مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السفر مع الكلمات

اليس من الغريب أن تكون أعمال أوريللي التي طبقت شهرتها الافاق غير معروفة في بلاده؟ Keystone

قد يكون الأمر مستغربا. لكن الشاعر والأديب المعروف، جورجيو أوريلليGiorgio Orelli ، الذي تم اختياره لتكريمه في أخر أيام سولوتورن الأدبية يكاد يكون غير معروف في سويسرا الألمانية... هذا رغم كونه سويسري الهوية والأصل.

المفارقة سرعان ما ستزول إذا ما عرفنا أن الشاعر والأديب السويسري جورجيو أوريللي يكتب أشعاره باللغة الإيطالية… إحدى اللغات الرسمية الأربع السويسرية. وإذا كانت أشعاره قد أدخلته تاريخ الشعر الإيطالي الحديث باعتباره أحد عمالقتها، فإن سويسرا الألمانية وإلى حد مماثل نظيرتها الفرنسية لا تعرفان سوى النذر القليل عنها.

و يكفي للدلالة على ذلك أنه في حال رغبة السويسري الناطق بالألمانية في العثور على ترجمة لأشعار أوريللي أو نثره فإنه لن يجد في المكتبة السويسرية الألمانية من كل أعماله سوى مجموعة شعرية يعود تاريخها إلي عام 1944.

ربما إذن لم يكن من قبيل المصادفة أن يتم اختيار السيد أوريللي كضيف شرف والاحتفاء بعيد ميلاده الثمانين في ليالي سولوتورن الأدبية التي تواصلت علي مدى ثلاثة أيام وتختتم فعالياتها الأدبية يوم الأحد الموافق الثامن والعشرين من شهر مايو الجاري. فالشيء المؤكد هو أن هناك حاجة ملحة لمد الجسور الثقافية بين لغات سويسرا المتعددة والتعريف برموزها في كافة أرجائها. وأي رمز ثقافي افضل من ساحر الكلمات أوريللي؟

التنفس بالأشعار

على خلاف نظرائه من شعراء وأدباء كانتون تتشينو السويسري، الناطق باللغة الإيطالية، لم يجد أوريللي صعوبة كبرى في ارتقاء سلم الشهرة. فليس سرا أن الكثيرين من السويسريين الناطقين باللغة الإيطالية عادة ما يواجهون العراقيل عند محاولتهم اختراق الحاجز الجغرافي والدخول إلى ساحة الأدب الإيطالي.

وعلى العكس من ذلك، ربما كان أكثر ما يميز هذا الشاعر ومنظم النثر المولود عام 1921، هو السهولة والسرعة التي خرجت فيها أشعاره وكلماته من حيز المجهول إلى دائرة الضوء. فالشهرة عرفت طريقها إلى أوريللي من خلال أدباء إيطاليين تبنوا موهبته ومهدوا له الدرب في أوله.

كان أول من أنتبه لموهبة أوريللي أستاذه والعالم اللغوي الإيطالي الشهير جيانفرانكو كونتيني Gianfranco Contini ، الذي بعد أن قرأ أشعار تلميذه أحالها إلى الإيطالي الذى حاز لاحقا على جائزة نوبل إيوجينو مونتاله Eugenio Montale. ومن بعدها أثمرت مساعيهما عن نشر أول مجموعة شعرية لأوريللي عام 1944 .. ولم يكن قد تجاوز الثالثة والعشرين من عمره آنذاك. فأشعاره، كما لاحظ الرجلان والكثير من النقاد من بعدهما، لا تحمل فقط بصمة خاصة به، بل الأهم، هي تعبر بصدق عن روح عصره وهموم مواطنيه، ومن هنا يكمن إبداعه.

رغم توالي أعمال أوريللي الشعرية والنثرية التي اكتسبت شهرة واسعة الآفاق وعلى مدى عقود ستة متواصلة، فإنه أعتمد في كسب رزقه، ككثير من الشعراء، على مهنته كأستاذ في الأدب. حيث دّرس في مدرسة ثانوية تجارية في بيلينزونا Billinzona ، وأكتسب شهرة إضافية باعتباره الرجل الذي تمكن من غرس حب الشعر والأدب في نفوس أجيال عديدة من الطلاب.

واليوم، وبعد تقاعده، وبلوغه الثمانين من العمر يوم الخامس والعشرين من شهر مايو الجاري، بدا من الواضح أن الوقت قد حان لكي تتعرف سويسرا الألمانية على أعمال أوريللي. فالرجل الذي قال مره، “إنني أسافر مع الكلمات”، لم يعد في المستطاع تجاهله اكثر من ذلك.


إلهام مانع

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية