مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بين حقوق المالك ومطالب المستأجر

لا يملك أكثر من 70% من السويسريين البيوت التي يعيشون فيها www.swissimmo.ch

يواصل البرلمان الفدرالي السويسري هذا العام الجدل حول بادرة شعبية تطالب بإصلاحات قانونية تضمن حماية أفضل لمُستأجري الشقق والمنازل

كما ينظر في مقترحات مضادة تقدمت بها الحكومة، حرصا على بعض التوازن بين العرض والطلب في الأسواق العقارية

يواصل البرلمان الفدرالي السويسري الجدل الذي شرع قبل أربع سنوات بهدف إعداد مسودة قانونية جديدة لإصلاح النظام العقاري، وتكون مقبولة وسارية المفعول في الكانتونات الستة والعشرين التي تتمتع بالاستقلالية في هذا المجال، إضافة لإرضاء المالكين والمستأجرين على حد سواء.

ويهدف الجدل في الواقع للخيار بين بادرة شعبية يسارية تدعو لما تصفه “بإيجارات نزيهة” وبين مقترحات مضادة لهذه المبادرة الشعبية تقدمت بها الحكومة الفدرالية كبديل أو كحل وسط بين ما تطالب به الأوساط الشعبية التي تعاني من ارتفاع الإيجارات وبين روابط وتنظيمات أو مجمّعات أصحاب الممتلكات العقارية التي تشكو من ضحالة المدخولات.

وعلى الرغم من خوض مجلس النواب في هذا الموضوع خلال الجلسات الصيفية النظامية العام الماضي، لم يتم التوصل حتى هذه الساعة، إلى أغلبية واضحة لصالح البادرة الشعبية أو لصالح المقترحات الحكومية، بسبب جسامة المصالح المتباعدة وضغوط الكتل البرلمانية المتنافسة، مما يزيد من معقدات هذا الموضوع.

فالبادرة الشعبية تطالب أساسا بأمرين اثنين وهما، توفير الحماية للمستأجر من المغالاة في رفع مستوى الإيجار بشكل متكرر ودون داع محدد، كترميم الشقق أو المنازل وإضافة تسهيلات تزيد فعلا من نوعية أو جودة الحياة فيها. كما تطالب بتوفير الحماية للمستأجر من عمليات الإكراه على مغادرة الشقة أو المنزل، دون مبرر محدد مرة أخرى.

تأييد مشروط

تحظى هذه المطالب مبدئيا بتأييد الحكومة الفدرالية التي ترى، على الرغم من ذلك، أن البادرة الشعبية تذهب بعيدا جدا في محاولات فرض سياسات معينة على أصحاب الممتلكات العقارية، بطريقة قد تكون رادعة عن الاستثمار في المجال العقاري وتخشى السلطات في مثل هذه الحالة أن تتقلـّص أسواق الشقق والمنازل نتيجة تحول الاستثمارات إلى قطاعات وميادين أكثر ربحا وفائدة.

فإذا أخذ المرء بعين الاعتبار أن نسبة المستأجرين في سويسرا تزيد على سبعين في المائة من مجموع السكان، يرى أن المقترحات الحكومية ترمي في الدرجة الأولى لضمان شيء من التوازن بين العرض والطلب في أسواق الممتلكات العقارية المخصصة للإيجار، مع الحفاظ على مستوى الإيجارات بطريقة تضمن “السقف” للجميع.

وهنا يتواجد لب المشكل المثير للجدل منذ سنوات عديدة في سويسرا، حيث ارتفع المعدّل العام للإيجارات بنسب تتراوح بين المائة والمائتين في المائة منذ أواسط التسعينات، على الرغم من خفض الفوائد العقارية مرارا عديدة منذ تلك الفترة.

“حرب” على الفوائد العقارية!

وتقول روابط المستأجرين وحماية المستهلكين والأحزاب اليسارية، إن أصحاب الممتلكات العقارية كانوا يسارعون كالمألوف لرفع الإيجارات بعد رفع الفوائد العقارية في الثمانينات حتى أواسط التسعينات ، لكنهم لم يسارعوا طوعا لخفض الإيجارات إلا في حالات نادرة جدا، بعد خفض الفوائد المتكرر منذ منتصف العقد الماضي.

وحسب الأطراف التي تقف وراء البادرة الشعبية، فقد أدت هذه الظاهرة لغلاء فاحش، يدفع بالكثير من المستأجرين للبحث عن شقق بإيجارات مقبولة في أحياء أو حتى في مدن وقرى بعيدة عن موقع عملهم، أو لمحاولة الحصول على سَكن أرخص في السوق السوداء وعن طريق العملاء والوسطاء.

وهنا تلاحظ الأوساط المقربة من الحكومة الفدرالية السويسرية أن هنالك حاجة لإصلاح النظام العقاري، لكن الإصلاح يجب أن يكون بهدف توفير الحماية للمستأجر دون التدخل المباشر في حقوق أصحاب الممتلكات العقارية، بطريقة تفرض عليهم طرح الشقق الفارغة للإيجار أو مستوى الإيجارات، لأن انعكاسات ذلك ستكون وخيمة على أسواق الشقق والمنازل في سويسرا.

جورج أنضوني

إن موضوع الإيجارات في بلد يعيش معظم سكانه في شقق ومنازل مستأجرة، يبقى من المواضيع الساخنة، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا أيضا. وتبعا لذلك، يبقى الشاغل الأساسي للحكومة، الحفاظ على شيء من التوازن بين العرض والطلب في السوق العقارية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية