مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خطورة الاستنساخ

swissinfo.ch

خصصت الصحف السويسرية طوال الأيام الماضية حيّزا هاما من تغطيتها لقضية استنساخ البشر ومضاعفاتها الأخلاقية

واعتبرت الصحف، بقطع النظر عن صحة ما أُعلن في الولايات المتحدة عن نجاح أول عملية استنساخ، أن هناك ضرورة لتحديد المواقف من هذه القضية بجوانبها العلمية والاخلاقية والقانونية.

تميزت تعليقات الصحف الشعبية مثل يومية “بليك” التي تصدر بالألمانية بالسخرية من الخبر. فكان عنوان تعليقها على الحدث “احلام مدام د. فرانكنشاين الغريبة”، حيث طال التعليق شخصية العالمة الفرنسية بيرجيت بواسيلييه، و أكدت الصحيفة على وجود فرع لطائفة الرائيليين في سويسرا وأن منتسبيها أمضوا مساء السبت في احتفال كبير في مقرهم بكانتون فاليه جنوبي سويسرا.

وركزت الصحيفة على الجانب القانوني من الحدث، حيث أكدت أنه إذا ثبت بالدليل العلمي صحة وجود حواء المستنسخة، فإن السيدة التي حملتها ستتعرض للمحاكمة وقد تواجه عقوبة السجن.

وقد اتفقت صحيفة “برنر تسايتونغ” مع رأي “بليك” في وصف العالمة الفرنسية بيرجيت بواسيلييه بـ”دكتور فرانكنشتاين”.

“جريمة يعاقب عليها القانون”

أما صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الصادرة في زيوريخ، فقد خصصت مساحات واسعة في عددها الصادر صباح الاحد للتعليق على هذا الحدث ، فنقلت رأي العلماء المتخصصين في الاستنساخ، الذين أجمعوا على استحالة صحة أقوال العالمة الفرنسية، وأن ما صرحت به ليس سوى نوع من الخيال.

وعرضت الصحيفة تفسيرا لأحد كبار العلماء المتخصصين في هذا المجال، أكد فيه أن نتائج ابحاثه ودراساته في هذا المجال تجعله على يقين أن استنساخ البشر أمر مستحيل من الناحية الطبية.

وعلى الصعيد الاخلاقي، أجرت الصحيفة الناطقة بالألمانية حوارا مع العالم هانز بيتر شرايبر المتخصص في علم الاخلاق، حيث اشار إلى أن المشكلة ليست في الناحية الطبية، بل تأخذ بعدا آخر يتعلق بمسؤولية البحث العلمي، الذي يحتاج إلى كم كبير من خلايا الاجنة لمواصلة الابحاث في هذا المضمار، على الرغم من أن المعلومات المتوفرة تفيد بان أي طفل مستنسخ لن يكون كامل النمو ويكون مشوها.

ولذلك، يؤيد العالم السويسري رأي رئيس الجمعية العلمية الالمانية بأن عملية الاستنساخ “جريمة يجب المعاقبة عليها”. كما نقلت الصحيفة رأيه في الفرق الكبير بين الاستنساخ والتلقيح الإصطناعي، وان كان الثاني يجب أيضا أن يحاط بالقوانين التي تحول دون سوء استغلاله.

الاستنساخ بين التحريم والتجريم

كما خصصت الـ NZZ مساحة هامة للحديث عن تاريخ طائفة “رائيل” التي مولت عملية الاستنساخ، وقالت إن اتباع هذه الطائفة يتمركزون في سويسرا، في كانتوني جنيف و فاليه، وفي العالم في كندا والولايات المتحدة والشرق الأدنى.

وتساءلت عن السبب في اختيار هذا التوقيت بالذات للاعلان عن الخبر، وهل هو فقط للفت الأنظار إلى الطائفة عن طريق هذه الدعاية المجانية، أم للتغطية على النتائج المرتقبة لأبحاث العالم الإيطالي سيفيرينو انتينوري، وهو من دعاة استنساخ البشر.

أما صحيفة تاغس انتسايغر الصادرة في زيوريخ، فقد علقت على الحدث بضرورة تحريم الاستنساخ، حيث ترى أن استنساخ البشر مسؤولية جسيمة لا يستطيع أحد أن يتحمل عواقبها، وأن عبث العلماء بالأجنة البشرية تحت أي نوع من المسميات يجب أن يتوقف، أو يكون في حدود ما تقتضيه الحاجة. وتقول الصحيفة، يجب أن يعرف الجميع الحدود المسموح بها في البحث العلمي وأن هناك سقفا من المحرمات لا يجب تجاوزه.

علماء أم فنانون تشكيليون؟

ولم تكن التعليقات في الصحف الناطقة بالفرنسية أقل حدة من تلك التي نشرتها الصحف الناطقة بالألمانية مع التركيز على طائفة الرائيليين على اعتبار أن لها اتباعا في غرب سويسرا.

فقد نقلت صحيفة “لوتون” مقتطفات من حديث زعيم الطائفة الفرنسي كلود فوريلون وآراء مختلف العلماء، مركزة على أنه “لا الأمم المتحدة ولا الدولة لديها القدرة على تشكيل ترسانة قوانين لمنع تطبيق الاستنساخ”. وفي مقال آخر حول نفس الموضوع، رأت الصحيفة أن بعض علماء الكيمياء الحيوية كادوا أن يتحولوا إلى “فنانين تشكيليين”.

أما صحيفة 24 heures الصادرة في لوزان، فقد خصصت صدر صفحتها الاولى لصورة العالمة الفرنسية بيرجيت بواسيلييه أثناء اعلان نبأ ميلاد الطفلة المستسخة، مع آراء المتخصصين بأنها جريمة ضد الانسانية، ثم أفردت مساحة للحديث عن تطور البحث العملي في مجال الاستنساخ خلال نصف قرن.

ويذكر ان أول تعليق رسمي سويسري عن اعلان الطائفة الرائيلية، جاء من وزيرة العدل والشرطة روت متسلر التي قالت إن هذا الخبر أزعجها بشدة، وأصابها بالخوف. وطالبت السيدة ميتسلر بضرورة منع استنساخ البشر في جميع انحاء العالم، وبإجراء نقاش جدي حول الابعاد الاخلاقية للاستنساخ بمشاركةكل دول العالم.

تامر أبو العينين – سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية