مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

من المظاهرات إلى المقاطعة!

يوم السبت الماضي (22 مارس 2003) حاصر مناهضون للحرب إحدى محطات البنزين التابعة لشركة تستهدفها المقاطعة قرب مدينة لوغانو جنوب سويسرا Keystone

تعمل منظمات وأحزاب سياسية سويسرية معارضة للحرب على العراق على إقناع الرأي العام بمقاطعة شركات نفطية أمريكية وبريطانية.

ويرمي هذا التحرك إلى إيجاد بديل عملي عن مظاهرات الشوارع التي عمت المدن السويسرية في الفترة الأخيرة.

لا مجال للشك في أن قطاعا كبيرا من الرأي العام السويسري يعارض الحرب في العراق بشكل قاطع. فقد أظهرت نتائج استطلاعات الرأي والمظاهرات والمسيرات المحلية أو الوطنية (انتظمت آخرها يوم السبت الماضي في برن بمشاركة أكثر من 40 ألف شخص) مدى اتساع حجم تجند السويسريين – والشبان بصفة خاصة – ضد الحرب.

لكن هذه التحركات العفوية منها أو المنظمة لم تؤثر إلى حد الآن على مسار الحرب. كما تخشى الجهات المشرفة عليها من أن يتراجع الحماس الشعبي والشبابي ليتلاشى بسرعة في ظل الإفتقار إلى وعي سياسي حقيقي ومعرفة بالأبعاد التاريخية للصراع.

لذلك يفكر دعاة السلام في سويسرا، من أجل الإستمرار في إسماع صوتهم، في البحث عن بدائل جديدة تتيح لكل فرد، وخاصة لأولئك الذين لا تعني لهم الإحتجاجات في الشارع الكثير، التحرك شخصيا وعمليا من أجل السلام.

في هذا السياق، اقترح مركز مارتن لوثر كينغ في لوزان يوم 6 مارس الماضي مقاطعة محطات بيع البنزين المملوكة لشركات نفطية أمريكية وبريطانية. وتستهدف الحملة بالخصوص شركات أسو (Esso) و شال (Shell) و بريتيش بتروليوم (BP) البريطانيتين.

مقاطعة ذات أهداف واضحة!

ومنذ ذلك الحين انتشرت في أرجاء سويسرا ملصقات على البلور الأمامي للسيارات تدعو أصحابها إلى استهلاك البنزين بشكل “أخلاقي” وإلى عدم التحول إلى “شركاء في هذه الحرب الفضيحة” حسب ما جاء فيها.

ويوضح روجيه غايار (Roger Gaillard) رئيس “مركز مارتن لوثر كينغ” في حديث مع سويس إنفو أنه ” يجب أن يكون الرابط بين المستهدف من المقاطعة وبين أهداف الحرب واضحة جدا حتى تكون المقاطعة ناجعة ومبررة من الناحية الأخلاقية”.

ويعترف غايار بأن الأهداف أو الرهانات النفطية ليست الوحيدة في هذه الحرب إلا أنه يذكّر بأن “شركات مثل أسّـو تلعب على الدوام دورا كبيرا في السياسة التي تنفذها إدارة بوش”.

وبما أن الرسالة التي يوجهها الشارع عبر المظاهرات والإحتجاجات لا تكفي، فلا مفر من اللجوء إلى استعمال “اللغة الإقتصادية” وهي اللغة التي تستوعبها إدارة بوش تماما.

ويضيف ناشط السلام أنه طبقا لتقديرات الخبراء الإقتصاديين الأمريكيين فان “الأرباح المتوقعة من وضع اليد على أبار النفط العراقية تناهز خمسين مليار دولار سنويا”.

لكن هذه المعطيات لا تدفع المشرفين على مركز لوثر كينغ إلى التغافل عن الحقائق الميدانية الصلبة. إذ يعترف روجيه غايار بأن الشركات النفطية الأخرى ليست من ذلك الصتف الذي يمكن وصفه بـ “منقذي البشرية أو المحسنين إليها” على حد قوله.

في المقابل، لا يرى أن التحركات الرامية إلى مقاطعة جميع المنتجات الأمريكية بدون استثناء، على غرار ما يجري في أمريكا اللاتينية وفي البرازيل والشيلي بوجه خاص، عمل يتسم بالصحة. ويذكّـر روجيه غايار بأن العديد من الأشخاص والشركات في الولايات المتحدة ليست لديها أي علاقة مع هذه الحرب بل إن بينهم من يعارضها”.

“عولمة” المقاطعة شرط لنجاحها!

وتقول توبيا شنيبلي العضوة في التنسيقية الوطنية لمنظمة “من أجل سويسرا بدون جيش” إن أهم إيجابيات تحديد هدف واضح لهذه المقاطعة يتمثل في تجميع الأذهان حول قضية واحدة.

وتبدو السيدة شنيبلي واثقة تماما من التحاق منظمتها بحملة المقاطعة، حيث من المنتظر أن يُتخذ القرار النهائي يوم الأحد القادم في اجتماع عام يعقده مجلسها الوطني إلا أنها تشدد على أن آثار هذا التحرك لن تظهر على الفور لذلك “لا بد من تعهّدها باستمرار حتى تتحقق نتائج في المدى المتوسط” على حد تعبيرها.

من جهة أخرى، أعلنت لحد الآن عشر منظمات وبعض الأحزاب اليسارية عن مساندتها لنداء المقاطعة فيما يُنتظر أن تلتحق العديد من الجهات الأخرى قريبا بالتحرك. وعزا روجيه غايار هذا التأخر إلى تركز اهتمام الجميع في الفترة السابقة على تنظيم مظاهرات الشوارع ، أما الآن فبالإمكان أخذ المزيد من الوقت للتفكير في وسائل احتجاج أخرى”.

ولا يشك الداعون إلى هذه المقاطعة في أن انعكاساتها لن تكون ملموسة ما لم تتم “عولمتها” . لذلك بدأت منظمات سلامية وأخرى مدافعة عن البيئة في كندا وبلجيكا في الترويج لهذه الحملة كما يُجري مركز لوثر كينغ في لوزان حاليا المزيد من الإتصالات مع إيطاليا وألمانيا.

أخيرا تمت ترجمة نص البيان الذي يشرح مبررات وأهداف مقاطعة محطات البنزين التابعة لشركات النفط الأمريكية والبريطانية إلى اللغتين الألمانية والإنجليزية. وسوف يكون متوفرا في لغات أخرى في وقت لاحق.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية