مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عرب ويهود أمريكا يطالبون بالسلام في الشرق الأوسط

رغم النوايا الطيبة، لا يكاد يستمع أحد إلى أصوات مؤيدي السلام من العرب واليهود

بعد سنوات طويلة، روّج فيها اللوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة، أن للعرب واليهود الأمريكيين آراء متناقضة تماما حول السلام في الشرق الأوسط، أدرك العرب الأمريكيون واليهود الأمريكيون عدم صحة هذا الزعم.

كما تبين لهم ضرورة العمل معا، ولو بشكل منفصل، من أجل إقرار السلام المتعثر منذ أجيال في منطقة الشرق الأوسط.

فقد سارع وفد من زعماء المنظمات العربية الأمريكية، وعلى رأسها المعهد العربي الأمريكي واللجنة الأمريكية العربية لمكافحة التمييز، إلى الاجتماع بوزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، حيث طلبوا منها أن تبدأ الولايات المتحدة في العمل بهمّـة ونشاط لدفع مسيرة السلام، استنادا إلى المبادرة العربية التي تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، تتوفر لها مقوِّمات البقاء، تعيش في سلام جنبا إلى جنب مع إسرائيل وتحقيق انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة منذ أربعين عاما، مقابل السلام الكامل بين الدول العربية وإسرائيل.

كذلك، رحبت منظمة أمريكيون من أجل السلام الآن، والتي أقيمت عام 1981 للعمل على توفير أمن إسرائيل من خلال السلام وليس الحرب، بمشروع قرار تبنّـاه عدد من زعماء مجلس الشيوخ من الحزبين، وعلى رأسهم ديان فاينستاين وريتشارد لوغر وكريستوفر داد وتشاك هيغل وروبرت بيرد وجون سنونو، يؤكد التزام مجلس الشيوخ بضرورة العمل من أجل سلام حقيقي ودائم ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش في سلام مع إسرائيل، ضمن حدود آمنة ومعترف بها.

وطالب مشروع القرار، الرئيس بوش بالشروع في تحرك دبلوماسي قوي، لبدء مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، ويدعو مشروع قرار مجلس الشيوخ، الرئيس بوش إلى البحث في إمكانية تعيين مبعوث خاص خبير في شؤون المنطقة، للمشاركة في عملية السلام في الشرق الأوسط بدرجة وزير، كما رحّـب مشروع القرار بالمبادرة العربية للسلام.

وعلقت السيدة ديبرا ديلي، رئيسة منظمة أمريكيون من أجل السلام على تحرك مجلس الشيوخ فقالت: “إنه لشيء يُـسعد القلوب أن يحيي زعماء مجلس الشيوخ الذكرى الأربعين لحرب يونيو عام 1967 بالمطالبة بالتحرك البنّـاء إلى الأمام وطرح مشروع قرار يتعامل مباشرة مع وضع متفجِّـر، ينطوي على تحديات حقيقية تواجه الولايات المتحدة وإسرائيل وقوى الاعتدال في الشرق الأوسط”.

وأشارت السيدة ديلي إلى أن فحوى مشروع القرار جاءت متسقة تماما مع آراء غالبية العرب واليهود الأمريكيين، الذين يساندون الحلول الدبلوماسية للنزاعات والصراعات في الشرق الأوسط، وقالت: “إن غالبية العرب واليهود الأمريكيين يؤيِّـدون التوصل إلى تسوية عن طريق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويطالبون إدارة الرئيس بوش بدور نشِـط وفعّـال، لتذليل صعوبات التفاوض”.

واتفق معها في هذا التحليل الدكتور جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأمريكي فقال: “إن العرب واليهود الأمريكيين متَّـحدون في رغبتهم من أجل إقرار سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس مبادلة الأرض بالسلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وإنهاء الاحتلال الجاثم على الأرض العربية منذ أربعين عاما”.

آراء عرب ويهود أمريكا

وكان المعهد العربي الأمريكي ومنظمة أمريكيون من أجل السلام قد شاركا في تنظيم استطلاع لآراء العرب واليهود الأمريكيين، أجرته مؤسسة زغبي إنترناشيونال لبحوث الرأي العام لقياس مدى مساندة الجانبين لإقرار السلام في الشرق الأوسط في ذكرى مرور أربعين عاما على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في أعقاب حرب عام 1967، وأظهر الاستطلاع أن أغلبية كبيرة من العرب واليهود الأمريكيين تؤيِّـد حلا دائما يستنِـد إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلّـة، تعيش في سلام بجوار إسرائيل وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، كما وافق أكثر من 80% من العرب واليهود الأمريكيين على ضرورة مساندة الولايات المتحدة لمفاوضات سلام بين سوريا وإسرائيل، ووافقت نِـسب مماثلة على أهمية حلّ الصراع العربي الإسرائيلي، بالنسبة للمصالح الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط.

وعن السبيل الأفضل للتحرك في عملية السلام، رأت نسبة 70% من اليهود الأمريكيين ونِـسبة وصلت إلى 82% من العرب الأمريكيين، أن مبادرة السلام العربية توفِّـر أفضل أساس للتفاوض.

وعلّـق السيد نضال إبراهيم، المدير التنفيذي للمعهد العربي الأمريكي لسويس إنفو على نتائج الاستطلاع فقال: “لقد أدرّك عدد مُـتزايد من العرب واليهود الأمريكيين، أنه لكي يمكن تحقيق تسوية سلمية شاملة ودائمة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فيجب أن يعمل الجانبان معا، فقد رأينا إسرائيل وبعد أربعين عاما من الانتصار في حرب عام 1967، لم تستطع أن تنعم لا بالأمن ولا بالسلام، ولذلك، يُـدرك الجميع الآن أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتأتّـى إلا من خلال تسوية عن طريق التفاوض، تضمن حقوق ومصالح وأمن الفلسطينيين والإسرائيليين، وليس من خلال حل عسكري يفرضه طرف على الطرف الآخر”.

واتفق معه في هذا التحليل السيد ناعوم شيليف، المتحدث باسم منظمة أمريكيون من أجل السلام الآن، الذي قال لسويس إنفو:
“لقد تمكّـنت إسرائيل قبل أربعين عاما من استخدام نصرها العسكري لإثبات أنها ستبقى في المنطقة، ولكنها عجزت طوال أربعة عقود عن أن تحقق لنفسها الأمن والسلام، والسبب الرئيسي في ذلك الفشل، هو أنها لم تُـدرك حقيقة أن النّـصر العسكري في حدّ ذاته، لا يوفر الأمن والسلام الدائم، إلا إذا تمّ التوصل إلى اتفاقيات سلام تضمّـن حقوق ومصالح الطرفين من خلال التفاوض”.

إجماع على فشل بوش

وكان من المُـلفت للنظر في استطلاع آراء العرب واليهود الأمريكيين، اتفاقهم بأغلبية تراوحت بين 77 و80% على أن الطريقة التي تعامل بها الرئيس بوش مع ملف السلام في الشرق الأوسط وأسلوب عدم المشاركة في عملية السلام، أثبتت فشلها وعدم فعاليتها، في حين وافقت نسب تراوحت بين 65 و76% من العرب واليهود الأمريكيين، على أن طريقة إدارة الرئيس كلينتن في التعامل مع الصِّـراع العربي الإسرائيلي ومشاركته الشخصية في عملية السلام، كانت فعالة، وطالب 96% من اليهود الأمريكيين و91% من العرب الأمريكيين بضرورة انخراط الولايات المتحدة في جُـهد دبلوماسي دؤوب، للتوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث أعربت غالبيتهم عن اعتقادهم بأهمية السلام في الشرق الأوسط لتحقيق المصالح الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

وطرحت سويس إنفو سؤالا على المتحدث باسم منظمة أمريكيون من أجل السلام الآن ناعوم شيليف حول كيف يتّـفق التقييم السلبي لبوش بين من استطلعت آراؤهم مع افتخار الرئيس بوش بأنه أول رئيس أمريكي يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة فأجاب قائلا:

“لقد كان الرئيس بوش بالفعل أول رئيس أمريكي يدعو علنا إلى تسوية، تستند إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ولكنه وخلال ستة أعوام من وجوده في البيت الأبيض، فشل في أن يُـترجم أقواله إلى أعمال وأخفقت الولايات المتحدة تحت حُـكمه في الإبقاء على قوة الدفع في عملية السلام الصّـعبة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي تحتاج إلى دور أمريكي مثابر ومتابعة متواصلة، وهو ما أخفق فيه الرئيس بوش”.

وعلّـق السيد نضال إبراهيم، المدير التنفيذي للمعهد العربي الأمريكي على اعتقاد أغلبية العرب واليهود الأمريكيين بفشل الرئيس بوش في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي، فقال لسويس إنفو: “لقد أدّى اقتصار بوش على القول دون العمل، إلى تراجع هيبة ومِـصداقية الولايات المتحدة في العالم العربي، لذلك، لم يكن غريبا أن تجمع غالبية كبيرة من العرب واليهود الأمريكيين على تقييم أدائه فيما يتعلق بجهود السلام في الشرق الأوسط، بأنه غير فعّـال، على عكس الرئيس كلينتن، الذي حظِـي بإعجابهم لمشاركته الشخصية ومتابعته لعملية السلام في المنطقة”.

وخلّـص استطلاع آراء العرب واليهود الأمريكيين إلى اتفاقهم على أن يأخذوا اهتمامهم ومساندتهم القوية للسلام في الشرق الأوسط إلى صناديق الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم، حيث أظهر الاستطلاع أن نسبة 64% من العرب الأمريكيين ونسبة 68% من اليهود الأمريكيين سيُـصوتون لصالح المرشّـح الرئاسي، الذي يتعهّـد بالعمل الجادّ، للتوصل إلى تسوية تُـنهي الصراع العربي الإسرائيلي.

محمد ماضي – واشنطن

يوم 4 يونيو 2007، نشرت مؤسسة زغبي إنترناشينال لاستطلاعات الرأي نتائج سبر آراء مشترك، قام به المعهد العربي الأمريكي وأمريكيون من أجل السلام الآن في صفوف العرب واليهود الأمريكيين، حول آفاق السلام العربي الإسرائيلي.

شارك في استطلاع الرأي 501 يهودي أمريكي يومي 22 و23 مايو 2007 و501 من العرب الأمريكيين من 22 إلى 26 ماوي 2007، وتقدّر نسبة الخطإ في الاستجوابين +/- 4،5%.

سبق أن أجرى معهد زغبي إنترناشينال استطلاعات رأي مشابهة حول نفس الموضوع عامي 2002 و2003.

حول سؤال يتعلق بحق إسرائيل في دولة آمنة ومستقلة، كانت نسبة المؤيدين في صفوف اليهود الأمريكيين 98% مقابل 88% في صفوف العرب الأمريكيين.

وفي سؤال حول حق الفلسطينيين في دولة آمنة ومستقلة، بلغت نسبة الموافقة لدى العرب الأمريكيين 96% مقابل 90% في صفوف اليهود الأمريكيين.

عبّـر 87% من اليهود الأمريكيين عن تأييدهم لحلٍّ تفاوضي، يؤدي إلى إقامة دولتين، فيما بلغت هذه النسبة 94% في صفوف العرب الأمريكيين.

أيد 96% من اليهود الأمريكيين أهمية إقرار السلام بالنسبة للمصالح الإستراتيجية الأمريكية، في حين لم تزد هذه النسبة عن 91% في صفوف العرب الأمريكيين.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية