مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شنغن/دبلن: الجولة الأخيرة من المعركة

"فقدان الأمن؟ فقدان العمل؟" من الأسئلة التي تطرحها الملصقات الإعلانية لحزب الشعب اليميني في حملته المضادة للانضمام لشنغن. في الصورة رئيس الحزب أولي ماورر (يسار) رفقة النائب جون فاتبير Keystone

انطلقت من العاصمة برن يوم الثلاثاء حملات كل من المؤيدين والمعارضين لانضمام سويسرا إلى اتفاقية "شنغن" حول التعاون الأمني ومعاهدة "دبلن" حول اللجوء.

وبينما صعد القطاع السياحي إلى الجبهة مستعرضا الامتيازات الاقتصادية لـ”شنغن”، لعب اليمين المتشدد على وتر الخوف من أن تفتح الاتفاقية باب سويسرا للمجرمين والمهاجرين السريين وطالبي اللجوء.

شهدت العاصمة الفدرالية برن يوم الثلاثاء 5 أبريل انطلاق حملات المؤيدين والمعارضين لانضمام سويسرا إلى اتفاقيات “شنغن” و”دبلن” حول التعاون الأمني واللجوء، التي ستُطرح على تصويت الناخبين السويسريين ضمن استفتاءات 5 يونيو القادم.

وبينما تقود الأوساط السياحية حملة المؤيدين لتلك الاتفاقيات التي تعتبرها “فرصة خارقة” للاقتصاد السويسري، يتصدر حزب الشعب اليميني المتشدد مجددا معسكر المعارضين الذين يقدمون “شنغن” و”دبلن” كـ”خطر على الأمن والعمل في سويسرا”.

استقطاب سياح الدول الصاعدة

الأوساط السياحية شكلت لجنة تحمل اسم “دبلن/شنغن: في صالح سياحتنا” تضم مهنيين من مختلف أنحاء سويسرا. وأعربت اللجنة يوم الثلاثاء في برن عن قناعتها بأن تلك الاتفاقيات، وخاصة تأشيرة شنغن، ستفيد السياحة السويسرية.

رئيس اتحاد الفنادق السويسرية وعضو اللجنة كريستيان ري أوضح أن “سويسرا ستصبح بفضل تأشيرة شنغن سهلة الوصول بالنسبة لآلاف السياح من الدول الصاعدة مثل الصين والهند أو روسيا. أثناء سفرهم إلى أوروبا، لن يحتاج هؤلاء السياح لتأشيرة إضافية لزيارة سويسرا”.

واستطرد قائلا: “في غضون بضعة أعوام، ستسمح تأشيرة شنغن للسياح الصينيين على سبيل المثال بزيارة 27 بلدا، باستثناء سويسرا. لكن إذا ما صوتنا لصالح شنغن، سيرفع المواطنون عقبة إضافية لقدوم هؤلاء الزوار” الذين تحاول دول أخرى استقطابهم بجميع الوسائل.

انتهاز الفرصة

من ناحيته، نوه فالتر ستوري، رئيس إدارة السكك الحديدية في منطقة “يونغ فراو”، إلى أن سويسرا تُعد ضمن الوجهات الأوروبية الثلاث المفضلة لدى الصينيين. وقال بهذا الصدد “إنها فرصة خارقة للسياحة السويسرية، خاصة أن السوق الصينية تشهد نموا شديد الحركية”.

وأضاف السيد ستوري أنه على سويسرا أن تتمكن من إلغاء العائق الإداري الذي يمثله الحصول على تأشيره إضافية لكي تصمد أمام منافسة الوِجهات الأخرى، موضحا أنه “إذا ما رفضت سويسرا الانضمام إلى شنغن، ستصبح البلد الوحيد في أوروبا الغربية الذي يشترط تأشيرة إضافية”.

من جهتها، قالت السيدة ناديا فونتانا لوبي، مديرة المكتب السياحي في “مندرسيوتو” و”باس سيريسيو” بكانتون تيشينو الجنوبي “نحن نبحث كافة الإمكانيات الجديدة لاستقطاب أسواق جديدة، لكن الإجراءات والآجال الضرورية للحصول على التأشيرة “تسير في الاتجاه المضاد لاختيار سويسرا كوجهة سياحية”.

متاهات إدارية

وتحذر اللجنة المؤيدة للانضمام إلى اتفاقيات “شنغن” و”دبلن” من أن كبريات الوكالات السياحية ستتفادى تنظيم رحلات إلى سويسرا بسبب الإزعاج الإداري المترتب عن إجراءات الحصول على التأشيرة. ونوهت اللجنة إلى أن عواقب وخيمة قد تنجم عن تلك المتاهات الإدارية على مستوى مواطن العمل والاستثمار في المجال السياحي.

وذكر مدير اتحاد الفنادق السويسرية أن أكثر من نصف النازلين في الفنادق السويسرية يأتون من الخارج. وصرح بهذا الشأن أن هؤلاء السياح الأجانب جلبوا إلى سويسرا في عام 2003 ما لا يقل عن 12,6 مليار فرنك، أي 57% من إجمالي دخل القطاع السياحي خلال نفس العام والذي بلغ 22 مليار فرنك.

وشدد السيد كريستيان ري على ضرورة عدم تجاهل الأهمية الاقتصادية للنشاط السياحي، خاصة وأنه “يمثل قيمة مضافة لقطاعات أخرى مثل التجارة بالتقسيط والنقل والرياضة والترفيه”.

الحفاظ على مواطن العمل

كما ذكرت لجنة المؤيدين لـ”شنغن” بأن الاقتصاد السياحي مُوفرٌ هام لمواطن العمل في سويسرا، إذ يُشغّلُ مباشرة 165 ألف شخص يعملون بنسبة 100% (أي 8 ساعات في اليوم). وشدد السيد ري على أن نسبة هؤلاء العاملين ترتفع بشكل ملموس في المناطق الجبلية.

وأوضح أن اعترافا أحادي الجانب بتأشيرة “شنغن” من قبل سويسرا -مثلما يقترح معسكر المعارضين- لن يمثل حلا سليما لأن “السياح الذين سيتمكنون من القدوم إلى سويسرا، سيخرجون من مجال شنغن وسيفقدون حقهم في العودة إليه لمواصلة رحلتهم”.

توقعات بنمو هام للسياحة العالمية

واستند معسكر المؤيدين لـشنغن إلى معطيات المنظمة العالمية للسياحة التي تترقب نموا هاما للقطاع السياحي لا يقل عن نسبة 4% بحلول عام 2020 بفضل الأسواق الجديدة.

ووفقا لهذه التقديرات، تتوقع اللجنة أنه إذا ما وافقت سويسرا على الانضمام إلى اتفاقيات “شنغن” و”دبلن”، سيتضاعف عدد الليالي المُقضاة في الفنادق السويسرية للأشخاص الذين يحتاجون حاليا لتأشيرة من أجل دخول الكنفدرالية. وقد تكون المدن والمناطق الجبلية أكثر المستفيدين من ذلك الانفتاح حسب اللجنة.

مبررات المعارضين

أما “لجنة العمل السويسرية ضد الانضمام لشنغن/الاتحاد الأوروبي” بزعامة حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد ومنظمة “العمل من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة”، فاختارت الرهان على مخاوف السويسريين من “التهديدات” المحتملة لـ”شنغن” و”دبلن” على “الأمن وفرص العمل” في سويسرا. وقد كشفت يوم الثلاثاء في برن -بمناسبة انطلاق حملتها المضادة- عن الملصقات الإعلانية التي ستكسو معظم شوارع سويسرا لحث الناخبين على رفض “شنغن”. وتُظهر الملصقات أشخاصا مفزوعين يشدون رأسهم بين أيديهم ويتساءلون عن مستقبل الأمن والعمل في سويسرا.

رئيس حزب الشعب السويسري أولي ماورر صرح بوضوح أمام الصحفيين في برن: “”نريد أن نُظهر مخاوف الشعب”. وقد أعرب الحزب والجمعيات المقربة منه عن الاستعداد التام لإنفاق زهاء 2 مليون فرنك لإنجاح الحملة. وقال السيد ماورر تعليقا عن ذلك المبلغ إنه “يمثل أقل من 10% مما ستنفقه الأوساط المؤيدة، وإن كانت تزعم أنها خصصت 36 مليون فرنك للحملة”. كما أكد أن حزب الشعب السويسري يعتزم تغطية جدران سويسرا بملصقات تحمل شعار “لا لـشنغن”.

وشدد رئيس الحزب على أن “شنغن” “تتجاوز إطار الاتفاقيات الثنائية وتمثل خطة حاسمة باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”. وحذر في هذا السياق أنه إذا ما أصبحت سويسرا جزء من الاتفاقية، “ستضطر إلى إلغاء التفتيش على الحدود، وسيترتب عن ذلك تدفق السياح المجرمين، والمهاجرين السريين والعمال غير الشرعيين، أي المزيد من البطالة بالنسبة للسويسريين”.

تصرف “مجنون”؟

من ناحيته، صرح نائب حزب الشعب جون فاتبير “نحن البلد الأكثر أمانا في أوروبا. إنَّ وضع أمننا تحت تصرف مجموعة مثل مجال شنغن هو جنون”، مضيفا ” لم يكسب أي بلد أوروبي على مستوى الأمن بانضمامه إلى اتفاقية شنغن”.

وفي هجوم على معسكر المؤيدين لـ”شنغن”، أوضح السيد فاتبير أن مبررات المؤيدين للاتفاق لا يمكن أن تصب إلا في خانتين اثنين، الرغبة في الانضمام بالقوة إلى الاتحاد الأوروبي، والرغبة الأشد في مناهضة حزب الشعب. وفي الحالتين، يرى النائب اليميني أن ذلك التصرف “أعمى وغير مسؤول وقد يعاني منه شعبنا”.

وذكرت لجنة التحرك السويسري ضد “شنغن” و”دبلن” أن نسبة الإجرام ترتفع في كافة بلدان مجال “شنغن” مقارنة مع سويسرا، مشيرة إلى أن ذلك “يثبت بجلاء أن لا شيء يعوض فعالية التأثير الردعي لعمليات التفتيش على الحدود”.

وتعتقد اللجنة أن “العدد الصغير لطالبي اللجوء الذين قد يتم ترحيلهم بالفعل (من سويسرا) إلى دولة أخرى بفضل اتفاقيات شنغن ودبلن، سيتم تجاوزه بلا حساب بطالبي اللجوء الذين سيعبرون بسهولة الحدود السويسرية المفتوحة”.

سويس انفو مع الوكالات

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية