مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مخاوف من فشل مؤتمر الدوحة

فشل مؤتمر الدوحة سيدعم موقف مناهضي العولمة بشكل قوي، على الرغم من أن القليل منهم نجح في الوصول إلى قطر Keystone

يغلب الغموض على نتائج الاجتماع الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية الدي بدا اشغاله الجمعة في الدوحة ويميل كثير من الحاضرين الى ان المؤتمر الصعب و الغامض لن يعلن عن توجهه قبل ليلة الثالث عشر من نوفمبر موعد اختتامه.

حالة من التجاذب الحاد تسم المشاركين و تقسمهم بين دول نامية تطمح لفرملة اجراءات التحرير الوحشية، وبين أخرى غنية تريد ان تحكم سيطرتها على التجارة العالمية لتضاعف ثرواتها، ومما يزيد الامور صعوبة ان اي اعتراض على اي نقطة في المؤتمر من اي دولة سوف يوقف اي مسعى للتقدم باتجاه اطلاق جولة مباحثات جديدة تريدها الدول الغنية بقوة ولا تعترض عليها الدول النامية إذا تم أخذ شروطها ومخاوفها بعين الاعتبار.

لكن مراقبين اكثر تفاؤلا يرون يقينا ان جولة مباحثات جديدة ستظهر من الدوحة، و يدللون على ذلك بالدافع السياسي النفسي الدي يحتاجه العالم بعد احداث 11 سبتمبر لسماع انباء جيدة، فضلا عما يورثه فشل المؤتمر من انطباع بغلبة الارهابيين.

ومن بين عدد كبير من القضايا التي يحفل بها جدول اعمال مؤتمر الدوحة فإن ثلاث قضايا حيوية تتحكم في حياة الملايين من البشر سوف تستأثر بالاهتمام الاكبر، وهي العقاقير أوما يعبر عنه بـ”الملكية الفكرية” حيث يتمحور الملف حول كيفية توفير أدوية رخيصة لمكافحة الايدز في الدول الافريقية الفقيرة.ثم ملف الحبوب الزراعية أو الى اي مدى يذهب الاتحاد الأوروبي في خفض الدعم لمزارعيه ومنح المزارعين في العالم الثالث فرصة أفضل ببيع منتجاتهم في الأسواق العالمية، أما ملف الصلب فيطرح سؤلا هو إلى متى يستمر المنتجون الكبار وعمالهم في الولايات المتحدة في طلباتهم والحصول على الحماية ضد واردات رخيصة من البرازيل واليابان؟

لكن منهجية منظمي المؤتمر اتبعت تكوين ست لجان فرعية للزراعة والبيئة والملكية الفكرية والبرامج الجديدة والقواعد و التطبيق، ومنها يمكن استشراف العقد التي تعترض الفرقاء التجاريين، لا يمكن التكهن بما إذا كان مؤتمر الدوحة سيتمكن من رأب اي تصدع بين التكتلات المختلفة لتجنب تكرار فشل المؤتمر الوزاري للمنظمة في سياتل , لكن تكوين اللجان الست مع الاعلان عن التقدم المحرز فيها أولا بأول قد يقود في النهاية الى توافق عام، غير ان الامر لا يبدو سهلا مع بروز الهند بقوة خطابها مند اليوم الثاني للمؤتمر مما يرشحها لان تكون اكثر الجهات استقطابا للترضية..

خلف الابواب المغلقة

ومنذ قبل الافتتاح الرسمي نشطت الحركة في الغرف المغلقة احيانا و في ردهات فندق الشيراتون احيانا اخرى، وشوهد كبار مسؤولي المنظمة العالمية للتجارة في جلسات جانبية مع بعض رؤساء الوفود المؤثرين مثل وزير التجارة الجنوب افريقي في محاولات كسب الود بالنظر الى ما تشكله افريقيا من رقم صعب يعسر تجاوزه خصوصا في ملف الادوية، و قد بدا ان التكتل الافريقي هو الاكثر جاهزية بفضل اجتماعات التنسيق المتعددة التي عقدها الافارقة قبل الوصول الى الدوحة.

لكن الأجواء لا تخلو من توجسات “الخيانة” والاتفاقات الفردية من وراء الظهور، ولذلك تحول كثير من اعضاء الوفود الى مايشبه الجواسيس الذين يتابعون تحركات اعضاء آخرين، ويستقرئون من خلال الجلسات الثنائية والثلاثية التي تمتد حتى اخر الليل تحليلات لا يغيب عنها الوجه التامري بالاستناد الى تاريخ كل دولة او عضو.

“مؤتمر على سطح القمر”

وعلى الضفة الاخرى المواجهة لفندق شيراتون..ينشط معارضو العولمة من المنظمات غير الحكومية بعقد مؤتمرات صحفية و ببرمجة مظاهرات للاحتجاج على المؤتمر و لاحباط نجاحه، وتبرز منظمة السلام الأخضر “غرين بيس ” كإحدى اكبر المنظمات معارضة للمؤتمر، كما يشكل نجاح الناشط الفرنسي المعروف جوزي بوفيه في الحصول على تأشيرة دخول إلى قطر في اخر لحظة دعما قويا للمنظمات غير الحكومية بالإضافة إلى تواجد الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات الحرة بيل جوردان وما يعطيه ذلك من مذاق ساخن لاجتماع الدوحة.

لكن بوفي لن يعمد في الدوحة الى مزاولة حركاته الفولكلورية المشهورة باقتحام خطوط الامن بقوة جسمه، لانه يجد الأجواء غير مناسبة للتصادم نظرا لمحدودية المشاركين من المنظمات غير الحكومية بسبب بعد المسافة وإجراءات التأشيرة الصارمة، فما كان منه الا ان شبه انعقاد المؤتمر في قطر بانعقاده على سطح القمر! في اشارة الى عزلته وعدم قدرته على حشد مظاهرات لا يمشي فيها سوى بضعة انفار يرددون الشعارات المناهضة “لبيع العالم” والمنددة بـ”ديكتاتورية منظمة التجارة العالمية” مما جعل تلك المنظمات تظهر وكأنها فاكهة المؤتمر.

الجانب العربي .. الغائب الحاضر

و من جهة اخرى يتغيب عن مؤتمر الدوحة كل من المملكة السعودية و سوريا، كل لاسبابه الخاصة، فالمملكة العربية السعودية الراغبة من حيث المبدأ في الانضمام الى منظمة التجارة العالمية ما زالت تتحفظ على طبيعة بعض السلع المطالبة بالدخول الى اسواقها، في حين تتخد سوريا موقفا من مشاركة اسرائيل في اي تظاهرة تشارك فيها هده الاخيرة على ارض عربية، رغم ان وزير التعاون الاسرائيلي بدا سعيدا وهو يتحدث عن لقاءات “مع ممثلي دول عربية شمال افريقية وخليجية واخرى نملك معها علاقات ” كما قال دون ان يسمي احداها.

فيصل البعطوط – الدوحة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية