مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المستوطنات تسمم العلاقات الأوروبية الإسرائيلية

يعتبر الاتحاد الأوروبي إستمرار إسرائيل فى بناء المستوطنات العقبة الاساسية في عملية السلام Keystone

لم تكن مصادفة أن يركز تقرير لجنة ميتشيل على قضية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويبدو أن تزامن اقتناع الإدارة الأمريكية بخطورة هذه المسألة مع التنديد الأوروبي الواضح بها قد يساعد على بلورة موقف غربي متشدد في صورة استمرار الانتفاضة بزخمها الحالي.

تمثل مشكلة توسيع المستوطنات اليهودية في الأراضي العربية المحتلة، في نظر الدوائر الأوروبية، أشد مصادر تغذية المواجهات اليومية ومحط الجهود الأميركية الأوروبية لأن استمرار الاستيطان يعني وأد المسيرة السلمية. و يعتقد مصدر رفيع المستوى في بروكسيل بأهمية مضاعفة الضغط الدولي على الدولة العبرية من أجل وقف الاستيطان “حيث يعلم رئيس الحكومة أرييل شارون بأن توسيع المستوطنات يمثل السبب الرئيسي للتوتر بين إسرائيل من ناحية و أطراف المجموعة الدولية من ناحية أخرى”.

و أوضح المصدر نفسه لإذاعة سويسرا العالمية بأن “اللجنة الدولية لتقصي الحقائق تعمدت وضع الإصبع على العلة الرئيسية للأزمة و تتمثل في زحف المستوطنات رغم أن ثلثها خال من كل ساكن”. و كانت اللجنة الدولية يترأسها السيناتور الأميركي جورج ميتشيل شددت في التقرير الذي سلمته، في نهاية الأسبوع الماضي، إلى كل من الجانبين الإسرائيلي و الفلسطيني على ضرورة وقف النشاط الاستيطاني كخطوة في اتجاه إنهاء المواجهات.

كما يرفض الاتحاد الأوروبي حجة “النمو الطبيعي للمستوطنات” الذي يروجه وزير الخارجية شمعون بيريز للتعتيم على قرارات داخلية ببناء وحدات سكنية جديده غير مبرره إذ أن سبعة و عشرين في المائة من المستوطنات من دون مستوطنين. و شدد الديبلوماسي الأوروبي بأن الجهود الأوروبية والأميركية تتركز حول ضرورة وقف الاستيطان كخطوة حاسمة لاستعادة الهدوء والبحث في آليات ملء الفراغ السياسي الفاصل بين الجانبين.

و بينما يوافق الرئيس ياسر عرفات على وقف القتال “في مقابل فتح آفاق سياسية” فان رئيس الوزراء أرييل شارون “يشترط وقف العنف من دون وعد استئناف المفاوضات من نقطة توقفها مع الفلسطينيين”. لذلك فان المبادرة المصرية الأردنية تبدو في الظرف الراهن أفضل ورقة يمكن للأطراف الدولية الاستناد إليها. و كان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بحثوا المبادرة المصرية الأردنية، في اجتماعاهم نهاية الأسبوع الماضي في السويد، و اعتبروها “افضل مشروع لوقف العنف المستمر في المنطقة”.

و كثيرا ما تنتقد الأوساط العربية محدودية الدور الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط و عدم مبادرة الاتحاد باتخاذ إجراءات زجرية ضد إسرائيل إلا أن البلدان العربية لا تبادر، في نظر الديبلوماسيين الأوروبيين، بتنسيق مواقفها مع الاتحاد بل كثيرا ما تسارع بتقديم أفكارها و مقترحاتها إلى الإدارة الأميركية من دون أدنى تنسيق مع الجانب الأوروبي. كما أن للولايات المتحدة منظورها الخاص لدور أوروبي مكمل للسياسات التي تقودها في المنطقة فيما تضع إسرائيل حدود دور الاتحاد داخل مهمة جبر الأضرار والدمار الذي تلحقه آلة الحرب العبرية بالمؤسسات و الاقتصاد الفلسطيني.

و تتردد على مدى الأشهر الأخيرة مسألة انتهاك إسرائيل لمبدأ قواعد المنشأ أي تصديرها لمنتجات المستوطنات اليهودية تحت علامات الصنع الإسرائيلي وهو أمر مناقض للقوانين الأوروبية في مجال التجارة الخارجية و يتجاوز حدود اتفاقية الشراكة التي وقعتها الدولة العبرية مع الاتحاد في 1995.

و تقر الاتفاقية حدود الدولة العبرية عند خطوط التقسيم الدولي في 1947 مثلما يرفض الاتحاد بانتظام الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات اليهودية القائمة في الأراضي العربية المحتلة منها القدس الشرقية. و بينما تتجه الأنظار واتهامات التقصير صوب المفوضية الأوروبية فان حقيقة القرار تقع في جانب حكومات الدول الأوروبية المعنية بمشكلة انتهاكات قواعد المنشأ لأن التحقيقات تجريها السلطات الجمركية لكل من هذه الدول. لذلك فان مسؤولية العقوبات التي يفترض تسليطها على الصادرات الإسرائيلية تعود بالدرجة الأولى إلى البلدان الأوروبية.

و من المقرر أن تعقد لجنة الشراكة الإسرائيلية ـ الأوروبية اجتماعا على مستوى الخبراء في 20 أيار مايو الجاري في بروكسيل لبحث نتائج تحقيقات الجمارك الأوروبية حول انتهاكات الدولة العبرية لقواعد المنشأ. إلا أن إسرائيل قد تتوصل إلى احتواء الموقف الأوروبي مثلما فعلت في السابق بالاعتراف أولا بوجود الانتهاكات و التأكيد ثانية بأن مشكلة المستوطنين وصادراتهم مرتبطة بمصير العملية التفاوضية برمتها.

نورالدين الرشيد/ بروكسيل

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية