مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تجاوزات في مكافحة الإرهاب: المقرر الخاص ينتقد .. والحكومات تبرر

بعض المتهمين بالانتماء الى مجموعة أصولية إرهابية يغادرون قاعة محكمة سلا القريبة من العاصمة المغربية الرباط في 23 مارس 2007 Keystone

استمع مجلس حقوق الإنسان في دورته الرابعة إلى تقرير مارتين شاينين، المقرر الخاص، المكلف بالترويج لحماية حقوق الإنسان أثناء عمليات محاربة الإرهاب، الذي انتقد الإستهداف لفئة معينة على أساس عرقي.

التقرير الذي شمل عددا من الدول، من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل وسبع دول عربية، وجه انتقادات لمفهوم تعريف الإرهاب ولحالات خاصة تم فيها اعتقال او اختطاف مواطنين بتهمة الإرهاب.

صباح الثلاثاء 27 مارس 2007، عرض المقرر الأممي الخاص المكلف بحماية حقوق الإنسان أثناء عمليات محاربة الإرهاب، الفنلندي مارتين شاينين تقريره أمام الدورة الرابعة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، ثم أعقبته مناقشات بين المقرر وممثلي البلدان الأعضاء.

التقرير المكون من 43 صفحة تطرق لوضع حقوق الإنسان في ظل محاربة الإرهاب في 27 دولة من بينها سبع دول عربية، وشمل المراسلات التي جرت بين المقرر الخاص والدول المعنية منذ بداية عام 2006 حتى 31 يناير 2007.

أغلب الإنتقادات الواردة في التقرير، تتعلق بعدم مطابقة مفهوم تعريف الإرهاب المتضمن في قوانين مكافحة الإرهاب التي اعتمدتها تلك الدول، مع ما تنص عليه المعايير والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان. أما مختلف المداخلات فانتقدت عملية الإستهداف التي تمس فئة عرقية أو دينية محددة في إشارة الى العرب أو المسلمين

من جهة أخرى، اشتمل التقرير أيضا على حالات خاصة تعرّض فيها أشخاص، إما للإعتقال أو الحبس او الاختطاف، بذريعة محاربة الإرهاب، ومن ضمنهم عدد كبير من الرعايا العرب او المسلمين.

الجزائر

في موضوع الجزائر، انتقد المقرر الخاص مارتين شاينين المرسوم 92-03 المتعلق بمحاربة الدعاية الهدامة والإرهاب، الذي أدخل جزء هام منه في إطار المادة 87 من قانون العقوبات الجزائري، كما انتقد بعض بنود ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والوثيقة التي تنص على تطبيقها.

الانتقاد يتعلق بالسماح بمفهوم واسع للإرهاب وبإقرار فترة إيقاف على ذمة التحقيق في قضايا الإرهاب، قد تمتد الى 12 يوما وبتمديد فترة الحبس المؤقت حتى خمس مرات، وهو ما ردت عليه السلطات الجزائرية بتقديم شرح مفصل عن مفهوم الإرهاب، وبتوضيح أن مدة الحبس على ذمة التحقيق تمليها ظروف التحقيق في قضايا الإرهاب، اما فيما يتعلق بانتقاد وثيقة السلم والمصالحة الوطنية، فتمثل الرد الرسمي الجزائري في أن هذه الوثيقة “قبلها الشعب الجزائري في استفتاء شعبي بنسبة 97%”.

كما أثار المقرر الخاص مع السلطات الجزائرية موضوع المواطنين الجزائريين “ف” و “إ” اللذان تم اعتقالهما من قبل السلطات البريطانية بتهمة الإرهاب، بناءً على معلومات استخباراتية لم يفصح عنها لا للمتهمين ولا لمحاميهما، واللذان تم اعتقالهما في الجزائر بعد طردهما من بريطانيا وبعد تقديم الجزائر لتأكيدات بعدم تعريضهما للحبس من جديد.

لكن السلطات الجزائرية أطلعت المقرر الخاص في 10 يوليو 2006 بأن الشخصيين المعنيين تم إطلاق سراحهما وعادا الى عائلتيهما.

بين الأردن واليمن

فيما يتعلق بالحالة الأردنية، أشار المقرر الخاص الى أن مفهوم الإرهاب في قانون العقوبات الأردني يعاني من غياب شرطين هامين هما: عدم وجود دوافع سياسية أو إيديولوجية، وتسمية بعض الأعمال بالإرهابية، حتى وإن لم تكن تهدف لإسقاط ضحايا.

وقد عبر المقرر الخاص عن الأسف لموافقة البرلمان الأردني على مشروع القانون في 29 أغسطس 2006 في الوقت الذي عبرت فيه العديد من منظمات المجتمع المدني عن ضرورة فتح مجال العمل السياسي والحريات في البلاد.

وقد أوضحت السلطات الأردنية في ردها على أن مفهوم الإرهاب يرتكز على المفهوم الوارد في المعاهدة العربية للقضاء على الإرهاب، وهذا التعليل نجده أيضا لدى كل من المغرب والبحرين.

كما اثار المقرر الخاص مع السلطات الأردنية حالة المواطنين اليمنيين صلاح ناصر سليم، وعلي ومحمد فرج أحمد باشميله، الذين قال إنهم اعتقلوا في الأردن. وفي ردها، نفت السلطات الأردنية ان يكون الأشخاص الثلاثة قد اعتقلوا، لا بموجب القانون الجنائي ولا وفقا لقوانين محاربة الإرهاب.

وقد تم تسليم الأشخاص الثلاثة للسلطات اليمنية، التي اعتقلتهم بموجب القانون الجنائي. وتقول السلطات اليمنية في ردها على المقرر الخاص: إنها تحقق في صحة الاتهامات الموجهة لهم من قبل السلطات الأمريكية، التي كانت وراء عملية الاعتقال والتي اتهمتهم بالانتماء الى تنظيم القاعدة.

إسرائيل

انتقد المقرر الخاص الإجراءات المطبقة في إسرائيل على الأشخاص غير المقيمين أثناء التحقيق في التجاوزات الأمنية، والمعروفة بالإجراءات المؤقتة رقم 5765.

أما ما ينتقده بالخصوص، فهو أن تلك الإجراءات تطبق بشكل حصري على غير المقيمين في دولة إسرائيل والذين يتم تحديدهم على أنهم غير مسجلين في السجل السكاني لإسرائيل او الأشخاص الذين تمتد فترة إقامتهم خارج إسرائيل لأكثر من 3 سنوات متتالية.

وبعد الإطلاع على الوثائق والمراسلات، أوضح المقرر الخاص بأنه لم يقتنع بالتوضيحات المقدمة من طرف السلطات الإسرائيلية وشدد على أن منع التمييز يُـعتبر أساس احترام حقوق الإنسان.

وانتقد المقرر الخاص مشروع تمديد فترة الحبس الاحتياطي من 48 الى 96 ساعة قبل عرض المتهم على القاضي، والتي قد تمتد الى 50 يوما.

وفي الحالات الخاصة، اثار المقرر الخاص قضية رئيس البرلمان الفلسطيني السيد عبد العزيز الدويك، الذي اختطفته القوات الإسرائيلية في 5 أغسطس 2006 الى جانب عشرات من أعضاء الحكومة والبرلمان الفلسطينيين.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد عللت عملية الاعتقال بأن هؤلاء الأشخاص “ينتمون الى منظمة إرهابية”، لكن المقرر الخاص طالب السلطات الإسرائيلية بتوضيح القوانين التي تستند إليها لإلصاق تهمة الإرهاب بأشخاص او بمنظمات.

الولايات المتحدة الأمريكية

في انتقاداته للولايات المتحدة، أثار المقرر الخاص عملية استهداف أحياء سكنية في مقاطعة وزيرستان بباكستان من قبل طائرات بدون سائق تابعة لجهاز المخابرات المركزية الأمريكية، وهي العملية التي قتل فيها عدد من المدنيين في محاولة قيل إنها استهدفت زعيم القاعدة في المنطقة حمزة ربيع او الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

وتساءل المقرر الخاص ما هي الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة الى محاولة القتل، بدل إلقاء القبض على ايمن الظواهري؟

كما وجه تساؤلا للسلطات الأمريكية بخصوص ترحيل معتقلين روس، وهما رافيل غوماروف وتيمور إيشموراتوف من معسكر غوانتنامو الى روسيا، حيث تعرضا للتعذيب والاعتقال بعد تبرئتهما من قبل محكمة روسية.

وطلب المقرر الخاص استفسارات من الولايات المتحدة بخصوص الدور الذي لعبته القيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا في عملية الترحيل والإعتقال السرية لمن يشتبه في أنهم من الإرهابيين.

وقد أثار المقرر الخاص بالخصوص حالة ستة معتقلين جزائريين، هم بالسايح بلقاسم والحاج بودلاعة وصابر لحمر ومصطفى أيت إيدير وبومدين لخضر ومحمد نشلة، الذين تم اختطافهم من مدينة توزلا في جمهورية البوسنة الى إينجرليك بتركيا في يناير 2002، وكانت لجنة حقوق الإنسان البوسنية قد اعتبرت تسليم الجزائريين الستة من قبل السلطات البوسنية للأمريكيين “أمرا مخالفا للقانون”.

كما انتقد المقرر الخاص إقرار قانون المحاكم العسكرية، رغم الانتقادات المختلفة الصادرة عن عديد الجهات، معتبرا أنها تحتوي على معايير “تتعارض بشكل كبير مع مبادئ حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.

سويس انفو – محمد شريف – جنيف

ولد مارتين شاينين في 4 نوفمبر 1954 بهلسنكي بفنلندا.

حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة هيلسنكي في عام 1991.

تولى عدة مناصب أكاديمية منذ عام 1999 حتى عام 2003.

كما تولى عدة مناصب حكومية كخبير في القانون وسكرتير لثلاث لجان حكومية لمراجعة الدستور ما بين عامي 1882 و1983، وخبير خارجي لوزارة العدل في القضايا الدستورية وقضايا القانون الدولي ما بين عامي 1991 و1994 وعضو في لجنة حقوق الانسان ما بين عامي 1997 و2004 ومقرر خاص عن العنصرية للفترة ما بين 2005 و2008.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية