مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قانون جديد لقضية قديمة

فتحت قضية احتكار اسعار الفيتامينات وفرض عقوبات اوروبية امريكية على الشركات السويسرية وإفلاتها من أية غرامة في سويسرا، ملف مواجهة الاحتكار على مصراعيه swissinfo.ch

بدأ العمل ابتداء من غرة إبريل 2004 العمل بقانون سويسري جديد لمواجهة الاحتكارات، يرى فيه الخبراء سلاحا فعالا لمعاقبة كل من يحاول السيطرة على الأسواق.

من ناحية أخرى سيعمل القانون الجديد لفائدة المستهلك الذي سيشعر بأن الأسعار ليست مفروضة عليه.

يقول خبراء الاقتصاد بأنه إذا تناقشت الشركات المنتجة في تحديد أسعار منتجاتها فهو احتكار أفقي، أما إذا اختارت الشركات شبكات توزيع محددة، أو تجار تجزئة بعينهم لتوزيع منتجاتها فهو الاحتكار الرأسي.

وفي كلتا الحالتين فإن المستهلك هو المتضرر وكذلك الاقتصاد المحلي الذي يمنى بخسائر يمكن أن تصل إلى مليارات الفرنكات سنويا، حسب رأي الخبراء.

وطبقا لتوصيات صندوق النقد الدولي والمنظمة الأوربية للتنمية والتعاون الدولي، المتعلقة بالاقتصاد الداخلي السويسري، فإن التخلص من بعض القيود المفروضة على تحرير الأسعار سيؤدي إلى رفع الناتج المحلي القومي بنسبة تتراوح بين 0.5% و 0.8% سنويا، وهو ما يعني عمليا ضرورة النظر في سياسة الاحتكارات المتبعة حاليا في السوق السويسرية.

تحرك سويسري بطئ

إلا أنه وعلى الرغم من تلك التوصية، يتضح من الحقائق الثابتة أن سويسرا تحركت ببطء في مواجهة السياسة الاحتكارية التي تتبعها كبريات الشركات وشبكات التوزيع التي تغطي أنحاء الكنفدرالية، ويعود ذلك إلى ضغط تلك الشركات على الحكومة من أجل عدم التدخل في الاقتصاد الخاص استنادا إلى الحرية التي يتمتع بها رأس المال في ظل نظام رأسمالي ليبرالي، ولم تفلح محاولات التيارات اليسارية لتعديل هذا الوضع لفائدة المستهلكين، إلى حين صدور أول قانون ينظر في عملية الاحتكار في عام 1996.

إلا أن هذا القانون لم يتضمن أية عقوبات رادعة لموجهة عمليات الاحتكار كما أن التحقيق في أية شبهات لا يكون بالسرعة الكافية، وهنا تشير أصابع الاتهام أيضا إلى تدخل أصحاب الشركات الكبرى على أنها المتسببة في تلك الحالة، فاللجنة الفدرالية لمكافحة الاحتكار قامت بالتحقيق في بضعة حالات، إلا أنها لم تفرض مثلا عقوبات على المخالفين، يمكن أن تكون رادعة لغيرهم.

فعلى سبيل المثال تعرضت شركة روش للأدوية والصناعات الكيماوية في عام 2001 إلى الاتهام بأنها تحتكر فرض اسعار الفيتامينات في السوق، فعوقبت في الولايات المتحدة بغرامة بلغت نصف مليار دولار، وفي الاتحاد الاوروبي دفعت 462 مليون يورو عقابا على نفسه التهمة، بينما لم تتعرض لأية غرامة مالية في سويسرا!

ويدافع رولف دالر مدير اللجنة الفدرالية لمكافحة الاحتكارات عن تلك الاتهامات قائلا بأن العقوبات لا يتم توقيعها أو فرضها إلا إذا تكررت المخالفة التي يتم التحذير منها.

الإلتحاق بالمعايير الأوروبية

ما تعرضت له شركة روش هو مثال واحد لما يصفه المتخصصون بأنه تراخ وتراجع في تطبيق قانون مواجهة الاحتكارات مقارنة مع المعايير الدولية، لا سيما في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إلا أن رولف دالر يقول بأن قضية شركة روش تحديدا كانت الحافز الرئيس وراء تعديل القوانين السويسرية لتقترب من نظيرتها الدولية.

ويشير رولف دالر هنا إلى القانون الجديد الذي يسري اعتبارا من الفاتح من أبريل، ووضع فيه الخبراء آليات جديدة، من المفترض أن تحول دون سياسة الاحتكارات الحالية، وينص على عقوبات من المفترض أن تكون رادعة، تقف حاجزا بوجه تكوين وبناء شبكات الاحتكار.

ومن أهم التعديلات التي ينص عليها القانون الجديد فرض عقوبات بعد أول ابلاغ عن أية مخالفة، قد تصل إلى 10% من إجمالي مبيعات الشركة في الثلاثة أعوام الأخيرة، أي أنها لن تكون غرامة رمزية كما كانت سابقا.

ويقول الخبراء بأن صعوبة التحقق من مخالفة القانون تكمن في أن أغلب الشركات تحيط مفاوضاتها لتحديد وفرض الأسعار بسرية كبيرة، ويصف بعضهم ذلك الأسلوب بأنه أشبه بالطريقة الذي تتبعها شبكات المافيا الايطالية، مما يتطلب أسلوبا متميزا في اختراقها والكشف عن مخالفاتها.

تخفيض الأسعار

وعلى الرغم من تلك التعديلات الهامة والجوهرية إلا أن رودولف فالزر الخبير الاقتصادي في رابطة أرباب العمل السويسريين لا يتوقع أن تؤدي إلى تغيير كبير في سياسة الشركات في وضع الأسعار والاتفاق عليها، ولكنها قد تعمل على تخفيض أسعار بعض السلع الاستهلاكية، حتى لا تقع الشركات المنتجة في دائرة الاشتباه، كما سيسمح هذا القانون بتعدد أنواع مصادر السلع، لفائدة المستهلك بالطبع.

في المقابل تطالب رابطة أرباب العمل السويسريين بدور فعال للحكومة لتشجيع التنافس التجاري والاقتصادي، أي بمزيد من الليبرالية الاقتصادية في مجالات كالطاقة والبريد والقطاع الفلاحي.

ووسط هذا التفاؤل الحذر والتشاؤم المطلق من فعالية القانون الجديد وجدواه، ترى جمعية حماية المستهلك السويسرية أن القانون الجديدة يمثل خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، لأنها ستعمل على تخفيض الأسعار تدريجيا، وتقضي على ظاهرة ارتفاعها مقارنة مع دول الجوار.

في الوقت نفسه تقول الجمعية بأن المنتجين الذي استفادوا سابقا من ممارسة الاحتكار لن يتخلوا عن التفكير في وسائل أخرى يحاولون من خلالها الحفاظ على الأسعار في مستواها الحالي.

سويس انفو

صدر أول قانون سويسري لمكافحة سياسة الاحتكار في 1 يونيو 1996، وواجه انتقادات حادة من جمعيات حماية المستهلكين بسبب ضعف العقوبات الواردة فيه.
ترتفع أسعار السلع الاستهلاكية في سويسرا ما بين 30 و 40% مقارنة مع دول الجوار، بسبب احتكار كبريات الشركات لأصناف بعينها.
تخسر سويسرا سنويا 7 مليار فرنك بسبب شراء المستهلكين لبضائع من الخارج بسبب رخص أثمانها.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية