لا زال لها دورا هاما في صناعة الرأي العام المغربي، بدأت تولي المسألة الامازيغية اهتماما في اطروحاتها الفكرية والسياسية والأيديولوجية، وتشغل حيزا من مؤتمراتها وقراراتها، بعد أن كان هذا الاهتمام ، سياسيا، يقتصر على توجه لم يكن يحظى بتعاطف النخب الامازيغية ولا تقدير الفاعليات الحزبية، لان أصحاب هذا التوجه كانوا يتناولون المسألة من زاوية اثنية أو مناطقية ويركزون على التهميش الذي يلحق بمناطق الأمازيغ الذين يشكلون ستين بالمائة من الشعب المغربي.

ومنذ منتصف الثمانينات أخذت الحركة الامازيغية مسارا أخرا، وظهرت جمعيات تولي الجانب الثقافي اهتماما وان كان هذا الاهتمام قد بدأ ينتقل إلى الجانب السياسي تجسد بداية عام 2000 بالبيان الأمازيغي.

لذلك كان احتفال منطقة القبائل الجزائرية بالربيع الأمازيغي، يلقى صداه المغربي، وشهدت عدة مدن مغربية إحياء لهذه الذكرى ومع اندلاع الاضطرابات في تيزي اوزو وبجاية كانت الجمعيات الامازيغية المغربية تصدر بيانا يؤيد” أشقاءهم الجزائريين” وتتوجه للسفارة الجزائرية بالرباط لتقديم مذكرة احتجاج.

التحرك الأمازيغي المغربي لم يلق ارتياحا في الأوساط السياسية المغربية. فإذا كانت السلطات لم تتشدد تجاه البيان، فإنها أيضا لا تريد أن تفلت الأمور من يدها، وحين بث التلفزيون المغربي أخبار الاضطرابات الجزائرية، فإن السلطات كانت توجه رسالة للمغاربة، بأن التشدد في أي ميدان من الميادين لا يخلق إلا العنف و الخراب.

هذه الرسالة المرموزة، بلغت أيضا بوضوح للمعنيين بالمسألة الامازيغية، لذلك استكانت حركتهم، ولم يصدر عنهم جديد.


محمود معروف – الرباط

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية