مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قضية التجسس في الأمم المتحدة تتفاعل

كانت للجدارن آذان في قصر الأمم المتحدة في جنيف Keystone

طالبت سويسرا يوم الجمعة برفع الحصانة الدبلوماسية في الأمم المتحدة للتمكن من فتح تحقيق قضائي حول جهاز التنصت المتطور الذي تم اكتشافه في مقر المنظمة بجنيف.

الإعلان جاء على لسان مكتب المدعي العام الفدرالي الذي علم بالقضية من وسائل الإعلام السويسرية مساء الخميس. ومازالت برن تنتظر رد الأمم المتحدة.

أكد المتحدث باسم مكتب المدعي العام الفدرالي بيتر ليمان يوم الجمعة أن المكتب علم بقضية ميكروفونات التجسس المتطورة التي تم العثور عليها في إحدى أهم قاعات قصر الأمم المتحدة في جنيف من قبل وسائل الإعلام السويسرية مساء الخميس 16 ديسمبر الجاري.

وشدد السيد ليمان على أن الأمم المتحدة لم تتصل قبل ذلك بالسلطات السويسرية لإبلاغها باكتشاف جهاز التنصت (الذي عثر عليه في أوائل شهر نوفمبر الماضي).

وأوضح في هذا السياق أن هنالك احتمال خرق للمادة 271 من القانون الجنائي السويسري في هذه القضية، مضيفا أن تلك المادة تتعلق بالأعمال التي يتم تنفيذها خارج إطار القانون من قبل دولة أجنبية فوق الأراضي السويسرية.

في المقابل، قال السيد ليمان: “لا نتوفر حاليا على أية عناصر لمعرفة ما إذا تم بالفعل انتهاك هذه المادة، يجب أولا أن ترفع الحصانة كي نتمكن من فتح التحقيق”.

وقد تم تسليم طلب رفع الحصانة إلى المدير العام للأمم المتحدة في جنيف السيد سرجي أوردهونيكيتش. وشدد المتحدث باسم مكتب المدعي العام الفدرالي على أنه “يجب معرفة ما إذا كانت المصلحة من إجراء ملاحقة قضائية أهم من مصالح الأمم المتحدة. إذا ما لم نتمكن من الوصول إلى المباني والموظفين، فلا يمكن لسويسرا أن تقوم بأي شيء”.

ويذكر أن مكتب المدعي العام الفدرالي، الذي ليس لديه علم بقضايا تجسس مماثلة في جنيف، يقوم بتحركاته لدى الأمم المتحدة في جنيف عبر البعثة السويسرية في قصر المنظمة.

التحقيق الداخلي لم يحدد المسؤولين

وقد أكدت المتحدثة باسم الأمم المتحدة في جنيف ماري هوزي أن المنظمة تسلمت طلب سويسرا المتعلق برفع الحصانة الدبلوماسية. غير أنها أوضحت أن الجوانب القانونية لهذه المسألة “معقدة”، وأن رد الأمم المتحدة لا يمكن أن يأتي على الفور.

وكانت السيدة هوزي قد أكدت أيضا يوم الجمعة خبر اكتشاف جهاز التنصت في إحدى أهم قاعات قصر الأمم المتحدة في جنيف. وجاء البيان الذي تلته أثناء جلسة إعلام وكالات الأنباء المعتمدة في المنظمة في جملتين فقط:

“أؤكد أنه أثناء عمليات تجديد القاعة الفرنسية، اكتشف عمال في مكتب الأمم المتحدة بجنيف جهاز تنصت متطور. ولم يسمح التحقيق بتحديد من تمكن من وضع هذا الجهاز في الصالون الفرنسي”.

لكن بعدما انهالت عليها أسئلة الصحفيين، أوضحت السيدة ماري هوزي أن أشغال تجديد الصالون الفرنسي تمت “بين صيف وخريف هذا العام”، مضيفة أن التحقيق تم من قبل أجهزة الأمن الداخلية للأمم المتحدة. وقالت في هذا السياق: “لا نعلم متى تم وضع الجهاز”.

قاعة “مباحثات خاصة”..أيضا

وذكّرت المتحدة باسم الأمم المتحدة في جنيف أن الصالون الفرنسي أُهديَ للأمم المتحدة من قبل فرنسا في حقبة “عصبة الأمم” قبل الحرب العالمية الثانية. وكانت باريس قد وافقت على تجديده هذا العام.

ونوهت السيدة هوزي إلى أن الصالون الفرنسي ليس مخصصا فقط للفرنسيين بل يستقبل وفودا كثيرة. وهو يوجد بجانب قاعة المجلس حيث تُعقد نقاشات المؤتمر حول نزع الأسلحة. وعادة ما ينسحب الدبلوماسيون إلى الصالون الفرنسي، أجمل وأرقى قاعات قصر الأمم المتحدة بجنيف، لإجراء مباحثاتهم الخاصة “بعيدا عن الآذان المتطفلة”.

وقد استـُعملت القاعة الفرنسية أيضا من قبل الوفود في سبتمبر 2003 أثناء اجتماع عُقد حول العراق بين وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. لكن جهاز التنصت الذي تم العثور عليه وُضع قبل ذلك التاريخ.

وتجدر الإشارة إلى أن القاعة الفرنسية تحتضن كل يوم اربعاء المؤتمر الأممي عبر الفيديو الذي يتم بين جنيف ونيويورك.

معدات من صنع البلدان الشرقية

وكان تلفزيون سويسرا الروماندية (TSR)، أول من أعلن مساء الخميس 16 ديسمبر عن خبر اكتشاف جهاز التنصت في قصر الأمم المتحدة، قد أوضح أنه عُثرَ على الجهاز في تلبيسة خشبية لجدران الصالون الفرنسي.

وفي التقرير الذي خصصته النشرة الرئيسية المسائية (19:30) للموضوع على نفس القناة، أعرب خبير في أجهزة التنصت، اعتمادا على الصور التي أخذت للجهاز، عن اعتقاده أنه من صنع روسيا أو أحد بلدان أوروبا الشرقية، وأن حجمه يشير إلى أنه صنع قبل ثلاث أو أربع سنوات.

لكن الخبير رفض توجيه إصبع الاتهام إلى الاستخبارات الروسية قائلا: “في عالم التجسس، يتم في غالب الأحيان اقتناء الأجهزة لدى الجار بهدف التشويش على الأدلة”.

من جهته، وفي تصريح أيضا لقناة سويسرا الروماندية المتحدثة بالفرنسية، شدد جاك بو، كاتب موسوعة حول أجهزة المخابرات، على أن “هذه هي المرة الأولى منذ الحرب الباردة التي يتم فيها اكتشاف دليل على وضع مثل هذا الجهاز في الأمم المتحدة”.

وعما يمكن أن يتداول في القاعة الفرنسية، قال السيد بو: “قبل عمليات التصويت في مجلس الأمن، تتفق الوفود على خططها لحشد دعم دول أخرى لمواقفها، وهذه ليست بالضرورة أِشياء سرية للغاية، لكن مصالح البعض يمكن أن تعتمد على الاستماع لما يحضره الخصم”.

سويس انفو مع الوكالات

في شهر فبراير الماضي، اتهمت وزيرة سابقة في حكومة رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير أجهزة المخابرات البريطانية بالتنصت على مكالمات الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قبل شن الحرب ضد العراق.
ومؤخرا، اتهمت صحيفة “واشنطن بوست” أجهزة الاستخبارات الأمريكية بالتجسس على مكالمات هاتفية بين رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ودبلوماسيين إيرانيين.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية