مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

زيارة الرئيس اليمني :ماذا بعد ؟

أكد الرئيس علي عبدالله صالح أن اليمن عازمة على المشاركة في الحملة الدولية المتواصلة ضد الأرهاب swissinfo.ch

زيارة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التي قادته أواخر الشهر الماضي إلى كل من أمريكا وألمانيا وفرنسا وما تمخض عنها من تطابق في وجهات النظر مع الإدارة الأمريكية حيال مكافحة الإرهاب ومحاصرة نشاطات قواه، أبرزت بشكل واضح أهمية الدور اليمني الذي تعول عليه الإدارة الأمريكية في الجهود التي تبذلها لتجفيف منابع الإرهاب.

غير أن الدور اليمني المرتقب في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وما سيترتب عليه من التزامات مستقبلا يبقى محط تساؤلات واستفسارات بعض المراقبين. فوفقا للحصيلة الأولية لهذه الزيارة التي جاءت في سياق التطورات التي تشهدها الساحة الدولية منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر الماضي فإن السلطات اليمنية عازمة على مشاركة الجهود الدولية المبذولة لمطاردة الإرهابيين المشتبه بعلاقتهم بتنظيم القاعدة. أكد ذلك الرئيس اليمني عقب عودته إلى اليمن مشيرا في هذا الصدد إلى أن اليمن خرج من هذه الزيارة بالتزام أمريكي لمساعدة اليمن بمبلغ 400 مليون دولار لمواجهة مشكلة الفقر والبطالة التي تعاني منها البلاد علاوة على الحصول على دعم من البنك الدولي يتجاوز المليار دولار لدعم الجهود التنموية في البلاد .

ويرى المراقبون أن اليمن سيلتزم مقابل حصوله على هذه المساعدات باتخاذ جملة من التدابير والإجراءات الهادفة إلى الحيلولة دون تسرب أعضاء تنظيم القاعدة والأفغان العرب لا سيما إلى بعض المناطق القبلية النائية التي تخشى الإدارة الأمريكية من أن تتحول إلى ملاذ أمن للإرهابيين، وهو ما يعني أن جزءا من هذه المساعدات سيوجه لتنمية وأعمار هذه المناطق التي تعاني من قلة ملحوظة في المشاريع التنموية والخدمية، على حين سيخصص ا الجزء الباقي لخلق فرص عمل من أجل الحد من ظاهرة الفقر والبطالة ولتطوير وتأهيل القدرات الأمنية والعسكرية اليمنية .

لا مجال لضربة أمريكية محتملة

إضافة إلى ذلك يذهب هؤلاء المراقبون إلى التأكيد على أن زيارة الرئيس اليمني وضعت حدا لكل التكهنات التي راجت مؤخرا من احتمال تعرض اليمن لضربة أمريكية، مستدلين بذلك على التطابق الحاصل في وجهات النظر بين الجانبين اليمني والأمريكي، كما أكدته تصريحات المسؤولين في البلدين، وأن هذا التوافق بين الجانبين لم يكن ليأتي لولا التدابير المشجعة التي باشرتها السلطات اليمنية منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من تداعيات. من هذه التدابير تضييق الخناق على العديد من الأفغان العرب وترحيل الكثير منهم إلى خارج البلاد، وتعقب الحسابات المصرفية للأشخاص والهيئات المشتبه بعلاقتها بأسامة بن لادن واستجواب تجار العسل عقب تسريب تقرير للمخابرات الأمريكية عن علاقته بتجارة العسل اليمني، وإطلاع المحققين الأمريكيين على ملفات التحقيقات بشأن تفجير المدمرة الأمريكية اس اس كول والتي ظلت في الماضي تشكل عقبة كأداء بين الجانبين .

ومخاوف لقوى سياسية

إذا كان هذا التوافق اليمني الأمريكي في إطاره العام يعني أن اليمن سائرة في طريق تكريس مبدأ الشراكة في مكافحة الإرهاب الذي يؤكد عليه البلدان، إلا انه في كثير من جوانبه وآلياته يترك الباب مفتوحا لمخاوف بعض الأطراف السياسية اليمنية وبالتحديد الإسلامية منها. فهي تخشى من أن تؤدي هذه الشراكة إلى التفريط بالسيادة الوطنية ومجاراة وجهة النظر الأمريكية في حربها ضد الإرهاب القاضية بتجفيف منابعه ومحاصرة مكوناته الاقتصادية والمالية والثقافية، وبالتالي إلى الخلط بين مكافحة الإرهاب واستهداف المقومات الفكرية والدينية للمجتمع ومحاربة العمل الخيري الذي تنشط فيه الحركة الإسلامية في اليمن. وهذا ما ذهبت إليه صحيفة “الصحوة ” لسان حال التجمع اليمني للإصلاح التي عبرت عن خشيتها من أن ينعكس التوافق الأمريكي اليمني على العمل الخيري لاسيما أن الإدارة الأمريكية تعتبر النشاط الخيري مصدرا من مصادر تمويل الجماعات الإرهابية كما ذهبت إلى ذلك مرارا.

وعلى الرغم من عدم صدور مواقف رسمية للأحزاب اليمنية إزاء تطابق وجهات النظر الأمريكية اليمنية بشأن مكافحة الإرهاب إلا أن صحف المعارضة الأخرى لم تخف قلقها من أن يؤدي ذلك إلى ارتهان البلاد للمؤسسات المالية الدولية وللولايات المتحدة الأمريكية والتفريط بالسيادة الوطنية.

على ضوء هذه التفاعلات ستظل الأنظار متجهة إلى ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة من إجراءات يمنية ضمن جهود الشراكة الدولية لمكافحة الإرهاب وما سيتمخض عن هذه الإجراءات من ردود أفعال داخلية وخارجية .

عبد الكريم سلام / صنعاء

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية