مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المجتمع المدني العربي يتحسس طريقه

المجتمع المدني العربي مازال محشورا بين مطرقة الحكومات العربية وسندان الشارع العربي الغاضب Keystone

في الوقت الذي نجح فيه ممثلون عن المجتمع المدني الاوروبي في الوصول الى مكتب الرئيس عرفات المحاصر في رام الله وتحويل حوالي اربعين من نشطاءه الى ذروع بشرية تحمي مؤقتا الرئيس الفلسطيني لازال المجتمع المدني العربي يبحث عن صيغة تعايش مع النظام الرسمي العربي.

لأول مرة يلتقي عدد من الجمعيات الأهلية العربية بالتوازي مع اجتماع قمة عربية من اجل ممارسة الضغط وإبلاغ صوت المجتمع المدني إلى أصحاب القرار من حكام وحكومات.. حصل ذلك بمبادرة من “شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية” و”المعهد العربي لحقوق الإنسان” حيث عقدت بلبنان من الـ25 و26 من مارس آذار الجاري ندوة حول دور المنظمات العربية غير الحكومة في دعم الانتفاضة.

كما أن هذا المنتدى الذي ركز على القضية الفلسطينية مع تخصيص جلسة للعراق، يشكل محاولة في اتجاه استنهاض الجمعيات والمنظمات العربية ودفعها إلى التنسيق وتعبئة الطاقات وإيجاد الوسائل العملية لدعم الانتفاضة التي دخلت مرحلة دقيقة بعد أن خسر الفلسطينيون خمسين بالمائة من دخلهم القومي، وبلغت البطالة في صفوفهم حدود الخمسة وأربعين، وتحولت حياة الأفراد والمجتمع إلى أشبه بالجحيم.

ولقد حالت الظروف الاستثنائية التي أحاطت بانعقاد القمة دون تبليغ هذا المنتدى مذكرته أو بيانه الختامي إلى رئاسة القمة بشكل مباشر كما كان يأمل. لكن ذلك لم يقلل من رمزية التنسيق الذي يسعى أصحاب المنتدى إلى تطويره بين شبكة المنظمات غير الحكومية وبين جامعة الدول العربية.

في هذا السياق، حصل أول لقاء بين هيئة التنسيق لهذه الشبكة والسيد طاهر المصري رئيس الحكومة الأردنية السابق، وأحد مساعدي السيد عمرو موسى المكلف بإدارة مفوضية الجامعة الخاصة بالمجتمع المدني. وهي مُؤسسة جديدة أدرجت ضمن الهيكلية التي اقترحها الأمين العام في خطته التحديثية وحظيت بموافقة الحكومات العربية.

ويفترض أن تصبح هذه المفوضية أول بوابة تتح من قبل الجامعة العربية لادارة الحوار مع المنظمات غير الحكومية. فرغم الضعف الهيكلي الذي لا تزال تعاني منه المجتمعات المدنية العربية إلا أنها بحركيتها المتفاوتة من قطر لآخر قد أصبحت واقعا لا يمكن تجاهله في مرحلة تاريخية يجري الحديث فيها عن “المجتمع المدني العالمي.”

هل سيتمكن المنتدى من التأثير على السياسات الرسمية العربية؟

المشاركون في هذا المنتدى أكدوا على أن الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتفعيل المشاركة الشعبية في صنع القرار هي “الضمانة الأساسية لمواجهة التحديات الوطنية والإقليمية والدولية.” واعتبروا أن تداعيات أحداث ما بعد الحادي عشر من سبتمبر “أصبحت تهدد بشكل غير مسبوق المكاسب التي حققتها البشرية على الصعيدين الدولي والإنساني.”

ولانهم اعتقدوا بان حق العودة اصبح مستهدفا في هذه المرحلة، طالبوا بتأمين حقوق اللاجئين الفلسطينيين ودعوا إلى المقاطعة الشاملة لإسرائيل “طالما استمرت في احتلالها”. كما طالبوا الحكومات “بوقف الممارسات التي من شأنها محاصرة وقمع فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني.” وتبادل المشاركون المعطيات والخبرات المتعلقة بتجاربهم في تأطير الجماهير وتنظيم التظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني.

إن النجاح النسبي الذي حققته هذه الشبكة في تنظيم ندوتها شبه الموازية للقمة العربية دفع أصحابها إلى التفكير في إنشاء منتدى دائم ينعقد مع التئام كل قمة عربية ليطرح قضية من قضايا المجتمع المدني العربي، كما يحصل في اكثر من منطقة في العالم.

ومن بين الأسئلة التي قد يطرح في هذا السياق، هل سيكون لفعاليات هذا المنتدى وغيره من تأثير على السياسات الرسمية العربية؟ وهل ستتحمل الحكومات تشريك أو التحاور مع أطراف مستقلة تريد ممارسة قدر من أدنى من المحاسبة؟ وان تصعب الإجابة عن هذين السؤالين في المرحلة الحالية، فالواضح أن جامعة الدول العربية بأمانتها الحالية راغبة في أن تصبح أداة للحوار بين الطرفين، وهو ما يعني وجود مندوبة الجامعة العربية الهام شاهين المكلفة رسميا بكتابة تقرير عن هذه التظاهرة.

في المقابل، أبدت المنظمات المستقلة استعدادها لمساعدة عمرو موسى في ذلك، وبالتالي التخلي عن خطاب الإدانة المطلقة لمؤسسات الجامعة العربية واتهامها بالسلبية ومعاداة المجتمع المدني. ولعل قبول اقتراح ملك البحرين الخاص باحتضان المنامة لتجمع المنظمات الأهلية العربية سيشكل محطة تأسيسية لهذه العلاقة.

صلاح الدين الجورشي – بيروت

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية