مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

توجس خليجي مما هو آت!

هواجس وتخوفات الدول الخليجية من الضربة الامريكية للعراق ليست فقط سياسية! Keystone

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسىأن ضرب العراق سيفتح "أبواب جهنم على المنطقة". وقال موسى في ختام اجتماع مجلس الجامعة العربية في القاهرة، إن الدول العربية ستواصل العمل لتجنب مواجهة عسكرية.

وكان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اتخذوا موقفا مماثلا في اجتماعهم في جدة ودعوا الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في مخططاتها.

لا تبدو الصورة مشرقة أمام منطقة الخليج العربي مع تصاعدت دق طبول الحرب الأمريكية على العراق. وليس للمرء أن يبحث كثيرا لاستشراف قوة التوجس الخليجي مما هو آت

فقد كان الاجتماع الأخير لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في جدة أكثر من معبر عن هواجس الدول الست.. وكانت كلمة يوسف بن علوي وزير خارجية سلطنة عمان التي رأست الاجتماع، أوضح من أن تترك الموقف الخليجي مواربا أو غائما مما يحدث ويجري الآن..

فقد عبر الوزير العُماني بوضوح شديد عن خيبة أمل “الحلفاء التقليديين” للولايات المتحدة، وهم يشهدون تفردها بالقرارات ذات الانعكاس المباشر عليهم دون أن تقيم وزنا لمصالح المنطقة وأولها حاجتها إلى الاستقرار.

كما عبر بقوة عن التخوف من المخططات الاستراتيجية الأمريكية المقبلة، تاركا الباب مفتوحا أمام استنتاجات عديدة ليس اقلها ما يروج حاليا في الصحافة حينا، وعلى السنة بعض المسؤولين حينا آخر، من مشاريع إعادة رسم الخرائط الجغرافية وحتى الطائفية للمنطقة العربية..

والواقع، أن يوسف بن علوي لم يكن الصوت النشاز في مواقفه تلك، فالشارع الخليجي في مجمله يعيش فترة انتظار قلق، وهو يسمع هدير الطائرات فوق رأسه، ويستذكر ما أورثته له حرب الخليج الثانية من أتعاب مازال يعاني تبعاتها إلى اليوم رغم مرور اثنتي عشر سنة عليها.

الخوف من التبعات المدمرة

وفي هذا الإطار، يقول الدكتور محمد المسفر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر، إن عامة الخليجيين يعيشون خوفا متزايدا من نوعية الأسلحة التي سيتم استخدامها ضد العراق إذا ما حصلت الضربة، خصوصا وانهم اطلوا خلال السنوات العشر الماضية على ظواهر صحية وأمراض جديدة لم يكونوا يعرفونها سابقا، مما يكرس القناعة بان الأجواء قد تتلوث اكثر لتصبح الحياة في المنطقة خطرة على الإنسان، كما على الحيوان.

ويستطرد الدكتور المسفر قائلا لسويس انفو، إن تأثير الحروب على البيئة وصل إلى درجة فائقة الخطورة في الخليج رغم التستر على ذلك، وليس أدل على هذا من تقدم بعض جنود البحرية الأمريكية بدعاوى قضائية ضد حكومة بلادهم متهمين إياها بتلويث مياه الخليج.

خطر التقسيم الطائفي

والى ذلك، يضيف المتحدث أن إنهاء النظام العراقي وتقسيم البلد حسب ما هو شائع على أساس طائفي وعرقي، سوف ينقل العدوى إلى دول الخليج حتما، مستشهدا بما اصبح يتردد جهرا بشان تقسيم المملكة العربية السعودية وفصل منطقتها الشرقية ذات الأغلبية السكانية الشيعية، لكي ينتهي الأمر – حسب رأيه – إلى تكريس السطوة الإسرائيلية على المنطقة بأكملها..

وينضم إليه في هذا الطرح، المعارض البحريني المعروف الدكتور منصور الجمري، الذي قال، “إن لدى الأمريكان خطة لتفتيت المنطقة بدأت بالسودان، وهي تطرق الآن أبواب العراق.. ولسوف تتواصل في المنطقة العربية، إذا هي نجحت في ما بدأته”.

لكن الدكتور الجمري يكتفي بالتوجس من التقسيمات الجغرافية المحتملة، في حين يذهب الدكتور المسفر إلى أن إعادة رسم الخرائط سوف تشمل أيضا الصعيد الطائفي في المنطقة بين الشيعة والسنة، بهدف إغراقها في حروب أهلية حتى تسهل مهمة توجيه دفتها من الخارج.

لكن منصور الجمري لا يشاطر المسفر هذا الرأي، قائلا: إن أبناء المنطقة تجاوزوا مرحلة الصراع الطائفي وتوصلوا إلى صيغة تعايش جيدة. غير أن التقسيمات الجغرافية الجديدة، في رأيه، سوف تخضع لاستعداد كل فئة للانصياع إلى الشروط الأمريكية وعلى رأسها تامين مصادر الطاقة والاعتراف بسطوة إسرائيل أمرا واقعا في المنطقة..

وفي المحصلة، فان هذين الرأيين ينسحبان على حديث المجالس الخليجية الخاصة التي لخص وزير خارجية سلطنة عمان ما يدور فيها من رعب وتوجسات بلغت حد اليقين لدى البعض.

وفي انتظار ما ستسفر عنه الشهور وربما الأيام المقبلة، فان القلق يتزايد رسميا وشعبيا حول المستقبل، بشكل غير مسبوق، ترجمه ما انتهت إليه مباحثات وزراء الخارجية الخليجيين والعرب، من موقف موحد إزاء كل القضايا، بما في ذلك رفض جماعي قاطع وحاسم لضرب العراق وللتبعات المحتملة للنوايا الأمريكية..

فيصل البعطوط – الدوحة

رفض عربي قاطع لضرب العراق أكده وزراء الخارجية في اجتماع القاهرة.
الجامعة العربية تعتبر أن أي عدوان على بلد عضو، يعتبر تهديدا للأمن القومي العربي
دول مجلس التعاون الخليجي تجمع في جدة على عدم مسايرة المخططات الأمريكية تجاه العراق.
دول الخليج متخوفة من التبعات السياسية والدينية وكذلك البيئية للضربة الأمريكية المحتملة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية