مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مثقفون عرب يطالبون بمنع عقد مؤتمر مثير للجدل في بيروت

المشكك السويسري يورغين غراف سيشارك فى فعاليات مؤتمر "مراجعة التاريخ والصهيونية" swissinfo.ch

أنتقل الجدل الذي ثار في سويسرا قبل شهور إثر الإعلان عن مشاركة يورغين غراف- وهو مثقف سويسري عرف بنفيه لحدوث المحرقة النازية- فى مؤتمر سيعقد في بيروت تحت عنوان "مراجعة التاريخ والصهيونية"، أنتقل إلى صفوف المثقفين العرب.

ما كان رجعه خافتا قبل شهور عاد صداه اليوم قويا…ومزعجا. الشائعة كان مفادها أن مؤتمرا سيعقد في لبنان وأن هدفه التشكيك في وقوع مذابح النازية ومحرقة الهولوكوست أو التهوين والتقليل من شأنها، لكن الهدف الأبعد، يقول مريدو المؤتمر، هو التصدي للاستخدام السياسي للمحرقة.

يحيط ضباب كثيف بهذا المؤتمر السري رغم انتشار الحديث والمعلومات عنه. الشيء المعروف هو انه سيعقد في موقع ما في بيروت في الفترة بين 31 مارس آذار إلى 4 أبريل نيسان تحت عنوان “مراجعة التاريخ والصهيونية”، وأن منظميه هما هيئتان أمريكية تدعى “مؤسسة المراجعة التاريخية” في كاليفورنيا، وسويسرية تطلق على نفسها أسم “جمعية الحقيقة والعدالة”، وان المشاركين فيه مجموعة من المشككين في حدوث المحرقة النازية والملاحقين قضائيا في بلدانهم من بينهم روجيه غارودي الفرنسي ويورغين غراف السويسري.

رغم هذه المعلومات المحددة عن المؤتمر فإن السلطات اللبنانية تنفى علمها بوجوده. لكن وكالة الأنباء السويسرية أشارت يوم الثلاثاء إلى أن الحكومة اللبنانية لم توافق بعد على منح ترخيص عقد هذا المؤتمر إلى السويسري يورغين غراف، أحد منظمي المؤتمر. كما أن يورغين غراف نفسه أفاد في تصريح أرسله عبر البريد الإليكتروني إلى صحيفة سونتاج بليك الشعبية السويسرية ونشر في 18 فبراير الماضي بأن “اختيار بيروت كموقع للمؤتمر جاء بسبب الفرص الجيدة التي تتيحها للاتصال بالمنظمات العربية المناهضة للصهيونية.” وأعتبر أن عقد المؤتمر هناك طبيعي لاسيما وأن “المزيد والمزيد من المسلمين يدركون أن فضح كذبة الهولوكوست سيعنى نهاية إٍسرائيل”، على حد قوله.

رأي يورغين بشقيه يجد معارضه قوية من قبل مجموعة من المثقفين العرب. تبدى ذلك فى بيان تحدثت عنه جريدة لوموند الفرنسية فى 15 مارس الجاري ووقع عليه 14 مثقفا عربيا، من بينهم الكاتب إلياس خوري والشاعران أدونيس ومحمود درويش وعضو حركة فتح الفلسطينية إلياس صنبر والمفكر إدوارد سعيد، ناشد فيه المثقفون الحكومة اللبنانية منع عقد هذا المؤتمر باعتبارها تظاهره غير مقبولة تروج لأراء معادية للسامية تحت ذريعة دعم القضية الفلسطينية.

فمثل هذه الاطروحات، يقول الكاتب اللبناني إلياس خوري في حديث خاص لسويس إنفو، لا تسئ فقط إلى الثقافة العربية وطبيعتها الديمقراطية المنفتحة بل هي استغلال للصراع العربي الإسرائيلي بهدف حرفه عن مساره عبر تبنى اطروحات قمعية تسئ أساسا إلى القضية العربية والفلسطينية و تصب لصالح إسرائيل: “يجب أن نتذكر انه تاريخيا كانت هناك علاقات دائمة بين الحركة الصهيونية وبين النازيين وهذه الصفحة لا يشير إليها أحد.” وبنفس القياس، فإن “هؤلاء النازيين الجدد بالعمق يخدمون المصلحة الإسرائيلية.”

العرب، يضيف الكاتب إلياس خوري، ليسوا معنيين بهذه القضية. هم لم يشاركوا في المحرقة النازية ولا في أحداثها .. فهذه مشكلة أوروبية، والأيدي التي تلوثت بدماء اليهود آنذاك سعت بعد ذلك إلى الاغتسال بدماء الفلسطينيين:” نحن اكثر شعب دفع ثمن العنصرية وبالتالي فأن مهمتنا هي أن نقاوم العنصرية كي يكون نضالنا من أجل التحرر والاستقلال مرتبطا بمشروع إنساني.”

عدا عن ذلك، يرى الكاتب إلياس خوري، يتوجب على المشككين الغربيين في حدوث المحرقة أن يواجهوا ماضيهم.. وأن يتحملوا تبعات هذا الماضي: “أعتقد أن على المثقفين أو الثقافة في الغرب، وخاصة في بلاد مثل سويسرا وفرنسا لعبت دورا أساسيا في اضطهاد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، عليهم أولا أن يخجلوا ويعتذروا وأن يفكروا في أن الجريمة النازية كانت سببا أساسيا في إضفاء الشرعية على دولة إسرائيل، وثانيا أن مهمتهم ليس أن ينفوا ما جري بل مهمتهم الأساسية أن يفكروا عميقا فيما جري.. و في النتائج المأسوية التي ترتبت علي ذلك وخصوصا بالنسبة للشعبين اليهودي والفلسطيني.”

الجدير بالذكر، أن وزارة الخارجية السويسرية عمدت في بيان أرسلته للحكومة اللبنانية إلي النأي بنفسها عن يورغين غراف وعن أراءه ولفتت إلى أنه محكوم عليه بالسجن لمدة ثمانية عشر شهرا بتهمة التمييز العنصري والقذف وأنه فر خارج البلاد قبل تنفيذ الحكم عليه.

إلهام مانع

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية