مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انشغال في جنوب سويسرا بسبب.. نقص اليد العاملة

نقص اليد العاملة في التيتشينو لم يقتصر على القطاعات التكنولوجية بل شمل ايضا الزراعة والبناء والسياحة Keystone

قد تبدو الظاهرة مثيرة للتعجب، لكن كانتون تيتشينو في جنوب سويسرا يشهد منذ بضعة اشهر ندرة غير عادية في اليد العاملة المتخصصة والكوادر المؤهلة على حد السواء.

على الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي في العالم، لازالت المؤسسات والشركات العاملة في جنوب سويسرا تبحث بدون جدوىعن اليد العاملة بمختلف انواعها لسد النقص المتزايد فيها.

فمنذ عدة اشهر، توالت التحذيرات والنداءات الصادرة من ارباب العمل الذين نشروا في وسائل الاعلام وفي النشريات المتخصصة مئات الاعلانات المدفوعة، بحثا عن عمال او اخصائيين او كوادر تحتاج اليها مؤسساتهم على الفور.

لكن وعلى الرغم من التسهيلات المقدمة للراغبين في العمل في هذا الكانتون المتحدث بالايطالية لسكان المناطق الحدودية المجاورة، الا ان الاستجابة لهذه الطلبات لا تلبي الا جزءا قليلا من الاحتياجات.

فعلى سبيل المثال، لازال القطاع الزراعي يحتاج الى خمسة وعشرين في المائة من اليد العاملة الاضافية. اما الشغور في القطاع السياحي أي في الفنادق والمطاعم، فيقدر حاليا بخمس مائة موطن عمل لم يتقدم احد لشغلها.

القطاع الصحي هو الاخر لازال يعاني من نقص مزمن، على الرغم من ان المستشفيات والمصحات الخاصة اضطرت العام الماضي الى انتداب مائتين وثلاثين ممرضا من ايطاليا المجاورة.

ولا يختلف الوضع في قطاع الخدمات، حيث تتنازع المصارف والمؤسسات المالية وشركات التامين على انتداب اعداد محدودة جدا من المصرفيين والمستشارين وتقدم لهم اجورا خيالية لاقناعهم بالانضمام اليها.

اما الخبراء في مجال المعلوماتية والبرمجة والشبكات الاليكترونية، فقد تحولوا الى صيد ثمين يتنازع الجميع للحصول عليه في سوق بدت فجأة خالية منهم على الرغم من كل المغريات.

قد تبدو هذه الصورة عن سوق الشغل في التيتشينو، خيالية او مبالغا فيها للذين تابعوا تطور الوضع خلال التسعينات، حيث سجل الكانتون أسوء الارقام السويسرية في مجال البطالة. لكن الانتعاشة الاقتصادية التي شهدتها سويسرا في النصف الثاني من التسعينات، سمحت بالخروج من الازمة ووفرت الاف مواطن العمل لمن افتقدوها في الفترة السابقة، الا انها تواجه اليوم اشكالية جديدة.

ففي شهر مارس اذار الماضي، تراجعت نسبة البطالة الاجمالية في الكانتون الى اثنين فاصل سبعة بالمائة، الا ان عدد الاشخاص المسجلين في مكاتب الشغل لازال مرتفعا، حيث قدر بثلاثة الاف وثمان مائة وتسعة اشخاص لا يستجيب معظمهم لطلبات ارباب العمل العاجلة.

ويرى الخبراء في التيتشينو ان هذه النوعية من البطالة لا يمكن امتصاصها بالوسائل التقليدية، ذلك ان الذين لم يتمكنوا من الحصول على عمل في الظروف الحالية، يمثلون حالات ميئوس منها لاسباب عديدة، اهمها افتقادهم لخبرات مهنية محددة او انقطاعهم عن الشغل لفترات طويلة.

من جهة اخرى، يثير الوضع العام لسوق الشغل في جنوب سويسرا انشغال المؤسسات الاقتصادية، ليس فقط بسبب صعوبة العثور على المختصين والخبراء، بل لعدم توفر العمال العاديين في مجالات حيوية، مثل البناء والزراعة، في الوقت الذي انطلقت فيه مشاريع هيكلية ضخمة في المنطقة تحتاج الى يد عاملة كثيفة لا يدري المسؤولون اين سيعثرون عليها.

وفيما يقترح ارباب العمل تخفيف القيود على تشغيل اليد العاملة الاجنبية والايطالية منها بوجه خاص، يذكر العارفون بالاوضاع الاقتصادية الايطالية بان المؤسسات الاقتصادية في الشمال الايطالي تعاني من نفس المشكل، وهو ما ينذر باستفحال الازمة، في الوقت الذي يتواصل فيه الانتعاش الاقتصادي في سويسرا.


سويس اينفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية