مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ما بين “الإدانة” و”الانشغال”…

فلسطينيون يحملون جثة رفيق لهم إثر مقتله في تبادل لإطلاق النار الشهر الماضي في طولكرم والذي منعت القوات الإسرائيلية اليوم سيارات الأسعاف من الدخول إليها Keystone

بعد صمت تواصل أربعة أيام، أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيانا اليوم الثاني من أبريل من مقرها في القدس أعربت فيه عن قلقها البالغ من "عدم الاحترام الصارخ للخدمات الطبية" خلال الأسابيع الماضية. لكنها في بيانها، وبصورة حرية بإثارة علامات الاستفهام، ركزت في حديثها على التزام "طرفي النزاع" بتعهداتهما.

كان ملفتا أن البيان لم يشر في بدايته إلى إسرائيل تحديدا. فقد أعرب عن “قلق اللجنة الدولية للصليب الأحمر البالغ” تجاه ما وصفه ب”عدم الاحترام الصارخ للخدمات الطبية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة خلال موجة العنف غير المسبوقة الأخيرة”.

ورغم إدانة البيان القوي لأي اعتداء تتعرض له المنشآت الطبية والعاملون فيها، إلا أنه كان محايدا بشكل مستغرب عندما ناشد كل الأطراف المعنية (أي الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني تحديدا) احترام الخدمات الطبية. وبذلك ساوى البيان بين الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة التي تتابعها وكالات الأعلام الدولية يوميا وبين بعض الحوادث الفردية التي تسبب فيها فلسطينيون.

أشار البيان تحديدا إلى الهجمات التي تعرضت لها خدمات الإسعاف التابعة لكل من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني و نجمة داوود الحمراء (وهي جمعية إسرائيلية تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر).

حيث جرح، كما يقول البيان، أربعة عاملين تابعين لنجمة داود الحمراء في هجوم انتحاري حدث يوم 31 مارس بالقرب من مركز طبي في مستوطنة إيفرات. على حين قتل، قبل ثلاثة أسابيع، ثلاثة من العاملين في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من رجال الإسعاف بعد تعرضهم لإطلاق النار من قبل القوات الإسرائيلية في جنين وطولكرم.

اللجنة “منشغلة” وتناشد “الطرفين”

لم تستخدم اللجنة تعبير الإدانة عند حديثها عن الانتهاكات الإسرائيلية. استخدمت بدلا من ذلك كلمة “الانشغال”. حيث تقول إن اللجنة”منشغلة بسبب القيود المتزايدة التي فرضتها قوات الدفاع الإسرائيلية”.

عددت اللجنة تلك القيود بأنها “المفروضة على جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والمهام الإنسانية للجنة الدولية للصليب الأحمر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ والتأخيرات التي يتعرض لها العاملون لديهما في نقاط التفتيش (لمدة ثمان ساعات أحيانا)، ورفض السماح بمرور الضحايا والجرحى، والتحرش بالعاملين في طاقم الإسعاف التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني”.

بعد ذلك، ورغم أن بيان اللجنة لم يشر إلى أي انتهاك من الجانب الفلسطيني (باستثناء العملية الانتحارية في مستوطنة إيفرات السابقة الذكر) إلا أنه عاد ليناشد الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني (معا) بالالتزام بتعهداتهما وفقا للقانون الإنساني الدولي، وضمان احترام المهام الطبية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ما هي الانتهاكات الفلسطينية المقصودة؟

لم تتمكن رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تل أبيب السيدة اليكسندرا ماتييفيتش، عند حديثها مع سويس إنفو، من تحديد طبيعة الانتهاكات التي أقدم عليها الجانب الفلسطيني تجاه الخدمات الطبية، والتي استدعت مناشدته مع الجانب الإسرائيلي، الالتزام بتعهداتهما الدولية.

فقد أجابت في البداية بالقول إن على الطرفين ضمان احترام التزام مواطنيهما بمبادئ القانون الإنساني الدولي. وعندما ُسئلت عن أي سلطة فلسطينية تتحدث في الوقت الذي تحاصر فيه القوات الإسرائيلية قيادتها، ردت قائلة “أعني السلطة الوطنية”.

عندما طلبت سويس إنفو من السيدة اليكسندرا ماتييفيتش أن تعدد الانتهاكات التي أقدم عليها الجانب الفلسطيني خلال الأيام الماضية منذ بدء إسرائيل في إعادة احتلال الأراضي الفلسطينية، ردت بالحديث عن العمليات الانتحارية الفلسطينية التي استهدفت المدنيين من الإسرائيليين.

وعندما لفتت سويس إنفو إلى أن البيان الذي تتحدث عنه ركز فقط على الخدمات الطبية ولم يشر إلى العمليات الانتحارية الفلسطينية، نوهت السيدة ماتييفيتش إلى حادثة وقعت في بداية الشهر في رام الله أطلق فيها مسلحون فلسطينيون النار من مستشفى.

ولأنه كان من الواضح خلال الحديث أن إجابتها لم تكن مقنعة أوضحت السيدة ماتييفييتش أن الهدف الأساسي من بيان اللجنة هو ضمان حماية العاملين في المجال الطبي وخدمات الإسعاف والمنشئات الطبية، وضرورة التزام الأطراف الموقعة على اتفاقيات جنيف بما ورد فيها.

ومن الذي يعرقل أداء تلك المهام؟ هنا اختارت السيدة ماتييفيتش الإجابة دون ذكر أسماء. تقول:”إذا نظرنا إلى الوضع في الأراضي الفلسطينية اليوم فإن الوضع في رام الله وبيت لحم يثير القلق للغاية، حيث لم يُسمح لسيارات الإسعاف بالتحرك فيهما منذ يوم أمس. فمنذ الصباح توقفت حركة سيارات الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في رام الله بسبب القبض على رئيسها. كما أن حركة سيارات الإسعاف في بيت لحم توقف بسبب عدم وجود ضمان لمرورهم الآمن”.

اختارت السيدة ماتييفيتش الحديث عن ما يحدث على أرض الواقع بدلا من تسمية الجهات. بيد أنه كان مفهوما أنها تقصد أن “السلطات الإسرائيلية هي التي منعت حركة سيارات الإسعاف في رام الله وبيت لحم”.

إلهام مانع

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية