مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دروس جيمس بيكر لجورج بوش

الرئيس الأمريكي محاطا بجيمس بيكر (يسار) ولي هاميلتون صبيحة يوم 6 ديسمبر 2006 في البيت الأبيض Keystone

يعتبر تقرير بيكر – هاميلتون حول العراق، إنكارا قويا للسياسة التي انتهجتها إدارة الرئيس بوش إلى حد الآن. لكن السؤال يتعلق بكيفية تعاطي البيت الأبيض مع ما جاء فيه.

الخبير السويسري في العلاقات الدولية فيكتور إيف غيبالي، يرى أن دور سويسرا في النزاع الحالي، لا يمكن أن يتعدى الجانب الإنساني، أما بخصوص الشرق الأوسط، فيجب انتظار عودة الهدوء لاستئناف الحديث عن “مبادرة جنيف”.

في الساعات الأولى من يوم الأربعاء 6 ديسمبر، استقبل جورج بوش في البيت الأبيض “الحكماء” العشرة، الذين يشكلون مجموعة البحوث حول العراق بقيادة جيمس بيكر، الذي شغل وزيرا للخارجية في إدارة والده ولي هامليتون، النائب الديمقراطي السابق.

التقرير، الذي جاء تقييمه قاسيا جدا لأداء الإدارة الحالية، لا يقدم حلا سحريا للخروج من المستنقع العراقي، واقتصر على اقتراح 79 توصية لمحاولة تجنب الفوضى الشاملة.

من بين هذه التوصيات، سحب الوحدات المقاتلة الرئيسية ابتداءً من الأشهر الأولى لعام 2008 وفتح حوار مع سوريا وإيران والتزام نشط بالتوصل إلى حل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

الرئيس جورج بوش أكد لمعدي التقرير أن عملهم سيُـدرس “بجدية كبيرة”، لكن المسافة بين هذا الوعد وبين الإقدام على تغيير جوهري في سياسته، ستظل كبيرة برأي معظم المحللين.

في هذا السياق، لا يخفي فيكتور إيف غيبالي، الأستاذ في المعهد الجامعي للدراسات الدولية العليا في جنيف، شكوكه..

سويس انفو: ما هو رد فعلك الأول بعد قراءة تقرير بيكر؟

فيكتور إيف غيبالي: إنه عمل متين، جدي ويتمتع بالخصوص برؤية واضحة. إنه أشبه ما يكون بـ “الموقظ”، إن صح التعبير. ففي مقابل إدارة ثملة بالأيديولوجيا، لدينا نص مُـشبع بالواقعية ويسمّـي الأمور بمسمياتها.

لو كان الأمر يتعلق برئيس “عادي”، أعتقد أننا كنا سنشهد تغييرا للوجهة، لكن معرفتنا بنفسية بوش، الذي يرفض مبدأ الواقعية والذي صرح في الأسبوع الماضي فقط “إننا لن نغادر العراق، قبل تحقيق النصر”، يبدو لي أن احتمال قبوله بتوصيات تقرير بيكر، ضعيف جدا.

إضافة إلى ذلك، هذا التقرير يأتي في وقت متأخر جدا، إذ ليس هناك من سبب يدفع سوريا وإيران إلى القبول بإخراج الولايات المتحدة من المأزق، إلا في صورة الحصول على تنازلات ضخمة، وهي تنازلات ليست إدارة بوش مستعدة للقيام بها على أي حال.

سويس انفو: لو قررت واشنطن فتح مفاوضات مع سوريا وإيران، هل تعتقد أن سويسرا يمكن أن تلعب فيها دورا ما؟

فيكتور إيف غيبالي: سويسرا تمثل فعلا المصالح الأمريكية في إيران، لكن عندما يتعلق الأمر بمفاوضات سياسية رفيعة المستوى، من المحتمل أن تقول فيها إيران “إذا ما أردتم شيئا منا، يجب أن تقوموا بتنازلات فيما يتعلق بالملف النووي”، لا أرى أن سويسرا يمكن أن تُـدعى للمشاركة فيها، إلا إذا ما كانت ستلعب، ببساطة، دور الوسيط.

مع هذا، وفي الحالة – البعيدة الاحتمال – التي يُـتوصل فيها إلى مصالحة وطنية في العراق ويُـمكن أن تتم فيها إعادة إعمار البلد، ستكون لدى سويسرا، بطبيعة الحال، ورقة يٌـمكن أن تلعبها، وهي الورقة الإنسانية والاقتصادية.

سويس انفو: يشدد تقرير بيكر أيضا على ضرورة التوصل إلى حل للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. هل يمكن أن تكون هذه فرصة لتنشيط مبادرة جنيف؟

فيكتور إيف غيبالي: نعم بالفعل، إذا ما وافقت الإدارة الأمريكية على ممارسة الضغط على إسرائيل وعلى ربط الاتصال بين الطرفين، يُـصبح كل شيء ممكنا، وقد يمثل ذلك فرصة لمبادرة جنيف، التي تعتبر مبادرة جميلة جدا ونبيلة.

هذه المبادرة توجد في حالة سُـبات في الوقت الحاضر، لأن قوى السلام في المعسكرين ضعيفة جدا. فعندما تنفّـذ هجمات إرهابية، فحتى الإسرائيلي المسالم يفقِـد تأييده للسلام، وعندما تتعرض الأراضي المحتلة أو لبنان إلى هجمات غير متناسبة، فإن الفلسطينيين، الذين يرغبون في التصالح، يفقدون تلك الرغبة.

لا يجب أن نُـخطئ في التقييم، إن مفتاح النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لا يوجد في تل أبيب، بل هو في واشنطن. وما لم تلعب الولايات المتحدة الدور الذي يجب عليها أن تقوم به، فإن الأمور لن تزداد إلا سوءا، وذلك على حساب الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي.

سويس انفو – مارك أندري ميزري

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

يتواجد حاليا في العراق 140 ألف جندي أمريكي.
منذ الغزو الأمريكي للعراق في 20 مارس 2003، قُـتل أكثر من 2900 جندي أمريكي وفاق عدد الجرحى 25 ألف جندي.
على الجانب العراقي، تتراوح حصيلة الضحايا، حسب مختلف المصادر، بين 120 ألف و650 ألف قتيل على مدى ثلاث سنوات ونصف.

هي خطة سلام بديلة لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، تمت بلورتها بالأساس من طرف وزيرين سابقين، وهما الإسرائيلي يوسي بيلين والفلسطيني ياسر عبد ربه.

تم التوقيع على المبادرة يوم 1 ديسمبر 2003 في جنيف، بدعم من طرف سويسرا وعدد كبير من رؤساء الدول وكبار المسؤولين في الأمم المتحدة.

تنص مبادرة جنيف على اقتسام السيادة على مدينة القدس وعلى انسحاب شبه كامل لإسرائيل من الأراضي الفلسطينية وعلى تقديم تعويضات للاجئين، ولكن مع حق محدود في العودة.

واشنطن اعتبرت أن المبادرة “مهمة”، لكن الحكومة الإسرائيلية استاءت منها، ومنذ ذلك الحين، وهي في حالة سُـبات.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية