مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شركاء اوروبا العرب يبحثون عن موقف موحد

هل سيتمكن العرب من بلورة سياسة موحدة تجاه اوروبا؟ swissinfo.ch

يحتفل الاتحاد الاوروبي بمرور خمسين عاما على الخطوة الاولى التي اطلقت مسار التوحد الاوروبي في اعقاب الحرب العالمية الثانية، ومع استمرار توسع الاتحاد شرقا تتخذ علاقاته مع البلدان العربية طابعا جديدا عن طريق اتفاقيات الشراكة المبرمة او التي يتم التفاوض عليها.

احتضنت دمشق في الأيام الأخيرة اجتماع الدول العربية المتوسطية لبحث إمكانات الاستفادة من تجارب الشراكة والتفاوض بين كل من البلدان المعنية والاتحاد الأوروبي.

وتوحي تصريحات المسؤولين العرب وجود رغبة سياسية وحاجة اقتصادية لايجاد ما قد يسمى بالبعد العربي للشراكة الأوروبية المتوسطية.

وإذا توصلت البلدان العربية إلى وضع أرضية مشتركة فيما بينها حول مواضيع وآليات الشراكة الحقيقية، فانها قد تتحول إلى تكتل سياسي واقتصادي قادر على محاورة الاتحاد الأوروبي في مثابة الند للند.

فتربط اتفاقات الشراكة الأوروبية المتوسطية بين كل من تونس والمغرب من ناحية والاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى، وهي اتفاقات ثنائية تشمل ميادين الحوار السياسي والتعاون الاقتصادي والاجتماعي والسير بشكل تدرجي نحو هدف التبادل التجاري الحر.

وتتواصل المفاوضات بوتيرة مكثفة بين الاتحاد وكل من الجزائر ولبنان وبشكل دوري مع سورية، فيما ينتظر توقيع الاتفاقية المصرية الأوروبية بعد تعيين مصر وزير الخارجية الجديد الذي سيخلف الوزير عمرو موسى، لأن الأخير سيتولى أمانة جامعة الدول العربية.

ويعتبر الأوروبيون الاتفاقية مع مصر ورقة بالغة الأهمية في الخطة الاقليمية التي وضعت قبل خمسة أعوام في برشلونه، وذلك لأسباب الموقع الاستراتيجي والحجم الديموغرافي والسياسي الذي يميز مصر ودورها الكبير في مسيرة السلام والعلاقات مع اسرائيل.

وبرز في مباحثات دمشق، أن البلدان العربية المتوسطية تتمسك بأهداف الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتعي من جهة ثانية الفوائد الكبيرة التي ستجنيها اقتصادياتها بعد تنفيذ اتفاقيات التجارة الحرة التي يجري ابرامها بين بعضها البعض.

ودعا وزير التخطيط السوري، عصام الزعيم، إلى توحيد قواعد المنشأ فيما بين الصناعات العربية، لأن تراكم شهائد المنشأ يعزز فرص التصدير العربي نحو السوق الأوروبية وقد يغري، من جهة ثانية، المستثمرين الأوروبيين والأجانب بالتوجه للاستثمار في المنطقة العربية.


ويساند الاتحاد الأوروبي مبادئ تراكم قواعد المنشأ فيما بين البلدان المتوسطية، كوسيلة تشجع ما يسمى بالتعاون دون الاقليمي أي قيام مشاريع بين بلدين أو ثلاثة أو أكثر. وكان المفوض الأوروبي، كريس باتين، قد أكد خلال الموافقة على البرنامج المالي لخطة الشراكة خلال الأعوام الخمسه المقبلة، بأن التعاون الأفقي سيكون إحدى معايير توجيه المعونات الأوروبية.

ويدعو كبير المستشارين في مركز السياسة الأوروبية في بروكسل، ابيرهاريد رهاين، الاتحاد الأوروبي إلى دعم وتمويل مشاريع اندماج البلدان العربية في شمال افريقيا والمشرق العربي، لأن الخطة الاقليمية الشاملة لكافة بلدان جنوب شرق حوض البحر الأبيض المتوسط، منها اسرائيل، ستظل تعاني من إرهاصات مسيرة التسوية في الشرق الأوسط.

وتختلف الطروحات العربية والأوروبية حول الكثير من القضايا وأولها موقع اسرائيل داخل مسيرة برشلونه. فرغم تمسكها بأهداف الشراكة والتعاون الاقليمي مع الاتحاد الأوروبي كسبيل للاندماج في الاقتصاد العالمي، فان غالبية البلدان العربية المتوسطية أصبحت لا تقبل التعاون مع اسرائيل، لأسباب تعطل مسيرة السلام والحرب التي تشنها ضد الفلسطينيين.

وتمثل صحوة الرأي العام العربي عنصر ضغط على الحكومات العربية من أجل التراجع عن تطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية. وفي هذا السياق، يبدو اجتماع دمشق الذي تركز حول القضايا الاقتصادية في مثابة الرسالة السياسية إلى اسرائيل وكذلك في اتجاه الاتحاد الأوروبي.

ويختلف المنظور العربي في هذا الشأن بشكل جوهري عن الطرح الأوروبي الذي لا يزال يعتقد في ان خطة الشراكة تمثل الإطار المناسب لإدماج اسرائيل داخل المحيط الاقليمي. ودلت المواجهات السياسية بين البلدان العربية والأوروبية في اجتماعات الشراكة في الخريف الماضي في مرسيليا على المأزق الذي دخلته مسيرة الشراكة جراء السياسات الاسرائيلية.

لذلك، تبدو صيغة التعاون دون الاقليمي، فيما بين بلدين أو أكثر، مخرجا مناسبا لكافة البلدان العربية التي ترفض التعاون مع اسرائيل في ظل غياب الحل السلمي العادل للنزاع في المنطقة،
كما توفر هذه الصيغة آلية ضرورية تشجع اتجاهات التعاون في ما بين البلدان العربية على غرار ما أوحت به اجتماعات دمشق.
ويمثل قيام تجمعات عربية في المشرق أو في المغرب أو على طول الضفة الجنوبية للحوض المتوسطي، شرطا اساسيا لازدهار المنطقة واستقرارها وتحولها إلى محاور ذي مصداقية قبالة الاتحاد الأوروبي.


نورالدين الرشيد – بوركسل

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية