مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شاؤول موفاز وتسيبي ليفني يتنافسان على خلافة أولمرت

وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير النقل شاؤول موفاز في الإجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الإسرائيلي المنعقد في القدس يوم 14 سبتمبر 2008 Reuters

انتخابات هذا الأسبوع في حزب كاديما ستقرر هوية رئيس أو رئيسة الوزراء الإسرائيلي القادم أو القادمة، أي تسيبي ليفني أو شاؤول موفاز، وربما رئيس أو رئيسة الحكومة الإسرائيلية خلال السنتين أو حتى الخمس القادمة.

كتب هذا الأسبوع يوسي فيرتر، المراسل الحزبي لصحيفة هارتس الإسرائيلية، “المنافسة هذه المرة بدت باهته، مَـن كان يعتقد أن هؤلاء الاثنين سيكونان على مرمى حجر من منصب رئاسة الوزراء في إسرائيل؟ هكذا تبدو أزمة القيادة، كلاهما لا يثيران الانطباع، كلاهما لا يدخلان القلب ولا يبعثان على الشعور بالأمن ولا يشكلان مصدر فخر أو اعتزاز. هما الموجودان، ويكفي أنهما غير ملطخان بالفساد، ليبدوا ملائمين لهذه المهمة”.

علي واكد، مراسل النسخة الالكترونية لصحيفة يديعوت احرونوت كان جازما في حديثة مع سويس انفو هذا الأسبوع، بأن موفاز هو من سينتصِـر في هذه المواجهة “افي دختر ومئير شطريت على الأغلب لن يحصلا سوية أكثر من 20% ليفرضوا جولة ثانية، وعلى الرغم من الاستطلاعات التي تتنبأ بفوز ليفني بفارق كبير، إلا أن تجارب الماضي في السياسة الإسرائيلية علمتنا أن صاحب التنظيم الأفضل والقادر على جلب مصوّتيه إلى الصناديق يوم الاقتراع، هو الفائز، وموفاز أكثر تنظيما من ليفني وهو الأقرب إلى نقابات العمال والمصوّتين من جذور شرقية، وهم أكثر التزاما بالوصول إلى صندوق الاقتراع من جمهور المؤيدين لتسيبي ليفني، الذي يغلب عليه الطابع الأشكنازي الغربي النخبوي”.

لمحت تسيبي ليفني إلى هذا الأمر هذا الأسبوع قائلة “إن المعركة هي بين الأصوات الحرة والأصوات المنظمة”، ملمحة إلى محاولة السيطرة بالقوة وبوسائل ليست شرعية حتى النهاية على حزب كاديما وعلى القيادة السياسية في إسرائيل.

شاؤول موفاز.. هزّة أرضية

شاؤول موفاز وزير المواصلات الإسرائيلي الحالي ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق، هو من مواليد إيران عام 1948 هاجر إلى اسرائيل عام 1957 وعاش مع عائلته في مدينة ايلات الإسرائيلية الجنوبية وترعرع في أوساط شرقية محافظة.

التحق عام 1966 بالجيش الإسرائيلي وتدرج ليصل إلى منصب رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي عام 1998، عيّـنه ارئيل شارون بعدها وزيرا للدفاع. قاد خلال مناصبه الأمنية الأخيرة، الجيش الإسرائيلي لمواجهة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وعُـرف عنه كرهه للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وفي العديد من الأوساط الفلسطينية، يُـعتبر “المسؤول بعد شارون عن اغتيال عرفات” على حدّ تعبير هذه الأوساط.

موفاز لم يبدُ خلال العام الماضي مسرورا أو حتى موافقا على فتح المفاوضات النهائية مع الفلسطينيين، وبدا متشدّدا جدا في موضوع القدس واللاجئين، رافضا أي عودة لأي لاجئ إلى داخل إسرائيل ورافِـضا لأي تقسيم للمدينة المقدسة، معروف بانتقاداته المتواصلة للرئيس الفلسطيني محمود عباس وللسلطة الفلسطينية.

وعندما دار الحديث عن إمكانية استئناف المفاوضات السورية الإسرائيلية، سارع للإعلان عن نيته بنقل مكان إقامته إلى إحدى مستوطنات الجولان، ملمحا أنه لن يوافق أبدا على إعادة الهضبة المحتلة إلى السيادة السورية، حتى لو منع ذلك التوصل إلى اتفاقية سلام بين إسرائيل وسوريا.

موفاز مقتنع أنه قادر على تشكيل حكومة جديدة، دون التوجّـه إلى انتخابات مبكّـرة والإبقاء على كاديما لمدة سنتين إضافيتين على رأس سدّة الحكم في إسرائيل بمساعدة الأحزاب الدينية أو حتى من خلال اللجوء إلى أحزاب اليمين المتطرّف في الكنيست الإسرائيلية الحالية. فانتخابات إسرائيلية عامة جديدة لا تضمن لكاديما العودة إلى الحكم، خصوصا إذا كان مرشحها موفاز.

وصول موفاز إلى منصب رئيس الوزراء في إسرائيل سيشكِّـل سابقة أقرب إلى الهزة الأرضية في إسرائيل التي ستحكم للمرة الأولى من قِـبل رئيس وزراء إسرائيلي من أصول شرقية فارسية، تشير أغلب التوقعات أنه أكثر جرأة وتحفّـزا على اتخاذ قرار بتوجيه ضربة عسكرية للمشروع النووي الإيراني، إذا ما أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لإسرائيل بذلك.

كما أن انتخاب موفاز قد يؤدّي إلى ارتفاع النفط في سوق النفط العالمية بعد تهديداته العلنية في مقابلة مع صحيفة يديعوت احرونوت بضرب إيران.

ليفني.. ناجحة وجادّة

تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية الإسرائيلية والقائمة بأعمال رئيس الوزراء في إسرائيل، هي المرشحة الأوفر حظا للفوز بمنصب رئيس حزب كاديما، حسب الاستطلاعات، والوحيدة القادرة على صدّ بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود العائد بقوة للمنافسة على الرجوع إلى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية.

وفق الاستطلاعات، نتنياهو وحزبه سيحصلان على أكبر عدد من المقاعد، في حال تنظيم انتخابات مبكرة، وهما الأوفر حظا وفق الاستطلاعات لتشكيل حكومة في إسرائيل بعدها.

مع “كاديما” برئاسة موفاز، تبدو احتمالات نتنياهو أفضل، لكن “كاديما” قد لا تتعدّى العشرين مقعدا مع ليفني في رئاستها. وفي هذه الحالة تبدو مهمّـة نتنياهو أكثر صعوبة وستحصل “كاديما” على نفس عدد المقاعد التي سيحصل عليها الليكود، وقد تشكل هي حكومة ما بعد الانتخابات.

تسيبي ليفني، هي من مواليد عام 1958، أصغر من موفاز بعشرة أعوام، وهي ابنة إيتان ليفني، ناشط سابق في إحدى المنظمات اليهودية السرية المتطرفة التي قادها مناحيم بيغن، قبل الإعلان عن تأسيس دولة إسرائيل. درست المحاماة وشغلت مناصب في الموساد – جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي.

عيّـنها نتنياهو لرئاسة هيئة الشركات الحكومية الإسرائيلية، انتخبت بعدها للكنيست من خلال حزب الليكود. شغلت عدة مناصب وزارية وأسست حزب كاديما مع أرييل شارون وتسلّـمت منصب وزيرة الخارجية، وعُـرفت ببُـعدها عن الفساد وبنظافة اليد، وهذه صفات افتقدها رؤساء الوزراء في إسرائيل في السنوات العشر الأخيرة.

قادت تسيبي ليفني الوفد الإسرائيلي المفاوض مع الفلسطينيين، مقابل أحمد قريع أبو علاء، رئيس الوفد الفلسطيني. ومع أن المعلومات الواردة من جلسات المفاوضات قليلة، إلا أنها “تدل على نية حقيقية لدى رئيسة الوفد الإسرائيلي، التوصل إلى حلول للقضايا العالقة”، حسب تعبير بعض الفلسطينيين المقرّبين لسير المحادثات.

لم تعارض ليفني المفاوضات غير المباشرة مع سوريا، إلا أنها تفضِّـل إعطاء الأولوية للمفاوضات مع الفلسطينيين، وعندما سُـئِـلت عن المسار السوري، أجابت أنها غير مطّـلعة كفاية على المفاوضات لدرجة تؤهِّـلها التعقيب عليها.

حسب وصف بعض المصادر الدبلوماسية العاملة في إسرائيل في محادثة مع سويس انفو، فإن ليفني تُـعتبر وزيرة خارجية ناجحة وجادة في عملها، لها أهداف واضحة وتتمتّـع بدعم من قِـبل موظفي وزارتها، وعلى الرغم من أنها نجحت في إثارة غضب المصريين بعد انتقادهم في موضوع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، إلا أن هذا الملف، على ما يبدو، قد أغلِـق نهائيا، وهناك بعض الهمس من أطراف مقربة من دوائر اتِّـخاذ القرار في القاهرة بأن مصر تفضِّـل رؤية ليفني في سدّة الحكم في إسرائيل بدل جنرال إسرائيلي آخر، على حدّ تعبير تلك الأوساط .

موفاز يشكل تحديا وليفني تمثل امتحانا..

الانتخابات الحالية في كاديما والانتخابات العامة القادمة، سواء أتت مبكرة أم متأخرة، ستطرح من جديد قضايا اجتماعية حسّاسة، شكلت قواعد سلوكية في “العقل الإسرائيلي الباطني” ومادة لشروخات اجتماعية، طالما أعيت المجتمع الإسرائيلي غير المتجانس.

موفاز يشكِّـل تحدّيا في هذا السياق للنّخب الاشكنازية البيضاء الغنية في إسرائيل، التي طالما فضّـلها الناخب الإسرائيلي، الذي لم يوصل – في تاريخه – أي شرقي إلى رئاسة الوزراء.

أما ليفني، فستشكل امتحانا للمجتمع الإسرائيلي، الذي سبق وأن أوصل غولدا مايير إلى سدّة الحكم، غير أن حرب أكتوبر التي وقعت في تلك الفترة ونتائجها، خلقت نوعا من الخوف لدى الإسرائيليين من إعادة دعم سيدة أولا، وذات خِـبرة عسكرية ضئيلة ثانيا إلى سدة الحكم، وبتعبير آخر، على الإسرائيليين المفاضلة بين جنرال شرقي ذو ميول سياسية يمينية وخلفية اجتماعية محافظة، وامرأة مدنية اشكنازية مُـخضرمة سياسيا، ذات مواقف أكثر اعتدالا واستعدادا للتوصل إلى اتفاق مع العرب، للحفاظ على إسرائيل كدولة ذات أغلبية يهودية.

عضو كبير في طاقم أحد المرشحين في الانتخابات الأمريكية زار إسرائيل مؤخرا وسُئل أيا من المرشحين هو الأفضل بالنسبة لإدارته المستقبلية؟ الضيف ذو الأصول اليهودية والذي لا ينتمي للحزب الجمهوري، فضل الإجابة على السؤال قائلا بأن “الأفضل للولايات المتحدة، هو الأفضل لإسرائيل وأن الولايات المتحدة لن تسمح لأي أحد في العالم بجرّها إلى مواقف لا تريدها، بغض النظر عن هوية الشخص”.

قاسم الخطيب – إسرائيل

القدس (رويترز) – عزز استطلاع للرأي يوم الاثنين 15 سبتمبر، آمال وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني في تولي رئاسة الحكومة خلفا لايهود اولمرت، الذي تحيط به الفضائح قبل يومين من مواجهة منافسيها في انتخابات لاختيار زعيم لحزب كديما. واظهر استطلاع الرأي، الذي اجري على عينة من اعضاء الحزب المسموح لهم بالتصويت في انتخاباته الاولية يوم الاربعاء 10 سبتمبر، أن 47% منهم يؤيدون ليفني التي ستصبح في حالة فوزها ثاني رئيسة للوزراء في اسرائيل بعد غولدا مئير في السبعينات، مقارنة مع 28% يؤيدون شاؤول موفاز، نائب رئيس الوزراء. ويتعين ان يحصل المرشح على نسبة تأييد تزيد على 40% لتجنب جولة اعادة الاسبوع المقبل.

وفي الاستطلاع الذي اجرته وكالة ديالوغ لحساب تلفزيون القناة العاشرة وصحيفة هاارتس، حصل المتنافسان الاخران على زعامة الحزب على 6% لكل منهما، لكن المحللين يتوخَّـون الحذر بشأن مثل هذه الاستطلاعات، ولاسيما في انتخابات اولية لن يصوت فيها الا 74 ألف عضو في مقار يديرها الحزب. وقال اولمرت، الذي يواجه اتهامات بالفساد، انه سيتنحى عن منصبه حالما يختار كديما زعيما جديدا. وكان المفترض حسب العادة أن يقوم بتسيير اعمال الحكومة ريثما يشكل خليفته حكومة ائتلافية جديدة، لكن هناك تكهنات تفيد بانه قد يسلم السلطة مباشرة الى ليفني.

ويتوقع كثيرون، أيا كانت النتيجة، اجراء انتخابات برلمانية خلال شهور. ولا يحتل كديما الذي أنشأه رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون عام 2005 إلا ربع مقاعد البرلمان الاسرائيلي (الكنيست). ويستعد منافسون بينهم افراد من ائتلاف اولمرت لمعركة انتخابية تبين استطلاعات للرأي ان حزب الليكود اليميني بزعامة بنيامين نتنياهو قد يفوز بها. وفي اطار تعهد اولمرت بتكريس ما تبقى له من ثلاث سنوات في السلطة من اجل التوصل الى اتفاق سلام تمهيدي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سيجتمع رئيس الوزراء الاسرائيلي في وقت متأخر يوم الثلاثاء 16 سبتمبر مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكن مسؤولين من الجانبين يقللون من فرص التوصل الى اتفاق عشية السباق على زعامة الحزب.

وينظر على نطاق واسع الى ليفني كبيرة المفاوضين الاسرائيليين في محادثات السلام التي اطلقها الرئيس الامريكي جورج بوش منذ عشرة شهور بانها تقدم أكبر فرصة للاستمرارية في عملية السلام لكن لا أحد من الجانبين تقريبا يتوقع انفراجة كبيرة للسلام قبل ان يغادر بوش نفسه السلطة بعد اربعة شهور. وقالت منظمة التحرير الفلسطينية يوم الاثنين 15 سبتمبر، بعد ان ابلغ اولمرت نوابا اسرائيليين ان اسرائيل، يجب ان تسعى الى التوصل الى اتفاق جزئي على الاقل لضبط حدودها مع الفلسطينيين ،ان فرص التوصل لاتفاق هذا العام ضعيفة.

اشتهر موفاز بأساليبه الصارمة لسحق الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000 عندما كان قائدا للجيش ثم وزيرا للدفاع، وقال موفاز إن هجوما على مسقط رأسه إيران قد يكون “حتميا”، اذا استمر النزاع بشان البرنامج النووي الايراني. ويجد الجمهور الاسرائيلي صعوبة في الشعور بالحماس تجاه الانتخابات الاولية لكديما، رغم تصويرها في بعض الاوساط على انها مواجهة تعبّـر عن الانقسام الدائم بين اليهود من اصول اوروبية واولئك الذين ينحدرون من أصول شرق اوسطية.

واذا نجح، فسوف يصبح موفاز الذي هاجر طفلا من طهران الى اسرائيل في خمسينات القرن الماضي، أول رئيس وزراء اسرائيلي لم يولد في اوروبا او ينحدر من اسرة اوروبية. ويشكو كثير من اليهود السفارديم من بني جلدة موفاز من انهم يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية بعد الاشكنازي الاوروبيين. وليفني محامية تبلغ من العمر 50 عاما وضابطة سابقة في جهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) وابنة رجل بولندي المولد شهير من رجال العصابات في اربعينات القرن الماضي. وتعرض موفاز (59 عاما) لانتقادات يوم الاثنين بعد ان تنبأ بعدد الاصوات التي سيفوز بها. وقال موفاز وهو جنرال سابق للصحفيين “اعتقد انه في يوم الاربعاء سأفوز من الجولة الاولى بنسبة 43.7 من الاصوات”، مستندا الى نموذج احصائي أعده خبير أمريكي يعمل في حملته.

وحاول مستشار لليفني، لم يكشف عن اسمه، الدخول في مزايدة شفهية مع موفاز ونقلت عنه وسائل الإعلام الاسرائيلية قوله “هناك فرصة نسبتها 0.1% لتحقق ذلك”، اي ما يقوله موفاز.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 سبتمبر 2008)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية