مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تأهيل اليمن: شرط اقتصادي لعضوية سياسية

رئيس الوزراء اليمني عبد القادر باجمال (على اليمين) رفقة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني (وسط) ووزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي في اجتماع صنعاء المنعقد يوم 1 نوفمبر 2006 Keystone

انتهى اجتماع وزراء الخارجية وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في صنعاء مؤخرا، إلى التأكيد على دعم الخطط التنموية الرامية إلى تأهيل اليمن للانضمام إلى هذا التكتُّـل، الذي طالما صدّ بابه أمام الرغبة اليمنية في ولوجه منذ إنشائه.

وقد ظل الإلحاح اليمني على إيجاد موضع قدم له داخل نادي هذه البلدان، الشغل الشاغل للمسؤولين اليمنيين، خاصة مع تزايد الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية على صنعاء.

انتهى اجتماع وزراء الخارجية وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في صنعاء مؤخرا، إلى التأكيد على دعم الخطط التنموية الرامية إلى تأهيل اليمن للانضمام إلى هذا التكتُّـل، الذي طالما صدّ بابه أمام الرغبة اليمنية في ولوجه منذ إنشائه.

وقد ظل الإلحاح اليمني على إيجاد موضع قدم له داخل نادي هذه البلدان، الشغل الشاغل للمسؤولين اليمنيين، خاصة مع تزايد الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية على صنعاء، التي تتطلع إلى الارتقاء بأوضاع ساكنتها إلى مستوى يُـساعد على الاستقرار، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لهذا البلد الذي يواجه نموا سُـكانيا عاليا، مقابل تدنّـي الموارد والمصادر الاقتصادية المتاحة من جهة، وسوء تدبيرها وإدارتها من جهة أخرى

ورغم المحاولات اليمنية المتكررة في دخول اليمن إلى هذا التجمع الإقليمي، فإن الظروف ظلّـت تسير في اتجاه خلق الكثير من المصاعب وبواعث التأجيل، حتى أعلن في قمة مسقط عام 2001 قبول اليمن في بعض مؤسسات دول المجلس، إلا أن ذلك القبول الباهت لم يثن اليمنيين عن مواصلة إلحاحهم للانخراط الكامل ضمن دول التجمع، رغم مقاربة التأهيل من أجل الاندماج التي اشترطتها دول المجلس.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمد الأفندي، رئيس المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية لسويس انفو: “قضية انضمام اليمن إلى مجلس تعاون دول الخليج أصبحت من القضايا الأساسية التي يتطلع إليها اليمنيون، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وكانت العقبة التي تحُـول دون الانضمام الكامل، هو أن المستوى الاقتصادي ليس متقارب مع منظومة دول الخليج، والمطلوب هو تأهيل الاقتصاد اليمني حتى يستطيع أن يكون قادرا على المشاركة بفعالية، وبطبيعة الحال، مسألة التأهيل تتطلّـب تكلفة مالية لا يتوفّـر عليها اليمن، الذي بات يراهن على انضمامه لهذا التكتل، وقد وضع ضمن مخططه التنموي الخماسي الثالث (2000- 2006)، قضية تأهيله كركيزة من ركائز ذلك المخطط الذي تشارك فيه مؤسسات دولية”.

تردد خليجي

ويسود اعتقاد لدى العديد من الأوساط اليمنية، أن بلدان الخليج متردّدة في عملية التأهيل، وأن هذا المدخل الذي اشترطته دول مجلس التعاون لتمكين صنعاء من الانخراط فيه، ليس سوى مدخلا معقّـدا قد يُـطيل عملية انضمام اليمن. وتراهن صنعاء هذه المرة على الحضور القوي للمؤسسات التنموية والمالية الدولية، كالبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والبنك والصندوق الدوليين، ودول أجنبية التي أبدت موافقتها على المساهمة في دعم التنمية المستدامة، التي تسعى اليمن إلى بلوغها في أفق العشرية القادمة.

وحول هذا الحضور في عملية تأهيل اليمن يرى الأفندي: أن مسألة التأهيل، إذا ما سارت وفق منظور المؤسسات الإقليمية والدولية التي رتبت لعقد مؤتمر للمانحين الداعمين لليمن، المقرر عقده في لندن منتصف الشهر الجاري، فإن ذلك من شأنه أن يُـعطي دول الخليج الاطمئنان بأنها عندما تساهم عبر دراسات وخطط واقعية تحظى برضا هذه المؤسسات، لأن دورها أصبح مطلوبا في أي تعاون إقليمي أو دولي، وفي نفس الوقت، تراقب مدى استخدام هذه الموارد استخداما صحيحا لأن لديها وسائل المراقبة والمتابعة بحكم وظيفتها القائمة.

وعلى الرغم من الخطوات المتسارعة التي تصب في جهود بلدان التعاون الخليجي من أجل تأهيل الاقتصاد اليمني، إلا أن ثمة تفسيرات متباينة لهذه المقاربة الرامية للإرتقاء الإمكانات اليمنية المطلوبة خليجيا.

فهناك من يرى أن مدخل التأهيل الاقتصادي لليمن ليس منطقا معقولا، بحكم أن تكتل دول الخليج ليس باتحاد اقتصادي ومالي ونقدي، وإنما هو عبارة عن تجمّـع سياسي، وبالتالي، فإن التشديد على التأهيل الاقتصادي حتى الآن، من قبل دول الخليج، لا يعدو سوى شرطا تعجيزيا، الغاية منه إبقاء اليمن بعيدا عن هذا التجمع السياسي، نظرا لاختلاف نظامه السياسي اختلافا جوهريا عن أنظمة بقية بلدان المجلس، كما أن المفهوم الجغرافي يستبعد اليمن ويعتبره من دول الجزيرة العربية، التي لا تطل على الخليج، وهو ما يحرص مسؤولون على التذكير به مرارا، وآخرها كانت تصريحات رؤوساء الوفود المشاركة في اجتماع صنعاء، الذين كثيرا ما ردّدوا تلك الصفة في غير مناسبة.

تحدي واحتمالات

مقابل هذا الرأي، الذي يشكك بنوايا إدماج اليمن، ثمة من يرى أن العالم عامة، والخليج منه على وجه الخصوص، قد عرفت تحوّلات ومتغيرات تصبّ في صالح انضمام اليمن إلى دول المجلس، حيث عمل الاحتلال الأمريكي للعراق وتطور الملف الإيراني وتنامي حركات العنف والمقاومة في المنطقة، على إعطاء أولوية كبيرة للمسألة الأمنية وأصبحت المقاربة الأمنية تفرض نفسها بقوة على أصحاب المصالح الحيوية، وعلى مسؤولي حكومات المنطقة خاصة، مع تزايد حركات التطرف والعنف ورفع شعار مكافحة الإرهاب، وحتى أحاديث المسؤولين الخليجيين لم تأت بعيدة عن التطورات التي تعصف بالمنطقة.

وكثيرا ما أصبح يحتل البُـعد الأمني أهمية لافتة للانتباه، لاسيما على ضوء ما يجري في العراق وإيران من تداعيات رفعت من وتيرة الهاجس الأمني لدى بلدان المنطقة والولايات المتحدة، التي باتت أحد أهم الفاعلين في حشد الدعم للتنمية البشرية.

وطبقا لهذا الرأي، فإن كل تلك التفاعلات تُـوجب التعاطي مع مسألة انضمام اليمن إلى هذا التجمع، من شأنه أن يدعم الاستقرار في المنطقة ويساهم في أمن دولها بشكل فعال، نتيجة لما تتوفر عليه من إمكانات بشرية وجيو سياسية وإستراتيجية، وأن استثمار مثل تلك المزايا لن تكون حسب هذا التفسير إلا عبر مدخل اقتصادي سياسي وأمني، وهو ما ألمح إليه رئيس الحكومة صراحة، عندما قال في كلمة افتتاح الاجتماع الأربعاء 1 نوفمبر الجاري: إن التحدي الذي يواجه بلاده “يتمثل في المواءمة والتوازن بين تحقيق مستوى متقدم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبين تكثيف الجهود لمكافحة التطرف والإرهاب وتعزيز مقوّمات الاستقرار والنمو الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة”.

ويحتاج اليمن لتحسين مستوى مؤشرات التنمية البشرية فيه، غلافا ماليا يبلغ 48 مليار دولار يغطّـي الفترة الممتدة من عام 2006 وحتى 2015، توفر منها الحكومة اليمنية 64%، فيما تتولّـى بلدان الخليج والدول المانحة الأخرى توفير 17 مليار دولار، وهي الفترة التي يُـمكن خلالها تأهيل اليمن كي ترقى إلى مستوى التنمية البشرية في بلدان الخليج.

من الواضح أنه مع كل ما تبذل من جهود لتمكين اليمن من الانضمام إلى دول مجلس التعاون، فثمة من يرى أن مقاربة التأهيل تبقى لها محاذير قد لا تفضي إلى تحقيق التطلعات اليمنية في الأفق الزمني المقترح، الذي أعدته الحكومة اليمنية، منها أن اليمن لن يبلغ المستويات الحالية لمؤشرات التنمية البشرية في بلدان مجلس التعاون، حتى تكون قد تبدلت المعطيات والمؤشرات الحالية في تلك البلدان بمؤشرات جديدة أكثر تطورا، مما قد يستدعي الدخول في مرحلة تأهيل جديدة، ولهذا، فإن التشديد على ضرورة إيجاد سقف زمني معلوم لانخراط اليمن في هذا التكتل، كما جاء على لسان وزير الخارجية القطري خلال اجتماع صنعاء، ربما هو الضمانة الأساسية لتقريب الأفق المنظور للإدماج، الذي مازال حتى الآن مجرد دعوة تتراوح ما بين الفتور والحماس، تبعا لما يعتمل في هذه المنطقة الإقليمية من تفاعلات وتطورات، لا أحد يعلم وجهتا ولا مستقرها، مما يفتح مصير وضعية اليمن في هذا الإطار الإقليمي على كل الاحتمالات الممكنة، رغم خضوعه لمقاربات التأهيل التي تبدو مجرد شروط اقتصادية للانضمام لتكتل سياسي، ولعل تلك هي المفارقة التي تجعل المسألة مفتوحة على كل الاحتمالات الممكنة.

عبدالكريم سلام – صنعاء

وفقا لاستطلاع أجرته وزارة شؤون المغتربين اليمنية عام 1998 عن عدد الجاليات اليمنية العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي:

السعودية: نحو 700 ألف شخص
الإمارات العربية المتحدة: نحو 50 ألف شخص
قطر: نحو 10 آلاف شخص
البحرين: نحو 5 آلاف شخص
الكويت: نحو 3 آلاف شخص
سلطنة عُـمـان: العدد غير معروف

* إدارة حديثة تخدم المواطن وتعزز دولة المؤسسات.
* إدارة اقتصادية حديثة تضمن مستوى معيشي أفضل.
* الحد من البطالة ومكافحة الفقر وتوسيع شبكة الأمان الإجتماعي.
* بنية أساسية متطورة لإقتصاد وطني متين.
* مكافحة الفساد خيار ثابت ومسار لا يتوقف.
* بيئة استثمارية جاذبة.
* أرضية ملائمة لبناء معرفي وتعليم نوعي جيد.
* تغطية صحية أفضل وجودة أرفع للخدمة الصحية.
* طفولة سعيدة وشباب قادر على المساهمة في مسار التنمية.
* مشاركة أوسع وتمكين أكبر للمرأة في كافة الميادين.
* المغتربون جسر حضاري وسند للتنمية.
* الحفاظ على قيم المجتمع الدينية وتنمية المقومات الثقافية والوطنية.
* مواطن حر وسعيد ووطن ديمقراطي مستقر.
* تعزيز القدرة الدفاعية والأمنية للوطن من أجل ترسيخ الأمن والإستقرار.
* نحو تعاون وشراكة أوسع مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
* تعزيز الدور القومي والإقليمي والمكانة الدولية لليمن.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية