مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لجنة حقوق الإنسان.. تأجيل جديد يموه على الخلافات

كان قصر الأمم بجنيف المحفل العالمي لحقوق الانسان على مدى العشريات التي نشطت فيها لجنة حقوق الانسان وسيظل كذلك مقرا لعمل المجلس الجديد Keystone

قررت لجنة حقوق الإنسان مجددا تعليق أشغالها لأسبوع آخر، رسميا في انتظار قرار من المجلس الإقتصادي والاجتماعي لمنظمة الأمم المتحدة بخصوص إنهاء أشغالها.

لكن عدة جهات أوضحت لسويس إنفو بأن القرار ليس إلا تمويها عن عجز مكتب اللجنة في التوصل الى إجماع بخصوص جدول أعمال آخر دورة لها، ما بين مطالبين بدورة إجرائية ومعارضين لها.

مثلما كان متوقعا، استأنفت لجنة حقوق الإنسان أشغال دورتها الثانية والستين صباح يوم الاثنين 20 مارس بعد تعليق لمدة أسبوع للسماح للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة باتخاذ قرار تأسيس مجلس لحقوق الإنسان ليحل محل اللجنة.

ولكن هذا الاستئناف لم يتواصل لأكثر من خمس دقائق لكي يعلن فيه رئيس الدورة عن تعليق أشغال الدورة حتى بعد ظهر الاثنين 27 مارس الحالي.

مانويل رودريغس كوادروس، رئيس الدورة وسفير البيرو، برر هذا التأجيل الثاني بـ “انتظار قرار من المجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة بخصوص إنهاء أشغال لجنة حقوق الإنسان”.

خلافات وتساؤلات

بعض المندوبين في لجنة حقوق الإنسان اعتبروا أن الحديث عن “انتظار قرار من المجلس الاجتماعي والاقتصادي لتوضيح كيفية إنهاء أشغال اللجنة” ليس إلا محاولة للتمويه على صعوبة توصل مكتب اللجنة الى إجماع بخصوص جدول أعمال الدورة الثانية والستين.

إذ في الوقت الذي ترغب فيه المجموعة الغربية المدعومة من بعض الدول، تخصيص الدورة الحالية لتقييم عمل اللجنة ومحاولة إظهار إنجازاتها وعدم الإكتفاء بالتركيز على سلبياتها، ترى المجموعتان الآسيوية والإفريقية، أن المجموعة الغربية كثيرا ما رددت أن اللجنة “فقدت كل مصداقيتها بسبب التسييس”، وتتساءل ما هو الدافع لتشييعها الآن إلى مثواها الأخير “بجلالة وتكريم”، مطالبة بالاكتفاء بدورة إجرائية تختصر مهمتها الأساسية في إنهاء أشغال لجنة حقوق الإنسان دون أية تشريفات.

يضاف الى ذلك أن المجموعة الغربية ومعها بعض الدول (بل حتى بعض المنظمات غير الحكومية)، تضغط للمطالبة بمعالجة ملفين على الأقل من الملفات العالقة، وقد خصت بالذكر مشروع معاهدة حول الاختفاءات القسرية ومشروع معاهدة أخرى بخصوص الشعوب الأصلية. وفيما يعتبر المشروع الأول جاهزا للمصادقة عليه بعد أكثر من من عامين من النقاش، يمكن القول أن النقاش بشأن الملف الثاني قد استغرق أكثر من عشرين عاما.

من جهتها، تتساءل المجموعتان الآسيوية والإفريقية لماذا الحرص على هذين الملفين دون سواهما، وتشترطان إما تنظيم دورة تناقش فيها كل الملفات المطروحة أو دورة إجرائية تكتفي بمعالجة كيفية إنهاء نشاط لجنة حقوق الإنسان وتحديد أسلوب البدء في التحضير لإقامة مجلس حقوق الإنسان الجديد.

وفيما يؤيد رئيس الدورة الحالية معالجة المشروعين المشار إليهما سابقا، ترى المفوضة السامية لحقوق الإنسان أنه “من الأفضل عدم اتخاذ قرارات قد تضر بعمل مجلس حقوق الإنسان” الذي يتوقع أن ينطلق رسميا يوم 19 يونيو القادم.

مشاكل إجرائية وتراجعات محتملة

من جانبها، أوضحت بعض المصادر أن سويسرا (التي لعبت دبلوماسيتها دورا فعالا في إنجاح المشروع الذي تقدمت به من أجل تأسيس مجلس حقوق الإنسان ليحل محل اللجنة) تبدي تخوفها من عدم قيام الدورة الحالية للجنة حقوق الإنسان بتحديد إجراءات التحضير للمجلس الجديد.

وأشارت هذه المصادر بالخصوص الى مسألة تمويل الجلسات التي ستخصص للنظر في تأسيس المجلس قبل تحديد ميزانيته، إلا أنها لم تستبعد هذه احتمال تنظيم سويسرا لأيام نقاش حول الموضوع تمولها بنفسها.

وعلى الرغم من تأكيد الجميع على أن لجنة حقوق الإنسان سوف تحول كل الملفات الى مجلس حقوق الإنسان، وعلى أن قرار تأسيس المجلس الجديد ينص على ضرورة استئناف كل آليات حقوق الإنسان التي عملت بها اللجنة على مدى 62 عاما، إلا أن تداول البعض لفكرة “مراجعة آليات حقوق الإنسان من جديد خلال العام الأول من عمل المجلس” تثير تخوفات شتى لدى مختلف الأطراف خصوصا وأن بعض المجموعات الجغرافية قد تحاول من خلال المراجعة المزعومة التخلص من آليات استعملت في بعض المراحل ضد بعض البلدان الأعضاء فيها.

ومن المؤكد أن هذه الأجواء تؤشر إلى ميلاد عسير لمجلس حقوق الإنسان، وهو المحفل الذي طالما ترقبه الجميع لكي يضع حدا للجمود الذي وصلت إليه لجنة حقوق الإنسان بسبب التسييس والكيل بمكيالين وجراء التحالفات الإقليمية (من قبيل انصر أخاك ظالما أو مظلوما) التي لم تسلم منها أية مجموعة جغرافية.

سويس انفو – محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية