مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

غير مرغوب فيهم!

بررت السلطات السويسرية قرارات الحظر بكونها تصب في صالح ضمان الأمن العام Keystone

بدأت العديد من الكانتونات السويسرية تفرض قيودا صارمة على تحركات طالبي اللجوء.

قوات الشرطة تلقت أوامر بإبعاد هذه الفئة عن مراكز المدن، والتبرير الذي قدمته السلطات هو الحفاظ على الأمن!

الكانتونات المعنية هي باسل وبرن وجنيف وسلوثورن وفو وزيورخ. أما القيود التي فرضتها فتتعلق بمناطق يُحظر التجول فيها على طالبي اللجوء، وغيرهم من الأشخاص “غير المرغوب” فيهم. وعلى حين أن تلك القيود تهدف إلى استتباب الأمن فإن السلطات السويسرية لا زالت تجد صعوبة في تقييم أثارها ونتائجها الأمنية بسبب حداثة توقيتها.

إجراءات ردعية!

الهدف من فرض الحظر على طالبي اللجوء ردعي بحت. على الأقل هذا ما تؤكده سلطات الكانتونات المعنية، حيث تشدد أنها بذلك إنما تسعى إلى منعهم من اقتراف الجرائم.

من هذا المنطلق، أصدرت سلطات كانتون زيورخ مثلاً قراراً يقضي بمنع طالبي اللجوء غير المرغوب فيهم من دخول مركز المدينة، وبدأت فعلا في تطبيقه منذ بداية شهر ديسمبر. كما تم بدءا من شهر أكتوبر تقييد تحركات ستين شخصا في كل من مدينة وينترتور، ومدينة زيورخ، ومناطق أخرى في الكانتون.

ويتمتع مكتب الهجرة في الكانتون بصلاحية منع وتقييد تحركات الأفراد ممن لا يملكون تصريح بالإقامة لمدة عام أو من يشتبه في اتجارهم في المخدارت. لكن هذا التضييق لا يقتصر فقط على هاتين الفئتين، بل يتعداهما إلى كل من يترك “انطباعاً سيئاً”. ويستخدم هذا التعبير للإشارة إلى المشردين والمدمنين على المخدرات وغيرهم ممن رفعت ضدهم شكوى ما.

“للردع حدود”!

وفقا لمصادر عديدة، عمدت سلطات ضاحية مايلين في كانتون زيورخ إلى الذهاب أبعد من ذلك، حيث منعت طالبي اللجوء لديها من دخول الملاعب الرياضية ومركزها المحلي.

أكد هذا الخبر لسويس إنفو كل من والتر أنجست، المسؤول في منظمة “أفتح عينيك” التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، ومارك سبيشا، المحامي والمتخصص في حقوق الأجانب. كما نشرت صحيفة النويه تزورخر تزايتنج ،في عددها الصادر في 12 ديسمبر، خبراً يشير إلى إصدار الضاحية تصريحات بتضييق تحركات ثمانين طالب لجوء.

وصف السيد سبيشا قرار الضاحية بأنه انتهاك دستوري صارخ، حيث يقول:”أن نضع حظرا على جماعة بأسرها هو أمر يتناقض مع الدستور (السويسري)، كما أنه إجراء لا يتناسب (مع حجم المشكلة)”.

الجدير بالذكر أن السلطات المحلية في الضاحية تنكر علمها بهذه الإجراءات، بل وزعمت متحدثة رسمية باسمها لسويس إنفو بأنه “لا وجود لأوامر من هذا القبيل”!

قانون “قديم”؟

رغم ما ذكره السيد سبيشا من عدم دستورية مثل هذه النوعية من الإجراءات، إلا أنها تعتمد على أساس قانوني سليم. فهي تستند إلى قانون فدرالي صدر عام 1995، حدد وبصورة مفصلة، حقوق الأجانب في البقاء البلاد.

أعطى القانون سلطات الكانتونات الحق في تضييق الخناق على حرية حركة الأشخاص، ممن يشتبه في ارتكابهم جرائم ما، في الأماكن العامة. وفي حال عدم التزام الشخص المعني بالقرار الصادر في حقه فإنه قد يتعرض إلى السجن لمدة عام.

والملفت أن هذا القانون رغم وجوده منذ عام 1995 لم يستخدم إلا في حالات نادرة، ولم تبدأ الكانتونات في تفعيله إلا في الفترة الأخيرة فقط

حتى المواطنين لم يسلموا!

اتخذت سلطات كانتون برن إجراءات أكثر شدة وصرامة. فقد انفردت بتقييدها لتحركات المواطنين السويسريين والأجانب ممن يتمتعون بحق الإقامة، ممن تعتبر وجودهم في الأماكن العامة غير مرغوبٍ.

واستندت في قرارها هذا على بندٍ أدُرج في قانون شرطة الكانتون عام 1997، لتصبح الوحيدة بين الكانتونات التي تمكنت من استصدار مثل هذا النص القانوني. وبناءا عليه عمدت سلطات برن وبيل وثون منذ بداية العام الجاري إلى تحديد مجال تحرك 300 شخص.

انتهاك لحقوق الإنسان؟

بعيدا عن البنود القانونية والدستورية، يحق للمرء التساؤل عن مدى تماشي مثل تلك الإجراءات مع حقوق الإنسان. الغريب أنه لا توجد إجابة شافية على ذلك. بل إن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ، بشأن إجراء حظر على تحرك شخصين في هولندا، صب في اتجاه معاكس لما قد يتوقعه البعض.

فقد قرر قضاة المحكمة، بأغلبية صغيرة، أن هذه النوعية من القرارات قد تخدم الصالح العام في حالات معينة، وأنها لذلك تتماشى مع حقوق الإنسان!

سويس إنفو

يبلغ عدد طالبي اللجوء في سويسرا 95.000 لاجئا.ً
يقدر المكتب الفدرالي للاجئين عدد المتورطين منهم في تجارة المخدرات بنحو 1000 إلى 1500، أي ما يصل إلى نسبة 1% من إجمالي عدد طالبي اللجوء.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية