مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مسارع نووي من أجل السلام!

تبنت مؤخرا منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، مشروع نقل مسارع نووي ألماني غير مستخدم إلى الأردن، كمشروع إقليمي لترويج التعاون في مجال البحث العلمي عساه يساهم في عملية إحلال السلام في الشرق الأوسط.

إن المسارع النووي الألماني الذي سيُنقل إلى موقع على بعد 30 كم من العاصمة الأردنية عمان، هو “السِنكروترون “بيسّي ـ واحد” (Bessy I) الذي بدأ العمل في بنائه عام 1979 في برلين ـ فيلميرودورف (Berlin-Wilmersdorf) ووُضع تحت تصرف الأبحاث العلمية والصناعية منذ عام 1982 حتى الاستغناء عنه لصالح طراز أكثر تطورا في يونيو عام 1999.

يبلغ محيط هذا المسارع النووي اثنين وستين مترا ولا يزال صالحا للأبحاث على الأشعة غير المنظورة بالعين المجردة، بين الأشعة فوق الحمراء والأشعة السينية (أكس). وتتم الأبحاث على أشعة بترددات معنية، عن طريق توليد الأشعة المطلوبة بدفع وابل من الإلكترونات بسرعة تقارب سرعة الضوء، على مدار دائري داخل السنكروترون، تتحكم به تجهيزات مغناطيسية عملاقة.

إشعاعات لدراسة المادة دون تشريح

وكنتيجة ثانوية للتفاعلات بين تسارع الإلكترونيات وبين الطاقة المغناطيسية التي تتحكم بمدارها، يتولد شعاع ضوئي تم تسخيره في مرحلة متقدمة من هذه الأبحاث، لتصميم طرازات من المجاهر العاملة بتلك الأشعة، كبيرة الفائدة في دراسة البُنية التحتية أو التركيبة الأساسية لأية مادة من المواد.

فالمعروف هو أن النظر إلى مادة من المواد تحت المجهر العامل بالأشعة السينية أو أشعة إكس، يعطي صورة أدق بعشرة أضعاف من الصورة التي يعطيها المجهر التقليدي، علما بأن المجهر الإلكتروني هو الأقوى والأفضل من الاثنين المذكورين معا.

لكن المجهر السينيّ يمتاز على المجهر الإلكتروني لكونه لا يتطلب تشريح المادة شرائح دقيقة للفحص والتحليل، ويسمح هكذا بدراسة المادة في حالتها البدائية أو بيئتها الطبيعية، خاصة وإذا كانت تحت المياه أو من المواد غير القابلة للتشريح. وفي هذه الحقيقة بالذات تكمن أهمية “السنكروترون” الألماني كأداة هامة من أدوات البحث العلمي في تخصصات عديدة.

أربع عشرة دولة تجتمع حول “بيسّي”

تقدر نفقات نقل “بيسّي 1” من ألمانيا إلى موقعه الجديد في الأردن بحوالي عشرين مليون دولار أمريكي، في حين سيُنفق الأردن حوالي ثمانية ملايين دولار على بناء الموقع الذي سيحتضن هذا المسارع، هذا إلى جانب ثمانية ملايين دولار أخرى رهن البحث لدى الاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتهيئة المسارع وتجهيزه قبل تدشينه في غضون عام 2003 على وجه الاحتمال.

أما الميزانية السنوية لهذا المشروع الشرق أوسطي، فتقدر بنصف مليون دولار سنويا تساهم فيها الدول الأعضاء ومن ضمنها مصر والكويت وفلسطين وإيران وتركيا وإسرائيل والأردن، كما تساهم فيها الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف أخرى.

سويسرا مطالبة بالانضمام للجنة الرقابة

تجري هذه الترتيبات تحت إشراف البروفيسور هيرفيغ شوبير
Herwig Schopper، أستاذ الفيزياء بجامعة هامبورغ الألمانية والمدير العام للمركز الأوروبي للأبحاث النووية (CERN)، بعد تعيينه رئيسا للجنة الخاصة التي شكلتها اليونسكو لهذا الغاية.

وقد أعرب البروفيسور شوبير عن نيته في إقناع سويسرا بالانضمام إلى لجنة المراقبة لهذا المشروع الشرق أوسطي، إلى جانب كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والسويد. ويقول إن الوزارة الفدرالية السويسرية للشؤون الداخلية، التي ترأسها الوزيرة روت درايفوس R.Dreyfus، وعدته بالتعامل مع هذا الطلب بإيجابية.

وتعلق الأوساط المعنية بهذا المشروع للتعاون العلمي السلمي في أن يلعب المشروع دورا في الشرق الأوسط على نحو الدور الذي لعبته الوكالة الأوروبية للأبحاث النووية في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، أي في أن يكون التعاون السلمي بين العلماء الذين سيجتمعون حول السنكروترون “بيسّي” خطوة جديدة على طريق إحلال السلام في المنطقة.

جورج انضوني

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية