مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لا نثق بصحافتكم!

أدت الأكاذيب التي نشرتها صحفية سونتاج بليك الصفراء إلى إستقالة السفير السويسري بورر من منصبه Keystone

بدلا من الحديث عن الذكرى ال25 لتأسيسه، وجد مجلس الصحافة السويسري نفسه متهما ومدافعا في وقت واحد.

غير أن مشاعر عدم الثقة التي عبر عنها السويسريون في صحافتهم الوطنية، لم تمنع من تأكيد المجلس على أن هناك قدرا من المبالغة فيما يُقال…

كانت الصفعة قاسية، وبصماتها بدت واضحة على كيان الصحافة السويسرية ككل. حدث ذلك في مايو من هذا العام، عندما نشرت صحيفة السونتاج بليك الصفراء مزاعم بتورط سفير سويسرا السابق لدى برلين في علاقة خارج إطار الزوجية.

تسبب نشر الموضوع في إنهاء مستقبل السفير الدبلوماسي، الذي استقال غاضبا بسبب عدم حصوله على التأييد الذي انتظره من وزارة الخارجية. أما الفضيحة الحقيقية فتمثلت في أن الصحيفة لفقت القضية برمتها، ونشرت صورا زائفة لدعم مزاعمها.

وعلى الرغم من أن تداعيات اكتشاف الحقيقة أدت إلى فصل رئيس تحرير الجريدة والصحافي الذي كتب الموضوع، إلا أن القضية وجهت ضربة فادحة إلى سمعة ناشر الصحيفة رينجيير، وأثارت تساؤلات عن المعايير الصحفية المستخدمة في منشوراته.

الكل أصبح متهما!

السونتاج بليك وناشرها لم يكونا المتضررين الوحيدين، فقد تأذت معهما مهنة البحث عن المتاعب. برز ذلك بصورة جلية في استطلاع للآراء، أجراه المنتدى الاقتصادي الدولي، والذي أثبت أن ثلثي المستجوبين من السويسريين لا يثقون بصحافة بلادهم.

وزاد الطين بله، أن دراسة أجرتها منظمة صحافيون بلا حدود أظهرت أن سويسرا تحتل المرتبة ال15 من بين 139 دولة في مجال حرية الصحافة. وبررت المنظمة ذلك بوجود حالات تم فيها التجسس على مكالمات الصحفيين، وأن رؤساء التحرير خضعوا لضغوط أصحاب الإعلانات ووافقوا على عدم نشر معلومات مهمة.

هناك قدر من المبالغة!

كل تلك الأنباء السيئة لم تنجح في إثارة قلق مجلس الصحافة السويسري، الذي يتولى مهمة التحقيق في الشكاوى المقدمة ضد وسائل الأعلام. حيث صرح رئيس المجلس بيتر شتودر، في حديث مع سويس إنفو، بأن الوضع ليس بالخطورة التي يبدو عليها.

كما أن المسألة فيها قدر من المبالغة. فهو يقول:” أعتقد أنه لا يجب علينا أن نبالغ فيما حدث بالنسبة لقضية بورر لسببين. الأول، أنها كانت حادثة خرجت عن كل المقاييس في تاريخ الصحافة السويسرية؛ والثاني، أن الناشر، رغم تردده في البداية، تحمل عواقب الفضيحة وطرد كل الأشخاص المتورطين فيها، وأعتذر علنيا للسيد بورر وللجمهور”.

يُقر السيد شتودر بأن الأساليب التي استخدمتها صحيفة السونتاج بليك ساهمت في تشكيل الصورة السلبية للجمهور عن الصحافة:”مصورو هذه الصحف هاجموا السفير بورر ولاحقوه، ونشروا مقالات طويلة ضده، في الوقت الذي كان يقضّي فيه إجازته”.

لكنه يُذّكر بأن:”كل الصحف الأخرى نأت بنفسها عن هذا الأسلوب، وفي النهاية أضطر الناشر إلى الاعتذار. وفي اعتقادي أن ما حدث شكل صدمة صحية، وأن استطلاع الآراء، الذي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي، تم في ذروة هذه القضية”.

وماذا عن حرية الصحافة؟

يريد السيد شتودر أن يرى سويسرا تحتل موقعا متقدما عن مرتبتها الحالية في قائمة منظمة صحافيون بلا حدود. لكنه يعتقد في الوقت ذاته أن الكونفدرالية تتمتع بأساس دستوري عصري وكريم يؤمن حرية الصحافة، وذلك على خلاف دول أخرى تصدرت القائمة.

هذا لا يعني أن السيد شتودر لا يرى أن هناك تغييرات يجب أن تتم على الساحة السويسرية. فهو على سبيل المثال يدعو إلى تغيير قانون يمنح القاضي الحق في منع نشر مقال ما، بدون استشارة الصحيفة أو حتى الاستماع إليها، إذا أعترض شخص بدعوى أنه سيتسبب في الأضرار به أدبيا أو ماديا.

إلا أن الحصيلة الإجمالية تظل في رأيه جيدة:” لدينا تلفزيون عام يعمل وفقا لمعايير مرتفعة. كما أن لكل منطقة في سويسرا صحيفة تتمتع بجودة جديرة بالثناء، ولدينا حياة صحفية نشطة للغاية على المستوى المحلي الأدنى. وعدا عن ذلك، فإننا نتوفر على مجموعة من الصحف الرصينة التي تحوز على سمعة وجودة متميزتين حتى عند مقارنتها على مستوى دولي”.

سويس إنفو

مايو 2002: أثارت قضية السفير بورر ردة فعل جماهيرية غاضبة، وأدت إلى استقالة رئيس تحرير صحيفة السونتاج بليك الصفراء
أكتوبر 2002: سويسرا تحتل المرتبة 15 من بين 139 دولة في تقييم دولي لحرية الصحافة
نوفمبر 2002: أظهر استطلاع للرأي العام أن ثلثي السويسريين المستجوبين لديهم تحفظات على الصحافة الوطنية
نوفمبر 2002: أحتفل مجلس الصحافة السويسري بذكرى تأسيسه ال25

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية