مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

رايةٌ بيضاء موسيقية من الشرق الأوسط

لقطة من السهرة التي أحيتها مؤخرا فرقة "الراية البيضاء" في مدينة لوسيرن السويسرية Ingo Hoehn

لا شك أن الوقوف على إحدى منصات مهرجان مونترو العالمي لموسيقى الجاز حدث خاص يفتخر به أي مغني أو أية فرقة موسيقية.

لكن عندما يتعلق الأمر بمجموعة موسيقيين فلسطينيين وإسرائيليين لم تتمكن قبل قدومها لسويسرا من الالتقاء لإحياء سهرة واحدة منذ 5 سنوات بسبب الأوضاع في المنطقة، فإن وجودها بمونترو يكتسب معنى أعمق بكثير.

تـُعد “الراية البيضاء” المُتكونة من خمسة إسرائيليين وأربعة فلسطينيين فرقة موسيقية “في المنفى”. فبعد أن خرجت إلى الوجود عام 1998، أحيت حوالي 20 حفلة في إسرائيل قبل أن يتشتت أعضاءها إثر اندلاع الانتفاضة الثانية.

قاد المصير اثنين منهم إلى الولايات المتحدة، واثنين إلى سويسرا، بينما ظل الباقون محاصرين في قطاع غزة. وبعد خمسة أعوام، نجحت الفرقة في الالتقاء بسويسرا بفضل إصرار منتج تلفزيوني سويسري وتحريك عدد كبير من الخيوط الدبلوماسية.

يقول عازف العود والكمان في الفرقة الفلسطيني زاهر أبو الجواد “هذا هو أول لقاء لنا منذ خمسة أعوام، منذ بداية الانتفاضة الثانية (…) اعتقدت أننا لن نلتقي أبدا، كانت لحظة ساحرة عندما التقينا، مثل الحلم”.

الفرقة تسجل أول شريط لها في سويسرا

وصلت الفرقة إلى مدينة لوسيرن السويسرية في بداية مايو بدعوة من عمدة المدينة أورس ستودر. وبعد تقديم حفلة في لوسيرن، تحولت الفرقة الأسبوع الماضي إلى مهرجان مونترو للجاز حيث أحيت أمسيتين موسيقيتين.

وسجلت المجموعة أثناء إقامتها بسويسرا أول قرص مدمج (CD) لها بعنوان: “الراية البيضاء – فرقة في المنفى”. لكن المشروع بأكمله الذي تم تمويله من قبل مدينة لوسيرن ومؤسسات سويسرية ودولية مختلفة لم يسلم بدوره من المشاكل.

أوربان فراي، الناشر والمنتج في قسم الموسيقى بقناة سويسرا التلفزيونية الناطقة بالألمانية، قال في حديثه عن تلك المشاكل:

“كان من الصعب جدا تجميعهم لسببين. أولا، كلما نطقت بكلمة “فلسطيني”، تثير على الفور الشبهات فيما يتعلق بالحصول على التأشيرة. وفي نهاية المطاف، اتصلت بعمدة لوسيرن وهو صديق قديم خطرت عليه فكرة دعوة الفرقة بأكملها، مما فتح لنا أبوابا كثيرة. (…) أما السبب الثاني فيكمن في قدوم موسيقييْن من قطاع غزة، وكانا يخشيان مما يمكن أن يحدث لأسرهما عندما ينتشر خبر حصولهما على مقابل للسفر إلى سويسرا وللعزف مع موسيقيين إسرائيليين. لقد اضطررت إلى ممارسة ضغوط على البعثة السويسرية في رام الله للاتصال بوزير الثقافة الفلسطيني للحصول على موافقة رسمية”.

“نحن مثال لما يمكن تحقيقه”

ولا تغيب الشؤون السياسية لمنطقة الشرق الأوسط أبدا عن حياة الفرقة. فعندما وصلت سويس انفو إلى مونترو للقاء المجموعة، كانت عازفة الآلات الإيقاعية كاتيا كوبر والمغني ياسين الملاحي يتحدثان عن الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة المقرر الشهر القادم.

وهناك من توقع أن تصبح هذه المجموعة بمزيجها الشرق أوسطي وجها موسيقيا لعملية السلام، ونموذجا لإسرائيليين وفلسطينيين تمكنوا من العيش والعزف جنبا إلى جنب.

سويسرا التي ساهمت في إطلاق مبادرة جنيف غير الرسمية لإحلال السلام في الشرق الأوسط في ديسمبر 2003 قدمت “دعما لوجيستيكيا وتنظيميا” للفرقة.

وبينما يشدد أعضاء المجموعة على أنهم فنانون بالدرجة الأولى ويريدون فقط عزف الموسيقى معا، يدركون أيضا الاهتمام المتزايد بهم من أطراف خارجية. تقول كوبر المقيمة في ولاية سان فرانسيسكو الأمريكية “طالما نستطيع عزف الموسيقى كما نريد عزفها ولا نضطر للصياح في أمور السياسة، سيكون جميلا تمثيل الفلسطينيين والإسرائيليين”.

وتستطرد قائلة “نحن مثال لما يمكن (تحقيقه) – أي أن جنسيتك أو خلفيتك العرقية لا تطرح أية مشكلة. هنالك قواسم مشتركة كثيرة بين الناس يتم تحريفها بسبب السياسيين وبسبب من يمتلك هذه الأرض أو تلك. العالم لا يحتاج لكل هذا التعقيد”.

“لا يجب أن نكون في المنفى”

ويظل الهدف الأساسي للفرقة القدرة على العزف معا مرة أخرى في إسرائيل وإن أمكن في الأراضي الفلسطينية. ويعتقد فراي أن العائق الرئيسي أمام تحقيق هذا الأمل هو قوات الدفاع الإسرائيلية التي يجب أن تسمح للموسيقيين الإسرائيليين دخول الأراضي المحتلة وسفر الفلسطينيين في الاتجاه المعاكس.

الفنان ياسين، الذي ترك مولوده الجديد في غزة للقدوم إلى سويسرا، لا يشعر بالخوف بتاتا. فهو يؤمن بالرأي القائل “عندما تتوفر الإرادة تُـُتاح الإمكانيات”. ويعتقد ياسين أن “السلام يجب أن يأتي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ويجب أن تتوفر الإرادة والتفاهم في كلا الجانبين”.

وعن تنقلات الفرقة، أضاف “إذا نجحنا بقرصنا وبموسيقانا وتمكنا من تحقيق شهرة أكبر، سيسهل علينا السفر. هنالك أشخاص في الأراضي المحتلة وإسرائيل يؤمنون بأن ما نقوم به هو عمل جيد (…) نحن موسيقيون لا أقل ولا أكثر، ويتعين أن نستطيع العزف في أي مكان، لا يجب أن نكون في المنفى”.

سويس انفو

قد تكون “الراية البيضاء” الفرقة الموسيقية الوحيدة التي تضم فلسطينيين وإسرائيليين.
أحيت سهرة موسيقية في مدينة لوتسيرن يوم 9 يوليو وسهرتين في مهرجان مونترو لموسيقى الجاز.
تعود آخر سهرة أحيتها الفرقة لسبتمبر 2000 في القدس.

تكونت فرقة “الراية البيضاء” عام 1998 من ستة فلسطينيين وإسرائيليين.
سجلت الفرقة أول قرص مدمج لها “الراية البيضاء: فريق في المنفى” في مدينة لوسيرن السويسرية باستخدام أجهزة قديمة وجديدة.
يصف أعضاء الفرقة موسيقاهم في موقعهم على الإنترنت بمزيج من البوب والروك والموسيقى التقليدية، وتقدم أغاني بالعربية والعبرية والإنجليزية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية