مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

موريتانيا.. قراءة في تحديات المستقبل المرتقبة

الرئيس الموريتاني الجديد سيدي ولد الشيخ عبد الله، الذي ينتظر أن يؤدي اليمين الدستورية يوم 19 أبريل 2007 قبل استلام منصبه رسميا Keystone

أنهى الموريتانيون في جو غلب عليه الارتياح والشعور بالثقة في النفس والتطلّـع لغد أفضل، آخر محطة من المرحلة الانتقالية، التي بدأت مع وصول المجلس العسكري بقيادة العقيد أعـل ولد محمد فال إلى سدّة الحكم صبيحة 3 أغسطس 2005، ويتعلّـق الأمر بالانتخابات الرئاسية، التي عرفت البلاد لأول مرة شوطا ثانيا فيها.

ويبقى السؤال المطروح اليوم على كل لسان: كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع التحديات الرئيسية التي تنتظره؟

ورغم أن ما ساد أجواء الحملة الانتخابية وما سبقها من أجواء تشكيك في حياد المجلس العسكري بصورة رسمية، ليتقلّـص الأمر لاحقا إلى التشكيك في حياد بعض أعضائه فقط، إلا أن سير العملة الانتخابية، والتي راقبها أكثر من 700 مراقب، من بينهم ما يربو على 300 مراقب دولي، وواكبها ممثلون عن المتنافسين في كل مكاتب التصويت على امتداد التراب الموريتاني، وخلوها من عمليات تزوير أو تلاعب، أسفرت عن نتائج، أحجم الكل عن الطعن في مصداقيتها، وكان الخاسرون فيها أول من اعترف بها.

فخلال الشوط الثاني من هذه الانتخابات، الذي نظم يوم 25 مارس الجاري، وتنافس فيه المرشحان سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وأحمد ولد داداه، عاش الشارع الموريتاني لحظات لم يعرفها في تاريخه الحديث.

فمع إغلاق صناديق الاقتراع والشروع في عمليات فرز الأصوات، التي أظهرت تقاربا شديدا بين المتنافسين، شعر الموريتانيون حقيقة أن في الأمر شيئا من الجد وبقية من المصداقية، وكانت لهفة الحيرة لمعرفة اسم رئيس البلاد القادم، والجموع التي تترقب خلال ساعات الليل الأخيرة بعيون شاخصة أجهدها النعاس وأفئدة فارغة ترنُـوا إلى الانتصار أمام مقرات المتنافسين، أكبر دافع لدى معظم الموريتانيين للشعور بالنشوة، وإن كان ذلك الشعور امتزج لدى البعض بمستوى من القلق، لأسباب تختلف باختلاف مشارب واهتمامات الموريتانيين.

فالبعض من المؤيدين كان يخشى أن يفضي هذا التقارب الكبير في النتائج الأولية إلى خسارة مرشحه، والبعض الآخر، كان همه الوحيد هو أن تنتهي العملية بنجاح وأن يقبل الخاسر فيها بالنتيجة، لأن أي تصرّف غير ذلك قد يعكِّـر من صفو الجو ومن نكهة الديمقراطية، التي تذوَّقها الموريتانيون أخيرا، بعد أن دفعوا ثمنا لذلك عقودا من الاستبداد وعدم الاستقرار السياسي.

إيجابية حاسمة

ومع إعلان النتائج النهائية، أظهر المرشحان مستوى من التعاطي، لا يمكن إلا أن يوصف بأنه استجاب للرّغبة العارمة لدى السَّـواد الساحق من الموريتانيين.

فقد أحجم المنتصر سيدي ولد الشيخ عبد الله عن المظاهر الاستعراضية والمسيرات، التي قد تدفع إلى استفزاز بعض أنصار المعسكر الخاسر، الذين لا تزال الصَّـدمة تعكِّـر أمزجتهم، وفي المقابل، سارع أحمد ولد داداه، الذي خسر المنافسة، إلى الاتصال بمنافسه الفائز وهنأه، كما خاطب الجماهير المحتشدة أمام مقره بروح ديمقراطية، تقبل بحكم صناديق الاقتراع، وأعلن أن نضاله السياسي سيستمر وأن خسارة جولة لا تعني نهاية المطاف بالنسبة للمشروع السياسي الذي يحمله.

وعلى إثر ذلك، سارعت كافة القوى السياسية، التي كانت تُـعد من ألد خصوم ولد الشيخ عبد الله، إلى تهنئته والاعتراف به رئيسا منتخبا للجمهورية بصورة ديمقراطية، وجاء في مقدمة تلك القوى “الإسلاميون” وحزب “حاتم”، بقيادة الرائد السابق صالح ولد حنانا.

وفي غمرة هذا الجو التوافقي والمجمع على التسليم بحكم صناديق الاقتراع، كان الخاسرون في المعركة ضمن طليعة المستبشرين بالواقع الجديد، وشعر الجميع بأنه انتصر في النهاية، لأن الديمقراطية تكرّست في البلد وتحقّـقت بعد طول انتظار، ولأن أخطر مراحل العملية الانتقالية، وهي الانتخابات الرئاسية، تمت بسلاسة وسلام، وتعالت الدعوات إلى تناسي ما شاب تلك المرحلة الانتقالية من ثغرات وتعثرات، وإلى تجاوز خطاب الحملة والمنافسة، وكانت أول دعوة من هذا القبيل، صادرة عن الرئيس المنتخب، الذي قال إنه يعتبر نفسه رئيسا لجميع الموريتانيين ويدعوهم جميعا، سواء كانوا أنصاره أو أنصار منافسه، إلى تجاوز جو الاستقطاب الذي ساد في الحملة الانتخابية.

سيناريوهات الحكومة القادمة

وبدأ الحدث في هذا الجو الإيجابي عن احتمال إعلان حكومة وحدة وطنية، يشارك فيها الجميع، وهي الأجواء التي سارع الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله إلى تكريسها، حينما صرّح بعد أربع وعشرين ساعة من انتخابه، باستعداده لإقامة مثل هذه الحكومة، “من أجل تحقيق أكبر إجماع وطني ممكن، على طريقة تسيير شؤون البلاد خلال السنوات القادمة، وحل المشاكل المطروحة”، لكنه اشترط موافقة من نافسوه خلال الانتخابات، في إشارة واضحة إلى زعيم تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه والقوى السياسية التي ساندت هذا الأخير في الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية.

وتحدثت المعلومات الواردة من مراكز صُـنع القرار في نواكشوط، عن جهود حثيثة في هذا السياق يبذلها رئيس المجلس العسكري العقيد اعل ولد محمد فال، الذي سيُـسلِّـم السلطة للرئيس الجديد يوم 19 أبريل القادم.

ويرى كثير من المراقبين أن تشكيل حكومة وحدة وطنية، يعني في الغالب موافقة زعيم المعارضة التقليدية أحمد ولد داداه على رئاستها أو على الأقل على مشاركة أعضاء من حزبه فيها وتزكيته للشخصية التي يتوقع أن يتم تعيينها في منصب الوزير الأول، هذا إذا لم يلجأ الرئيس المنتخب ولد الشيخ عبد الله إلى استدعاء شخصية تكنوقراطية غير محسوبة على أية جهة سياسية، تحظى برضا جميع الأطراف، ليسند إليها مهمة رئاسة الحكومة القادمة، وهو خيار قد يبرِّره تعدُّد وتباين المشارب، التي تنطلق منها التشكيلات الداعمة له، هذا فضلا عن تنوع التشكيلات الأخرى المتوقَّـع أن تشارك في حكومة الوحدة الوطنية، إذا ما تقرر تشكيلها.
وانطلاقا من السيناريوهات المطروحة أمام المحللين السياسيين، فإن أربعة خيارات، تُـعتبر هي الأقرب حاليا أمام سيدي ولد الشيخ عبد الله:

أولها، تشكيل حكومة أغلبية، دون إشراك قوى المعارضة فيها، وهنا يبقى الاسمان البازان لتولي رئاسة هذه الحكومة هما: الزين ولد زيدان، الحاصل على المرتبة الثالثة في الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية وصاحب أكبر نسبة تدعم ولد الشيخ عبد الله في الشوط الثاني.

أما الخيار الثاني، فهو مسعود ولد بولخير، زعيم التحالف الشعبي التقدمي، الذي انتقل من أقصى المعارضة الراديكالية في الشوط الأول إلى صفوف الداعمين لولد الشيخ عبد الله في الشوط الثاني، وهو الموقف الذي تحمِّـله قوى المعارضة المسؤولية المباشرة عن فشلها في الوصول إلى سدّة الحكم، لكن بعض العارفين بالشأن السياسي الموريتاني يرون أن الموقع الأنسب لولد بوالخير هو رئاسة البرلمان، إذا ما تمكّـن سيدي ولد الشيخ عبد الله من إقناع كتلة “المستقلين” البرلمانية الداعمة له بذلك، هذا إذا فشلت جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية، أما إذا كتب لهذه الجهود النجاح، فإن الاحتمال الأقوى، هو أن يتولى أحمد ولد داداه أو شخصية من حزبه رئاسة الحكومة أو اتفقت الأطراف على شخصية من خارج القطبين، تُـسند إليها مهمة رئاسة الحكومة.

حكومة الوحدة.. ما لها وما عليها

يعتقد الكثيرون أن تشكيل حكومة وحدة وطنية قد يكون أمرا ذا جدوائية أكثر من حكومة الأغلبية، نظرا لأن مثل هذه الحكومة ستنهي حالة الاستقطاب السياسي السائد في البلد منذ فترة طويلة، والذي قسم الساحة السياسية إلى معسكرين، هما المعارضة والأغلبية، كما ستمكِّـن من حشد الجهود الجماعية لمواجهة تحدّيات التنمية والمشاكل الكبرى المطروحة، مثل الفقر والتخلف والأمية والوحدة الوطنية ومخلفات الرق.

لكن بعض المراقبين يعتقدون أن تشكيل هذه الحكومة قد يحمل معه من العقبات والمشاكل أكثر مما يحمل من الحلول والإيجابيات، نظرا لأن الحساسيات السياسية ستبقى الحاضر الأكبر في هذه لحكومة والصراعات البينية، التي تعصِـف بمجموعات الأغلبية السابقة فيما بينها، وأحزاب وزعماء المعارضة التقليدية هي الأخرى، فضلا عن الصراع التقليدي بين المعسكرين، الأمر الذي سيجعل جهود الحفاظ على هذه الحكومة تطغى على جهود العمل الحكومي اليومي وجهود التنمية، كما سيسهِّـل من استغلال ذلك الجو من طرف البعض للعودة إلى بعض الممارسات التقليدية تجاه المصالح العمومية والمال العام، واعتبار أي تصرف عقابي تجاه تلك الممارسات ضربا من تصفية الحسابات السياسية، وإثارة الخلافات التي قد تعصف بالحكومة، هذا فضلا عن أنها ستُـعطل ركنا أساسيا في العملية الديمقراطية، وهو دور المعارضة في مراقبة الأغلبية ومحاسبتها والتنبيه على أخطائها السياسية والتسييرية، وهو أمر لن يخدم، على الأمد البعيد، مستقبل ديمقراطية ناشئة، كالديمقراطية الموريتانية، يجب أن تتعوّد على وجود الرأي الآخر، وأن تتمرّن الفئة الحاكمة فيها على مراعاة ذلك، وأن تحسب له ألف حساب.

خيار حكومة الأغلبية

أما خيار تشكيل حكومة الأغلبية دون مشاركة المعارضة فيها، فإنه يعني عودة الثنائية القطبية التقليدية، (الأغلبية والمعارضة) في مجتمع سياسي لم يستوعب بعدُ معنى أن يختلف في الممارسة السياسة ويتفق في خدمة الوطن والمواطن، وهو أمر قد يسهل هو الآخر عودة الممارسات الآنفة الذّكر تجاه المصالح العامة والمال العمومي، انطلاقا من أن مرتكبي تلك المخالفات هم جنود في معركة “الأغلبية” ضد “المعارضة”، وربما يبررون تصرفاتهم تلك تجاه المال العام والمصالح العمومية، بأنها استقواء بما جنته أيديهم على الخصم الأكبر، وهو “المعارضة”، وهنا تتحول معركة الدولة، ممثلة في النظام الحاكم، ضد تحديات التنمية والوحدة الوطنية وتكريس الديمقراطية، إلى معركة ضد المعارضة، وتنصب كل الجهود في بوتقة ذلك الصراع، سعيا إلى تسجيل نقاط في مرمى المعارضة، التي سيكون شغلها الشاغل هي الأخرى، التنقيص من النظام وإلحاق الضرر به وتجاهل الإيجابيات فيه، وعدم الاعتراف له بالجميل، وهنا يختلط الأمر بين النظام والدولة، فيختصر النظام الدولة في مصلحته وتختصر المعارضة دورها في مقارعة النظام.

لكن بعض النظر عما إذا كان ولد الشيخ عبد الله سيسعى لإشراك المعارضة التقليدية في تسيير شؤون البلاد أم سيستأثر بها لنفسه وشيعته، إلا أن تحديات كبرى ومشاكل جمّـة تنتظره عند مدخل القصر الرئاسي في نواكشوط، وستكون بلا ريب الهاجس المؤرق له خلال السنوات الخمس القادمة، وفي مقدمة هذه المشاكل مشكلة التنمية.

فالرجل بات مسؤولا عن بلد يضرب فيه الفقر بأطنابه ويعاني قسط كبير من سكانه من مشكل الأمية والتخلف، رغم العدد القليل لسكانه، الذين لا يتجاوزن 3 ملاين نسمة، ورغم الثروات الكبيرة التي يمتلكها قياسا لعدد السكان، من نفط وحديد وسمك وزراعة وتنمية حيوانية، كما أن الرجل سيكون مطالبا باقتحام أتون معركة لا هوادة فيها ضد الفساد المالي، وهو أكبر تحد سيواجهه في مأموريته القادمة.

فالبلد عاش لسنوات طويلة على وقع سيمفونية الفساد اللامحدود، وتحولت الوظيفة فيه إلى أقصر الطرق للثراء، وانتشرت فيه ظاهرة “القطط السمان” أو من باتوا يسمون في المصطلح السياسي الموريتاني (رموز الفساد)، من بين كبار الموظفين الذين أصبحوا بين عشية وضحاها أصحاب إمبراطوريات مالية ضخمة بفعل الإسراف في نهب المال العام، ويؤكِّـد بعض الخبراء الاقتصاديين، أن أحسن المشاريع التنموية حظا في هذا البلد، كان ذلك الذي ينفق فيها نصف غلافه المالي، فكم من مشروع تنموي أو تعليمي أو صحي رصدت له تمويلات ضخمة واختفت فجأة ليتوقف عند مرحلة الدراسة، دون حسيب أو رقيب، هذا مع ما تعانيه الإدارة من بيروقراطية مفرطة.

تحديات داخلية وخارجية

كما سيواجه الرجل مهمة صعبة، تتمثل في لم شمل الوحدة الوطنية للمجتمع الموريتاني، التي عانت في السنوات الماضية من شرخ هائل، تسببت فيه أحداث عنف، راح ضحيتها العشرات من المواطنين الزنوج، وأبعِـد عدد كبير منهم إلى السنغال، ورغم أن ولد الشيخ عبد الله أعلن في مناظرته التلفزيونية مع منافسه قبل الانتخابات عن عزمه إعادة المبعَـدين منهم في ظرف لا يقل عن ستة أشهر وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، وكذا تعويض ضحايا تلك الأحداث، إلا أن الكثيرين يرون أن الشرخ النفسي والاجتماعي الذي خلفته تلك الأحداث يتطلب رأبه وقتا أطول.

وهناك مشكل اجتماعي آخر سيكون على الرجل مواجهته، ويتعلق بمخلفات الرق، الذي كان سائدا في المجتمع الموريتاني خلال الحقب الماضية، ورغم أن القوانين الموريتانية تجرم تلك الممارسة وتحظرها، إلا أن العاملين في مجال حقوق الإنسان يؤكدون أن حالات قليلة منها تظهر بين الحين والآخر في بعض المناطق الريفية النائية، وقد أعلن ولد الشيخ عبد الله أنه سيعمل على سن مزيد من القوانين التي تقطع دابر تلك الظاهرة وسيواجه مخلفاتها بصرامة، وفي مقدمة ذلك، مراجعة قوانين العقار والإستصلاح الترابي، التي يرى البعض أنها شكلت غبنا لبعض ضحايا تلك الظاهرة.

ولئن كانت ظاهرة الاستعباد لم تعد موجودة في المجتمع الموريتاني بشكل علني، إلا أن الشريحة التي كانت عرضة للاسترقاق عبر التاريخ (شريحة الحراطين)، لا تزال تعاني من التخلف والجهل، مما يستدعي تنفيذ مشاريع تنموية وتعليمية وصحية خاصة بها، تساهم في تحريرها من ربقة العبودية للحاجة، والتي تدفع بها إلى نير الاسترقاق من جديد، وتحت عناوين مختلفة.

هذه الملفات الداخلية ستكون بلا شك لها نظيراتها على المستوى الخارجي، فالرجل سيتسلم البلاد، وهي تعاني من اختلالات في شبكة علاقاتها الخارجية لأسباب مختلفة، وسيكون في طليعة تلك المشاكل، العلاقات الموريتانية الإسرائيلية، التي أقامها نظام الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع وحافظ عليها خلفه العقيد اعل ولد محمد فال، ورغم أن ولد الشيخ عبد الله قال خلال حملته الانتخابية، إنه يعتبر إقامة تلك العلاقة خطأ تاريخيا، إلا أنه سيتعاطى معها كحقيقة واقعة، وتعهَّـد بأن يعرضها على البرلمان، مؤكِّـدا أن الكلمة الأخيرة فيها ستكون لممثلي الشعب المنتخبين، لكن الكثير من المراقبين يرون أن الأمر لا يعدو مجرد دعاية سياسية انتخابية بغية دغدغة مشاعر الناخبين، وأن قرارا من هذا القبيل سيكون صعبا للغاية، بل إن الكثيرين منهم يرون أن الرئيس الجديد لن يقدم على عرض تلك القضية على البرلمان، لما قد يؤدّي إليه الأمر من إحراج، إذا صادق البرلمان على قطعها، لكن ما يتوقع أن يقدم عليه الرئيس الجديد، هو التخفيف من وهج تلك العلاقة، وتعمد دفعها نحو الفتور والبرودة.

إضافة إلى كل هذا، التحدي الأكبر والمهمة الأصعب التي سيكون على ولد الشيخ عبد الله إدراجها ضمن أولوياته خلال الفترة القادمة، ويتعلق الأمر بالمحافظة على المكاسب الديمقراطية التي تحققت وترسيخ مفهوم التناوب السلمي على السلطة وتعزيز الحريات الفردية والجماعية، خصوصا حرية التعبير والفكر، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات غير الحكومة، وفتح وسائل الإعلام الرسمية أمام المعارضة السياسية، وتعزيز ذلك بتحرير قطاع الإعلام المرئي والمسموع.

محمد محمود أبو المعالي – نواكشوط

الرياض (رويترز) – قال مسؤولون موريتانيون يوم الخميس 29 مارس، إن القادة العرب المشاركين في القمة العربية كان استقبالهم فاترا لواحد من حفنة صغيرة من القادة العرب، الذين وافقوا طواعية على التخلي عن منصبهم بعد انتخابات ديمقراطية.

وسلم ضباط عسكريون أطاحوا بالرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في انقلاب أبيض عام 2005 السلطة لقيادة مدنية انتخبت في وقت سابق هذا الشهر.

وحضر الرئيس العسكري المنتهية ولايته العقيد علي ولد محمد فال قمة القادة العرب، الذين تزيد أعمار كثير منهم عن سبعين عاما، وكثير منهم موجود في السلطة منذ وقت طويل أو يمثلون أنظمة سلطوية لم تتغير على مدى عقود.

وقال عبد الله ولد محمدي، عضو وفد فال، إنه لم يحصل على الترحيب اللائق برئيس نفذ وعوده وسلم السلطة لرئيس منتخب ديمقراطيا.

وكان فال وحيدا في حفل استقبال وعشاء للقادة العرب مساء يوم الأربعاء 28 مارس، حيث شوهد زعماء مثل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والسوري بشار الأسد والمصري حسني مبارك يتبادلون أطراف الحديث والمزاح في أحاديث جانبية.

وقال مسؤولون موريتانيون، إن بعض المسؤولين العرب أبدوا تقديرهم لتحرك موريتانيا نحو الحكم الديمقراطي.

وشوهد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الذي أعيد انتخابه في عام 2006 بعد أن قال إنه لن يعيد ترشيح نفسه ليضرب مثلا للآخرين في المنطقة، وهو يستقبل فال في حفل افتتاح القمة يوم الثلاثاء.

ونسب مسؤول موريتاني إلى صالح قوله “أهلا وسهلا بالولد الذي وفى”.

وشوهد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وهو يؤدي التحية لفال في الافتتاح.

وفي عام 1999، صارت موريتانيا ثالث دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، على الرغم من المعارضة الكبيرة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 29 مارس 2007)

نواكشوط (رويترز) – قال الرئيس الموريتاني المنتخب سيدي محمد ولد شيخ عبد الله يوم الاثنين 26 مارس، إنه يريد أن يحكم البلاد بتوافق الآراء لدعم الديمقراطية والحفاظ على الوحدة بين الشعب الموريتاني المختلف الأعراق.

وانتخب عبد الله (68 عاما)، وهو خبير اقتصادي ووزير سابق، الرئيس المدني الجديد للمستعمرة الفرنسية السابقة الواقعة على الطرف الغربي للصحراء في جولة الإعادة التي جرت يوم الأحد، حسبما أظهرت النتائج الأولية. وحصل عبد الله على 52.85% من الأصوات الصحيحة، فيما حصل منافسه أحمد ولد داداه، وهو معارض مخضرم، على 47.15%.

وسلم ولد داداه بالهزيمة وتمنى التوفيق لعبد الله.

ويتوج الانتخاب، الذي جاء في أعقاب جولة أولى غير حاسمة يوم 11 مارس، التسليم الديمقراطي للسلطة من المجلس العسكري إلى حكم مدني في موريتانيا. وكان المجلس العسكري استولى على السلطة في انقلاب عام 2005، وعانت موريتانيا لسنوات من فساد وانقلابات وحكم شمولي منذ استقلالها في عام 1960.

وفي رسالة للمصالحة بعد إعلان النتائج، عرض عبد الله غصن الزيتون على منافسه. وقال الرئيس المنتخب “سأستمع إلى الجميع لضمان تحقيق أوسع مشاركة ممكنة في بناء بلدنا.”

وبالإضافة إلى التعهد بتحقيق الوحدة الوطنية، وعد الرئيس المنتخب بالعمل على توفير فرص عمل وتحسين مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية. وقال عبد الله في وقت لاحق للصحفيين، انه سيكون مستعدا للعمل مع منافسه ولد داداه، لكنه لم يحدد على الفور إن كان هذا يعني أن ولد داداه سيحصل على منصب في حكومته.

ولم تشهد العاصمة نواكشوط احتفالات واسعة النطاق، رغم أن بعض السيارات المارة أطلقت أبواقها وهتف ركّـابها باسم الرئيس المنتخب.

وقال محفوظ الماني،42 عاما، وهو من العاطلين “تحدثت صناديق الاقتراع وفاز سيدي.. تلك هي الديمقراطية”.

ويتعين أن يصدق المجلس الدستوري في موريتانيا على نتائج الانتخابات، ومن المقرر أن يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية يوم 19 ابريل القادم.

وينتمي عبد الله ولد داداه إلى المغاربة العرب البيض، الذين حكموا تقليديا هذه الدولة التي يمثل سكانها خليطا من المغاربة البيض والسود والأفارقة السود.

وأشاد مراقبون دوليون بانتخابات يوم الأحد 25 مارس 2007 في موريتانيا، قائلين إنها الأكثر حرية في تاريخ موريتانيا، وقالوا إن الاقتراع سار بشكل سلس ودون حوادث كبيرة بصورة عامة.

وقالت السفارة الأمريكية في بيان “هذا النجاح الذي يقدم الأمل للمستقبل، يجعل موريتانيا نموذجا ديمقراطيا لإفريقيا والعالم العربي على السواء”.

وينظر الغرب إلى موريتانيا، أحدث منتج للنفط في إفريقيا، على أنها حليف في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب.

وتعهد عبد الله أثناء حملته الانتخابية بدعم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية في الدولة، التي لا تزال تعاني الفقر وتفتقر إلى البنية الأساسية، رغم ما تتمتع به من مصائد الأسماك الغنية والمعادن والنفط.

ويقول منتقدون، إن الدعم الذي يتمتع به من المجلس العسكري، الذي تعهد بعدم التدخل في الانتخابات ومن الأنصار السابقين للرئيس معاوية ولد سيدي احمد الطايع، الذي أطيح به في عام 2005، يلقي ظلالا من الشك على تعهداته لمحاربة الفساد وتحقيق تغيير حقيقي.

ويقول الكثير من الموريتانيين السود إنهم يريدون من الرئيس الجديد أن يضع نهاية للفقر والتمييز، بما في ذلك العبودية التي يقولون إنهم عانوا منها سنوات أثناء حكم المغاربة العرب البيض.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 26 مارس 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية